الرئيسية » تحت المجهر » السعودية ترفع الحظر وتعود إلى إنكلترا.. رحلة البحث عن تلميع الصورة!

السعودية ترفع الحظر وتعود إلى إنكلترا.. رحلة البحث عن تلميع الصورة!

  • حسن عطية

لا يمكن التشكيك في أنّ عالم الرياضة لم يعد ساحة للتنافس فقط، بل توسَّع ليصبح أكبر من ذلك كثيراً، وتحوّل إلى مساحة واسعة للتسويق وتطبيق استراتيجيات تسويقية وإعلامية؛ بل أكثر من ذلك، هو منبر لتمرير رسائل سياسية في مختلف الصُّعد، وهو مكان يبحث فيه البعض عن غسل أياديهم من أجل الظهور في صورة لامعة أمام الجمهور.

وفي هذا السياق، تبحث السعودية، منذ وقت، عن أي فرصة في الدخول في المنافسة مع قطر والإمارات، إذ تمتلك الأولى شبكة “BeIn Sports” ونادي باريس سان جيرمان الفرنسي، وتمتلك الثانية نادي مانشستر سيتي الإنكليزي. ويبحث وليّ العهد السعودي محمد بن سلمان عن استثمار يلمّع من خلاله صورته، من أجل التغطية على عدة فضائح، مُحاولاً تكرار التجربة الناجحة في إنكلترا، لابن عمه، عبد الله بن مساعد، الذي كان يستحوذ على نادي شيفيلد يونايتد. لكنْ، لا شكّ في أن الهدف الرئيسي هو الظهور مُجدَّداً في صورة “الحَمَل الوديع” أمام الرأي العام العالمي.

لكنّ المحاولة السعودية من أجل دخول عالم الرياضة، والبحث عمّا يمكن تسميته “التبييضَ الرياضي”، لن تكون سهلة، وتحتاج إلى تخطي مراحل، بالتدريج، وخصوصاً أنها تحت المجهر دائماً. ففي مطلع العام الحالي، تعرّضت لهجمة من داعمي الناشطة السعودية لجين الهذلول، وكانت هناك دعوة إلى مقاطعة رالي دكار، لأن داعمي الهذلول، الذين أثاروا بلبلة في الإعلام، كانوا يرون أن السعودية تبحث عن تغطية سُوء النظام، وانعدام الحرية فيه.

وفي الحديث عن دخول عالم الرياضة، والسعي لتسويق السياسة وخلق “صورة نظيفة” من خلاله، فإن كرة القدم هي الخيار الأفضل لفعل ذلك، لأنها من أكثر الرياضات شعبيةً حول العالم. فكيف إذا كان دخول عالم كرة القدم يتمّ من بوابة الدوري الإنكليزي الممتاز، الأكثر شهرة ومتابعة.

صراع قطري – سعودي.. السعودية تعود إلى نيوكاسل يونايتد

وفي العام الماضي، فشل صندوق الاستثمارات السعودي في الاستحواذ على 80% من نادي نيوكاسل يونايتد، في مقابلٍ قُدِّر بـ300 مليون جنيه إسترليني، بعد أن تعرَّض لهجمة قوية، ومُنع قانونياً من فعل ذلك، إذ رفضت الأندية الإنكليزية استقبال السعودية في “البريميرليغ”.

كانت قطر من أشدّ المعارضين لاستحواذ السعودية على نيوكاسل يونايتد، وخصوصاً قبل تسوية الخلاف السياسي بينهما. وضغطت الدوحة، من خلال شبكة “BeIN Sports”، إذ كتب الرئيس التنفيذي للشبكة، يوسف العبيدلي، إلى أندية الدوري الممتاز، متهماً السعوديين بتسهيل سرقة حقوق الدوري الممتاز وكأس العالم، منذ 3 سنوات تقريباً، وهو الأمر الذي يضرب إيرادات النادي من خلال عوائد البث التلفزيوني، مشيراً إلى أنها (السعودية) فعلت ذلك من خلال دعمها الكامل لخدمة القرصنة في “beoutQ”.

جاء ذلك في أعقاب حُكم من منظمة التجارة العالمية، خلص إلى أن الدولة السعودية تنتهك القانون الدولي من خلال السماح لخدمة البث غير القانوني”beoutQ” بالعمل في البلاد.

بعد أسابيع من المفاوضات، وافق السعوديون على السماح لـ”beIN” بالعودة، والتزموا إزالة جميع مواقع القرصنة، عند إبلاغهم بشأنها من جانب الشبكة القطرية. وبحسب صحيفة “غارديان” البريطانية، فإن السعودية تُجري مفاوضات بشأن مطالبات من “BeIN” للتعويض عن أضرار القرصنة التي تزيد على مليار دولار.

لكن هذا الأمر لم يكن كافياً. فإذا أرادت السعودية كسب المعركة مع القطريين، والاستحواذ على نيوكاسل يونايتد، فعليها أن تتّخذ إجراءات أخرى. لذلك، اقتربت من رفع الحظر، على نحو كامل، عن الشبكة القطرية. وبالتالي، ستعرض كل البطولات التي تضمها “BeIN”، بصورة قانونية، في السعودية، وهو الأمر الذي ستكون له تداعيات على الاستحواذ على الفريق الإنكليزي، إذ لن يكون لدى قطر أيّ ذريعة للادعاء ضد السعودية.

وعلى الرغم من أن هذا الموضوع نزاعٌ قانوني سيتم حله في جلسة تحكيم في كانون الثاني/يناير المقبل، فإن الأخبار بشأن رفع الحظر تُزيل عائقاً كبيراً أمام أي استحواذ محتمل.

ويأتي هذا الإعلان بعد ذوبان الجليد، بالتدريج، في العلاقات بين السعودية وقطر، وهو ما انعكس على أمير قطر، تميم بن حمد آل ثاني، في الصورة التي جمعته ووليَّ العهد السعودي، محمد بن سلمان، الشهر الماضي، وهو يرتدي سروالاً قصيراً ويبتسم.

لا تزال هناك عوائق أخرى محتملة أمام الاستحواذ على نيوكاسل، أهمها: أي رابط بين الدولة السعودية وصندوق الاستثمارات العامة، ومن سيكون المالك الحقيقي، والحاكم بأمره، في النادي الإنكليزي، إذ تريد رابطة “البريمرليغ” ضمانات بأن المملكة الخليجية لن تكون مديرة للنادي؛ أي بمعنى آخر: لا تريد الرابطة مسرحاً لـ”تبييض رياضي”، وللتغطية على جرائم النظام السعودي.

وفي هذا السياق، لم تتردَّد الجمعيات الحقوقية في التعبير عن خوفها من أيّ اتفاق قد يحدث، مذكِّرةً بمقتل خاشقجي. ومع ذلك، فإن الرابطة لن تقف عند هذا الأمر، لأن دخول مستثمر جديد في نيوكاسل يجعله مُنافساً، ويزيد في قيمة الاستثمارات في الدوري الإنكليزي الممتاز، وهو ما سيعوّض بعض الخسائر التي تسبّب بها فيروس كورونا، ويُعيد الحيوية إلى العجلة الاقتصادية بين الأندية على نحو أفضل.

وبحسب صحيفة “ذا أتليتيك” الأميركية، المتخصصة بالشؤون الرياضية، من المقرَّر أن تستحوذ السعودية على نيوكاسل، ومُلاّك النادي وجماهيره يشيرون إلى أن الأمور تسير في مصلحة التحالف الذي تقوده الرياض، لكنّ عملية فشل الصفقة في العام الماضي قد تكلّف النادي مئات الملايين من الجنيهات الإسترلينية.

وفي سياق متصل، تفاعل جمهور نيوكاسل يونايتد في وسائل التواصل الاجتماعي مع الأخبار الواردة، وأظهر فرحة عارمة، إذ يدُرك أن الأموال السعودية ستحوّل فريقه إلى واحد من بين الأفضل في “البريميرليغ”، وستجعله قادراً على إبرام صفقات كبيرة في سوق الانتقالات، وستعيد النادي إلى الواجهة والمنافسة على الألقاب، وخصوصاً أن عمره 129 عاماً، أي أنه واحد من أعرق الأندية في إنكلترا.

إذا نجحت السعودية في الاستحواذ على نيوكاسل يونايتد، فمن المؤكد أن الهدف ليس رياضياً بحتاً، وقد تتخلَّله تسويق ورسائلُ سياسية مبطَّنة.

(سيرياهوم نيوز-الميادين7-10-2021)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

خفايا الميناء الأمريكي على ساحل غزة

  إن الميناء الأمريكي العائم على ساحل غزة بحجة نقل المساعدات الإنسانية والتخفيف عن المحاصرين في قطاع غزة مشروع خبيث له خفايا إسرائيلية أمريكية خطيرة. ...