آخر الأخبار
الرئيسية » مجتمع » تفاصيل ولادة الطفل أحمد قبل أوانه بسبب الزلزال وقصة معاناة اهله لتأمين الحليب له 

تفاصيل ولادة الطفل أحمد قبل أوانه بسبب الزلزال وقصة معاناة اهله لتأمين الحليب له 

| نعمة علي

قصص زلزال 6 شباط لم تروَ كلها , فثمة اخبار مختبئة في قلوبٍ وبعضها في بيوتٍ واخرى على هيئة طفل جاء قبل اوانه وثبت على الارض المهتزة .. الوقت المعروف لدى الجميع الرابعة والثلث فجر يوم الاثنين السادس من شباط حي التضامن مدينة جبلة الطابق الثالث في احدى الابنية المستكينة لحلاوة النوم , قصتنا ستكون مع عائلة الشرطي  باسل عساف المعروف ب ابو غدير , لم يكن ابو غدير نائما فقد كان بانتظار دور الماء المخصص للحي حتى يعبئ خزانه كما ان زوجته عزة عباس ” ام غدير ” لم تكن نائمة هي الاخرى بل كانت تستغل ساعة الكهرباء لتنهي وجبة الغسيل , وحده الطفل غدير ذي السبع اعوام كان يغط بنوم عميق وربما كان اخوه الجنين المختبئ في رحم الام يشاركه هذا النوم

 

يقول باسل عساف : لم اكن نائما لان دور المياه للحي كان في هذه الساعة , الساعة الرابعة وعشر دقائق شعرت بهزة ارضية خفيفة لم اخذ اهمية للأمر وما هي الا عشر دقائق حتى عاد الاهتزاز بشكل لم نألفه لقد كان عنيفا اول ما فعلته حضنت ابني غدير وركضت باتجاه الباب وصرخت لزوجتي ان تركض هي الاخرى دون ان تتأخر لحظة واحدة , بسرعة قياسية تغير كل شيء بدا الباب بعيدا لقد كان الاهتزاز يمنعني من الوصول اليه تساقطت اغراض المنزل من حولنا وسمعنا صوت تشقق الجدران , زوجتي كانت حامل باخر الشهر السادس او اول السابع لم تكن قد تأكدت بعد من زمن الحمل ركضت على الدرج حافية , لقد كنا خائفين جدا واعتقدنا انه يوم القيامة حتى اننا تشاهدنا على ارواحنا, وصلنا الشارع ونحن حفاة الاقدام والجو عاصف ماطر شديد البرودة , لقد انهار البناء المحاذي لبنايتنا , واكثر ما المنا اننا سمعنا صوت من كان داخله , ابني بدا يرتجف بردا وخوفا , خلعت سترتي ولففته بها وقلت له : لا تخف من شيء ما دمت حيا , اما زوجتي فقد وضعت يدها على بطنها وكأنها تحتضن الجنين , وانا انظر اليها عاجزاً عن قول أي شئ, رغم البرد لم نجرؤ على الصعود الى البناية لإحضار اغراضنا الشخصية الا بعد مرور خمس ساعات صعدت وحدي لأحضر احذية وبعض الملابس لقد كانت الشقة مدمرة كل شيء فيها سقط وكثيرة هي الاشياء المحطمة البراد شاشة التلفاز الزجاج الصور واشياء اخرى .. لم نكن وحدنا في هذا المصاب وربما اننا كنا من المحظوظين في هذا الحي اذ اننا مازلنا احياء , اتجهنا الى طرطوس الى بيت اهل زوجتي وهنا بدأت آلام المخاض تظهر على زوجتي , اتصلنا مع الدكتور محمد جمالة طبيب نسائية وتوليد واخذت زوجتي للفحص السريري  لكن كانت مي الراس قد طقت كما يقولون , اعطاها الدكتور بعض الادوية وفرصة لتوقف نزول ماء الراس لكن الامر لم ينفع فأجريت عملية قيصرية إسعافيه لزوجتي وولدت صبي قال لنا الدكتور انه في اول الشهر السابع  , طلبنا طبيبة الاطفال رحاب سابا لمعاينة الطفل وطلبت بدورها سيارة اسعاف للطفل ليسعف الى احدى الحواضن في مشفى الاطفال .. وهنا بدا مشوار جديد لنا طفل صغير بوزن كيلو غرام غير مكتمل الرئة , لم يكن وضعه الصحي مطمئن لكن قدرة الله عز وجل واهتمام الاطباء والممرضات جعلنا نجتاز اثنان واربعين يوما من العلاج بما احتواه من ادوية وتحاليل وتبديل دم وبلازما وبكاء ودعاء وامل ومراقبة ومعاينة , الى ان وصلنا الى اليوم الاخير لنسمع كلمة من الدكتورة رحاب مديرة مشفى الاطفال والمشرفة المباشرة على حالة طفلي فقالت : اصبح الوضع امنا “الحمدلله عالسلامة .. لقد نجا الطفل واسميناه احمد , لقد خرج بعد اربعين يوما من الزلزال ليقول لنا انا حي , لم يصل الى هذه المرحلة الا بارادة الله لكن العناية الطبية الفائقة التي حظينا بها في مشفى الاطفال كانت بعد ارادة الله لينجو طفلنا من مصير مجهول , وهنا اريد ان اشكر الدكتورة رحاب سابا على كل الاهتمام الذي اولته لطفلنا كما اريد ان اشكر كادر التمريض بقسم الحواضن الاولى في مشفى الاطفال لملائكة الرحمة اللاتي احتضن ابني وكانه ابنهم , فبالرغم من ان الارض بقيت تهتز الا انهم تشبثوا بالحواضن التي بها اطفال خدج وكان كل طفل داخل الحاضنة هو ابنهم .. لقد وصلنا الى البيت اخيرا برفقة احمد ونشكر الله على رحمته التي حظينا بها ”

ابو غدير يعتقد انه اختصر الكثير من التفاصيل فكل لحظة مرت ان كان اثناء الزلزال او اثناء انتظار ابنه خارج الحاضنة كانت مؤلمة لكن الامل والحب احاطا به فامتلك الايمان , لكن هناك بعض المواقف احزنته  وكان اهمها تامين الحليب , فمن المؤسف ان كل الامور الصعبة تم تذليلها الا الحليب والذي يعتبر من المسلمات لاي طفل او اهل طفل فقد كان مفقودا او محتكرا على حسب قوله , حتى ان احدى علب الحليب الخاصة بالخدج وصل سعرها للمئة الف ليرة سورية وهو المنكوب الفاقد لبيته واغراضه ومقتنياته وهنا نضع اشارة استفهام حول هذا الموضوع الخطير الذي ما زلنا نعاني منه في طرطوس وربما نخصصها فأزمة حليب الاطفال في هذه المحافظة كانت ومازالت كبيرة

لنعود الى قصتنا وقبل ان ننقل لكم  مشاعر الام الهلعة من هول ما حصل , التقينا طبيب النسائية والتوليد الدكتور محمد جمالة  لنعرف منه كيف استقبل حالة الحامل عزة الهاربة من الزلزال

يقول الدكتور محمد : لقد كانت السيدة عزة حامل في اول الشهر السابع تعاني من انبثاق اغشية باكرة نتيجة النوم في العراء والشعور بالخوف الشديد  , وضعت تحت المراقبة لكن الوضع لم يتحسن فأدخلت الى غرفة العمليات بشكل اسعافي  , وتم توليدها

الطفل كان يعاني من زلة تنفسية ووزن قليل 1400غ , ومن حسن الحظ تم انقاذ الجنين وانا سعيد لسماع خبر خروجه من المشفى ”

اذا كان الطبيب سعيد بهذا الخبر فما هو شعور ام الطفل عزة عباس التي عادت وروت لنا تفاصيل يوم الزلزال بنفس طريقة زوجها مضيفة انها كانت تعتقد بانها تركض لكن قدميها الحافيتين في ذاك اليوم كانتا ابطأ من ان يوصفا بانهما تركضان واضافت انها قلقت على الجيران وبدأت بطرق الابواب وهي تنزل الدرج علها توقظ النيام . اما عن شعورها وهي بانتظار ابنها في الحاضنة فتقول : انها ايام طويلة لم تكن اثنان واربعين يوما بالنسبة لها بل كانت دهرا وربما اكثر , واضافت انها نتيجة الحالة النفسية الصعبة التي عاشتها نشف حليبها وهنا وقعت مع الاسرة في مطب تامين الحليب وهذا ما عكر فرحة نجاة طفلهم وخروجه من الحاضنة ومن المشفى بشكل عام مع ذلك لن يكون هذا الطفل الذي قاوم الزلزال والولادة المبكرة والزلة التنفسية بأقوى منهم سوف يقومون بكل ما عليهم القيام به للاستمرار , بالتعاون مع من يريد المساعدة بتامين الحليب وهو يستحق الشكر الاكبر وصادق الدعاء بالخير..هكذا عبرت عزة عن فرحتها وحالتها ,وربما دموعها اخفت الكثير من الكلمات .

الدكتورة رحاب سابا مديرة مشفى الاطفال والطبيب المشرف على حالة الطفل احمد مذ ولادته قالت لنا : حالة الطفل كانت حرجة للغاية ولد خديج في اول الشهر السابع من الحمل , لم تكن رئته ناضجة  ووزنه قليل  , استقبلناه وحولناه للحواضن وتم وضع خطة علاجية شاملة اضافة للمراقبة المستمرة وما قمنا به هو واجبنا تجاه هذا الطفل واي طفل وانا سعيدة لنجاته كما اسعد في كل مرة انقذ بها طفلا من وضع خطير .

المجتمع الاهلي في طرطوس  تدخل بشكل كبير والايادي البيضاء غطت سواد قتامة المشهد  , تقول ميادة عباس خالة الطفل : ابن اختي كان بوضع صعب مع الحالة المادية الضيقة التي نعيشها لكن  الايادي البيضاء لم تقصر معنا مثل ابو اذدشير وهو والد شهيد والعم علي سعد والاستاذ علي غانم وام يوشع ومن الجمعيات كانت جمعية المرأة الذكية بحضور شخصي ولمرتين متتالتين الى منزل اهلي الذي لجأت اليه اختي وزوجها وابنها اضافة الى رجال الدين مسلمين ومسيحيين الذين وقفوا معنا وقفة محبة , ونحن بمناسبة خروج احمد بخير وسلامة من رحم الزلزال نشكر كل من ساعدنا واعتذر ان نسيت احدا فانتم اهلنا واحبتنا .

يقولون الكلمة الطيبة صدقة فكيف بالصدقة في هذا الظرف المحتاج لكل انواع التكافل الاجتماعي فالأمر ليس عاديا بل انه يحمل كل الاستثناء بيت مدمر وامراة حامل ولدت قبل اوانها ليصير طفلا مريضا في الحاضنة والعائلة كاملة ضيفة في منزل مزدحم اصلا بسكانه .. هنا كان ظهور انساني لجمعية المراة الذكية التي تلقت الكثير من الشكر والامتنان من ابطال قصة الزلزال هذه

تقول ديانا سعد عضو مجلس ادارة في جمعية المرأة الذكية : سمعت بهذه العائلة الهاربة من جبلة على اثر الزلزال المدمر في 6 شباط وعرفت قصة الولادة المبكرة فقمت بتبليغ السيدة رولا امون رئيسة مجلس  الادارة ووضعتها بتفاصيل القصة وبناء عليه تمت الاستجابة السريعة ومازلنا نتابع الحالة وهي ليست الحالة الوحيدة في طرطوس لكن بوجود طفل ولد على اثر الزلزال اكتسبت القصة خصوصية لدينا جعلنا نسال كل فترة عن حاله حتى وصلنا الى اليوم الذي سمعنا فيه ان الطفل اصبح بخير واسموه احمد , لقد كافأنا بسلامته … لقد قال لنا احمد الحياه مستمرة ولا زلزال يمنعنا عن المتابعة لنصبح بخير .

لجأ باسل عساف مع زوجته وابنه الى منزل اهل زوجته في طرطوس ومازال بضيافتهم لكن بزيادة فرد جديد محبب انه احمد الطفل الذي تحدى الهزات الارضية واثبت وجوده في الحياة

مع خالص امنياتنا لأحمد بحياة سعيدة نامل ايضا ان تعود الاسرة الى بيتها بعد اصلاح البناء المتصدع في جبلة وتصبح هذه القصة من الماضي الذي لا يتكرر.

(سيرياهوم نيوز1-خاص)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

«المطارنة الموارنة»: نرفض إبقاء النازحين السوريين في لبنان … خوري: المشكلة عند الأوروبي والأميركي

في الوقت الذي أكد فيه الأمين العام للمجلس الأعلى اللبناني السوري نصري خوري على جاهزية سورية لاستقبالهم خلافاً لما يتردد وأنها اتخذت كل الخطوات الممكنة ...