آخر الأخبار
الرئيسية » إقتصاد و صناعة » حروب أميركا وتداعياتها السلبية على الاقتصاد العالمي

حروب أميركا وتداعياتها السلبية على الاقتصاد العالمي

د. قحطان السيوفي

الإثنين, 18-03-2024

 

بعد أن انسحبت عسكرياً من أفغانستان، إيذاناً بعهد تقليص مشاركتها العسكرية المباشرة في الخارج لمصلحة التركيز على استراتيجية «مكافحة» الصين، عادت الإدارة الأميركية لتتورط في نزاعات عالمية كبيرة، و«حروب دائمة».

 

يشير المشهد إلى أن الإدارة الأميركية، متورطة في الحرب الأوكرانية، ومؤخراً في الحرب الإسرائيلية العدوانية على غزة، حيث تورطت واشنطن بشكل مباشر، وتدخلت عسكرياً ضد الحوثيين في اليمن، والعالم يشهد فترة من المنافسات والصراعات الجيوسياسية.

 

الحرب الأوكرانية، التي تمولها الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون، تدخل عامها الثالث، ومن الممكن أن تتحول الحرب الإسرائيلية العدوانية على غزة، المدعومة بشكل مطلق من الإدارة الأميركية، إلى حرب إقليمية، وقد تتحول الحرب الباردة المتفاقمة بين الولايات المتحدة والصين إلى حرب ساخنة حول تايوان مستقبلاً.

 

«إنه الاقتصاد، يا غبي» هذه العبارة استخدمت في السياسة الأميركية على نطاق واسع خلال الحملة الانتخابية للرئيس الأسبق بيل كلينتون ضد سلفه جورج بوش الأب عام 1992، وقام جيمس كارفيل، وهو استراتيجي في حملة كلينتون الانتخابية، ليعبر أن كلينتون هو الخيار الأفضل لرئاسة أميركا لأن بوش لم يهتم بالاقتصاد، حيث شهد الاقتصاد الأميركي موجة من الكساد في عهده.

 

ووضع كارفيل لافتة انتخابية لمصلحة كلينتون الذي يهتم بالاقتصاد أكثر من منافسه جورج بوش نصها كما يلي: «إنه الاقتصاد، يا غبي»، واليوم أنتجت الحرب الأوكرانية ارتفاعاً حاداً في أسعار الطاقة والغذاء والأسمدة والمعادن الصناعية في العالم، حيث حدث تباطؤ في النمو، أو توقف في بعض الحالات، مع بدايات للركود التضخمي، وأيضاً في الحرب الإسرائيلية على غزة، المدعومة أميركياً، كان لهذه تأثير اقتصادي إقليمي وعالمي؛ فانكمش الناتج المحلي الإجمالي الإسرائيلي بشكل حاد في الربع الرابع من 2023، والضرر الاقتصادي الذي لحق بغزة أشد خطورة.

 

كما انخفضت عائدات مصر من قناة السويس، أحد المصادر الرئيسة لعائدات النقد الأجنبي، بسبب التوتر العسكري في البحر الأحمر.

 

ولكن، إذا تصاعد العدوان الإسرائيلي على غزة إلى حرب إقليمية أوسع فإن تداعياتها الاقتصادية ستلحق ضرراً كبيراً بالاقتصاد العالمي، وسيؤدي ذلك لارتفاع أسعار الطاقة ويتسبب في تعطيل إنتاج النفط وصادراته من منطقة الخليج، وحذّر البنك الدولي من أن تصاعد الحرب في غزة سيؤدي لضرر بالغ للاقتصاد العالمي الذي يعاني وضعاً سيئاً، وقال كبير خبراء الاقتصاد لدى البنك الدولي، إندرميت غيل، في تقرير إن الحرب الإسرائيلية على غزة تأتي فيما تضغط الحرب الأوكرانية على الأسواق، التي أحدثت أكبر صدمة على أسواق السلع الأساسية منذ السبعينيات.

 

وأضاف غيل إنه «إذا تصاعد النزاع، فسيواجه الاقتصاد العالمي صدمة طاقة مزدوجة للمرة الأولى منذ عقود»، من جانب آخر الحرب الباردة بين أميركا والصين تتفاقم بمرور الوقت، رغم اتفاق الرئيس الأميركي جو بايدن ونظيره الصيني شي جين بينغ على إذابة الجليد تكتيكياً، كانت ردة فعل الصين إزاء نتيجة الانتخابات الرئاسية غير المستحبة في تايوان سلبية، وقد تصل قضية تايوان إلى مرحلة الغليان في وقت لاحق.

 

الأثر الأعظم الذي قد تخلفه إدارة المرشح الجمهوري دونالد ترامب الثانية المحتملة، في الأسواق هو من خلال سياساتها الاقتصادية، فسياسات الحماية التي تنتهجها الولايات المتحدة ستزداد شدة، فقد صرح ترامب، إذا فاز في الانتخابات، بأنه سيفرض تعريفة بنسبة 10 بالمئة على كل الواردات القادمة إلى الولايات المتحدة من الصين، هذا من شأنه أن يشعل شرارة حروب تجارية جديدة.

 

إن حروب أميركا قد تؤدي لنشوب حرب تجارية عالمية من شأنها أن تؤدي إلى انخفاض النمو محلياً وعالمياً، وهذا كفيل بأن يجعلها أكبر خطر جيوسياسي، ينبغي للأسواق أن تضعه في الحسبان.

 

في هذا السيناريو، ستتحول مخاطر مثل تفكيك العولمة، والانفصال، والتفتت، وسياسات الحماية، وتشظي سلاسل العرض العالمية، والتحول بعيداً عن الدولار، إلى تهديدات خطرة على النمو الاقتصادي والأسواق المالية، وتشكل أجندة السياسة الاقتصادية الأميركية التهديد الأعظم للاقتصادات والأسواق في مختلف أنحاء العالم، وتكون سبباً للانكماش وانخفاض النمو، وقد تأتي صدمة كبرى أخرى في تشرين الثاني القادم مع الانتخابات الرئاسية الأميركية، وقد تحدث حالة كبرى من عدم الاستقرار الداخلي قبل التصويت.

 

لكن مرة أخرى، من شأن الاضطرابات السياسية في الولايات المتحدة أن تسهم في الركود وربما الركود التضخمي.

 

وترى الأكاديمية والباحثة السياسية الهندية أريبا عبد المعظم، في مقال نشره موقع «مودرن دبلوماسي»، أن «الحروب الدائمة» التي انخرطت بها واشنطن بشكل غير مباشر في أوكرانيا، وبشكل مباشر في حرب إسرائيل على غزة، تدق ناقوس خطر للرئيس الأميركي جو بايدن وتقلق دول الشمال العالمي، بقيادة الولايات المتحدة، فبايدن الداعم لحرب إسرائيل على غزة يخشى أن يؤثر دعمه المطلق للحرب الإسرائيلية على رصيده في الانتخابات الرئاسية.

 

وقد حذّر بايدن، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من أن إسرائيل بدأت تفقد الدعم العالمي، وهو أقوى انتقاد يوجهه بشكل علني للحكومة الإسرائيلية منذ انطلاق حرب إسرائيل العدوانية على غزة.

 

ختاماً، نقول للإدارة الأميركية ما قاله كارفيل في لافتة انتخابية لمصلحة كلينتون الذي كان يهتم بالاقتصاد أكثر من منافسه يومها جورج بوش الأب نصها: «إنه الاقتصاد، يا غبي».

 

وزير وسفير سوري

 

سيرياهوم نيوز1-الوطن

 

 

x

‎قد يُعجبك أيضاً

وزير الاقتصاد والسفير الإماراتي يبحثان آفاق التعاون المشترك بين البلدين

بحث وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية الدكتور محمد سامر الخليل خلال لقائه اليوم مع سفير دولة الإمارات العربية المتحدة بدمشق حسن أحمد الشحي أهمية دور القطاع الخاص ...