الرئيسية » تحت المجهر » رغم الأزمة الخطيرة وغيرُ المسبوقة: لا خطواتٍ فعليّةٍ لـ (مُعاقبة) الكيان.. الصديق الصدوق بايدن أهان نتنياهو شخصيًا لثنيه عن إقالة وزير الأمن.. غطرسة الإسرائيليين: نحن الأسياد وحُماة الكيان

رغم الأزمة الخطيرة وغيرُ المسبوقة: لا خطواتٍ فعليّةٍ لـ (مُعاقبة) الكيان.. الصديق الصدوق بايدن أهان نتنياهو شخصيًا لثنيه عن إقالة وزير الأمن.. غطرسة الإسرائيليين: نحن الأسياد وحُماة الكيان

مَنْ يُعوِّل على خلافٍ بين قائدة الإرهاب العالميّ، الولايات المُتحدّة الأمريكيّة، وبين الحبيبة الربيبة، دولة الاحتلال والاستيطان والإرهاب، لا يُعوَّل عليه، فقد قال أحد الإعلاميين الإسرائيليين ردًّا على الأزمة الحاليّة، إنّ الدولة العبريّة لا يُمكِنها أنْ تعيش يومًا واحدًا دون واشنطن، فيما أمريكا لن تشعر باختفاء إسرائيل من سُلّم أولوياتها.

 لذا من المُهِّم التشديد على أنّه رغم (التصعيد) الأمريكيّ وإعلان الرئيس جو بايدن بالصوت والصورة رفضه دعوة رئيس الوزراء الإسرائيليّ، بنيامين نتنياهو، لزيارة واشنطن، تبقى الخلافات بينهما في إطار النزاع التكتيكيّ بين حليفيْن إستراتيجييْن وحميميْن حدّ الثمالة.

 وفي هذا السياق، نقل عاموس هارئيل، مُحلِّل الشؤون العسكريّة في صحيفة (هآرتس) العبريّة، عن مصادر أمنيّةٍ رفيعةٍ في الكيان قولها إنّ الإهانة التي وجهها بايدن لنتنياهو تؤكِّد عدم رضى الإدارة عن الانقلاب ضدّ الجهاز القضائيّ في إسرائيل، لافتةً في الوقت عينه إلى أنّ الولايات المُتحدّة لم تتخِّذ حتى اللحظة خطواتِ وإجراءاتٍ عمليّةٍ، بيد أنّ الانتقادات الأمريكيّة من طرف الرئيس، المعروف بمواقفه المؤيِّدة للدولة العبريّة، ازدادت، ومن شأنْ ارتفاع وتيرة الانتقادات دفع نتنياهو إلى التنازل عن إقالة وزير الأمن، يوآف غالانط، على حدّ تعبير المصادر.

 علاوةً على ذلك، فإنّ الصُراخ الإسرائيليّ بعد “الضربة الأمريكيّة” المُوجِعة هو كما يقول المثل العربيّ العاميّ: “الصراخ على قدّ الوجع”، والخطوة الأمريكيّة تمّ تفسيرها من قبل اليمين الإسرائيليّ، أيْ أكثر من نصف المُستوطنين بالكيان، بأنّها بمثابة إذلالٍ، إهانةٍ ومسِّ بالسيادة الإسرائيليّة ومُحاولةٍ للتدّخل في شؤونها الداخليّة، فالعلاقات الإستراتيجيّة بين الدولتيْن متينة جدًا، وإسرائيل بالنسبة لأمريكا هي رأس الحربة في مخططات التدمير والقتل ودقّ الأسافين في منطقة الشرق الأوسط.

 جديرٌ بالذكر أيضًا أنّ واشنطن تمنح سنويًا تل أبيب مبلغ 3.8 مليار دولار كمعوناتٍ، بحسب الاتفاق الذي تمّ التوقيع عليه في العام 2016 عندما كان الرئيس (اليساريّ) و(الديمقراطيّ) باراك أوباما يُدير أمريكا، فيما تُواصِل (رأس الأفعى) تأدية دورها الطبيعيّ في كونها “قبّةً حديديّةً” في المحافل الدوليّة لمنع أيّ محاولةٍ لاتخاذ قراراتٍ تُدين إسرائيل أوْ تفرِض عقوبات عليها بسبب سياساتها في المناطِق الفلسطينيّة المُحتلّة، والتي ترقى إلى جرائم ضدّ الإنسانيّة وجرائم حرب، بحسب التقرير الأخير لمنظمّة العفو الدوليّة (أمنستي).

 وكشفت (الأزمة) الحاليّة بين واشنطن وتل أبيب عمق الغطرسة الإسرائيليّة والشعور بالفوقيّة وإنكار الدور المفصليّ الأمريكيّ في الحفاظ على الكيان، الذي زرعه الاستعمار والرجعيّة العربيّة في فلسطين، ودعمه بكلّ الأساليب والطرق ليبقى دولةً قويّةً من جميع النواحي، العسكريّة، الاقتصاديّة، السياسيّة، التكنولوجيّة، ناهيك عن فتح واشنطن الطريق أمام تل أبيب للتغلغل في الوطن العربيّ، وفي آسيا وإفريقيا، وتحويل إسرائيل إلى بوابتها الرئيسيّة، أيْ أنّ كلّ دولةٍ في المنطقة تُريد إقامة علاقاتٍ مع واشنطن أوْ تحسينها، تلجأ للكيان بهدف الحصول على مُساعدةٍ لدخول “جنّة” أمريكا.

 مُضافًا لما ورد أعلاه، وَجَب التشديد وبالبنط العريض على أنّ العديد من الساسة والوزراء، وهم من مؤيّدي نتنياهو، انبروا وزعموا في وسائل الإعلام ووسائط التواصل الاجتماعيّ، بأنّهم حاربوا وانتصروا دون المُساعدات الأمريكيّة، وهذا الزعم غيرٌ الواقعيّ، لا بلْ الكاذِب، هدفه إقناع الرأي العّام في إسرائيل، وتحديدًا في أوساط اليمين واليمين المُتشدّد، بأنّ واشنطن تعمل بإيعازٍ من (اليسار) الإسرائيليّ واليهوديّ والصهيونيّ في أمريكا من أجل الإطاحة بنتنياهو، وبحكومة اليمين التي يقودها.

وعن خفايا وكواليس الخلاف بين واشنطن وتل أبيب، كشف المُحلِّل السياسيّ الإسرائيليّ، باراك رافيد، في تقريره بموقع (WALLA) الإخباريّ-العبريّ، كشف النقاب عنّ أنّ قرار نتنياهو، بإقالة وزير الأمن، يوآف غالانط، أدّى لصدمةٍ في الإدارة الأمريكيّة، ودفعها لعقد سلسلةٍ من المُشاورات، حول الردّ الأمريكيّ على قرار نتنياهو، الذي كان بمثابة القشّة التي قصمت ظهر البعير.

 ونقل رافيد عن محفلٍ أمريكيٍّ وصفه بأنّ واسع الاطلاع، دون ذكره اسمه، نقل عنه قوله إنّه في نهاية المشاورات، تمّ اتخاذ قرارٍ بموجبه يتّم الردّ بشكلٍ علنيٍّ وأيضًا عبر القنوات الدبلوماسيّة بعيدًا عن الإعلام: الأوّل تأكيد واشنطن على القلق الأمريكيّ، بشأن الوضع في إسرائيل، والثاني دعوة نتنياهو للدفع والتوصل لحلّ وسطٍ بين مؤيِّدي الانقلاب القضائيّ وبين المُعارِضين، على حدّ قول المصدر الأمريكيّ.

 وأشار الإعلاميّ الإسرائيليّ في تقريره إلى أنّ الإدارة الأمريكيّة قرّرّت توجيه ما أسماه بالمضمون الشخصيّ والسريّ من بايدن لنتنياهو، وأنّ مُساعدي الرئيس الأمريكي طلبوا منه الحصول على الضوء الأخضر للقيام بتنفيذ القرار، على ما نقله رافيد عن مصدره الأمريكيّ.

 وفي الخلاصة، يُمكِن القول بحذرٍ شديدٍ إنّ رسالة بايدن كشفت مدى خوف الإدارة الأمريكيّة من تراجع قدرة الكيان على القيام بدوره الوظيفيّ في المنطقة واستمرار ضعفه في ظلّ عجزه عن التعامل مع التهديدات الداخليّة والخارجيّة المتراكمة، وما يترتّب على ذلك من تضرر للمصالح الأمنيّة الحيويّة للولايات المُتحدّة في الشرق الأوسط.

 

 

سيرياهوم نيوز 4_راي اليوم

x

‎قد يُعجبك أيضاً

مراكز الدراسات الإسرائيلية: عقبة نتنياهو أم ضعف واشنطن؟

  رأي رندة حيدر   منذ السابع من أكتوبر، شهدت العلاقات الإسرائيلية-الأميركية تطورات وتغيرات متلاحقة. وبعد التأييد المطلق لإسرائيل في حربها، وتقديم مظلة فولاذية من ...