آخر الأخبار
الرئيسية » كلمة حرة » طرطوس …آه يا طرطوس!!

طرطوس …آه يا طرطوس!!

خير الله علي

لعل من أكثر الأشياء التي تستفز حساسية إنسان راق ومحب للنظام والجمال والهدوء، وتعكر مزاجه، وخاصة عند الصباح، مشاهد الوسخ والقمامة والفوضى في أي مكان، وسوف يكون الاستفزاز قاسيا وجارحا عندما لا يكون هناك مبرر لوجود مثل هذه المشاهد أصلا. بمعنى، حيث يمكن للإنسان فردا كان ، أو مجموعة بشرية تعيش في مساحة جغرافية محددة تلافي تلك المناظر غير اللائقة في حيز تواجدها، والمكان الذي تعيش فيه ايامها ولياليها، وتسرح وتمرح فيه أطفالها. يقول المتنبي: ولم أر في عيوب الناس عيبا كنقص القادرين على التمام. إن جولة واحدة في شوارع وأسواق أي مدينة سورية، سيترك انطباعا بعدم الرضى لدى شخص يحلم بمدن نظيفة وجميلة في بلاده، فكيف يكون الحال مع مدينة ساحلية صغيرة ناشئة وسياحية مثل طرطوس، حيث بقليل من العناية والمتابعة، من القادرين على التمام، على حد قول المتنبي، تصبح مثل العروس يوم عرسها، ومثل الشمس في سماء الصيف، مشعة …بهية …صافية تزينها وردة طرطوس الحمراء الجميلة. والقادرون على التمام هنا هم أولئك النائمون في مكاتب المحافظة وبلديتها، الغافلون، الساهون، الحريصون على أن تكون بيتوهم، وفللهم تلمع وتنار من الداخل والخارج، بينما لا يعيرون الاهتمام الكافي للفوضى العارمة في الشوارع والساحات والبنايات والحدائق، والأهم الشاطئ …الشاطئ المسكين. الشاطئ ومع إطلالات الصيف وموسم السياحة والسباحة هو مرفق بأمس الحاجة إلى حملة شاملة لإصلاح كل التفاصيل على امتداده، وذلك من خلال صيانة الأطاريف والمقاعد والأدراج والمساحات الخضراء ومناطق السباحة، وربما الجانب الأهم في هكذا حملة، ردم الفراغات الموجودة بين الصخور، والتي تحولت إلى مكبات قمامة، ومصدر للروائح الكريهة، وتجمع الحشرات بأنواعها. في مكان آخر نجد أن المبالغ الطائلة تصرف على بلاط الأرصفة الذي يتحطم تحت الأرجل بعد أشهر قليلة. يفرش الإسفلت بموازنات كبيرة، فيتحول إلى ما يشبه التراب بعد وقت قصير، ترفع في كل يوم آرمات جديدة على أعمدة الكهرباء، أو تثبت على الجدران، أو على نواصب خاصة محتلة الأرصفة دون أن تجد من يهتم بتنظيمها لتصبح، بصريا، مشهدا مقبولا، وشيئا غير مزعج ومعيق لحركة الناس في الشارع . خطوط الهاتف أو كابلات الكهرباء تتدلى في كل مكان من أعلى الأبنية إلى اسفلها بمشهد يوحي وكأننا في مناطق للسكن العشوائي أو في مخيمات ولسنا في مدينة منظمة وحديثة. مداخل الأبنية ومدرجاتها وأقبيتها تستقبل الداخلين بالأوساخ، وتودعهم بروائح العطونة والعفونة والقمامة المتراكمة، أو بمناظر عدادات المياه والكهرباء المركبة لا بشكل مخجل فحسب، بل بطريقة تشكل خطرا ما على الناس. كل ذلك يمكن مشاهدته في أبنية تضم عشرات المكاتب لأطباء ومهندسين ومحامين وغيرهم . هذه الفوضى ..هذا القبح…هذه المشاهد المقززة لا تحتاج إلا إلى قليل من المتابعة والحزم بتطبيق قوانين الإدارة المحلية بهذا الخصوص … والمعنيون قادرون بما لديهم من قوانين ومال وسلطة، فهذا التقصير في الأداء هو تقصير القادرين على التمام الذين تتوفر بين أيديهم كل الامكانيات، وليس تقصير الضعفاء العاجزين.

(سيرياهوم نيوز١١-٤-٢٠٢٢)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

عَنْ شاعرٍ مُتفَرِّدْ

  أحمد يوسف داود   (جِئتُ والأرضُ طفلةٌ منْ شقاءٍ وغديْ غامضٌ ووجهي شريْدُ   صوْتُ حَوّاءَ شاسِعٌ لسْتُ أَدري تَنقُصُ الأرضُ بينَنا أمْ تزيْدُ!. ...