آخر الأخبار
الرئيسية » مجتمع » ماالذي يدفع شخصاً لأن يحرق نفسه من أجل قضية ليست له؟؟

ماالذي يدفع شخصاً لأن يحرق نفسه من أجل قضية ليست له؟؟

 

 

بقلم نارام سرجون

 

لاأعرف ماذا تفعل النفس البشرية .. بصاحبها .. ولكني أعرف ماذا تفعل الأحداث العظيمة بالنفس البشرية .. فهي ترفعها الى مصاف الانبياء والقديسين بحيث تزول كل الهويات والاعراق ويصبح الخير المطلق في وجه الشر المطلق .. أو تخسفها الى منزلة الشياطين ..

هناك أعمال في الوجود لايرقى اليها الكلام .. وكأنها خلقت لتكون فوق مستوى الكلام .. والمسافة بين قدراتنا اللغوية وبينها مثل المسافة بين الارض والنجوم .. وكالفرق بين سرعة الصوت وسرعة الضوء .. الكلام فيها يشبه الدنيا وهي تنتمي الى ماوراء الطبيعة .. فهيهات ان يدرك من في الطبيعة ماذا يدور في ماوراء الطبيعة .. لأن كل الكلام هباء لايجاوز حدود الزمن ..

 

أمام هذا العمل الخارق العظيم لايمكن ان يكتب أحدنا كلمة .. ولايحق لأحد أن يقول كلمة واحدة للثناء على هذا العمل لأن هذا العمل فوق مستوى اي كلام وأي وصف واي مشاعر .. واي محاولة للمس هذا الموقف بالكلام المنمق الحماسي والتعبير عن العجاب والذهول والعرفان لكأنها محاولة لتزيين الألماس بالزجاج والكريستال .. وبتكريم الشمس بشمعة ..

 

آرون لاينتمي للشرق الأوسط .. وهو ليس فلسطينيا .. وهو لاينتمي الى حزب ديني .. وليس له أقارب في غزة .. فكل مايجمعه بفلسطين التي صرخ مناديا بحريتها هو أنه انسان .. وفلسطين هي قضية الانسان .. كل انسان … لأن في فلسطين خرج الحق كله ضد الشر كله .. واجتمعت آخر صرخات الانسان منذ فجر التاريخ الى هذه اللحظة .. ولذلك اخترق أرون جدار الصوت الاعلامي الذي يلف اميريكا ويحاصرها .. وتمكن من ان يخرق جدار الوهم الذي يعيشه الواهمون من أن فلسطين قضية عابرة .. وخرق جدار الظلام .. وخرق حتى جدار الضوء الذي لايخرق أبدا ..

 

صدقا هذه النار التي اشعلها هذا الشاب الامريكي هي عار على العرب جميعا الذين لايزالون يتسوقون وكأن غزة حكاية من حكايا شهزراد .. لأني بهذه النار هي ناري التي تشتعل في قلبي … فقلبي وقلب كل واحد آخر يتألم هو الذي كان يشتعل .. هذا الآرون لايدري أنه كان يشعل قلبي وقلوب الملايين .. ولايدري انه كان يضيء قلب السيد المسيح (عليه السلام) الذي أظلم وهو يرى كل هذا الشر فيما كنائسه لاتقرع الاجراس في الفاتيكان .. ولايدري ان قلب النبي محمد (ص) هو الذي أضاء من جسده بعد أن أظلم وهو يرى ان الناس في مكة لاتقدر حتى ان تبكي ولاتقدر حتى أن تشكو الى الله .. وصار حول الكعبة مكانا للثرثرة .. ورقص الراقصات .. ولايدري هذا الآرون العظيم انه أضاء قلب نهر النيل الذي صار قلبه حالكا كالدجى وتبللت شفتاه في الدلتا برذاذ الدم المتناثر من غزة .. فيماذ حفلات شم النسيم تتهيأ للرقص .. رغم ان رائحة شواء مئة ألف انسان هي ماسيميز شم النسيم ..

 

أيها الأرون الجميل البهي .. كم جعلتني أعيد النظر في أشياء كثيرة .. وكم جعلتني أعيد اكتشاف نفسي واكتشاف قلب الانسان .. وروح الانسان .. والانسان .. بل ومن وجهة نظري لافرق بين الأنبياء وبين من يحب كل البشر ويفتدي غيره من البشر .. من هنا نفهم كيف يسمو الانسان ويصبح نبيا يحرق او يصلب .. ليحمل خطايا الناس ..

أيها الآرون الجبيب .. لاأدري كيف استقبلتك السماء .. ولكن كأني أسمع جلجلة الاجراس عندما وصلت روحك الى السماء .. وكأني أرى الملائكة تؤدي لك التحية العسكرية فيما روحك ترجع راضية مرضية .. فتدخل في عباد الله وتدخل جنته ..

ياآرون الحبيب .. فلسطين ستكون حرة .. كما أردتها أن تكون ..

.(سيرياهوم نيوز ٣-الكاتب)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

رشوة أوروبية للبنان: 160 مليون يورو لإبقاء النازحين

فراس الشوفي   تأتي الزيارة الثانية للرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليسدس إلى لبنان الأسبوع المقبل، برفقة رئيسة المفوّضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، في حمأة تصاعد ...