| نارام سرجون
لاتستسلم لخديعة الكلمة .. فان خديعة الكلمة هي أم المكائد .. وأم الفخاخ .. فكل حكايات المكائد تبدأ بكلمة .. لها جلد الحرباء .. ولذلك فان علينا الا تخدرنا الكلمات ومكائدها .. وألا تبهرنا ببريقها ورنينها وجلجلتها ؟؟ ولذلك فانني وعلى عكس مايقال عن أسماء البشر بأن لكل من اسمه نصيب فانني ألقي بكل الشعارات الجميلة في البحر عندما تقدم لي الاحزاب والمنظمات الكبرى .. فالسم في اسمها والخديعة كل الخديعة في لحنها .. مثل ان تسمى الاحزاب بالاشتراكية والتقدمية او المستقبل وهي أوعية طائفية أو ان ترتدي اسم العدالة والتنمية فيما سلوكها هو القتل والتدمير لكل عدالة وتنمية .. ومثل ان تسمى الاسرة العاشمية بالهاشمية هي اسرة ترعاها بريطانيا وترضعها منذ ميلادها .. وماأدراك ماترعاه بريطانيا وريثة الملك ريتشارد قلب الاسد ..
وهذا هو رأيي في انتخابات تركيا وأحزابها بعد تشريح تاريخها ومنظومتها الفكرية والاخلاقية .. ولكن فانني لأول مرة في انتخابات تركيا لا أجد نفسي مهتما بنتائجها كثيرا .. لانني لاأجد فرقا بين اي من المرشحين .. فبرناج كل واحد منهما هو كلام في كلام .. فأنا أعرف ان الطرفين يريدان التخلص من الوجود السوري للاجئين السوريين لأن عنصريتهما التركية هي التي تحركهما وليس الميل للاقتراب من الدولة السورية .. ولكن الطريقة التي يتبعها كل طرف مختلفة .. وهذه البرامج الانتخابية التركية تشبه في اختلافها بشأن علاقتها بسورية اختلاف الليكود الاسرائيلي عن حزب العمل .. أو الحزب الديمقراطي والجمهوري في اميريكا .. وحزب العمال وحزب المحافظين في بريطانيا .. فهناك تغيرات في الوجوه دون تغيرات في السياسات .. واذا ظهر تغيير في المسار فلايتعدى اقترابات طفيفة جدا من العرب وقضاياهم ولكن الخط العام لايتغير على الاطلاق ..
بالنسبة لي فان في تركيا هناك – وعلى غرار حزبي الليكود والعمل في اسرائيل – حزب الليكود التركي بزعامة اردوغان وحزب العمل التركي بزعامة اوغلو .. لان مايعرضه الطرفان لنا لايشجع كثيرا .. فحزب الليكود التركي بزعامة اردوغان .. يعد بتطبيق الاتفاقات الدولية بشأن الشمال السوري منذ 6 سنوات كما اسرائيل لاتزال تفكر في طريقة تطبيق قرارات الامم المتحدة 242 و338 منذ 60 سنة .. التي ماتت اجيال عديدة ولم تنفذ اسرائيل اي تراجع او انسحاب فيها .. وليست هناك اي ضمانة في ان لايتراجع .. اما حزب العمل (الشعب) التركي فانه يعد بالاقتراب من سورية وبنفس الوقت بالاقتراب من الغرب واميريكا .. مع حركة ابتعاد موازية عن روسيا ..فكيف يستوي الامران بأن تقترب تركيا من سورية الدولة وفي نفس الوقت فانها تقنرب من اميريكا رغم ان هذه الحركة المتناقضة ليست بهذه السهولة؟؟ فالاقتراب من اميريكا يعني الامعان في الابتعاد عن سورية والامعان في الضغط على الدور السوري المناهض لاميريكا في المنطقة .. كما ان الابتعاد عن روسيا سيعني بشكل او بأخر الابتعاد عن اهداف روسيا في تحجيم اميريكا في الشرق الاوسط .. والذي يعني التوافق مع اهداف اميريكا في تحجيم حلفاء روسيا مثل سورية وايران ..
الغريب هو مانلاحظه في اظهار الغرب علنا العداء لاردوغان واعلان الدعم القوي لمرشح المعارضة التركية .. ولكن في نفس الوقت فان الدول التي تمثل الأذيال مثل قطر والحركات الاسلامية التي كلها تدار من قبل اميريكا والسي اي ايه فانها اندفعت بشكل مستميت لدعم اردوغان ماليا واعلاميا .. وهذا التناقض كان غريبا .. فقطر ومالها واعلامها هو بيت مال اميريكي وهي صوت اميريكا في آذان العرب والمسلمين وضمير اسلامييهم .. فهي بوق اميريكا وصندوق بريدها .. وهذا يعني ان اميريكا تريد ضمنيا فوز اردوغان لأسباب خفية او اتفاقات سرية خلف الكواليس .. بل ان اظهار العداء له في اعلام الغرب سيكون صوتا مؤيدا .. في الداخل التركي حيث سيظهر اردوغان وكأنه البطل الهمام الذي يخافه الغرب والذي تخشاه اميريكا كباني الامبراطورية العثمانية الحديثة .. مما سيدفع كثيرا من الاتراك الى التصويت له كنوع من النكاية باميريكا .. كما حدث مع انتخابات جورج بوش في الدورة الثانية وهو يقف على ابواب الفلوجة العراقية .. حيث ومن حيث لانتوقع ظهر بن لادن قبل ثلاثة ايام ووجه رسالة للشعب الاميريكي بدا وكأنه يحثهم فيها على اسقاط جورج بوش .. وكان هذا كافيا كي ينتقل كثير من الاميريكيين الى معسكر بوش ويصوتون له نكاية ببن لادن وتحديا لهم ؟؟ ولذلك فان الدعم الاعلامي الغربي لاردوغان قد يبدو ظاهريا ضده في اوروبة ولكن صداه في تركيا هو في صالح اردوغان ..
اما لماذا قد تفضل اميريكا اردوغان ضمنيا فربما ورغم انتهاء مهمته في تخريب الشرق الاوسط فان لايزال مفضلا لديها لأن تركيا الاسلامية اكثر طواعية من تركيا العلمانية في العداء لروسيا الارثوذوكسية .. فالتركي ربما لايحب روسيا ولكنه لايريد الحرب معها ولكن التركي الاسلامي سيذهب لتحدي روسيا بسبب عقائدي ايديولوجي وتاريخي ..
في حين ان لروسيا موقفا خاصا فانه داعم لاردوغان لاعتبارات ليست ثابتة وليست ايديولويجة بل تكتيكية .. فاردوغان هو اكثر رئيس تركي حاول ايذاء روسيا ومواجهتها وكسر حلفائها والاستيلاء على قاعدتها المتمثلة بالتحالف مع سورية .. ولكن روسيا تراهن على ان اردوغان سيبقى على الحياد في اوكرانيا على عكس غريمع اوفلو .. رغم ان روسيا لاتعرف ان كان هناك اي تحالف سري بين اميريكا واردوغان لتغيير موقفه في اوكرانيا .. لكن يبدو الروس يفضلون اردوغان البراغماتي المراوغ على اوغلو الذي يريد علنا اعلان العداء لروسيا ..
لذلك لافرق كبير بين الليكود الاسلامي وحزب العمل التركي .. ولكنني اتكنى دوما نهاية مرحلة اردوغان والعدالة والتنمية او حزب الليكود التركي .. كي ينتهي هذا الولع باردوغان وينتهي هذا الهيام به .. وكي يعود الاخوان المسلمون الى خطابهم المتواضع والمكسور .. لأن اردوغان هو مايعطي هذه الاحزاب الاسلامية روحها وطموحها .. واتوقع شخصيا ان احتمالات الحرب الاهلية التركية ستكون اكبر في حال خسر اردوغان الانتخابات لان الاسلاميين سيصابون بالهلع والهستريا بالعودة الى القمقم .. والنوم لمئة سنة أخرى .. وهم سيكون لهم شعار ان تركيا من غير اردوغان لاتستحق ان تبقى .. ولاشك ان اردوغان ببقائه لفترة طويلة في السلطة فانه تمكن من نحت عملية البقاء في السلطة عبر اعادة توزيع القوة الاقتصادية والقومية والتجارية والاعلامية كي تبقى في خدمته .. وتصبح منتجة لآليات البقاء الى النهاية ..
أعيد وأقول بأنني لاأعرف احيانا مشاعري في الانتخابات التركية لأنني أحيانا تأخذني مشاعري الى انني أتابع انتخابات بين الليكود والعمل .. في تركيا .. واتمنى ان تخبروني ان كنت خطأ أتابع انتخابات بين الليكود والعمل من حيث لاأدري وقد اختلط علي الأمر .. وسأكون لكم من الشاكرين ..
(سيرياهوم نيوز3-مدونة الكاتب)