آخر الأخبار
الرئيسية » ثقافة وفن » من “وحدَةِ الدّولةِ” إلى “وحدَةِ الأمّةِ”..حينَ افتقدنا أداةَ التأصيلِ المعرفيِّ!!..

من “وحدَةِ الدّولةِ” إلى “وحدَةِ الأمّةِ”..حينَ افتقدنا أداةَ التأصيلِ المعرفيِّ!!..

 

 

خالد العبود

 

-اطَّلعنا كغيرِنا على مقالٍ كتبَهُ الرّفيقُ والأخُ العزيزُ والغالي، الدكتور “مهدي دخل اللّه”، عضو القيادةِ المركزيّةِ لحزبِ البعثِ العربيِّ الاشتراكيِّ، يتوقّفُ فيهِ عندَ عناوينَ ورؤى هامّةٍ، استدعتْ منّا هذا التعقيب عليه، نظراً لأهميّةِ هذهِ العناوينَ والرؤى، من جهةٍ، ومن جهةٍ أخرى، نظراً للموقعِ السياسيِّ والثقافيِّ الذي يشغلُهُ الدكتور “دخل اللّه”..

 

-يقولُ الدكتور “دخل اللّه” في مطلعِ مقالِهِ، إنّهُ “علينا الاعتراف”، ويؤكّد على ذلك بقولِهِ: “فوراً”، بـ “أنَّ الوحدةَ العربيّةَ الحقيقيّةَ الموجودة اليوم صنعَها الفنُّ”، ويضيفُ: “بينما فشلت السياسيةُ والشّعاراتُ والأيديولوجيا فشلاً ذريعاً في توحيدِ الأمّة”!!..

 

-وهنا في تقديرنا يقعُ الأخُ الدكتور “دخل اللّه”، في اثنتينِ خطيرتينِ، ما كانَ لمن في موقعِهِ المعرفيِّ والثقافيِّ، أن يقعَ بهما:

 

-الأولى أنَّ الدكتور “دخل اللّه” لم يفرّقْ بينَ مفهوم “الوحدةِ العربيّةِ” بالمعنى السياسيِّ، بمعنى قيامِ “الدولةِ العربيّةِ الواحدةِ”، والتي ناضلتْ وتناضلُ من أجلِها كثيرٌ من حركاتِنا وأحزابِنا السياسيّة، وبينَ مفهوم “الوحدةِ العربيّةِ” بالمعنى الثقافيِّ، بمعنى “وحدّةِ الأمّة”، وهيَ الوحدةُ التي أنجزتْها اللّغةُ والتاريخُ وغيرهما..

 

-بهذا المعنى يمكنُنا التأكيدَ، على أنَّ “السياسةَ والأيديولوجيا” لم تستطعْ أن تُنجزَ “دولةَ الأمّةِ الواحدةِ”، وهذا صحيحٌ، لكنّهُ لا يعيبُ “السياسة والأيديولوجيا” ذلك، وبخاصّةٍ إذا ما فُهمت الظروفُ التي تحرّكتْ بها “السياسةُ والأيديولوجيا”، والتحدّياتُ العظيمةُ التي واجهتها، هذا من جهةٍ، ومن جهةٍ أخرى، فإنِّهُ لم يكنْ بمقدورِ الفنِّ أو الثقافةِ أو الإعلامِ أو الرياضةِ أو جميعِ الوسائل الأخرى، إنجازَ هذهِ “الدّولةِ”!!..

 

-إنَّ “الوحدةَ العربيّةَ” التي وصفَها الدكتور “دخل اللّه”، والتي قالَ بأنّها أُنجزتْ بفضلِ الفنِّ أو سواهُ، إنّما هيَ “وحدةُ الأمّةُ”، وليستْ “وحدةُ الدولةِ”، و”وحدةُ الأمّةِ” لم تكنْ من إنجازِ الفنِّ أو سواهُ، بمقدارِ ما كانَ الفنُّ وغيرُهُ إحدى تجليّاتِ وتعبيراتِ “وحدةِ الأمّةِ” المُنجزةِ تاريخيّاً..

 

-بهذا المعنى نستطيعُ الجزمَ، أنَّ العربَ لم يستطيعوا أن ينجزوا “دولتَهم الواحدة”، لا سياسيّاً ولا اجتماعيّاً ولا ثقافيّاً ولا فنّيّاً، لكنّهم أبدعوا جدّاً في إنجازِ “وحدةِ الأمّة”، نتيجةَ ظروفٍ وشروطٍ وعوامل تاريخيّةٍ عديدةٍ، منها السياسيُّ والثقافيُّ والروحيُّ والاجتماعيُّ..

 

-الثانيةُ أنَّ الدكتور “دخل اللّه” لم يستطع التقاطَ ما استهدفتْهُ “السياسةُ والأيديولوجيا”، في كلِّ هذا المخاضِ العربيِّ الطويلِ، لهذا لم يستطع التفريقَ بينَ منجز “السياسةِ والأيديولوجيا” على مستوى إنجازِ “الدولةِ الواحدةِ”، وبينَ منجزِها في الحفاظِ على “وحدةِ الأمّةِ”!!..

 

-نعتقدُ أنَّ هذا الخلطَ المفاهيميَّ هو خلطٌ خطيرٌ جدّاً، وهو الذي سوف يؤدّي وبشكلٍ عميقٍ، إلى خلقِ وعي سطحيٍّ عندَ النُخبِ وعندَ العامةِ، ويؤدي إلى ضياعٍ كبيرٍ، ليسَ في الوصولِ إلى “دولةِ الأمّةِ” فقط، وإنّما في الحفاظِ على “وحدةِ الأمّةِ”!!..

 

-دائماً كنّا نُهرّبُ، ومن حينٍ إلى آخر، مجموعةً من المفاهيمِ العميقةِ، والتي اشتكى منها البعضُ، باعتبارِ أنّها مفاهيمٌ للخاصّةِ، أو مفاهيمٌ للنُخب، في حين أنّنا كنّا نؤكّد على أنّها رئيسيّةٌ، في تشكيلِ وتأصيلِ ما نسعى إليهِ، من قيامٍ لـ “دولةِ الأمّةِ الواحدةِ”، أو ما نحاولُ التأكيدَ عليه، في الدّفاعِ عن “وحدةِ الأمّةِ الواحدةِ”!!..

 

-لقد كان مطلوباً من الأخِ العزيزِ، الدكتور “مهدي دخل اللّه”، أن يكونَ أكثرَ تأصيلاً معرفيّاً لكلِّ هذهِ المقارباتِ المفصليّةِ والهامّةِ، وهو الأستاذ، بما يمتلكُ من تاريخٍ ومعرفةٍ وثقافةٍ ودورٍ وموقعٍ ومسؤوليةٍ!!..

 

“يتبع”..

(سيرياهوم نيوز ١-صفحة الكاتب)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

محمد عبده يكشف عن تجربته في مواجهة سرطان البروستاتا وتحسن حالته الصحية

المطرب السعودي الشهير محمد عبده يروي تجربته الشخصية في مواجهة مرض سرطان البروستاتا، حيث كشف عن خضوعه لبرنامج علاج مكثف أدى إلى تحسن كبير في ...