آخر الأخبار
الرئيسية » من يوميات رصيف… فلافل ومقهى

من يوميات رصيف… فلافل ومقهى

ما زال ما قاله أحد المواطنين ذات يوم حاضراً يحفر مجرى عميقاً في العقل والقلب… سئل المواطن عن حال البلد فقال..من يسمع أخبار المهجرين السوريين من قبل المغرضين يظن أنه لم يبق أحد في سورية…ومن يتجول في شوارع دمشق يقول إن أحداً من السوريين لم يغادر هنا..
والحقيقة أن أرصفة الحياة وصخب الشوارع هو اليقين الذي يدل على عمق تجذر السوري بترابه ووطنه بغض النظر عن الكثير مما يقال..
في مفردات الحياة اليومية التي عشناها من عشر سنوات حتى الآن تقرأ جوهر الأصالة السورية ..قذائف غدر وعدوان لا تعرف متى تسقط قربك قد تكون أحد ضحاياها ولكنك تمضي قدماً. .
تستمر وثبة الحياة والعمل والأمل..تزدحم بكل شيء…
أمس كانت جولتي على أرصفة دمشقية ..الحياة تنبض بكل ما فيها ..ازدحام قرب مطعم فلافل ..بالكاد تستطيع أن تصل إلى المحاسب إلا بعد انتظار يتجاوز الربع ساعة…مواقف الباصات ..المحال التجارية ..
لكن مفارقة ما سوف تستلفت انتباهك …مقاهي المثقفين أو من يدعي بعضهم أنه يقود تيارات الفكر من وراء طاولته في المقهى.
الهافانا الأكثر شهرة بين هذه المقاهي ..اعتدت أن أعبر رصيفه واسترق النظر إلى من فيه …أمس شبه خاو بضعة رواد كل واحد على طاولة ..أحدهم يعبث بمحموله ..آخر يرشف فنجان قهوة …ثالث ..
لن ترى صحيفة ما تركن على الطاولة ..حتى الكتاب الذي يفترض أنه الهوية لن تراه ..
جفت ينابيع الكلام..اغتراب الكلام …بعد الهافانا ثمة مقهى كبير جداً ..الكمال الشتوي والصيفي …بضعة آخرون.. بعد خطوات فلافل المعرض مئات يتراصون يزدحمون للحصول على سندويشة وكنت ممن انضممت إليهم.. ومع كلمة مناداة البائع لي (عمو..) فتح لي شاب أنيق الطريق …لأصل إلى المحاسب…
طبعاً مع كمامتي وبعد قليل التعقيم بالكحول .
فجأة يندفع عشرات الطلاب من ثانوية ابن خلدون وجودة الهاشمي ..تذكرت لحظات الحرمان عندما كنت طالباً في الثالث الثانوي عام ١٩٨١م وأتوق لشراء سندويشة فلافل.. لأتذوقها وأعرف طعمها للمرة الأولى…وقد حصل ذلك قبيل نهاية العام الدراسي..
أبعدت الصورة عن خيالي واستعدت لحظات من عام ١٩٨٦ عندما عملت مدرساً للغة العربية في ثانوية ابن خلدون لفصل دراسي كامل لم أحصل على تعويض ساعاته …بل حمدت الله أني نفدت من ..
وسوس السؤال في العقل وقفز إلى الواجهة …لماذا غاب المثقفون عن هذه المقاهي ..هل هم خائفون …لماذا يخافون الحياة …بل كيف ينظرون علينا من وراء زجاج ..
هل من كتاب يستريح على منضدة أحدهم.
هل انهوا توجيه الحراك الثقافي العالمي ..
ألف هاجس ظل يراودني ..هل المثقف جبان لا يواجه الحياة..
لماذا الخوف…أترانا نحن من تعرفنا الأرصفة والحواري والأزقة غير آبهين بالحياة.. لماذا نحن منغرسون في قلب كل شبر من أرضنا..
ولماذا يحصد المتمترسون وراء المقاهي والمكاتب …يحصدون ثمر عملنا ..ينظرون ويجدون من ..
تركت هواجسي لأن السغب والتعب كانا قد نالا مني ومددت يدي إلى السندويشة ( الشاطر والمشطور وما بينهما ..) هذا الاسم العربي السندويشة…واتخذت مكاناً أطل منه على المقهى لعلي أرى المزيد من ..
دون يأس تذكرت قول عبد الباسط الصوفي …ونطعم الحياة من قلوبنا الممزقة ..
وأضفت إليه…وثمة من يحاول أكلنا …
لكننا كدمشق وشم على خد الدهر..لا نحول ولا تزول.

سيرياهوم نيوز6- الثورة أون لاين