آخر الأخبار
الرئيسية » كتاب وآراء » يا جلالة الملك.. اليمين الصهيوني عينه على الأردن.. فماذا نحن فاعلون؟

يا جلالة الملك.. اليمين الصهيوني عينه على الأردن.. فماذا نحن فاعلون؟

د. محمد أبو بكر

بالنسبة لي؛ لا فرق عندي بين حكومة يمينية عنصرية وفاشية وبين أخرى تتبع معسكرا آخر في دولة الإحتلال الصهيوني، فالإحتلال واحد، والإنتهاكات لا تختلف بين هذا وذاك، غير أنّ الحكومة الحالية الجديدة بزعامة نتنياهو ورفاقه من اليمين المتطرّف تنذر بما هو أسوأ في القابلات من الأيام، إن لم نأخذ الحيطة والحذر ومحاولة التصدّي الحقيقي لها.

في هذا المقال أرغب بمخاطبة جلالة الملك عبد الله الثاني والمعني أكثر من غيره بما جرى في دولة الإحتلال وصعود اليمين الفاشي وبأسوأ أشخاصه، والذين بتنا نعرف أهدافهم ونواياهم تجاه الشعب الفلسطيني والقدس، والعرب على وجه العموم

لقد تحدثت يا جلالة الملك مع محطّة سي أن أن الأمريكية، وأعلنت أن الأردن مستعد للمواجهة إذا ما أرادها الطرف الآخر وتجاوز الخطوط الحمراء، وهنا يجدر القول بأن كل حكومات العدو تجاوزت منذ عقود الخطوط الحمراء، وخلال العامين الأخيرين كان التمادي في أوجه، وخاصة ما يتعلق بمدينة القدس والمقدسات، والإقتحامات اليومية والإعتقالات والإعدامات الميدانية، إنهم يا سيدي لا يحترمون العهود ولا المواثيق، ولم يحترموا قبلا إتفاق السلام مع الأردن، لقد ضربوا بكل بنوده عرض الحائط .

جلالة الملك .. هذا اليمين العنصري عينه على الأردن، هو أصلا لا يعترف بدولة شرقي النهر إسمها الأردن، بل يريدها وطنا للفلسطينيين الذين يتشبثون بأرضهم وبأشجار زيتونهم وبقدسهم ومقدساتهم، هذا اليمين المتغطرس يطمح لتهجير الفلسطينيين من أرضهم إلى الاردن، هذه هي السياسة التي يؤمن بها كما جاء في الفكر الصهيوني .

يا سيدي .. نحن في الأردن السند الحقيقي للفلسطينيين، لأنّ ما يصيبهم سيصيبنا، نحن في خندق واحد للدفاع عن الأردن وفلسطين، ومن الواجب علينا دعم أي إنتفاضة فلسطينية قادمة، والطموح هو نحو ثورة شعبية تقتلع الإحتلال من جذوره، ثورة تحظى بتأييد كل العرب من خلال مختلف أشكال الدعم حتى تلاقي النجاح .

ولكن؛ كيف لنا يا سيدي أن نأخذ زمام المبادرة ونعمل على مواجهة هذه الحكومة اليمينية التي يبدو أنها سوف تتخذّ مسارات الهدف منها إستفزاز الأردن بالدرجة الأولى وبكل الوسائل المتاحة لها؟

جلالة الملك ؛ وأنت تدرك حجم التحديات القادمة من هذه الحكومة، والإجراءات التي تنوي القيام بها في مختلف أنحاء الضفة الغربية بما فيها القدس، يجدر بنا في الأردن مراجعة تلك السياسة التي ما زلنا نتبعها في التعاطي مع دولة الإحتلال، من خلال اتّخاذ المواقف الصلبة وغير المسبوقة والمختلفة عمّا سبق، هذا إذا ما أردنا المواجهة السياسية على أقلّ تقدير، فلا قدرة لنا على مواجهة عسكرية في ظلّ هذا الواقع العربي المزري .

يجب أن تتحوّل المواقف السياسية إلى حالة من الصلابة البعيدة عن المجاملات التي لا تنفع مع هذه الجوقة السياسية في دولة الإحتلال، وعلى السياسة الأردنية أن تتوقف عن ذكر بعض العبارات التي بتنا نمقتها ونكرهها وتشعرنا بالضعف مثل؛ تقويض حلّ الدولتين، والجلوس إلى طاولة المفاوضات، وغيرها من العبارات والجمل والمصطلحات والتي لا تجيد السياسة الأردنية غيرها.

سيدي .. نحن معك في أي موقف سياسي صارم في وجه هذه الحكومة، وأنت تدرك أيضا يا جلالة الملك بأنّ الحكومة الاردنية الحالية – مع الإحترام لكافة الوزراء فيها – لا تستطيع مواجهة حكومة اليمين المتطرّف، لأنّ حكوماتنا المختلفة عانت وتعاني ضعفا سياسيا واضحا، واعتادت على اتخاذ سياسات ناعمة، لن تفضي إلّا لمزيد من الغطرسة والتحدي.

إضافة لذلك ؛ فإن مجلس النواب الحالي لن يكون على مستوى وقدر المواجهة، وهذا يستدعي وجود مجلس مختلف يقوم بالتصدّي الحقيقي والوقوف خلفكم، إن إخترنا طريق المواجهة وأخذ زمام المبادرة للجم الحكومة الفاشية التي عبّرت عن نواياها مبكّرا تجاه كل من الأردن وفلسطين.

اليوم يا سيدي يقف الأردن في مواجهة حقيقية، ومعه الشعب الفلسطيني، فالعدوان الصهيوني يستهدف الشعبين معا، وهذا يحتّم علينا في الأردن دعم كل أساليب النضال الفلسطيني في الداخل وخاصة قوى المقاومة المسلّحة، لأنها السدّ المنيع لحماية الأردن أولا قبل حماية فلسطين، فهي الرادع الحقيقي لأيّ توجّه صهيوني نحو تحقيق أهدافهم في مؤامرة الوطن البديل وتهجير شعبنا الفلسطيني.

جلالة الملك .. نريد السياسة الأردنية بأنياب ومخالب، وغير ذلك لن يسمع أحد صوتا لنا، نريد أن نكون أقوياء في المواقف السياسية، نرغب بتغيير جذري في هذه السياسة التي خبرناها لسنوات ولم تجدي نفعا مع هؤلاء العنصريين الفاشيين . نريد وزيرا للخارجية يتحدّث بلسان كل الأردنيين والفلسطينيين، فالمرحلة باتت لا تحتمل لا المجاملة ولا المهادنة، وما علينا سوى انتظار القادم، وهو الأسوأ، فيما يتعلق بما سيجري في الضفة الغربية والقدس والمقدسات على وجه الخصوص، فالتحدّي الحقيقي قادم يا سيدي، وعلينا جميعا التنبّه لأخطار محدقة، وأعتقد بأننا أردنيون وفلسطينيون معا قادرون على المواجهة وإجهاض كل مخططاتهم .

لذلك يا جلالة الملك، اسمح لي التقدّم بجملة مقترحات استباقية، وهي اجتهاد ذاتي، فقد أصيب وقد أخطئ:

أولا: التأكيد الرسمي الأردني وبوضوح بأن الشعبين شعب واحد، وما يصيب الفلسطينيين هو موجّه ضد كل أردني، وأي استفزاز يجري في الضفة والقدس وكأنه استفزاز على الأرض الاردنية .

ثانيا: أعرف صعوبة قطع العلاقات، ولكن يمكن العمل على تخفيض مستوى البعثة الإسرائيلية في عمان إلى مستوى مستشار، وكذلك بالنسبة للبعثة الاردنية في تل أبيب.

ثالثا: التأكيد على حقّ المقاومة المسلحة في نضالها ضد الإحتلال، وتأكيد الوقوف معها من خلال موقف أردني واضح، لأنّ هذه المقاومة هي الجدار المانع في وجه أي أطماع صهيونية في الأردن.

رابعا: الإعلان الرسمي بعدم استقبال أي مسؤول من الحكومة اليمينية العنصرية .

خامسا: توجيه مجلس النواب بإصدار بيانات شديدة اللهجة بين الحين والآخر ضد هذا اليمين.

سادسا: تشكيل حكومة أردنية جديدة قادرة على المواجهة والتصدي والتحدّي، واختيار وزير للخارجية بمستوى الحدث لديه القدرة على نقل الموقف الأردني الجديد وبصورة تعكس سياسة أردنية صلبة.

سابعا: العمل على تفعيل سلاح المقاطعة للكيان الصهيوني ودعم كل جهود أردنية في هذا الإتّجاه، وعلى الرغم من وجود ما يسمّى إتفاقية سلام لم يلتزم بها الطرف الصهيوني، فسلاح المقاطعة بات ضروريا في هذه المرحلة.

ثامنا: وهذا هو الأهمّ ؛ العمل الفوري تجاه فتح الأبواب لاستقبال قادة فصائل المقاومة في الداخل الفلسطيني، فهي باتت تمثّل غالبية شرائح الشعب الفلسطيني ولا يمكن تجاوزها بأي حال.

ما سبق؛ هو الحدّ الأدنى من المواقف الأردنية التي يمكن إتّخاذها في ضوء تطوّرات الأحداث غربي النهر، فلا يمكن لنا أن نتعامل بعد اليوم وفق أسلوب ردّات الفعل وبيانات الإستنكار والتنديد فحسب.. ودمتم يا جلالة الملك.

كاتب من الاردن

 

سيرياهوم نيوز 4-راي اليوم

x

‎قد يُعجبك أيضاً

ماذا وراء سحب الإدارة الأمريكية مشروع قانون مناهضة التطبيع مع سورية؟.

    أحمد رفعت يوسف   بشكل مفاجئ، وغير متوقع، سحب الرئيس الأميركي جو بايدن، قانون “مناهضة التطبيع مع النظام السوري” من التداول، وجمد إجراءات ...