آخر الأخبار
الرئيسية » تحت المجهر » صرخات من تحت الأنقاض.. سنوات الزلازل والمجاعات.. ما الذي سبب الزلزال؟ هل هي نشاطات الصفائح التكتونية أم الدماء البريئة؟

صرخات من تحت الأنقاض.. سنوات الزلازل والمجاعات.. ما الذي سبب الزلزال؟ هل هي نشاطات الصفائح التكتونية أم الدماء البريئة؟

خالد شحام

حتى الان لم يستوعب أحد بالقدر الدقيق حجم وفداحة الكارثة التي وقعت في تركيا وسوريا والأرقام النهائية التي ستتضح تباعا هي التي ستحكي تلك الحقيقة، إن الصور المتولدة كل ساعة للضحايا تتحدث عن مآسٍ لا يمكن تجاوزها بسهولة ، الصورة التي ستبقى في ذاكرتنا و الأكثر هولا  والمشبعة بالموت والذعر هي صور البنايات التي تنهار في وضح النهار على من فيها  لتمنح الأحياء التذكرة القصوى وتعيد ايقاظ الانسانية التي تحجرت في هذه السنوات والأحداث التي تعصف بعالمنا البائس .

لا توجد في هذا العالم تجربة مفزعة ومروعة مثل تجربة معايشة الزلزال من الفئة العليا ( 7 ريختر فما فوق ) ليس لأن الأرض التي تعتبر اساس المرجعية والثبات تفقد هذه الخاصية بل لأن البشرية ستشعر بانه أحيط بها وسقطت قواها وفقدت كل اشكال السيطرة التي كانت تعتقد انها تتملكها ، إنها الضربة من القواعد التي تفتك بكل شيء وتضع البشرية في رعب الضعف والعجز والهلاك بكل صوره .

مع قراءتكم لهذه المقالة ربما سيكون عدد الضحايا في تركيا بدء بالاقتراب من العشرة آلاف وفي سوريا ربما يتجاوز الثلاثة آلاف  ومن الواضح أن نصيب الجنسية السورية من الوفيات سيكون هائلا ،  حتى مساء الأمس أقرت إدارة الكوارث والطوارىء التركية  بأن عدد المباني التي تهدمت بشكل كامل وصل الى ما يزيد عن ستة الاف بناية وضعف هذا العدد مرجح أن يكون مدمر جزئيا أو شبه كلي ، حسب هذه النقطة فقط فمعنى ذلك أننا أمام رقم مهول من أعداد الضحايا ، ربما سنتوقع أن يكون العدد  في مثل هذه الهزات من مرتبة العشرين ألفا وربما أكثر وبالنسبة للخسائر المادية والعجز الكبير في شبكات الخدمات من الكهرباء والماء والغاز وغيرها فنحن أمام شهور طويلة من المعاناة وقصورفي خدمة ألوف المشردين الذين هربوا وتدمرت بيوتهم .

في سوريا تأتي هذه الضربة الزلزالية على سوريا والشعب السوري في الوقت الذي تعاني فيه البلاد من حالة حطامية صمدت بصعوبة مع الحصار و التفتيت والتفكيك وانهيار اقتصادي ومعيشي شبه كامل ووسط بيئات عالمية مضطربة ومتوترة وعالية المخاطر ، المواطن السوري الذي يتعرض لحزمة العقوبات الأمريكية وسرقة نفطه واحتلال أرضه وحرمانه من  الدفء والوقود والغذاء وحقه الطبيعي في الحياة يتعرض الان لدورة جديدة من الشدة والعسرة التي خلفها الزلزال في المناطق الأشد تأثرا ويحتاج إلى تضافر هائل من الجهود والمساعدات الفورية التي يبدو أنها لا تشكل حرجا في المجتمع الدولي ولا تثير نخوة العرب بالقدر الصحيح والمطلوب .

في ظل المشهد المأساوي الذي فرضه الحدث الزلزالي تتداخل روح المؤامرة حتى في حدث هذا ، طبعا لا يمكن أن نخفي وقوفنا المطلق مع الشعب التركي المسلم وأي شعب يتعرض لهكذا فادحة ولكننا لا يمكن ان نغفل عن تسييس الحدث ونتغاضى عن توجيه الدعم اللامحدود لتركيا -اردوغان كمستحقات سياسية لمشاريعه غير السوية في المنطقة مقابل العزل والتهميش والحصار للجهمورية العربية ، من الواضح وكما هي العادة أن الكوارث الطبيعية الفادحة تستغل ويتم ركوبها لبلوغ وقطاف غايات سياسية تحت غطاء من الإحسان والمساعدات القشرية التي لا يمكن ان تشفع لمسيرة طويلة من السياسات التي كانت اشد فتكا من فعل الزلزال ،  لقد تسببت السياسات الأمريكية في توليد متتالية من العذاب والشقاء للمواطن السوري وإطالة امد الحرب في بلاده  ، يضاف اقترانا إلى هذه النقطة مستوى العدمية السياسية والتهميش التأثيري الذي يقدمه الحكم العربي في قالب الدولة العربية  والذي يتبين أنه عالم عبثي فاقد لأهلية أي شيء شعوبه منكوبة بحكامه المتواطئين الذين يمثل بعضهم كارثة  لا تختلف في تأثيرها عن زلزال كهرمان – ماريش ولكن بالشكل المغطى والتأثير المتدرج .

في منحى مواز بعيدا عن هالة العواطف المصاحبة للمعونات  فعلينا أن نتذكر بإن من يثير الاضطرابات في هذا العالم ويصنع الحروب والمآسي ويحاصر الشعوب ويقطع عنها مقومات الحياة ويساهم في إشعال النار شرقا وغربا هو الذي يتحمل بشكل مباشر أو غير مباشر هذه التبعيات الكارثية لمنتجات الزلازل  وأية كوارث طبيعية أخرى ، لو كانت سوريا بخير وفي حالها الطبيعي هل كنا سنرى هذه المشاهد المؤلمة  والقصور الهائل في الاستعداد والتجهيزات؟

ينسى الجميع أن شعوبنا العربية دفعت أثمانا فادحة من دمائها وأبنائها ولم يلتفت أحد إليها سوى في هامش المجاملات العالمية من حملات الدعم الملوثة وحملات التضامن المسيسة  وحملات إعادة الإعمار المخادعة وحملات المعونات التي ترافقها قوى التجسس و التي تضاف فوق سياسات القتل والتجويع لمنحها الرخصة المناسبة والدعاية المناسبة ، غزة التي قصفت بالصواريخ والفوسفور والعراق الذي تم احتلاله  وحرقه واليمن الذي تم هدم حضارته وتقتيل ابنائه  وتدميره ، وسوريا التي أشعلت فيها النار من كل طرف  وأوكرانيا التي أحرقت في أرضها مليارات الدولارات من اجل غايات وأجندات العمين  سام وهيرتزل  ، كل هذه الحروب المروعة أنفقت فيها ثروات  واستنزفت فيها طاقات وقدرات تماثل مليون ضعف من المساعدات التي تقدمها الولايات المتحدة والغرب  وتعلن عنها كحزمة مساعدات لتركيا وسوريا .

زلزال تركيا والألم الذي ولده ليس عذابا للضحايا ولا للشعب السوري والتركي وهو ليس بعيدا عن سلسلة متكاملة من المحن والأحداث الجسام التي يعبرها هذا العالم وتمثل ثمنا مطلقا يدفعه الجميع  منذ اندلعت فيه يد الشر والظلم الأكبر وفتكت بأفغانستان ثم العراق وأشعلت النار في فلسطين ولبنان وسوريا واليمن  ،  هذه الدماء التي سالت من سهول الشمال والجنوب ومن سهول فلسطين حتى الساعة لا يمكن أن تذهب هدرا ولا هباءا ، هذه الدماء وهذه الأرواح المهدورة والظلم الفادح الذي يغشى بلادنا ومعاناة ملايين البشر من الفقر والجوع والألم وامتهان كرامتهم  وسرقة حقوقهم وبلادهم وحياتهم ليس شيئا مجانيا ولا هو مسجل ضد المجهول ، لا يمكن ان يستقر هذا  الكون ما دامت العدالة غائبة وانتقائية ومفصلة حسب الطلب الأمريكي والصهيوني ،  لا يمكن الحصول على هذه العدالة بصرف بعض الدعم والمعونات لتركيا وسوريا التي نسيها الكل ويمنون عليها ببعض الفتات ، لا يمكن للأرض ان تستقر بإرسال 100 مليون دولار من المساعدات لمنكوبي الزلازل بينما يتم إرسال مليارات من السلاح والجحيم الى اوكرانيا  ودعم دولة الكيان لقتل وذبح أضعاف ما قتله الزلزال ، لا يمكن للعواصف العاتية أن تتوقف ما دام الدم الفلسطيني يسيل على أرض الاسراء التي يدنسها ارذل خلق الله ويسرقونها  ، لا يمكن لهذا الكون أن يهدأ خاطره ويمتنع عن الاضطراب ما دام القرآن يتعرض للحرق والرسول عليه السلام يتعرض للشتم والسخرية ، لايمكن للبحر أن يسكت  بل سيرسل جنده والتسونامي نحو جيوش الالحاد ومدن المثلية العاصية التي تمردت على الله ، لا يمكن لهذا العالم أن يستقر وللزلازل أن تتوقف ما لم يتوقف هذا الهدر المفرط وهذا الظلم الفادح والتزييف ، لا يمكن لهذه الطبيعة ان تهدأ ما دام هنالك مجرمين من أمثال نتانياهو وعصابته وبعض الوجوه العربية والعالمية تعتلي سدة النفوذ والقرار ، هنالك أخطاء وخطايا وآثام هائلة  جاثمة على صدر العالم والعرب و تتمثل في وجوه وقرارات وسياسات عربية متواطئة مع الجريمة الكبرى التي ترتكبها الولايات المعصية الامريكية والصهيونية العالمية ولن يتزن الكون إلا بمحق وإزالة هذه الوجوه القبيحة التي تستفز الموج والصخر والهواء بأمر من الهٍ عادلٍ عظيم ، هذه هي المبررات الفلسفية التي تحرك الصفائح التكتونية المتهمة بإحداث الزلزال .

في بعض الظن تبدو الزلازل  والكوارث الطبيعية أمريكية في ضرباتها  وانتقائيتها لكن ذلك ظن الخاطئين فهي جند من جنود الله إنما يغوي به الظالمين ويتركهم في علوهم وضلالهم يعمهون .

عندما تقع الكوارث على الضحايا نتحول جميعا إلى متهمين في قفص الإتهام ومطالبين بإثبات إنتمائنا لهويتنا العروبية والإسلامية التي يمكنها أن تنقذ كل المواقف لوطبقت بحق ،  هل ستنجح الكوارث الطبيعية في دفع هذه العالم إلى ايقاف الكوارث البشرية التي يخلقها البشر لبعضهم البعض ؟ هل سيتمكن الزلزال من خلق الرحمة والتعاطف التي فشلت البشرية في خلقها بين بعضها البعض ؟

بمعية جهود الانقاذ والإغاثة المطلوبة على وجه السرعة لسوريا وتركيا  في سباق مع الزمن لإنقاذ من يتربص بهم الموت تحت الأنقاض من الجراح والبرد والجوع والعطش هنالك مراجعات عاجلة مطلوبة على وجه السرعة  لكل السياسات العالمية التي ولدت مصائب وكوارث أعتى بألف مرة من كل الزلازل من كل هذا العالم وخاصة من أولئك  الذين يدعون تقديم المساعدة للمنكوبين وهم في نفس الوقت اساس البلاء المقيم في هذا الكوكب .

إن ما يجري للشعب السوري لتدمع له العين  وينفطر له القلب لكن بعض الوقائع على هشاشتها تقول بأن سوريا كان مخططا لها ذات المصير الذي تم إقراره للعراق بل أشد بؤسا ، لقد نجت سوريا على الرغم من القتل والدمار والجنون الذي اجتاحها وصمدت ضد هذا التقسيم والمصير الدموي الذي تريده الصهيونية الأمريكية ، سوريا التي صمدت حيال أكبر موجة عاتية من الخراب والقتل والاقتتال ستنجو وتقف على قدميها من جديد ولن يكون الزلزال إلا باعثا لدماء جديدة وحياة جديدة ومرحلة جديدة من عمر سوريا .

اللهم ارحم ضعفنا واجبر كسرنا وآمن روعاتنا ونجنا من القوم الظالمين ، اللهم إنا نسألك اللطف والغوث لشعب سوريا ولشعب تركيا وكل شعوب العالم المظلومة ، إنك قريب مجيب الدعاء .

كاتب عربي

 

سيرياهوم نيوز 4_راي اليوم

 

x

‎قد يُعجبك أيضاً

“ماذا تفعل إذا قمعونا؟”.. سؤال الإعتصامات الطلابية في أمريكا

وضعت اللجان المنظمة للاعتصامات في الجامعات الأمريكية ما وصفتهم مصادر “رأي اليوم” في واشنطن بخطة الاتجاه الموازي في حال تمكن سلطات الشرطة وإدارات الجامعات من ...