الرئيسية » تحت المجهر » من فردريك هوف إلى عاموس هوكشتين: الثروات البحرية والخيانة

من فردريك هوف إلى عاموس هوكشتين: الثروات البحرية والخيانة

| علي عباس حمية

فريدريك سي هوف متابع ملفات الشرق الأوسط، وبالأخص الصراع العربي الصهيوني. وصل إلى منصب ضابط منطقة خارجية في الشرق الأوسط بالقوات العسكرية الأميركية، وحاصل على درجة الماجستير من كلية الدراسات العليا البحرية، وهو يجيد اللغة العربية. عمل ملحقاً للجيش الأميركي في بيروت، ولاحقاً في مكتب وزير الدفاع مديراً للأردن ولبنان وسوريا والشؤون الفلسطينية. لمع نجم هوف في عام 2001 مديراً للعمليات الميدانية في القدس للجنة شرم الشيخ لتقصّي الحقائق برئاسة زعيم الأغلبية السابق في مجلس الشيوخ الأميركي حينها السيد جورج ميتشل. وبصفته ضابطاً في الجيش الأميركي، كان هو المسؤول الرئيسي عن صياغة تقرير اللجنة لعام 2001 المتعلق بانفجار بيروت في تشرين الأول عام 1983 لمقر قيادة البحرية الأميركية. لقد شاعت الشبهة على أنه صديق مقرّب من الرئيس فؤاد السنيورة، ولربما دون علم الرئيس رفيق الحريري، وكان ملف النفط مع بداية 2004 يطفو بشكل جدّي على السطح، حيث كان السيد هوف متابعاً جيّداً لموضوع ملفات البحار والنفط والغاز في منطقتنا. وما بين تمرير موضوع الملف البحري والنقطة الرقم واحد 1 بيعت حدودنا البحرية الاقتصادية من قبل السنيورة ومبعوثه المهندس عبد الحفيظ القيسي ولجنته، وإهداؤها للعدو الصهيوني على طبقٍ من فضة. وما بين هذه وتلك، اغتيل الرئيس الشهيد رفيق الحريري لتمرير المؤامرات كافة علينا، وجعل لبنان يتآكل داخلياً، وإلهائه بالحدث الجلل لتمرير عملية بيع الحدود البحرية والثروات.

عن قصد وبعلم، أو عن غير قصد ودون علم، وفي الحالتين، اغتيلت حدود لبنان وثرواته ورئيس وزرائه والوطن بكامله. ثم، وبسحر ساحر، ظهر فردريك هوف مجدداً ليكون صاحب نظرية الخط الرقم 2 في بحر لبنان، لنكتشف الآن أنه، بعد رسم خط هوف، عيّن زميلاً بارزاً في مركز «رفيق الحريري للشرق الأوسط» التابع للمجلس الأطلسي، ومتخصصاً في شأن سوريا، وداعماً لما يسمّى الثورة والربيع العربي لتدمير سوريا. وكان قد كوفئ، لربما من قبل السنيورة، لشغل منصب مدير المركز من 2016 إلى 2018 بعدما كان زميلاً أوّل مقيماً من 2012 إلى 2015.

بعدما أحكم هوف قبضته على حدود لبنان البحرية بخطه المشؤوم، وبالتزامن مع ما سبق من معلومات أعلاه، انتقل في 28 آذار 2012 ليمنحه الرئيس الأميركي باراك أوباما رتبة سفير في ما يتعلّق بمهامه الجديدة مستشاراً خاصاً لعملية انتقال الحكم في سوريا، وكان هوف قد شغل سابقاً منصب المنسّق الخاص للشؤون الإقليمية في مكتب المبعوث الخاص بوزارة الخارجية الأميركية للسلام في الشرق الأوسط، وبالأخص مواضيع التطبيع وقضايا السلام العربية الإسرائيلية التي تقع ضمن اختصاصه، والتركيز على انهيار سوريا، ومسائل متعلقة بالعدو الإسرئيلي ولبنان.
نام لبنان، مجبراً، منشغلاً بحروب الإرهاب عليه وعلى سوريا، ومهدّداً، لمدة عشر سنوات، عن المطالبة بحقوقه، إلى أن أتى وقت حصاد الحقول الغازية والنفطية في بحر فلسطين، ليأتي المبعوثون الأميركيون تباعاً بصفات متعددة. حيث كانت تسميهم الإدارة الأميركية بالمفاوضين، وليس بالوسطاء، ونحن نائمون في لبنان لا نميّز بين المفاوض والوسيط، وبشكل غير تتابعي؛ السيد ديفيد ساترفيلد، السيد جيفري فيلتمان، السيد ديفيد شينكر، وأخيراً السيد عاموس هوكستين، كما يحب أن ينادى وليس هوكشتين. منهم من أرسلته حكومته لشراء حدود لبنان البحرية، ومنهم من أرسلته لدفع أموال طائلة للتضليل الإعلامي وتشويه صورة المقاومة، ومنهم من أتى بحجة تحرير الشعوب وحقوق الإنسان، ومنهم من كانت مهمّته التهديد والوعيد ومحاصرة لبنان من خلال ثورته المزعومة وعبر زيادة أعداد الفاسدين وحصار اللبنانيين عبر سرقة البنك المركزي وجمعية المصارف أموالهم.
كل هؤلاء المفاوضين، أو الوسطاء، أو المندوبين الساميين الأميركيين، كانوا لا يعلمون ما يتوجّب فعله إلا عبر أدواتهم الصغار في لبنان، أصحاب بيع وشراء الذمم والأوطان. أمّا الأخير، السيد عاموس، فإن الحكومة الأميركية أرسلته متعمّدة إلينا لتحقيرنا واستصغارنا وهي تعلم بأنه جندي صهيوني دنّس أرض لبنان ضمن قوات الاحتلال، فاستجلبته إليها، كما فعلت مع مارتن أنديك، وعيّنته كبير مستشاري أمن الطاقة ليأتي إلى لبنان متسلّطاً ويجتمع مع السلطات الزئبقية المتفلتة والمتناحرة بواقع الفدرلة الطائفية غير المعلنة. أتى إلينا كبول بريمر، مندوباً سامياً متسلطاً، جامعاً أدواته من مجتمعنا ليفرحوا ويأخذوا معه الصور التذكارية خائفين بمعظمهم على أنفسهم من العقوبات الشخصية التي لربما بشحطة قلم مكسور من عاموس تسلب أموالهم التي من الممكن أن يكونوا قد سلبوها بفسادهم من الشعب اللبناني. وقد حاول الأميركي تقطيع الوقت عبر الوعود الكاذبة باستجرار الغاز من مصر والكهرباء من الأردن وكسر «قانون قيصر» وفك الحصار استثنائياً عن سوريا والمساعدة عبر صندوق النقد أو البنك الدولي. كل ذلك كان شراءً للوقت، وكانت المقاومة تنتظر تحرّك المفاوض اللبناني ليكون قويّاً وتقوم بدعمه ومساندته مباشرة عبر خطابات الأمين العام السيد حسن نصر الله، وعبر إرسال المسيّرات والوقفات التضامنية، ولكن هل هناك من دولة قويّة أو مفاوض عنده الشجاعة ليقول كلمة حق من أجل لبنان غير محور المقاومة.
المقاومة تقول وتثبت دائماً أنها ليست بديلاً من الدولة، لكنها تكون حيث يجب أن تكون، وبالأخص حين تختفي الدولة تأتي المقاومة لتسدّ الفراغ وتقوم بالتضحيات من أجل سيادة الوطن، ابتداءً من أوّل حبة تراب على الحدود وأوّل قطرة ماء في البحر. إلا أن معظم الأدوات المريونات الدمى في لبنان لا يجيدون إلا الضعف والأكل والشرب كما الغربان في أقفاصها. إن أدوات أميركا في لبنان جلّ اهتمامهم كيفية العمل على نزع الكرامة الوطنية التي لا يمتلكونها وقد باعوا ما تبقى منها بمطالبتهم بنزع سلاح المقاومة مع تلك الانتخابات الماضية حتى يحصلوا على مكافأة مالية في سوق بيع الكرامات للأميركي أو الحصول على علامة جيدة في ملفهم عبر وضع نجمة سداسية على جباههم تجنّبهم العقوبات الشخصية.
لبنان سينتصر في نيل حقوقه كما فعل دائماً عبر المقاومة، من 1982 إلى زمن المسيّرات إلى وقفة الناقورة بعنوان «ثرواتنا خط أحمر». بعدما حوصرنا، وبعد محاولة تجويعنا من قبل الحلف الأميركي التطبيعي، أصبح لبنان ضعيفاً باستراتيجيته الاقتصادية المتمثّلة في المقدرات، لكنه قوي، وقوي جداً، باستراتيجيته الدفاعية المتمثّلة في قدراته العسكرية في سلاح المقاومة.
سيرياهوم نيوز3 – الأخبار
x

‎قد يُعجبك أيضاً

حلفاء كييف يستعدون للأسوأ: «التنازل» عن الأراضي حتمي؟

ريم هاني       لم يعلن أي من الرئيسين، الأميركي المنتخب دونالد ترامب، أو الروسي فلاديمير بوتين، عن شروطهما التفصيلية لإنهاء الحرب في أوكرانيا ...