آخر الأخبار
الرئيسية » إقتصاد و صناعة » شتان بين التنمية المأمولة والتنمية المعمولة.. !! *عوائق كثيرة تقف أمام تحقيق نمو إنتاج زراعي”حيواني ونباتي” يتناسب مع حاجة النمو السكاني ..والخوف من التردي المتتابع

شتان بين التنمية المأمولة والتنمية المعمولة.. !! *عوائق كثيرة تقف أمام تحقيق نمو إنتاج زراعي”حيواني ونباتي” يتناسب مع حاجة النمو السكاني ..والخوف من التردي المتتابع

 

عبد اللطيف عباس شعبان

 

 

 

درجت حكومات العقود الماضية عل إعداد خطط خمسية تهدف لتحقيق تنمية عامة شاملة، ومبيَّن فيها النسبة المخططة، التي يجب العمل لتحقيقها عن كل عام من سنوات الخطة، وبعد غياب الخطط الخمسية من المفترض أن تكون الحكومات معنية بالإعداد لخطة سنوية عن كل عام، تتضمن تحقيق تنمية شاملة في جميع القطاعات وجميع المجالات وأن تكون الوزارات هي الجهات المنفذة لتحقيق هذه الخطة، و جميع الإدارات معنية بتحقيقها

 

الملفت للانتباه أن واقع الحال غير مقارب لذلك في أكثر من قطاع وأكثر من مجال، إذ ما من خطة معلنة، وكثير من القطاعات تفتقد لأي تنمية، بل التراجع والتدني هو السائد في كثير منها منذ سنوات متتابعة، ففي ميدان الثروة الحيوانية يتضح بشكل جلي التدهور السريع في أعداد أنواعها بما في ذلك الحمير التي أصبح سعر أحدها بالملايين، والحال نفسها في تربية الدواجن بسبب ارتفاع تكاليف التربية، نتيجة غلاء العلف وندرة توفره وغلاء الطبابة والأدوية البيطرية وسوء بعضها بأثره السلبي أوضعف جدواه، وإغراء المربي لبيع مواشيه بسعر مرتفع، وعدم قدرته على الشراء ثانية بسبب التزايد المتتابع في الأسعار، فعدم نمو منتجات الثروة الحيوانية من لحوم وحليب وبيض بما يتناسب مع حاجة النمو السكاني أدى لتزايد متتابع وسريع في أسعارها بما يرهق المستهلك، وفي كثير من الأحيان يتبين أن هذه الأسعار تكاد لا تغطي نفقات المنتج، ما أوقع الكثير من المنتجين في خسائر كبيرة دفعتهم باتجاه العزوف عن التربية، فالبقر الحلوب أصبح بالآحاد في كثير من القرى بدلا من مئات منها قبل سنوات، وتربية حظائر الدواجن تتناقص أعدادها من موسم لآخر، والأسعار في تزايد والخوف من انقراض هذه التربية حال استمر الحال على ما هو عليه، ولا غرابة في ذلك، فقد انقرضت تربية دودة الحرير التي كان العشرات يربونها في كل قرية.

 

أيضا عوائق كثيرة تقف أمام تحقيق نمو إنتاج زراعي يتناسب مع حاجة النمو السكاني، نتيجة ضعف كميات السماد العضوي الذي أصبح قليل الوجود بسبب تردي أعداد الثروة الحيوانية وتربية الدواجن، والسماد الكيماوي لا يتوفر في ضوء الحاجة وأسعاره الرسمية عالية جدا وفي تزايد وتتضاعف في السوق السوداء، والحال نفسها بالنسبة للمحروقات الزراعية، ولكثير من أنواع البذور والشتول والأدوية الزراعية – ومجددا عبوات تسويق الإنتاج – وخاصة لمستلزمات الزراعة المحمية، ورغم شكاوى المستهلكين من الارتفاع الكبير المتتالي في أسعار المنتجات الزراعية، إلا أن واقع الحال يظهر أن المزارع يشكو أيضا، فكثير من هذه الأسعار لا يغطي نفقات الإنتاج، ما يجعل عائده الإنتاجي قليل وأحيانا خاسر، وتحديدا عندما لا يتم التصدير لبعض منتجاته تحت حجة وأخرى ، وكثيرا ما يتألم المنتجون من الفارق الكبير الذي يجدونه بين السعر الذي يحصلون عليه والسعر الذي يدفعه المستهلك، ما يدفع الكثير من المنتجين باتجاه العزوف عن الإنتاج، والمؤسف وجود هكذا حالات في قطاعات إنتاجية أخرى.

 

واقع الحال يستوجب العلاج من خلال الدور الميداني المستوجب على الجهات الرسمية المعنية، تنفيذا لحضورها المزعوم عند اللزوم ،والذي وجوده قليل بل ونادر حتى في تسويق الإنتاج لمنتجات هامة كالحمضيات والزراعات المحمية والبطاطا والشوندر السكري ومنتجات الزراعات المحمية، وقصورها الأخير الملحوظ في تسويق إنتاج الذرة الصفراء رغم الوعود بتجهيز المجففات له والخوف الكبير من معالم قصورها الملحوظ في تسويق القمح، بدليل نقص توفيرها لكميات السماد اللازمة لزراعته، ونقص سعر تسويقها الموسمي له قياسا بالكلفة وسعر السوق، والمؤسف أن ضعف حضور السلطات المعنية في كل ذلك لا يعود فقط لعجزها الذي تحتج به بل لضعف – وربما لعدم – تخطيطها السليم الهادف، بحجة أن القطاع الخاص يغطي ذلك..

 

والواقع أثبت أنه من الخطأ الكبير التعويل على القطاع الخاص في كثير من الأمور وتحديدا في الشأن الاقتصادي العام فالقطاع الخاص همه الربح وفقط أيا كانت أبواب الحصول عليه، وهو يأكل بعضه بعضا، ما يجعل الحاجة ماسة جدا لأن تستجمع الجهات الرسمية المعنية قواها، وتعود لدورها المعهود كدولة أبوية، وعلى المجتمع الأهلي – بنوعيه كمنظمات رسمية وأهلية وفعاليات فردية – أن يكون له حضوره الاقتصادي الوطني المدروس والفاعل، وأن يكون كل منتج ومستهلك معني بتدبير شؤونه بنفسه ما استطاع ذلك، وإلا فالعاقبة وخيمة، فإن تكن الشكوى الآن من الارتفاع المتزايد في أسعار العديد من المواد، فقد تكون الطامة المستقبلية من ألا يتوفر بعضها إلا بكميات قليلة وأسعار عالية جدا لا يستطيع شراؤها إلا …….. وربما قد لا يتوفر بعضها كلية، فالتردي المتتابع لقطاعي الثروة الحيوانية والزراعة ( قلة إنتاج وزيادة أسعار ) يوحي بذلك.

*عبد اللطيف عباس شعبان / عضو جمعية العلوم الاقتصادية السورية

 

(خاص لموقع سيرياهوم نيوز)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

السبت القادم… ورشة عمل حول واقع سوق التمويل للمشروعات متناهية الصغر والصغيرة وآفاق تطويرها

يقيم مصرف سورية المركزي بالتعاون مع وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية، ورشة عمل حول واقع سوق التمويل للمشروعات متناهية الصغر والصغيرة وآفاق تطويرها بعنوان: “نحو إطار تمويلي ...