نزار نمر
أُعلن يوم الجمعة الماضي عن ولادة تجمّع صحافي عربي يرمي إلى ممارسة الضغط من أجل محاسبة إسرائيل في الأروقة القضائية الدولية، وتحريك دعوى رُفعت ضدها في عام 2022 أمام المحكمة الجنائية الدولية بسبب استهدافها المتعمّد للمرافق الإعلامية والصحافيّين من بينهم شيرين أبو عاقلة. تجمّع وضع لنفسه أهدافاً عدة على رأسها إيصال السردية الفلسطينية إلى كل مكان في العالم، وخصوصاً بعدما أثبتت الكلمة أنّها ذراع مقاوَمة أساسيّة في معركة الرأي العام وكسب الأصوات المناصرة للقضية العربية الأولى
في خطوة ترمي إلى محاسبة الكيان الصهيوني على جرائم الاستهداف المتعمّد للصحافيّين والمرافق الإعلامية، أعلِن يوم الجمعة الماضي عن تجمّع «صحافيّون من أجل فلسطين»، في مؤتمر أقيم في مبنى «جريدة السفير» في منطقة «الحمرا» برعاية وزير الإعلام اللبناني في حكومة تصريف الأعمال زياد المكاري. التجمّع الذي ترافق مع حملة جمع تواقيع للصحافيّين في لبنان والعالم العربي، يهدف إلى «الضغط من أجل تحريك القضية المرفوعة أمام المحكمة الجنائية الدولية منذ نيسان (أبريل) 2022، المقدَّمة من «نقابة الصحافيّين الفلسطينيّين» و«الاتّحاد الدولي للصحافيّين» و«المركز الدولي للعدالة للفلسطينيّين» وفقاً لما جاء في نصّ الدعوة.
أحمد قدورة ــ السويد/ فلسطين
جاءت الخطوة بعدما أرادت مجموعة من الصحافيّين القيام بدور فعّال إزاء العدوان على غزّة وتأثيره الكبير على الجسم الصحافي، بدلاً من التفرّج والتغطية فقط، ولا سيّما بعد ازدياد وتيرة قتل الصحافيّين واستشهاد 130 منهم منذ 7 تشرين الأوّل (أكتوبر) 2023 فقط حتّى لحظة كتابة هذه السطور، في محاولة من الاحتلال إسكاتهم وإخفاء جرائمه. فالتغطية الصحافية على أهميتها لا تضمن الحماية، بل إنّ أهمّية نقل الأخبار وفضح همجية العدوّ تفرض حماية الصحافيّين بهدف ضمان استمرار التغطية التي تؤرّق العدو. كان هدف المجموعة الأساسي إقامة عريضة لطرد كيان الاحتلال من «الاتّحاد الدولي للصحافيّين»، وقد أجرت لقاءات عدّة بما في ذلك مع ممثّل الاتّحاد علي يوسف. عندها، تبيّن لها أنّ الكيان ليس عضواً، فاستعيض عنه بقرار الضغط من أجل تحريك الدعوى في «الجنائية الدولية». وأدان الاتّحاد أخيراً اعتداءات الاحتلال بحقّ الصحافيّين التي رأى أنّها «تتعارض مع القانون الدولي وحقوق الإنسان»، كما دعا المنظّمات الدولية ومنظّمات حقوق الإنسان كافّة و«الأمم المتّحدة» إلى إدانة «هذه الجرائم غير المبرَّرة واتّخاذ ما يلزم لحماية الصحافيّين الفلسطينيّين والشعب الفلسطيني الأعزل».
إلى جانب وزير الإعلام زياد المكاري، حضر المؤتمر مدير المكتب الإعلامي في سفارة دولة فلسطين في لبنان وسام أبو زيد ممثّلاً السفير أشرف دبّور، ونقيب المحرِّرين اللبنانيّين جوزيف القصيفي، وعضو اللجنة التنفيذية لـ«الاتّحاد الدولي للصحافيّين» علي يوسف، ونقيب الصحافيّين الفلسطينيّين ناصر أبو بكر عبر «زووم»، وعضو تجمّع «صحافيّون من أجل فلسطين» الأكاديمية والباحثة الدكتورة حياة الحريري، وعدد من الإعلاميّين والصحافيّين الفلسطينيّين واللبنانيّين والمؤيّدين للقضية الفلسطينية.
افتتحت الزميلة فاتن حموي المشارِكة في إطلاق التجمّع بعرض نقاط ثلاث استندت إليها فكرة إطلاقه، هي: دعم اللقاء والتضامن بين الصحافيّين المؤيّدين للقضية الفلسطينية أينما وُجدوا، وتشكيل نواة ضغط بهدف دعم المسارات الداعمة لحرّية الشعب الفلسطيني وحقّه بأرضه، ودعم الرواية الفلسطينية لمواجهة الرواية الإسرائيلية. وشدّدت حموي على «وجوب المباشرة بالخطوات الفعلية وعدم الاكتفاء بالنداء وإرسال الشعارات والخطابات، فمشكلتنا في العالم العربي أنّنا نتكلّم ولا ننفّذ، لذا علينا الاستماع جيّداً لنتكلّم عن القضية بما يخدمها». كما أوضحت أنّ لا شروط للانتساب، بل إنّ كلّ صحافي مؤيّد للقضية الفلسطينية هو عضو في «صحافيّون من أجل فلسطين» تلقائيّاً.
أمّا وزير الإعلام زياد المكاري، فقال في كلمته إنّ «الصحافيين اليوم، لا يموتون عن طريق الخطأ أو بأضرار جانبية، بل عن سابق إصرار وترصد، والصحافيون في فلسطين وكذلك شهداؤنا الثلاثة في لبنان تم اغتيالهم، فقد رصدوا من دون حماية وعدالة مدنية في ظل صمت مريب من منظمات دولية، رغم الإشارات التي حملتها دروعهم وخوذاتهم وسياراتهم. إنّها استراتيجية الجيش الإسرائيلي من ضمن خططه لإسكات صوت الحقيقة»، منتقداً صمت المنظّمات الدولية. وأضاء المكاري على فكرة أنّها «المرّة الأولى التي نرى فيها الإسرائيليّين خاسرين في معركتهم الإعلامية بفضل جهودكم وكلماتكم وعدساتكم وتضحياتكم»، مضيفاً أنّ «ما نريده من إنشاء هذا التجمّع أن يكون خطوةً حقيقيةً للسير قدماً نحو إنجازات لتغيير المعادلة، وخير دليل على ذلك أنّ الصورة التي كانت تبثّ للعالم من غزّة ومن جنوب لبنان قد رصدت أحداثاً حقيقية ومهمّة وغيّرت في المعادلة، شاء من شاء وأبى من أبى».
سيرياهوم نيوز1-الاخبار اللبنانية