آخر الأخبار
الرئيسية » تربية وتعليم وإعلام » CNN «جندي» في ترسانة الحرب الصهيونية

CNN «جندي» في ترسانة الحرب الصهيونية

نزار نمر

 

منذ اندلاع عملية «طوفان الأقصى» في السابع من تشرين الأول (أكتوبر) 2023، كان واضحاً تموضع الإعلام الغربي وإستراتيجيته في مقاربة الحدث: وصف عملية المقاومة بالإرهابية، والتركيز على «معاناة» الإسرائيليين، وتغييب الصوت الفلسطيني ونزع الصراع عن سياقه التاريخي. أخيراً، تعالت أصوات من داخل القناة الأميركية احتجاجاً على تعاطيها مع الحرب

رغم صفحتها غير الناصعة تماماً في ما يخصّ موقفها من الصهيونية، تحاول صحيفة «ذا غارديان» البريطانية في الأشهر الأخيرة الوقوف على «الحياد»، مع انتقاد واضح على صفحاتها للكيان الصهيوني، وخصوصاً أنّ سياستها التحريرية لا تتأثّر بمصالح مالكي أسهمها. هكذا، نشرت الصحيفة أخيراً تقريراً فنّدت فيه سبب انحياز قناة CNN الأميركية إلى مصلحة كيان الاحتلال وترويجها لسرديّته، فأكّدت المؤكَّد، هو أنّ الأخبار البعيدة كلّ البعد عن الموضوعية والمعايير المهنية ليست مصادفة، بل «جهد مدروس يُوجَّه من رأس إدارة الشبكة الأميركية». «تواجه CNN انتقادات من موظّفيها بسبب السياسات التحريرية التي يقولون إنّها أدّت إلى نشر الدعاية الإسرائيلية وحجب وجهات نظر الفلسطينيّين في تغطية الشبكة للحرب في غزّة». هكذا يبدأ تقرير (ممتدّ على 16 صفحة) أعدّه الصحافي كريس ماكغريل الذي استند إلى ستّة مصادر داخلية من أقسام إخبارية مختلفة في الشبكة الأميركية، إضافة إلى عدد من المذكّرات الداخلية والرسائل الإلكترونية. يضيف التقرير بأنّ «قرارات الأخبار اليومية تُتّخذ بتوجيهات من مقرّ CNN في أتلانتا حيث وُضعت معايير ضيّقة بشأن التغطية، تشمل قيوداً صارمة على الاقتباس من «حماس»، وتقديم منظورات فلسطينية أخرى، بينما تُؤخذ تصريحات الحكومة الإسرائيلية كما هي». وتضيف «ذا غارديان» بأنّ كلّ خبر حول «الصراع» يمرّ بمصفاة مكتب الشبكة في القدس قبل البثّ أو النشر.

 

يقول موظّفو CNN لمعدّ التقرير إنّ تحيّز الشبكة أدّى، ولا سيّما في الأسابيع الأولى من الحرب، إلى التركيز بشكل أكبر على «معاناة» المستوطنين والرواية الإسرائيلية للحرب حول مطاردة «حماس» وأنفاقها، في مقابل تغطية على الجانب الآخر بالكاد تأتي على ذكر عدد الشهداء من المدنيّين الفلسطينيّين وحجم الدمار في غزّة. وتضيف مصادر ماكغريل بأنّ اللهجة المعتمدة في التغطية يحدّدها رئيس التحرير الجديد والرئيس التنفيذي للشبكة مارك تومسون، الذي يقول موظّفون في الشبكة إنّهم يتذكرون سجلّه في منصبه السابق بين العامَين 2004 و2012 على رأس شبكة BBC البريطانية. إذ اتُّهم بالخضوع لضغوط الحكومة الإسرائيلية في مناسبات عدّة، بما في ذلك سحب إحدى أهمّ مراسلات الشبكة، أورلا جويرين، من القدس المحتلة في عام 2005. وتغطّي جويرين منذ ذلك الحين نزاعات مختلفة في أنحاء العالم، لكنها نادراً ما تطلّ من القدس. كما شغل تومسون منصب الرئيس التنفيذي لصحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية بين عامَي 2012 و2020، ولا حاجة إلى التذكير بانحياز الصحيفة في الغالب إلى الصهاينة وروايتهم. وكشف ماكغريل عن مذكّرة داخلية تحت عنوان «تعليمات من مارك»، يتوجّه فيها تومسون إلى موظّفيه بالقول «بينما ستغطّي CNN العواقب الإنسانية للهجوم الإسرائيلي والسياق التاريخي للحدث، يجب أن نواصل دائماً تذكير جمهورنا بالسبب المباشر للصراع الحالي، وهو هجوم «حماس» وجرائم القتل واختطاف المدنيين».

 

هي إذاً حلقة جديدة من مسلسل تجنيد غالبية الإعلام الغربي بترسانة الحرب الإعلامية والنفسية الصهيونية، بدأت تتكشّف فيها حقيقة الأخبار المنحازة إلى مصلحة كيان الاحتلال، وتُفضح وسائل إعلام معروفة أساساً بنشرها بروباغندا الدولة العميقة في الولايات المتّحدة الأميركية، كما معروف نفوذ «وكالة الاستخبارات المركزية» (CIA) في كثير منها، وقد خسر صحافيّون أمثال أودو أولفكوت وغيره حياتهم وهم يحاولون إبراز حقيقته إلى الناس. هذا ولم نتكلّم عن نفوذ اللوبيات الصهيونية، إضافة إلى المصالح الاستعمارية التي تحتّم دعم كيان الاحتلال في سرديّته وحربه الإعلامية. فكما قال المناضل مالكوم أكس ذات يوم: «إذا لم تكن حريصاً، ستجعلك وسائل الإعلام تكره مَن يتعرّضون للقمع وتحبّ مَن يقومون بالقمع».

 

تحيّز منهجي مدروس

وفقاً لتقرير الصحافي كريس ماكغريل، أكّدت مجموعة من موظفي «سي أن أن» أخيراً أنّ الشبكة الأميركية تمارس «تحيّزاً منهجياً ومؤسسياً» إلى مصلحة إسرائيل في تغطيتها للعدوان الصهيوني على غزّة. ويشير هؤلاء إلى أنّ التقارير الإخبارية تميل إلى الكيان الصهيوني فيما تكرّر الدعاية الإسرائيلية من دون تشكيك، وغالباً ما تُسكت وجهات النظر الفلسطينية أو تهمّشها. وانتقد الموظّفون العملية التحريرية، مشيرين إلى أنّها تتطلب مسحاً سريعاً لبيانات الحكومة الإسرائيلية بينما تخضع البيانات الفلسطينية لتدقيق أكثر صرامة. ورغم تشكيك الإدارة في هذه الادعاءات وتشديدها على أنّ محتواها شمل وجهة نظر «حماس» فيما «سعت إلى الوصول إلى غزة بشكل أكبر وتظل ملتزمة بتغطية جميع جوانب القصة»، إلا أنّ استياء الموظفين من أداء CNN في تغطية العدوان أثار جدلاً واسعاً حول السياسات التحريرية وتعاملها مع القضية الفلسطينية عموماً.

ومن بين الأمثلة التي أتى على ذكرها الموظفون، مراجعة مكتب القدس كل قصة تبثها الشبكة مباشرة على الشاشة أو عبر موقعها الإلكتروني عن حرب الإبادة الإسرائيلية على غزّة. علماً أنّ موقع «ذا إنترسبت» ذكر أنّ مكتب القدس يخضع للقواعد نفسها التي تتبعها وحدة الرقابة العسكرية التابعة لقوات الاحتلال التي تحدّد مواضيع محظورة على المؤسسات الإخبارية وتتضمن معلومات حول الرهائن والأسلحة التي استولى عليها المقاتلون في غزة. ورغم أنّ هذه القواعد دائماً ما وجّهت تغطية CNN بموجب سياسة طويلة الأمد في الشبكة المملوكة لشركة «وورنر بروز ديسكوفري»، إلا أنّها أرخت بظلالها خصوصاً على تغطية «سي أن أن» منذ عملية «طوفان الأقصى»، على حدّ تعبير أحد الموظّفين الذي رفض الإفصاح عن هويته. وتابع: «في نهاية المطاف، فإنّ تغطية CNN للعدوان الإسرائيلي على غزة ترقى إلى مستوى سوء الممارسة الصحافية». على خطٍ موازٍ، قال موظفون آخرون إنّه رغم خبرتهم في تغطية المواضيع المرتبطة بإسرائيل وفلسطين، تجنّب بعض الصحافيين الإبلاغ عن الأحداث الجارية في الضفة الغربية لاعتقادهم أنّ الشبكة لن تسمح لهم برواية القصة كاملة.

وأفادت الـ «غارديان» بأنّ مراسلين إضافيين يعتقدون أنّ كبار المحررين يتعمّدون عدم تخصيص قصص الموظفين عن الحرب. في أوّل اجتماع تحرير له بعد أيام قليلة من هجوم «حماس»، قال الرئيس التنفيذي للشبكة مارك تومسون إنّ تغطية «سي إن إن» للتطوّرات المتسارعة كانت «رائعة».

 

سيرياهوم نيوز1-الاخبار اللبنانية

x

‎قد يُعجبك أيضاً

3 منح دراسية لطلبة «الإعلام» من الجامعة الأميركية في الإمارات … عميدة كلية الإعلام لـ«الوطن»: الطلبة السوريون يبرهنون على جدارتهم ومهاراتهم في معظم المشاركات الخارجية

  | فادي بك الشريف     أكدت عميدة كلية الإعلام في جامعة دمشق د. بارعة شقير أن الطلاب المشاركين في مبادرة «الأمل» في العاصمة ...