آخر الأخبار
الرئيسية » إدارة وأبحاث ومبادرات » السمُّ في عسل المصطلحات!

السمُّ في عسل المصطلحات!

 

بقلم:أحمد حمادة

المصطلحات المتداولة في العالم لها معانيها ومقاصدها التي تعبر عن رأي مطلقيها وتوصيفهم لأي قضية، هذا من البديهي، ولكن الكثير مما يسوقه الإعلام الغربي من مصطلحات ليس محايداً، فهو – ولاسيما فيما يتعلق بكيان الاحتلال الإسرائيلي، وكذا في مخططات الغرب الاستعمارية – يطلق مصطلحات متحيّزة مسبقاً، تزيّف الحقائق والوقائع وتحرّف معانيها، وتحاول قلب الباطل إلى حق والحق إلى باطل.
وواشنطن كانت على مرّ العقود الماضية بارعةً جداً في صياغة المصطلحات المخادعة، التي تروّج لها عبر أساليب “الحرب الناعمة”، فهي تسرق الشعوب تحت عناوين “محاربة الإرهاب” وتجمّل القبح الأميركي بمساحيق العطور، وتضع الكثير من وسائل التعمية التي تخدع البعض، وتكون أحياناً عصيةً على الذوبان أمام عيونهم، وتحديداً المواطن الغربي.
فالمصطلحات التي سوّقتها واشنطن على مدى عقود فيما يتعلق بمنطقتنا لها وجوه مقلوبة ومعكوسة، وهذه الصناعة الأميركية بامتياز تلقفتها دول الغرب التابعة لواشنطن، وروّجت لها رغم أنها بعكس السير، وتناقض الحقيقة والواقع.
ونعرف جيداً أنه منذ إنشاء الكيان الإسرائيلي في منطقتنا والدعاية الأميركية لم تتوانَ لحظةً واحدةً عن تسويق مصطلحات مقلوبة وموغلة بالكذب والدجل وتشويه الحقائق وتزييف الوقائع لمصلحة هذا الكيان العنصري وعلى حساب الفلسطينيين أهل الأرض الأصليين.
ومثل هذا الكلام ليس مصدره محاولة “شيطنة” أميركا، ففيها من هذه ما يكفي لنشر الخراب في العالم كله، ولكنه حقيقة يعرفها القاصي والداني، ويكفي أن نشير هنا إلى بعض المصطلحات التي سوّقتها واشنطن وحلفاؤها على مدى عقود، وكيف وضعوا السمّ في عسل المصطلحات.
فبالعرف الأميركي “إسرائيل” “دولة” وليست كياناً عنصرياً زرع بمنطقتنا، وليس هذا فحسب بل هي “دولة يهودية وديمقراطية” مزعومة، والمقاومون الفلسطينيون “إرهابيون موصوفون”، وعدوان المستوطنين على الأبرياء هو “دفاع عن النفس” ليس إلا، تماماً مثلما يطلق نتنياهو على تصفية الحقوق الفلسطينية بـ”مشروع السلام”، أو كما يسير هذا الأخير على طريق مساحيق التجميل ذاتها، ويدعي “سيادته القانونية” على الجولان أو الضفة، ولا ندري من منحه هذا الحق، ومن يحق له أساساً منحه إياه؟!
وفي سورية كان القتل والحصار والإرهاب والتجويع والعقوبات وبناء القواعد غير الشرعية وسرقة الثروات وقصف الأبرياء ومحاولات التقسيم تأتي تحت مصطلحات “بناء الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب والحكم الذاتي والمناطق الآمنة” وباعتماد أساليب “الحرب الناعمة” التي يجيد الإعلام الأميركي والغربي اللعب على أوتارها.
المصطلحات التي يروّجها الغرب إذاً خطيرة جداً، وعلينا التصدي لها، وهناك حتى في الغرب من لا يقبل بها، وكلنا يذكر “جيمس بوفارد” الباحث الأميركي الذي رفض أن يكون إلى جانب فريق التضليل الإعلامي الأميركي، الذي يقلب الحقائق ويزوّر الوقائع حول جرائم بلاده في منطقتنا، والتي يندى لها جبين الإنسانية.
والكثيرون من أصحاب الضمائر الحية في الغرب اعتبروا الاحتلال الأميركي لأراض سورية احتلالاً، ووصفوا الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية بالاحتلال، ونطقوا بالحقيقة، وصرخوا بوجه إداراتهم التي تحاول طمس تلك الحقيقة.
منذ أيام رأينا الخارجية الأسترالية وهي تعلن أمام البرلمان الأسترالي عزمها البدء باستخدام مصطلح “الأراضي الفلسطينية المحتلة ” في أدبياتها كافة، بالإضافة إلى اعتبار المستوطنات الإسرائيلية غير قانونية وفقاً للقانون الدولي.
قد لا يكون ذلك كافياً، فالغرب مطالب بالاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني كافة، ومطالب بوقف تزييفه للحقائق في منطقتنا، ومطالب بالتوقف عن “شيطنة” شعوبنا وثقافاتنا وأدياننا، وكم نحن اليوم بحاجة إلى أمثال أولئك الذين يبدؤون الألف ميل بمثل هذه الخطوة.
(سيرياهوم نيوز ٤-الثورة)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

«الآدمي»!

د. بسام أبو عبد الله   تحفل مفرداتنا السياسية بخليط غريب عجيب من المصطلحات التي تحمل طابعاً اجتماعياً وتصلح للزواج، والعلاقات الاجتماعية، أكثر مما تصلح ...