آخر الأخبار
الرئيسية » مجتمع » السودان | الحرب لا توفّر الأطفال: الموت جوعاً ومرضاً

السودان | الحرب لا توفّر الأطفال: الموت جوعاً ومرضاً

| بشير النور

الخرطوم | يدفع ملايين الأطفال السودانيين ثمن الحرب، موتاً وجوعاً ومرضاً وتشرّداً. ويجلّي هذه التراجيديا، إعلان سلطات ولاية القضارف، شرق البلاد، وفاة 132 طفلاً نازحاً في مراكز الإيواء. فوفق وزارة الصحة التابعة للولاية، سجّل مستشفى الأطفال في القضارف، خلال الأسابيع الماضية، 365 حالة إصابة بسوء التغذية، في الفترة ما بين نيسان وتموز الماضيَين، فيما أرجعت مديرة عام مستشفى الأطفال في القضارف، نسرين أبوجديري، انتشار المرض، إلى «تفشّي الفقر ونقص الغذاء الحادّ»، كاشفةً عن ارتفاع أمراض سوء التغذية في 4 مناطق في الولاية، هي: المفازة، القلابات الشرقية، ريفي قلع النحل، والقلابات الغربية. وطالبت أبوجديري بتخصيص موازنة عاجلة لعلاج الأطفال النازحين، في ظلّ ارتفاع نسبة الإصابة بمرض سوء التغذية داخل مراكز الإيواء الموجودة في الولاية.

ومنذ اندلاع الحرب بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع»، في نيسان الماضي، والمتركّزة خصوصاً في الخرطوم إلى جانب ولايات أخرى، فرّ أربعة ملايين شخص، أغلبهم من الأطفال، إلى مناطق أكثر أماناً، حيث سجّلت محاضر المستشفيات مقتل العشرات منهم أثناء القتال (أكثر من 50 طفلاً في ولاية شمال دارفور وحدها). كذلك، يعاني أطفال آخرون ظروفاً نفسية صعبة، بسبب معايشتهم الحرب والدمار، إذ فقد كلّ منهم واحداً على الأقلّ من أهله في المعارك القائمة، وهم مهدّدون بالحرمان من التعليم، ولا سيما بعدما أَغلقت المدارس أبوابها قبل اكتمال العام الدراسي، وفي ظلّ غياب أيّ أفق لبدء عام دراسي جديد.

وفي أيار الماضي، توفّي عشرات الأطفال في دار للأيتام في الخرطوم، نتيجة المعارك الدائرة بين الجيش و«الدعم»، وهو ما حدا بمنظّمة «اليونسيف» والسلطات الحكومية، إلى نقل 300 طفل إلى مدينة ود مدني في ولاية الجزيرة. وفي هذا الإطار، يعلّق مفوّض العون الإنساني في ولاية القضارف، عبد الكفيل عبد الله، قائلاً إن «عدد النازحين القادمين من ولاية الخرطوم، منذ نيسان الماضي وحتى آب الجاري، بلغ 9 آلاف نازح، غالبيتهم العظمى من الأطفال والنساء، وهم موزّعون في 63 مركزاً للإيواء». وكشف عبد الله، في حديث إلى «الأخبار»، عن حاجة النازحين، ولا سيما الأطفال، إلى المواد الغذائية والطبية والإيوائية، فيما كشفت منظّمة «اليونيسف» عن حاجتها الضرورية والعاجلة إلى 400 مليون دولار لمساعدة 9 ملايين طفل في السودان. ومن جهته، علّق رئيس منظّمة «بيادر» للأطفال في ولاية القضارف، عبد الرازق مكي، على وفاة عشرات الأطفال نتيجة سوء التغذية، بالقول إنه «أمر محزن ومؤسف للغاية»، مضيفاً، في حديث إلى «الأخبار»، أن الأطفال المتوفين في مراكز الإيواء، وصلوا إلى الولاية وهم مصابون بسوء التغذية، وأغلبهم من العاصمة الخرطوم. وذكر أن نسبة وفيات الأطفال في جميع مستشفيات الولاية بسبب سوء التغذية، تشكّل 20% من وفيات الأطفال، لافتاً إلى وجود مشكلات أخرى تواجه هؤلاء تتعلّق بالخدمات الصحية، ولا سيما المحاليل الوريدية ومضادات الفيروسات والفاليوم المنوّم.

في المقابل، حمّل الأمين العام لـ«مجلس الطفولة في السودان» (جهة حكومية)، عبد القادر عبد الله، المنظّمات الدولية والسلطات الحكومية، مسؤولية وفاة نحو 130 طفلاً بسوء التغذية، مشيراً، في حديث إلى «الأخبار»، إلى وفيات أخرى لأعداد مقدّرة من الأطفال في الولايات المتأثّرة بالنزاع – وعلى رأسها الخرطوم ودارفور -، يَصعب حصرها بصورة دقيقة بسبب الحرب وانعكاساتها السلبية. وأطلق عبد الله نداءً عاجلاً إلى منظّمات الأمم المتحدة والمنظّمات الدولية الإنسانية، بضرورة التدخّل العاجل لإغاثة آلاف الأطفال الذين يعانون سوء التغذية، ومن بينهم خمسة ملايين في العاصمة الخرطوم، وسبعة ملايين في إقليم دارفور، وما بين ثلاثة وأربعة ملايين في ولايات كردفان الكبرى. وزاد أن الأطفال النازحين مع أسرهم والموجودين في مدارس إيواء في ولايات القضارف والنيل الأزرق وكسلا وسنار ونهر النيل، يحتاجون أيضاً إلى مساعدات غذائية عاجلة ومعدّات طبية وإيوائية وإعادة تأهيلهم نفسياً واجتماعياً. ولفت عبد الله إلى تقديم منظمة «اليونسيف» مساعدات «محدودة» لبعض الأطفال فاقدي السند، الذين رُحّلوا من العاصمة الخرطوم إلى ولاية الجزيرة بسبب الحرب.

وحول ضرورة العلاج النفسي لهؤلاء، قال أستاذ علم النفس في جامعة الخرطوم، الدكتور أحمد منعم، إن «تعرُّض الأطفال في مناطق النزاع في السودان ومشاهدتهم المباشرة لعمليات القتل والدمار والعنف اللفظي والمادي وأصوات السلاح، لها آثار سلبية على نفسية الأطفال، فضلاً عن أنها تعرّض حياتهم ومستقبلهم للخطر، ومن نتائجها المباشرة: اضطراب الصدمة الأولى، والقلق والخوف الشديدان، والتوتّر وتدهور النمو النفسي والعقلي، والضغط النفسي، والشعور بالخوف الزائد، وظهور الإعاقات الجسدية». وشدّد منعم، في حديث إلى «الأخبار»، على ضرورة عرض الأطفال على الأطباء المختصّين في علم النفس والاجتماع في المراكز الطبية النفسية، لعلاجهم من آثار الحرب.

 

 

سيرياهوم نيوز3 – الأخبار

x

‎قد يُعجبك أيضاً

«السمنة».. بين العادات غير الصحية والعوامل الوراثية

تعد السمنة إحدى أكبر مشكلات العصر الصحية، وأكثر مشكلات التغذية شيوعاً، ما جعلها الشغل الشاغل للأطباء، كونها ذات علاقة بكثير من الأمراض كارتفاع ضغط الدم ...