آخر الأخبار
الرئيسية » كتاب وآراء » تباشير «الدخان الأبيض» تلوح من مسقط

تباشير «الدخان الأبيض» تلوح من مسقط

 

| عبد المنعم علي عيسى

 

أثبتت التطورات التي أعقبت قرار الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب القاضي بإلغاء «اتفاق فيينا» شهر أيار من العام 2018، أن ذلك القرار كان بعيداً عن المنحى الإستراتيجي العام للسياسات الأميركية، وبعيداً أيضاً عن المصالح الأميركية العليا التي يجري رسمها في ضوء ذلك المنحى، والشاهد هو أن إدارة الرئيس جو بايدن كانت قد سعت منذ وصولها للسلطة إلى إحياء «اتفاق فيينا» أو إنتاج آخر بديل له يفي بالغايات الأميركية عينها التي استهدفها هذا الأخير، فعملت على إطلاق جولات التفاوض مع طهران التي كانت مختلفة تماماً عن تلك التي قادت لتوقيع «اتفاق فيينا»، ولربما كان في الأمر ما يدعو إليه، فما بين التاريخين جرت مياه كثيرة، وتغيرت معطيات لا يمكن تجاهل الجديدة منها، باختصار كان إلغاء ترامب لـ«الاتفاق النووي الإيراني» فعلا ذا دوافع انتخابية محضة وإن كان بعض ذلك الفعل، يشير إلى تأثير «اللوبيات الصهيونية» التي تتداخل في تأثيراتها مع الدوافع آنفة الذكر.

 

قالت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية في تقرير نشرته الأسبوع الماضي: إن «الأمور (وتقصد بها المفاوضات الإيرانية- الأميركية) تسير بوتيرة أسرع من المتوقع»، وأن «الطرفين قد يصلان إلى تفاهمات في غضون أسابيع معدودة قد تقود إلى اتفاق جديد»، والتقرير إياه يضيف: إن «ذلك يجري على الرغم من أن رزمة من الخلافات لا تزال قائمة».

 

تشير العديد من التقارير، إضافة إلى تقرير «هآرتس» آنف الذكر، إلى أن المفاوضات الإيرانية الأميركية التي تجري بوساطة عمانية وتقوم أطراف أوروبية بدور إسنادي فيها تركز في هذه الآونة على إنضاج اتفاق «جزئي» ستكون مدته الزمنية محدودة، قوامه الأساسي هو التزام طهران بتجميد تخصيب اليورانيوم بمستويات عالية في مقابل تحرير أموال وأصول إيرانية تصل قيمتها إلى نحو عشرين مليار دولار جرى تجميدها في إطار العقوبات التي فرضت على طهران وهي تتركز بشكل أساسي في العراق وكوريا الجنوبية.

 

لا تمثل التقارير الإعلامية، على أهميتها، المؤشر الوحيد على أن توقيع اتفاق نووي جديد بات قاب قوسين أو أدنى، فمجمل التحركات الإسرائيلية تشي بذلك أيضاً، إذ لطالما كان رصد تلك التحركات فعلاً يقود لتشكيل صورة هي الأقرب للواقع انطلاقاً من أن تل أبيب هي الأكثر اهتماماً بما يجري على هذا الصعيد لاعتبارات تقوم على أنها ترى فيه أمراً مصيرياً قد يحدد دورها لاحقاً، هذا إن لم يكن ملغياً لوظيفتها التي استندت إليها «مشروعية» الوجود، وفي ذاك يمكن القول: إن الزيارة التي قام بها مستشار الأمن القومي لكيان الاحتلال تساحي هنغبي إلى واشنطن مطلع شهر حزيران الجاري والتقى خلالها بنظيره الأميركي جيك سوليفان كانت تندرج في سياقين أولاهما استكشافي يريد الوقوف على النيات الأميركية في هذا الاتجاه، وثانيهما تحريضي، وكانت كما يبدو، نتيجة الاستكشاف «سلبية» وفقاً للمنظور الإسرائيلي، ومن شبه المؤكد قياساً للتصريحات التي أطلقها العديد من قادة الكيان، أن هنغبي كان اكتشف أن واشنطن عازمة على السير فيما بدأته مع طهران منذ وصول بايدن لسدة السلطة مطلع العام 2021.

 

بشكل ما يمكن القول: إن زيارة تساحي هنغبي لواشنطن هي استشعار كيان بخطر الوجود ارتقى لدرجة استدعت كسر تعليمات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو التي نصت على منع أي مسؤول إسرائيلي من زيارة واشنطن قبيل أن يستدعيه جو بايدن لزيارة البيت الأبيض، الأمر الذي تمنع عنه هذا الأخير على خلفية التوتر الحاصل في أعقاب التظاهرات التي عمت كيان الاحتلال عند الإعلان عن قانون «الإصلاح القضائي» شهر شباط المنصرم.

 

لا يبدو أن «التحفظات» الإسرائيلية «المخاوف» التي راحت تل أبيب تعمل على تسويقها في محاولة لكبح جماح واشنطن لكي لا تعيش «لحظة» تموز 2015، ستمنعان هذي الأخيرة من تكرار تلك اللحظة، ولعله بات من شبه المؤكد أن شهر تموز المقبل سيفضي إلى توقيع اتفاق «نووي» صرف لا يطول «برنامج الصواريخ البالستية» الإيرانية، كما لا يطول الدور الإقليمي الإيراني، مع لحظ أن واشنطن التي فضلت عدم الخوض في هذين الأمرين لاعتبارات تتعلق بضيق الوقت واقتراب طهران من «الجنة النووية»، قامت بخطوات تريد الإشارة من خلالها إلى أنها لن تدخر جهداً في كبح «التمدد» الإيراني في المنطقة، من نوع الإعلان عن نشر مقاتلات F22 لتدعيم عمل «التحالف الدولي لهزيمة داعش» الذي جرى قبل أيام.

 

سيرياهوم نيوز1-الوطن

x

‎قد يُعجبك أيضاً

هل اقتربت العملية الروسية الخاصة في اوكرانيا من تحقيق غاياتها؟ وماذا كسبت روسيا من حربها؟

  ميخائيل عوض بعيدا عن المواقف العقائدية واللغة الخشبية لتي ميزت ردود الفعل على العملية الخاصة الروسية قبل سنتين وسيل التشكيك والتحليلات التي جزمت بخسارة ...