آخر الأخبار
الرئيسية » كتاب وآراء » “رياض المسكين” .. تحفة في بيت عنكبوت .. وجهه المرهق هو وجه “الثورة السورية”

“رياض المسكين” .. تحفة في بيت عنكبوت .. وجهه المرهق هو وجه “الثورة السورية”

نارام سرجون

هناك كلمات وصفات لها تأثير كيماوي على الاسماء .. وتمتص الاسم امتصاصا كما يفعل العنكبوت في جسم فريسته ويتركها يبابا مجوفا .. وتصبح الاسماء خاضعة لها ومنقادة لها .. فالكرم الحاتمي جعل اسم حاتم يعني الكرم في أقصى درجاته واسم حاتم يحل محل الكرم .. وأحنف صار معادلا للحلم .. واياس هو الذكاء .. ومالئ الدنيا تسافر بنا في ثوان الى اسم المتنبي .. وهناك من صار معيارا لخيانة الصداقة مثل بروتوس .. وفي عصر الثورة السورية ابتلعت بعض الصفات أسماء ولبستها عباءة او لبوسا .. مثل اللص اردوغان .. والسافل خالد مشعل .. وصفة جاسوس الجواسيس لصاحبها الحصري عزمي بشارة الذي صارت الاشارة الى اسمه تحضر الينا اسم كوهين .. وتختصر شرحا مطولا عن الجاسوسية الناجحة ..

متحف مايسمى بالثورة السورية مليء باسماء اقترنت بالدناءة والخيانة والانتهازية .. الوجوه المعارضة السورية الشهيرة صارت في المتاحف .. والمشكلة ان متحف المعارضة السورية لايجد له زوارا كثرا هذه الايام .. فلم يعد احد مهتما بها .. ولكنني قررت أن ازور متحف المعارضة – الذي قل زواره – من باب انني أريد الاطلاع على أعدائي القدامى .. لأعرف أخبارهم .. فالعدو القديم مثل الصديق القديم تحب ان تعرف أخباره عندما تغيبه الايام .. والمعارضون السوريون غيبتهم التحالفات والتغيرات والمصالح ونهاية سنوات الخدمة والصلاحية .. وصاروا مثل المعلبات في السوبرماركتات تخلى منها الرفوف عندما تنتهي صلاحيتها او لايشتريها الزبائن .. ومن بين الوجوه المعلبة في هذا المتحف او السوبرماركت الدولي .. بقي هناك وجه متعب وصوت متعب لوزيرنا الأسبق الذي كان يسمى وزيرا للثقافة .. فقد خلت الرفوف من المعلبات التي أتلفت او فسدت .. ولكنه أطل من على أحد الرفوف بعد ان غاب .. علّ هناك من يشتري ..
وجه رياض نعسان آغا بدا متعبا ولم تسعفه كمية الاصباغ الثقيلة التي صبها على شعره في اخفاء هرمه وسوء حظه .. ويصلح اليوم كي يظهر على شاشة الجزيرة ويقول (هرمنا) او (عجزنا) .. وهذا ليس انتقاصا لعمره فكلنا سنهرم ونتعب ونشيخ .. ولكنه كان في أرذل العمر يبيع بضاعة لايشتريها أحد .. الثورة والأكاذيب القديمة التي لفها بأوراق العمر لم تعد تجد لها من يشتريها .. ووقف المسكين على بسطته ينادي بصوته الضعيف وخنته الشهيرة ..

عندما انشق الوزير رياض نعسان أغا استعمل مثل الايقونة الثورية على انه من قلب النظام وهو من المستشارين المقربين للرئيس الراحل حافظ الاسد وتربطه علاقة جيدة بالرئيس بشار الاسد .. ولكن حيثما حلّ تفرش له المطارف والحشايا على انه رمز ثوري ترك القصور والتحق بالثورة .. ولكن الحقيقة هي انه من سكان القصور فقد ترك قصر الرئاسة في دمشق والتحق بقصور أمراء النفط .. اي من قصر الى قصر .. في القصر الاول كان مثقفا ومستشارا وممانعا … وفي القصر الثاني خلع ثيابه القديمة وصار ثورجيا من ثوار برنار هنري ليفي .. ولكن حاله عند الانشقاق كان يمثل التعفن في الطاقم القديم للدولة السورية وظهور الفطريات والطفيليات التي مثلتها هذه الطبقة الانتهازية .. وكان حسنا انه انشق وهوى عن الشجرة كما تهوي الفطريات القديمة ..

عندما استمعت الى وزيرنا السابق او الاسبق رياض نعسان آغا في لقاء له مع طوني خليفة هبطت من السماء كلمات كلها تريد ان تلتصق به .. فقد ظهر مثيرا للشفقة .. ومسكينا .. ومتعثرا بين ان يعود قليلا او يتقدم قليلا .. وحاولت ان أطلق عليه لقب الوزير المغلوب كما كان نزار قباني يطلق على المهزومين في قضايا الحب ويسمي المهزوم فيهم (الملك المغلوب) .. ولكن نفرت منه هذه العبارة وتركت مكانها لكلمات اخرى امتصت اسمه كما تمتص انثى عنكبوت جسد فريستها وتتركه قشرا تهزه النسمات كأنه تحفة او تمثال في بيت العنكبوت يحتفظ به كما يختفظ الصيادون بقرون الوعول والايائل وأجسام الطيور المحنطة ..

فقد تلوى الوزير الأسبق وهو يدور حول الكلمات وبدا يتوسل ان يفهمه الناس وأن يتفهموا انه لم يكن ثوريا بل اصلاحيا وناصحا .. وقلبه على البلد .. ولكن الوزير لم يظهر مغلوبا بل بدا منبوذا .. ومشبوها ويتمنى ان نصدقه .. بانه بريء من الدم ومن الثورة الدموية .. وان الارهابيين فيها من القاعدة ليسوا منها بل مندسون على عفتها وطهارتها .. ومحا بالممحاة كل مقابلاته التي كان يتباهى فيها بالثورة الدينية وانها رفعت شعار الاسلام الذي كان يقول انه دينه وعقيدته هو ماتحمله الثورة السورية .. ولم أسمع منذ ان اعلن الوزير المنبوذ او المشقوق انه أدان اي عنف قامت به ثورته .. بل كان يتباكى على ماسماه عنف النظام ضد الابرياء .. وعندما كان يحاصر بدماء المجازر الوحشية لثواره الذين ارتكبوا ما لاعين رأت ولاأذن سمعت ولاخطر على قلب بشر من فظائع .. كان يتولى دور المحامي الشاطر الذي يبرم الحقيقة ويدورها .. ويأخذها في رحلة ثرثرة الى أدغال اللغة الثورية .. وهناك يغتصبها ثم يقتلها ويرمي جثتها في النهر .. ويعود سالما غانما الى قواعده الثورية ..

الوزير المنبوذ لم يسمع بالتهام الثوار لقلب جندي سوري ولم يعلق .. ولم يسمع بمجزرة عدرا العمالية كي يعلق .. ولم يسمع بمجزرة جسر الشغور قبل ظهور داعش كي يعلق .. ولم يسمع بهجوم الثورة على عمال البريد في مدينة الباب والقائهم من الشواهق امام أعين الناس كي يعلق .. ولم يشاهد مشهد (قولوا للشبيحة .. الديرية دبيحة) في دير الزور حيث تم تقطيع اوصال الناس بالسيوف والفؤوس كي يعلق .. وهناك ملايين المشاهد الموثقة التي أدهشت الدنيا وجحظت منها عيون الكون .. وكله قبل ظهور القاعدة وداعش وعندما كانت الثورة في أطهر حالاتها كما يقولون .. ولكن عيون رياض نعسان ظلت ناعسة نائمة غافية عن فظائع الثوار .. واكتفت بأن تفتح جفونها فقط عندما كان يظهر مشهد مفبرك .. لتبكي وتدمع بحرقة ..

الوزير المخلوع الذي خلع نفسه .. عندما سئل عن الاحتلال التركي لادلب مدينته .. هرب فورا للحديث عن الاحتلال الروسي والايراني .. والاحتلال الامريكي .. وعند احراجه ذكر الاحتلال التركي خجلا واعتبره نتيجة للاستبداد .. ولكن عند عصر كلماته تستطيع ان تستنتج انه يحب تركيا جدا .. ويحب اردوغان جدا جدا .. ويتمنى من اعماقه ان يدوم الاحتلال التركي وان تعود سورية عثمانية .. فليس لديه اي شعور بالوطنية بل عنده عقد طائفية ورؤية طائفية .. ولا يحس ان احدا من المتآمرين شارك في الحرب على سورية الا من قبيل الحب للشعب السوري والخوف عليه والرغبة في مساعدته ليتحرر .. ونسي 137 مليار دولار قالها علنا هوميروس العرب حمد بن جاسم وهي التي دفعت للثوار .. والذين لم يشتروا بها كاتوه ولا بسكويتا ولا بالونات ولا ورودا .. فما اشتراه العرب والقطريون والخليجيون كان سيارات الدوشكا ومئات آلاف الرشاشات وقاذفات الار بي جي ومئات آلاف اطنان المتفجرات .. ورواتب سخية للتنظيمات المسلحة وصواريخ التاو واللاو .. والقتلة الذين كانوا يقتلون الناس كانوا يتقاضون رواتب عالية ليس من تبرعات المساجد بل بأموال الدول النفطية التي دفعت مئات مليارات الدولارات .. وهذه المبالغ لاتجمعها مساجد .. وهذه المبالغ لم يتم توجيهها الى الفلسطينيين ليصمدوا في وجه اسرائيل حتى للبقاء في ارضهم .. فمنظمة الاونروا تتسول وتبحث عن 50 مليون دولار لتبقي بعض البرامج الداعمة للفلسطينيين .. ولم يصلها من اي مساجد ولا من اي مسلمين اي دولار .. لأن كل الدولارات يتم توجيهها من الدول العربية لثوار ليبيا وثوار سورية وثوار داعش وثوار القاعدة .. مئات آلاف المقاتلين كانت وراءهم كل آبار النفط العربية والا كيف لجيش من مئات آلاف المتطوعين والمجندين ان يقاتل سورية وروسيا وايران لمدة عشر سنوات ولايزالون في ادلب تحت حمابة دولية يتقاضون رواتبهم من دول النفط .. حتى هذه اللحظة ..

المسكين أبكانا الى درجة تقرحت بها أجفاننا عندما روى رواية حزينة عن وصول الناصحين وأهل الخير من داود اوغلو ومن السعودية ومن الخليج وأنه هو نفسه كان يتحسر على اهل بلده .. ويقدم النصائح وكان الرئيس بشار الاسد يكاد يستجيب ولكن قاسم سليماني وحسن نصرالله أرغماه او أقنعاه بالخيار الدموي .. الا ان من يرجع الى تلك الايام يتذكر كيف كان الرئيس الأسد يودع وفود درعا والمحافظات ويستجيب لكل المطالب .. وفي المساء ينكثون بوعودهم ويحرضون الناس في الساحات رغم ان طعم القهوة التي قدمت لهم في قصر الشعب لايزال على ألسنتهم .. لأنهم فهموا الاستجابة ضعفا .. فطمعوا بتكرار سيناريو ليبيا .. ولم يكونوا قابلين لأي تفاوض .. وأنا نفسي كنت شاهدا على ذلك عندما طلبت في الاشهر الاولى من أحد المعارضين التهدئة للوصول الى حل وتفاوض .. فسخر مني وقال سنغرق سورية بالدم ولن نعود قبل ان نطيح النظام ونقتاده الى لاهاي .. وستكون أنت معهم لأنك تحاول انقاذ نظام مات وانتهى .. الثورة حسمت قرارها .. ولن تفاوض ..

وعندما فتح الوزير المخلوع أخر معلباته لنتذوقها كانت الحموضة والعفن يتبخران منها .. فقد قال ان الأسد بقي في السلطة لأن اميريكا تريده .. ولكنها لم تقدر ان تهرع لنجدته .. فطلبت من روسيا على ان تلعب روسيا دور المنقذ كي لاتفسد طبختها في ابقاء الأسد .. وطبعا كان بوتين – وفق نظرية نعسان أغا – مثل الطرطور ينتظر الاوامر الامريكية .. وحسب نظرية النعسان يبدو ان حرب اوكرانيا هي طلب امريكي من الطرطور بوتين ان يهجم على اوكرانيا لأن اميريكا تريد معاقبة زيلينسكي ان تفرك اذنه قليلا ولكنه سيبقى لرغبة روسية امريكية .. والصراع في بحر الصين هو ان الطرطور الصيني يلاعب تايوان بأوامر امريكية او اتفاق امريكي كي يبدو ان الصين مختلفة مع امريكا .. وحسب تلك النظرية فان قانون قيصر هو لانهاك الشعب الثائر السوري وهم مصمم لخدمة الاسد كي ينهك شعبه وينسى ثورته .. ومئات الغارات الاسرائيلية هي لدعم الأسد والتشويش على الثوار .. وتمثيلية حقيرة لاظهار الاسد مقاوما ومنيعا .. هل أتابع كي تعرفوا تفاهة عقل هذا الرجل؟؟؟ ..

وطبعا حسب هذه النظرية فان اميريكا تحتل الشرق .. وروسيا تحتل الساحل .. وايران وحزب الله يحتلان دمشق .. وتركيا تحتل الشمال … كله من أجل دعم بقاء الأسد .. وربما تركيا هي الوحيدة التي دخلت ادلب بنية صافية وقلب طيب عثماني طوراني .. كي لايقتحم الاسد ادلب عندما يجد انه مدعوم من الكون كله .. بالله عليكم هل هذا مايقوله عاقل؟؟

تخيلوا أن هذا المسكين المعتوه هو من كان يقود الثقافة والمثقفين في سورية .. ولكن لكم الأن أن تعرفوا لماذا كل ماسمي ثورة سورية كان معلبات على الرفوف انتهت صلاحيتها عندما تبيع نفسها .. الثائر لايكذب والثائر لايذهب الى بلاد الذهب والنفط .. ولايعيش في القصور .. الثائر لايفكر بمصالحه .. والثائر لايبرر احتلال بلده حتى من قبل جيش من الأنبياء .. والثائر لايغطي على جرائم ثواره عندما يسترسلون في الجريمة .. ولأن هذا النموذج هو النموذج المتفوق ومن أفضل انواع النخب في الثورة السورية فانها انتهت الى هذا المصير البائس والاسود .. فوجه رياض نعسان آغا هو وجه الثورة المهترئ .. والمنهك .. والذي انتهت صلاحيته .. وسيمنع من التداول قريبا .. هو وكل الثوار ..

نصيحتي الخالصة لرياض .. أن يسكت صونا للعرض الثوري .. والا يعرض نفسه للسخرية والهزء .. والا يحاول الان ان يبدو وطنيا وأنه لايمانع من مفاوضة الدولة .. وربما يأتي يوم يطلب فيه مغادرة مقر اقامته او ترحيله الى تركيا بشرط ان يغلق فمه تماما .. وان يفتحه ليأكل البقلاوة التركية فقط .. الدولة السورية لاتفاوض التحف التي علقها عنكبوت في بيته ؟؟
رياض في الحقيقة هو وجه الثورة الانتهازي .. وهو بوجهه المرهق اليوم يعبر عن حال الثورة التي اهترأت .. وشعاراتها التي لاتباع ولاتشرى الا في سوق الخردة او سوق الحرامية .. وهم أدرى منا بما يباع في سوق الحرامية ..

المسكين رياض هو الاسم الذي التصق به وهو الذي سيعيش من بعده .. وهو تحت التراب .. سيموت رياض .. وسيمشي المسكين حاملا تركة رياض على ظهره .. ليوصف كل غبي خلط الغباء بالكذب والخيانة انه .. رياض المسكين .. فابشع شيء في الوجود ان تكون غبيا .. وكذابا .. وخائنا .. وثوريا .. انها متلازمة رياض المسكين ..

(سيرياهوم نيوز 4-مدونة سرجون)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

الموقفُ الأمريكي من العمليةِ على رفح..!

  كتب د. مختار يسعى كيا.نُ الاحتلالِ والولاياتُ المتحدةُ الأميركيةُ إلى تجزئةِ الملفاتِ فيما يخصُّ العدوانَ المتواصلَ على غ.زّ.ةَ، فالكيا.نُ لايريدُ إنهاءَ الحر.بِ من دونِ ...