آخر الأخبار
الرئيسية » تحت المجهر » سد النهضة في 2021.. حلم إثيوبيا الذي يؤرق مصر والسودان

سد النهضة في 2021.. حلم إثيوبيا الذي يؤرق مصر والسودان

  • نجاح حمود 

مع استمرار المفاوضات الجارية منذ عشر سنوات، لم يتم التوصل إلى اتفاق لحل أزمة سد النهضة بين إثيوبيا ومصر والسودان، فهل يشهد العام 2022 حلاً لأكبر أزمة مائية عالمية، أم أنّ الخيار العسكري سيحسم هذه الأزمة؟

لايزال الجدل والخلاف قائماً حول سد النهضة الذي بدأت إثيوبيا بإنشائه على النيل الأزرق، في العام 2011، والذي أصبح من أكبر الخزانات في القارة الأفريقية، بسعة تبلغ نحو 63 بليون متر مكعب.

ومع استمرار المفاوضات الجارية منذ 10 سنوات، إلا أنّ السد تحول إلى أزمة عالمية حول تقاسم الموارد المائية في النيل، بين إثيوبيا من جهة، والسودان ومصر من جهة ثانية. 

وعلى الرغم من توقيع اتفاق إعلان المبادئ في 23 آذار/مارس 2015، والذي ينص على التزام الدول الثلاث بالتوصل إلى اتفاق حول ملء وتشغيل السد، عبر الحوار، إلا أنّ المفاوضات لم تنجح حتى الآن في التوصل إلى أي اتفاق.

ويتركز الخلاف على السد بين الدول الثلاث بشكل أساسي على عملية الملء والتشغيل، حيث لم تتوصل الدول الثلاث إلى اتفاق على تقاسم الحصص التي أقرتها، اتفاقيتي 1902 و1959، اللتين ترفضهما إثيوبيا على اعتبار أنهما مجحفتين بحقها. فيما استندت الأخيرة على اتفاق المبادئ الموقع بين الدول الثلاث كقوة لها، في تشييد السد وملئه.

توتر متصاعد بسبب سد النهضة في 2021

تتضمن أهم المبادىء التي تتمسك بها إثيوبيا، التعبئة الأولية للسد أثناء تشييده، ورفض تدويل القضية، إضافة إلى التعاون على أساس التفاهم والمنفعة المشتركة للجميع، ومبادئ القانون الدولي، وتسوية منازعاتها الناشئة عن تفسير أو تطبيق هذا الاتفاق بالتوافق من خلال المشاورات أو التفاوض وفقاً لمبدأ حسن النوايا، بحسب ما تقول وتصرح.

أما مصر ذات المئة مليون نسمة، والتي تعتمد على نهر النيل لتوفير 97% من احتياجاتها من المياه، تخشى من تأثير السد على حصتها من المياه والبالغة 55.5 مليار متر مكعب سنوياً، فيما تتلخص مخاوف الخرطوم في أثر السد على تشغيل السدود السودانية.

وازدادت التوترات بين القاهرة وأديس أبابا الصيف الماضي، عندما تقدمت مصر بشكوى إلى مجلس الأمن الدولي

وعقب إعلان السودان و”إسرائيل” تطبيع العلاقات بينهما، ألمح الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب إلى رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، بأنّ مصر قد تنفذ تهديدها بـ”تفجير سد النهضة“.

وتلا ذلك، إعلان إثيوبيا في 19 تموز/يوليو الماضي، نجاح المرحلة الثانية من عملية ملء سد النهضة، الأمر الذي أجّج الخلافات.

وفي 5 تشرين الثاني/نوفمبر 2021، تعثرت المفاوضات التي استؤنفت برعاية الأمم المتحدة والتي كان يتابعها كذلك الاتحاد الأوروبي، وصندوق النقد الدولي، والولايات المتحدة، في التوصل إلى اتفاق بشأن منهجية التفاوض للفترة المقبلة. وكانت مصر والسودان ترغبان في التوصل إلى اتفاق ملزم حول تشغيل السد، وهو ما لم توافق عليه إثيوبيا.

دراسة تحذّر من انهيار السد

بالإضافة إلى تعثر المفاوضات أكثر من مرة شهد العام 2021 الإعلان في مصر عن دراسة تحذّر من مخاطر انهيار سد النهضة على دولتَي المصب مصر والسودان، بعد أن رصدت وجود هبوط في موقع المشروع وسط شكوك تتعلق بأمان السد.

الدراسة أعدها فريق بحثي من 7 خبراء وباحثين فى جامعات وهيئات مصرية ودولية، منهم: وزير الموارد المائية والري الدكتور محمد عبد العاطي، والدكتور عمرو فوزي الخبير في قطاع مياه النيل في وزارة الري المصرية، وأستاذ الاستشعار عن بُعد وعلوم نظم الأرض في جامعة تشامبان الأميركية، الدكتور هشام العسكري.

وفيما قال الخبير المصري هشام العسكري  إنه “في حالة وجود أكثر من 20 مليار متر مكعّب مصاحبة لانهيار سد النهضة، قد يؤدي ذلك إلى فناء ملايين السودانيين من الانهيار الحتمي لسد الرصيرة السوداني”.

رأى أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية في جامعة القاهرة الدكتور عباس الشراقي، أنّ “هناك مشاكل فنية كبيرة في سد النهضة، طبقاً لتقرير لجنة الخبراء الدوليين في 2013، وهذا تقرير فني رسمي دولي. ونتيجةً لهذا التقرير، ترفض إثيوبيا وجود أي خبير دولي لتقييم مدى القوة الخراسانية للسد”.

وأوضح أنّ “هناك مخاطر جيولوجية في منطقة سد النهصة. يقسم أكبر فالق على سطح الأرض الهضبة الإثيوبية إلى نصفين، وهو الأخدود الأفريقي العظيم الذي قد يسبب وجود جبال بركانية ونشاط زلزالي يعد الأكبر في القارة الأفريقية. كما توجد في إثيوبيا انحدارات شديدة تبدأ من 5 اَلاف متر من سطح البحر إلى 500 متر، ما يسبب سرعة جريان مياه الأمطار وفيضانات شديدة تهدد أي مشروع مائي، وخصوصاً أن هذه الأمطار الغزيرة مدتها 3 أشهر، من تموز/يوليو إلى أيلول/سبتمبر، أي في فترة زمنية قصيرة”.

الشراقي اعتبر أنَّ “انهيار سد النهضة يتوقف على كمية المياه المخزنة في السد، ولكن في جميع الأحوال، فإن انهياره يمثل طوفاناً للسودان في الدرجة الأولى. وقد يصل الخطر في حال امتلاء السد الإثيوبي إلى السد العالي في مصر، والذي يبعد 2000 كيلومتر”، بحسب الشراقي.

بين تشدد إثيوبيا، ومسار تفاوضها المتعثر مع مصر والسودان، يُطرح السؤال: هل نشهد حلاً لسد النهضة في العام 2022؟

المفاوضات تستكمل عام 2022 مع بدء إثيوبيا الملء الثالث

الدكتور نادر نور الدين، أستاذ الموارد المائية والأراضي في جامعة القاهرة، يوضح في حديث خاص للميادين نت، أنه مع بداية العام 2022 لابدّ أن تُستأنف المفاوضات لأن الملء الثالث للسد ستبدأه إثيوبيا في شهر تموز/يوليو 2022، وبالتالي ستعمل على رفع الحاجز الأوسط للسد تمهيداً للملء ابتداءً من شهر أيار/مايو المقبل.

وكشف نور الدين عن وجود مبادرة من جمهورية الكونغو الديمقراطية، رئيسة الاتحاد الأفريقي، لسرعة بدء المفاوضات والوصول إلى حل، مشيراً إلى أنها قد تدعو مع بداية العام الجديد إلى اجتماعات تسبق فترة تولي جمهورية الكونغو لرئاسة الاتحاد الأفريقي في نهاية شهر شباط/فبراير المقبل، وبذلك يتبقى شهران، أو انتظار الرئيس الجديد للاتحاد الأفريقي ليبدأ مباحثات جديدة خلال آذار/مارس ونيسان/أبريل وأيار/مايو، أي قبل أن تبدأ إثيوبيا في رفع الحاجز الأوسط، وتبدأ الملء مع موسم الفيضان في شهر تموز/يوليو 2022.

وعن إمكانية تراجع إثيوبيا عن ملء السد، أكد نور الدين للميادين نت أنّ الأخيرة ستقوم طبعاً بملء السد ليكتمل بعد أن تكلفت عليه مبلغ 5 مليارات دولار، وأنّ هناك محاولات لإحداث التغييرات خاصة في سعة ملء السد أو سعة البحيرة الخاصة بالتخزين، وتخفيضها من 75 مليار متر مكعب إلى 40 مليار متر مكعب، مشيراً إلى أنّ هناك مباحثات في هذا الشأن.

الحل الوحيد.. دبلوماسي

أما بالنسبة لخيارات مصر والسودان باستخدام القوة العسكرية في حال فشلت المفاوضات، أشار نور الدين إلى أنه تمّ التأكيد على أن لا بديل عن الحل الدبلوماسي كحل وحيد لهذه الأزمة، لأنه لم يعد هناك أي تلويح باستخدام القوة. أما فيما يخص التصريحات المصرية وخصوصاً الصادرة عنالرئيس عبد الفتاح السيسي الذي لوّح عدة مرات في السابق بأنّ كل الاحتمالات متاحة، إلا نور الدين يؤكد أن الخيار العسكري مستبعد، “إلا في حال قيام إثيوبيا بالتعدّي على الأمن القومي لمصر والسودان، فإن الخيار العسكري سيصبح بديلاً عن الحلّ الدبلوماسي”.

واعتبر أنه حتى الآن لم يشكل السد أي خطر على مصر والسودان، لأن كل ما تمّ تخزينه هو أقل من 8 مليار متر مكعب في العامين السابقين، ولم تستطع إثيوبيا توليد كهرباء منه حتى الآن، رغم أنها تستطيع توليد كهرباء إذا خزنت فقط 4 مليار متر مكعب.

وكشف نور الدين أنّ إثيوبيا فشلت في تركيب الطوربينات، وتأسيس محطة توليد الكهرباء، وأيضاً تأسيس أبراج الضغط العالي لنقل الكهرباء، وربما هي تنتظر عملية الملء الثالث لتبدأ التوليد، مشيراً إلى أنّ هناك أيضاً مشاكل لوجستية، يصفها البعض بأنها تتصل بعوامل فساد إداري ومالي من ناحية إدارة السد، الأمر الذي عرقل عملية توليد الكهرباء.

في الختام، أعرب أستاذ الموارد المائية والأراضي في جامعة القاهرة عن اعتقاده بأنه بعد الحرب الداخلية التي شهدتها إثيوبيا بين القوات الحكومية و”جبهة تيغراي”، سيكون ملف سد النهضة أكثر “تدّويلاً” وستكون إثيوبيا أكثر اعتدالاً في المفاوضات، وأقلّ تعالياً وتشدداً، أياً كان المنتصر في هذه المعارك الداخلية

(سيرياهوم نيوز-الميادين25-12-2021)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

سوليفان إلى الرياض: لا مقايضة بين الصفقة الدفاعية.. والتطبيع!

ترجمة منى فرح   هل تحظى السعودية بصفقتها الدفاعية التاريخية المرتقبة قريباً مع الولايات المتحدة من دون تطبيع مع إسرائيل؟ هذا ما يجيب عنه ستيفن ...