آخر الأخبار
الرئيسية » مجتمع » في مقاييس الجمال.. جمال الروح والحضور أولاً

في مقاييس الجمال.. جمال الروح والحضور أولاً

بشار الحجلي

في جوهر الأمور يبقى الاهتمام بجمال الإنسان، والمرأة تحديداً، حالة مطلوبة، وهي مسألة نسبية تختلف من شخص لآخر، لكن المبالغة والإفراط في هذه المسألة، أمر مرفوض اجتماعياً، فجمال الروح والحضور والتفاعل هو من يقرب النفوس والقلوب.. وصدق من قال: كن جميلاً، ترى الوجود جميلاً.
وقالوا في الأمثال: “لا تختر عروساً من حفلة عرس”.. ومعنى المثل أن لا تخدعك المظاهر وتتريث في إطلاق أحكامك على ما تقع عليه عينك، فليس كل ما يبرق ذهباً.
وما نراه اليوم من أدوات تجميل في المناسبات وغيرها، يوقعك كثيراً في مطب الأقنعة، التي تسقط أمام مواجهة الحقيقة، في وقت صارت الوجوه الضاحكة تخفي خلفها ما تخفي، حتى باتت الحقيقة وحدها، من تتحمل الضربات، ليس بالكلام وحده، بل تعدى الأمر لتغيير المظهر، والشكل عموماً، وسط حالات من الهرولة نحو أطباء وعيادات التجميل، ودفع مبالغ خيالية لتغيير في الشكل، بصورة مؤقتة، أو دائمة، حيث انتشرت عمليات النحت، والشد، والشفط، وتغير لون العيون بالعدسات والضحكة، والابتسامات الهوليودية، وحتى تبديل الشكل، ليشبه شخصيات معروفة، ومشهورة، ومن يعارض أو ينتقد هو خارج السياق الحضاري المزعوم السائد اليوم.
الحالة التي نتحدث عنها ليست محلية بالتأكيد، بل عالمية، رغم أنها صارت أقرب لكونها ظاهرة تستوطن المدن، والمناطق والحارات، فهناك على نطاق أوسع من جغرافية بلدنا، ما يدفع للدهشة حول حجم المال الذي ينفق عربياً وعالمياً، لأغراض التجميل والعمليات الملحقة، والغريب هنا أن هذه العدوى انتقلت، للكثير من الرجال، رغم تردي الحالة الاقتصادية في الكثير من الدول.
دوريات عربية وعالمية ومواقع إعلامية كثيرة تناولت بالعرض والتحليل، هذا الواقع وطرحت الأسئلة المثيرة، حول ما تنفقه مثلاً نساء العرب للتجميل.
لكن قبل الخوض بهذا الموضوع، لابد من التنويه إلى مخاطر التعميم، فليست كل نساء العرب مشمولات بهذا الحديث، بل الكثيرات منهن تتفوق على الرجال حضوراً، ودوراً، وأداءً.
بالمقابل هناك بعض النساء في عالمنا العربي تحتل مسائل التجميل رأس قائمة الاهتمامات المتعلقة بهن، وقد ذكرت مجموعة من الدراسات العالمية، أن إجمالي إنفاق المرأة العربية على مستحضرات التجميل، يتجاوز / ٢٥ / مليار دولار سنويًاً، حيث تتصدر المرأة الخليجية قائمة نساء العالم الأكثر إنفاقًا على جمالهن، ورشاقتهن.
فبينما يقدر سوق مستحضرات التجميل في العالم أجمع بـ /٢٥٥ / مليار دولار، تبلغ حصة السوق الخليجية منها، ما يعادل / ٦،٦ / مليار دولار، تنفق على عمليات التجميل، والتزيين، وما إليها، كما نجد أن معدل الإنفاق على مستحضرات التجميل، يتجاوز ثلاثة مليارات دولار بحسب التقديرات، حيث يبلغ متوسط إنفاق الفرد على هذه المواد، ما يقرب من / ٣٣٤ / دولار، وهذه من أكبر النسب العالمية، كما تحتل مواد التجميل الخاصة بالعناية بالشعر، مرتبة مهمة في المبيعات في السوق الخليجية، بقيمة تصل إلى حوالي/٦٢٠/ مليون دولار، وبنسبة نمو مرتفعة جدًا تصل إلى ١٦ بالمائة، مما دفع كبريات شركات التجميل والعطور العالمية إلى الهرولة للسوق الخليجي، بهدف تحويل المنطقة إلى أكبر سوق لتجارة وتسويق منتجاتها.
أما في سورية، فقد ازدهرت هذه السوق بشكل واضح، وقد كشفت السنوات الأخيرة عن ازدياد ملحوظ في عيادات التجميل، وتصدرت أسماء الأطباء الاختصاصيين، ومراكز التجميل والعناية بالجسم والبشرة، وشغلت مساحات واسعة من صفحات ومواقع التواصل الاجتماعي، وسجلت أسعار العمليات التجميلية ومراكز الجمال، أرقاماً خيالية، الأمر الذي تبعه ارتفاعات موازية بأسعار مواد وأدوات التجميل، والعمليات المتدرجة كونها تستخدم المواد المستوردة، غير محلية، تأتي من مصادر خارجية، وتباع بالقطع الأجنبي تحديداً.
ومع ارتفاع معدلات الإنفاق المحلي على عمليات التجميل المختلفة وازدياد عدد زوار عيادات تجميل الوجه والأسنان، وارتفاع التكلفة، بشكل كبير، نقف طويلاً عند قائمة الأولويات خصوصاً أن رواد تلك العيادات من الشباب وصغار السن وغالبيتهم يسعى وراء تعديلات في الشكل والمظهر العام، غريبة عنا وعن مجتمعنا.
وأمام كل ما ذكر لا تزال تنقصنا المعلومات، والأرقام الدقيقة، حول حجم أو معدلات إنفاق السوريين على التجميل والجمال، وما لهما من مستحضرات وأدوات، حيث لا تزال هذه السوق خارج حسابات المهتمين، على ما فيها من صور وأرقام صادمة.
وكما بدأنا الحديث يبقى الاهتمام بالشكل حالة مطلوبة، لكن المبالغة فيه أمر مرفوض اجتماعياً، فجمال الروح والحضور والتفاعل هو من يقرب النفوس والقلوب بين الجميع.

سيرياهوم نيوز 6 – الثورة

x

‎قد يُعجبك أيضاً

«المطارنة الموارنة»: نرفض إبقاء النازحين السوريين في لبنان … خوري: المشكلة عند الأوروبي والأميركي

في الوقت الذي أكد فيه الأمين العام للمجلس الأعلى اللبناني السوري نصري خوري على جاهزية سورية لاستقبالهم خلافاً لما يتردد وأنها اتخذت كل الخطوات الممكنة ...