آخر الأخبار
الرئيسية » كتاب وآراء » لماذا سورية؟

لماذا سورية؟

قد يطرح السؤال: لماذا كل هذا الاستهداف لسورية؟ ، وهو سؤال له ما يبرره في ظل ما واجهته وتواجهه من تحديات منذ عشرات بل مئات السنين.

وللإجابة عن ذلك نشير إلى أن سورية من الدول القليلة التي كان لها تأثير في مسرح السياسة الدولية والصراعات التي شهدها تاريخ المنطقة فموقعها الجيوسياسي في شمال غرب آسيا وإطلالتها على البحر المتوسط وإشرافها على الممرات البرية الموصلة إلى مصر والطريق البرية بين العراق والمتوسط وشمال الجزيرة العربية أعطاها أهمية استثنائية وجعلها في الوقت نفسه في دائرة الاستهداف على مدى حركة التاريخ والى جانب فرادة المكان كانت سورية الطبيعية مهداً للديانات السماوية الثلاث ومركزاً لحضارات عريقة قدمت للإنسانية أعظم وأهم إبداعاتها في مختلف جوانب الحياة الإنسانية.

وعلى صعيد الأدوار التاريخية كانت دمشق عاصمة الدولة الأموية أكبر إمبراطورية عربية وإسلامية في التاريخ زادت مساحتها على 25 مليون كيلو متر مربع وفي دمشق وضعت ونفذت خطط الثورة العربية الكبرى عام 1916 وأعلن فيها عن قيام أول مملكة عربية عام 1919 بعد رفع أول علم عربي قبل ذلك بسنة واحدة.. ومن سورية انطلق وانبثق الفكر القومي العربي بتأسيس حزب البعث العربي الاشتراكي ليكون حزباً عابراً لكل الخرائط والهويات الضيقة.. ومعها قامت أول وحدة عربية في التاريخ الحديث وعلى أرض سورية الطبيعية قهرت أكبر قوتين استعماريتين استهدفتا المنطقة العربية حيث هزم الفرنجة في معركة حطين بجيش قاده البطل صلاح الدين الأيوبي سنة 1187م وبعد ذلك وعلى أرض بلاد الشام هزم التتار بعد أقل من مئة عام (1260) في معركة عين جالوت وهم الذين اجتاحوا العالم وقهروا أعظم الإمبراطوريات.

وفي عصرنا الحاضر في المرحلة التي تلت خروج المستعمر الأجنبي من المنطقة نلاحظ التجاذبات ذات الطابع المحوري حيث كانت سورية نقطة ارتكازها وتجاذباتها نظراً للأهمية التي أشرنا إليها، فعمل الجميع لخطب ودها أو احتوائها أو عبر سياسة العصا والجزرة بدءاً من مشروع ايزنهاور مطلع الخمسينيات إلى حلف بغداد.. مروراً بالإنزال الأميركي في لبنان 1958 بعد قيام الجمهورية العربية المتحدة التي شكلت تحدياً للمشروع الصهيوني في المنطقة وهو ما يفسر ضربها والتآمر عليها وعلى المشروع القومي العربي من خلال دعم القوى المتأسلمة والمتطرفة ممثلة بحركة الإخوان المسلمين التي ناصبت التيارات والقوى القومية العداء وخاصة في مصر وسورية بهدف إلحاق هزيمة تاريخية بها لاسيما أنها استلمت السلطة في مصر ثورة تموز 1952 وسورية ثورة البعث 1963.

لقد استطاعت سورية تجاوز كل المؤامرات التي استهدفتها منذ قيام ثورة آذار عام 1963 وحتى الآن واستمرت بفاعليتها وحضورها دونما أي تراجع على الرغم من الكلفة الباهظة التي تحملها الشعب العربي السوري وفاتورة التضحيات التي قدمها جيشنا العربي السوري دفاعاً عن سيادة سورية وحفاظها على موقعها العروبي المقاوم وقرارها الوطني المستقل وهويتها السياسية وكرامتها الوطنية إضافة إلى أن سورية مثلت وتمثل القلعة الأخيرة للعروبة والعرب فسقوطها يعني سقوطهم وطي ملف القضية الفلسطينية ونجاح المشروع الصهيوني الذي عمل منذ مئة عام على إسقاط وهزيمة المشروع القومي العربي الذي كانت ومازالت سورية رافعته التاريخية وحاملة لوائه بقوة واقتدار واعتزاز، ولعل كل هذا التكالب على سورية وجيشها وشعبها وقيادتها يروم ثنيها عن مواقفها وإخراجها من دائرة الفعل والقرار في المنطقة لينداح المشروع الأميركي الصهيوني بانسيابية ودون أي مقاومة، ويتحقق فحوى ما سمي شرق أوسط كبير أو جديد الكبير فيه هم الصهاينة وكيانهم الاستعماري والصغير أو الصغار فيه هم العرب..

من هنا تأتي أهمية أن يدرك من دخلوا حالة التيه السياسي وانعدام الوزن وأصابهم عمى البصيرة أن سورية تدافع عن وجود حضاري لأمة يراد لها أن تكون من مرويات التاريخ أو منسياته؟

(سيرياهوم نيوز-الثورة١٢-٤-٢٠٢١)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

سيناريوهات ما بعدَ الحربِ على غزّ.ةَ

  كتب:د.المختار     بعدَ مرورِ أكثرَ من ستةِ أشهرٍ على بدءِ الحربِ على غزّ.ةَ، وسقوطِ أكثرَ من 33 ألفَ .قتيلٍ و76 ألفَ جر.يحٍ، تبدو ...