آخر الأخبار
الرئيسية » كتاب وآراء » الثورة الطلابية الثانية…..(الجزء الاول)…..

الثورة الطلابية الثانية…..(الجزء الاول)…..

 

باسل الخطيب

المظاهرات الطلابية في الجامعات الأمريكية ليست حدثاً عادياً البتة….
هذه المظاهرات سببها الاحتجاج على السياسة الأمريكية الداعمة للعدوان الصهيوني على غزة، و هي عموماً تندد بهذه الحرب و تدعو إلى إيقافها…

لقد قال البعض أنها الاولى من نوعها على مستوى الجامعات… هذا ليس صحيحاً…

يحفل القرن العشرين بأحداث ليست سياسية أو عسكرية شكلت منعطفات أساسية في مجرى الأحداث على مستوى العالم، نحن نتحدث هنا عن حراك ثقافي أو فكري أو اجتماعي…
على فكرة هذا ما يميز القرن العشرين عن القرن الواحد و العشرين، الذي طغت فيه الآلة على العنصر البشري و صارت الطاغية في كل شؤون الحياة وصولاً إلى كرة القدم و الموسيقى….

عام 1968 شهد العالم ثورات طلابية اجتاحت العشرات من الدول، بدأت هذه الثورات بالثورة الطلابية في الجامعات الفرنسية، و كان عنوانها الأساسي الاحتجاج على الحرب الأمريكية في فيتنام، و تطورت أهدافها لاحقاً للاحتجاج على كل النظم السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية السائدة آنذاك…
انتقلت هذه الاحتجاجات إلى كثير من دول العالم كما أسلفنا( إنجلترا، ألمانيا، إسبانيا، إيرلندا، هولندا، يوغسلافيا، تشيكوسلوفاكيا، بولونيا، مصر، مكسيك، البرازيل….و غيرها)…
كانت مظاهرات عارمة و عنيفة، انضمت إليها فئات أخرى و تحديداً الطبقة العمالية، و اتسم تعاطي السلطات معها بالقمع و الوحشية في كل هذه البلدان…..

كانت هذه المظاهرات من القوة و الانتشار و التأثير (وعلى سبيل المثال) في فرنسا, أنها أجبرت الرئيس التاريخي لفرنسا شارل ديغول، على الهروب باتجاه ألمانيا سراً، و من ثم أجبرته بعد أشهر على الاستقالة….
و لمن لا يعرف من هو شارل ديغول هو الأب الروحي لفرنسا الحديثة، هو من قاد حركة فرنسا الحرة بعد أن هزمت فرنسا أمام ألمانيا النازية في الحرب العالمية الثانية و أصبح أكثر من نصف البلاد محتلاً، و هو من أعاد تثبيت فرنسا كدولة عظمى بعد نهاية هذه الحرب، ثم أنكفأ إلى بيته معتزلاً بعد أن أنجز مهمة تحرير بلاده من النازيين…

لكن الاضطرابات التي عاشتها فرنسا على المستويين الاقتصادي و السياسي منذ عام 1945 حتى عام 1958، و الهزائم العسكرية المتواصلة و المذلة التي تلقتها في كل مستعمراتها ( فيتنام، و الجزائر و غيرها)، و الفشل في العداون الثلاثي عام 1956، و اضطرارها للانسحاب من مستعمراتها في تونس و المغرب و بعض الدول الأفريقية الأخرى….
بسبب كل هذا، طالبت الأغلبية الساحقة من الشعب الفرنسي عام 1958 شارل ديغول أن يعود من عزلته و أن يتولى قيادة الدولة الفرنسية لإنقاذها….
و هذا ما كان، حيث كان ذلك بداية الجمهورية الفرنسية
الخامسة…
هذا هو شارل ديغول الذي أطاحت به الثورة الطلابية عام 1968….

أريد أن أشير إلى نقطة مهمة أن هذه الاحتجاجات قد دامت في عموم تلك البلدان اعلاه لعدة أشهر و في بعض الدول استمرت لأكثر من عام…
أضف إلى ذلك ساهم (التلفزيون) كثيراً في انتشار هذه الاحتجاجات، حيث كان يتقصد المتظاهرون إبراز عنف احتجاجهم أمام الكاميرات و وسائل الإعلام، و هذا ما أعطى هذه الاحتجاجات قوة الدفع و الانتشار والشعبية، لاسيما أن كل تلك الصور المنقولة أبرزت عنف و وحشية قوى الشرطة والأمن في التعامل مع المحتجين، والذي كانت حصيلته عدد كبير من الضحايا (قتلى وجرحى)، إضافة إلى آلاف مؤلفة من المعتقلين….
في الولايات المتحدة لوحدها بلغ عدد المعتقلين 127 ألفاً….

إذاً، انتقلت هذه الاحتجاجات إلى الولايات المتحدة أيضاً، و لم تقتصر الاحتجاجات فيها على معارضة الحرب الأمريكية في فيتنام فقط، إنما تعدتها إلى المطالبة بحقوق السود عبر (الحركة المدنية للسود)، لذا اتسمت بالانتشار الواسع و الزخم الكبيرين، ولاحقاً بالعنف الشديد، و بعد أن كانت مقتصرة على طلاب الجامعات و في حرمها انتقلت إلى الشارع، و انضمت إليها فئات أخرى….

هنا تجدر الإشارة في هذا السياق، أن الإعلام الغربي المنحاز دوماً و المدفوع برؤية معينة لا يحيد عنها، لا يذكر من هذه الاحتجاجات في كل تلك البلدان أو لا يركز إلا على ما أطلق عليه لاحقاً اصطلاح ( ربيع براغ)….
تشيكوسلوفاكيا كغيرها من كل الدول التي ذكرناها أعلاه، اجتاحتها المظاهرات الطلابية، وكانت في ذات السياق احتجاجات على النظم السياسة و الاقتصادية والاجتماعية السائدة آنذاك، ولكن لأن هذه الاحتجاجات في هذا البلد الشيوعي تخدم الرؤية الغربية في سباق الصراع الأيديولوجي الحاد بين المعسكرين الرأسمالي والشيوعي، كان يتم التعويم والإضاءة عليها دون غيرها من الاحتجاجات في بقية البلدان….
حتى تلك التسمية (ربيع براغ) تأتي في هذا السياق، أنه لايوجد شتاء بارد ومظلم ألا في الدول الشيوعية، وان الربيع كان يعم باريس وبرلين و لندن وروما والمدن الأمريكية، واتت هذه المظاهرات كنوع من الشغب والتشويش على هذا (الربيع)، أو كشكل من أشكال الحركات الطفولية الغوغائية الطوباوية العدمية، من قبل أناس غير مكتملي النمو العقلي والفكري والثقافي…
على فكرة من أطلق مسمى (ربيع براغ) هو صحفي في جريدة (الواشنطن بوست)، وقد تم تسريب التسمية له من قبل المخابرات المركزية الأمريكية CIA ، وذلك اقتباساً واسقاطاً من الأحداث التي شهدتها المجر عام 1956 احتجاجاً على الوجود السوفييتي، والتي تمت تسميتها (ربيع بودابست)….

يتبع….
(موقع سيرياهوم نيوز)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

السعودية والقضية الفلسطينية والحرب على غزة

  رأي مضاوي الرشيد   يكثر اللغط عند الحديث عن الموقف السعودي من الحرب الإسرائيلية الحالية على غزة والقضية الفلسطينية بشكل عام. وهذا ليس بالأمر ...