آخر الأخبار
الرئيسية » يومياً ... 100% » لماذا يعرف العالم الحرب أكثر من السلام؟

لماذا يعرف العالم الحرب أكثر من السلام؟

 

 

د. بسام الخالد

 

أثبتت الدراسات التاريخية أن أيام السلام تكاد تكون معدودة، قياساً بأيام الحرب، وفي إحصائية لأحد المعاهد السويدية المتخصصة، حول هذا الموضوع، أظهرت أن من بين 3465 سنة عاشتها البشرية، لم ينعم العالم بالسلام سوى بـِ 320 سنة، أي حوالي 10% فقط.

من هذا المنظور كان الاهتمام بأخبار الحرب يشكل النسبة الأكبر في اهتمامات الناس عبر التاريخ، ومنه تبلور مفهوم الخبر الحربي عبر العصور، وإذا ما عدنا إلى العصور القديمة نجد من خلال المكتشفات الأثرية أن الفراعنة القدماء دوّنوا أكثر من 100 لوحة صخرية لأخبار الحروب تم توزيعها على القادة وتتضمّن معلومات هامة عن سير المعارك وأخبارها، أما في العراق فقد كشفت التنقيبات الأثرية عن وجود أكثر من 200 لوح سجلها المحررون العسكريون الأُوَل، وهي عبارة عن رسائل بين الحكام والقادة، وفي سورية تم اكتشاف 16000 لوح طيني من الرُّقُم الفخارية التي كانت محفوظة في أرشيف مملكة إيبلا، وفيها قسم كبير عن أخبار الحروب وتطوراتها وعن المعاهدات العسكرية التي هي غاية في الدقة والتنظيم، وإن دل ذلك على شيء فإنما يدل على أهمية “الخبر العسكري” عبر التاريخ.

لقد تطور الخبر الحربي وتطورت معه الصحافة العسكرية في العصر الحديث واكتسب الصحفي العسكري أهمية بالغة لدرجة أن “اللوردات” في بريطانيا كانوا يحرصون على أن يكون أولادهم محررين عسكريين، لأن هذه المهنة تجعلهم متمرّسين بشتى صنوف الحياة الجادة والممتعة في آنٍ معاً، وقد سجل لنا التاريخ الحديث أن (لينين) كان مراسلاً عسكرياً ينقل الأخبار من جبهات القتال و( تشرشل) كان أول محرر عسكري في حرب القرم و(يفغيني بريماكوف) كان مراسلاً عسكرياً لصحيفة البرافدا السوفييتية سابقاً، أما (محمد حسنين هيكل) فكان أول مراسل عسكري عربي، وهناك شخصيات كثيرة في تاريخنا المعاصر لمعت أسماؤها كصحفيين يغطون أخبار المعارك، ليس آخرهم (روبرت فيسك) المراسل الحربي البريطاني الشهير.

لقد تطوّر مفهوم المراسل الحربي وتطور معه الإعلام العسكري بشكل ملحوظ، ولعل تغطية أخبار حرب الخليج الثانية كانت المنعطف الأهم لدور هذا الإعلام، حيث وصفها كثير من المراسلين بأنها “حرب تلفزيونية” بامتياز نظراً لبداية انتشار البث الفضائي وسيطرته في مضمار السبق الصحفي، لكن ذلك لم يلغِ دور الصحافة المقروءة التي تتسم بالعمق والتحليل والتركيز على الجوانب الإنسانية.

مما تقدم نستنتج أهمية أخبار الحروب وطغيانها على الأخبار الأخرى، حيث كانت وما زالت تحتل مركزاً متقدماً في قائمة الإعلام ماضياً وحاضراً وربما مستقبلاً في ظل الأزمات الدولية والصراعات المحتدمة في مناطق كثيرة من العالم ومنها المنطقة العربية.

بعد هذا العرض يحق لنا أنْ نتساءل: هل يتحقق حلمنا بقلب هذه المعادلة ونشهد أيام السلام والطمأنينة تعمّ العالم بدلاً من الحروب، وهل تتحقق أمنيات البشرية بعالم تسوده المحبة والوئام بدل إراقة الدماء، أم أن البشرية استمرأت لعبة القتل حنيناً إلى طبيعتها الأولى متمثلة “قابيلها وهابيلها”؟!

(خاص لموقع اخبار سورية الوطن-سيرياهوم نيوز)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

بأي آلاء الحق تكذبون؟ …

  بقلم: د. حسن أحمد حسن غريبٌ أمرُ الردَّاحين الذين من كل حدب وصوب يتقاطرون… يتقاسمون ما أُمْلِيَ عليهم من مصطلحات هجينة مشبوهة ومشوهة ما ...