آخر الأخبار
الرئيسية » ثقافة وفن » مسلسل «مال القبان» يكشف واقع كواليس سوق الهال … من بيئة واحدة يقدم صورة مصغرة عن الفقر والجشع والفساد

مسلسل «مال القبان» يكشف واقع كواليس سوق الهال … من بيئة واحدة يقدم صورة مصغرة عن الفقر والجشع والفساد

مايا سلامي

 

من خيط صغير ينسج الثنائي علي وجيه ويامن الحجلي أحداث رواياتهما التي تشرّح الواقع وتكشف أسرار فئات اجتماعية قلما سُلطت الأضواء على كواليس حياتها وعلاقاتها، فصنعا لنفسيهما خطاً فنياً خاصاً ومميزاً سارا فيه برفقة المخرج سيف سبيعي الذي أضحت كاميرته عدسة مكبرة تبرز الجوانب الصغيرة والمظلمة في المجتمع.

 

وفي الموسم الرمضاني الحالي يسطّر هؤلاء الثلاثي نجاحاً جديداً في مسلسل «مال القبان» الذي تدور أحداثه ضمن سوق الهال بكل ما فيه من أسرار تقوم على العلاقات والمصالح الشخصية والمضاربات التي تنعكس بشكل أو بآخر على الشخصيات التي تعمل فيه، ومن بيئة واحدة يقدمون صورة مصغرة عن واقع الفقر والجشع والفساد والحاجة التي باتت تحكم الجميع.

 

ويجمع العمل على قائمة أبطاله: بسام كوسا، سلاف فواخرجي، خالد القيش، يامن الحجلي، حلا رجب، ختام اللحام، روبين عيسى، ملهم بشر، صفاء رقماني، بلال مارتيني، نجاح سفكوني، الراحل محمد قنوع، فادي الشامي، سليمان رزق، موفق الأحمد، سعد مينا، مريم علي، تسنيم باشا، وغيرهم.

 

لوحة متكاملة

 

يجد المشاهد في هذا العمل لوحة متكاملة ومتآلفة العناصر بدءاً من النص الذي دخل بالكثير من التفاصيل الخاصة التي تتعلق ببيئة الأسواق الكبرى لبيع الخضر والفواكه، كاشفاً أن ما يحدث بداخلها لا يتم بصورة فوضوية أو عبثية وإنما بأسلوب ممنهج ومنظم تحكمه أيديولوجية خاصة أساسها المنافسة غير الشريفة في الكثير من الأوقات. كما نجح صناعه بربطه بمجموعة من النقاط الإنسانية والاجتماعية الأخرى التي سارعت بأحداث العمل وجعلتها تسير بوتيرة تصاعدية خلال الحلقات العشر الأولى التي أضيفت إليها مسارات جديدة أوجدت الكثير من الإثارة والتشويق. بالإضافة إلى تضمينه أحداثاً توثيقية جرت في الماضي وكيفية استغلالها من التجار مثل حصار الثمانينيات وسقوط بغداد.

 

ووظفت الصورة بنجاح لخدمة النص وكانت مكملاً له بالمصداقية والواقعية التي حملتها، وبالديكورات والأجواء المرافقة لها من موسيقى وأغنيات جعلت الكاميرا تتكلم وحدها وتنقل الكثير من المشاعر والأحاسيس لتضع الجمهور في قلب الحالة والمشهد.

 

كما جاء اختيار الفنانين الكبار والشباب موفقاً وذكياً، حيث أبدع كل منهم في مكانه وكان بطلاً في مساحته الخاصة وهذه نقطة تحسب لصناعه الذين دائماً ما يحرصون على البطولة الجماعية ويكونون دقيقين في اختياراتهم بحيث تسند الأدوار والشخصيات إلى نجوم يتألقون ويبدعون فيها.

 

رأس الهرم

 

يشكل الفنان القدير بسام كوسا رأس الهرم الذي تلتقي عنده جميع خطوط العمل من خلال شخصية «نعمان الزير» الذي تلده أمه في «سوق الجبر» بعد هربها من زوجها، فينشأ ضمن هذه البيئة التي تزرع بداخله الحقد والكره وتسبغه بصفات الجشع والأنانية، فيكبر وينكر جميل والدته التي أمنت له العيش الكريم وجعلته من كبار تجار وملاك السوق. وكعادته يبدع الجوكر بتجسيد شخصيات الشر فهو هنا تاجر مراوغ وأب ظالم وابن عاق، معبوده الوحيد المال الذي يسعى إلى تحصيله بمختلف الأساليب فيلحق الضرر بالفلاحين والتجار، ويسيطر على أولاده الذين يستغلهم ليحققوا مصالحه الخاصة دون الاكتراث بأمنياتهم وأحلامهم ومن يخالف رأيه يطرد من رحمته.

 

قيمة مضافة

 

ويجتمع بسام كوسا مع الفنانة اللبنانية ختام اللحام التي تجسد دور والدته «عدوية» بمشاهد استثنائية شكلت قيمة مضافة للعمل تكامل فيها الإبداع الحسي والتمثيلي وعكست تناغماً كبيراً بينهما.

 

فدخلت النجمة اللبنانية العمل بحلقته الثانية بكل قوة وهي متمكنة من اللهجة السورية في لحظة زادت الأجواء المرافقة لها من عظمتها، لتخرج بأدائها المثالي وصوتها الجهور بدعواتها على ابنها العاق وهو يستمع إليها عند الباب وعيناه تحكيان الكثير من معاني الحزن والندم، فهو في لحظة من اللحظات لا يستطيع أن يتجرد من شعوره بحاجته إليها فيعود إلى حضنها كما الطفل الصغير عندما يموت صديق طفولته «أبو راما» فتستقبله بحنان الأم وتنحي خلافاتهما جانباً، في مشهد حمل جرعة عالية من المشاعر الدافئة.

 

مسار جديد

 

في الحلقة السادسة تدخل الفنانة سلاف فواخرجي العمل بشخصية «الدكتورة رغد» التي تخرج من السجن بعفو رئاسي، وتضيف إلى الأحداث روحاً مميزة ومساراً جديداً يربط الماضي بالحاضر ويذكر بالحرب السورية التي قلبت حياة البعض رأساً على عقب.

 

وأبدعت فواخرجي منذ مشاهدها الصامتة الأولى بالحديث بلغة الجسد والعيون لتعبر عن مشاعرها المتناقضة بين الخوف والغربة والسعادة والشوق التي تحملهما في داخلها، فأظهرت أدواتها الاحترافية العالية التي نقلت أحاسيسها بصدق وشفافية إلى المشاهدين.

 

موهبة شابة

 

يلفت الأنظار الممثل الشاب سليمان رزق بأدائه الناجح لشخصية «أبو رموش» التي تماهى معها إلى أبعد الحدود بمظهره الخارجي وملابسه وإكسسواراته، وطوع لها أدواته التمثيلية التي وظفها بمنتهى البراعة من لغة الجسد وطريقة الكلام، فأبهر المتابعين الذين أشادوا بأدائه في منصات التواصل الاجتماعي.

 

وفي هذا العمل يجسد شخصية مركبة لشاب متسلط يعمل في «سوق الجبر» ويجمع حوله عدداً من الصبية الذين توكل إليهم مهمات مختلفة ليجنوا المال، وببراعته أضاف لهذه الشخصية شيئاً من الطرافة التي جعلتها محببة للجماهير.

 

ثنائية مميزة

 

وقدم كل من ملهم بشر وتسنيم باشا ثنائية مميزة عكست حالة إنسانية صعبة ومؤلمة لأب وأم في مقتبل العمر تضطر أن تجهض طفلها الثالث لعدم مقدرتهما على تحمل أعبائه المادية فتخسر حياتها بعد ذلك.

 

وبرع ملهم في تصوير حالة الرجل المنكسر والمهزوم الذي تعارضه الدنيا وتأتيه بضربات متتالية وكان من السهل قراءة ذلك في عينيه اللتين نجح باستخدام لغتهما، وقدم مشهد وفاة زوجته بجرعة عالية من المشاعر وهو يمشي بها في السوق ولا يتوافر معه المال اللازم لدفنها.

 

سيرياهوم نيوز1-الوطن

x

‎قد يُعجبك أيضاً

أكاديميون ومثقفون مصريون يجيبون عن سؤال الساعة: ما الذي يمكن أن تتمخض عنه الانتفاضات الطلابية في أمريكا؟ وأي تداعيات ستترتب على حالة احتقار الذات العربية؟

ما الذي يمكن أن تتمخض عنه حركة الاحتجاجات الطلابية في الجامعات الأمريكية؟ وما التداعيات المُحتملة لحالة احتقار الذات العربية بعد كل ما جرى؟! سؤالان طرحناهما ...