| بقلم سعد الله بركات
من سمع عن شيوخ الكار الصحفي ،ليس كمن قرأ عنهم ، أو تتبع غنى مسيرتهم المهنية ، في ذاك الزمن الظنين بوسائل الاتصال والتواصل ، كما بسبل الحصول على المعلومة ، وهي زاد الصحفي على مدار الساعة ، بالكاد كان يفوز بها ، وبعد جهد جهيد ،أو حنكة ومسالك ليست بالضرورة مباشرة .
قلت شيوخ كار الصحافة ، وعنيت أبرزهم ، ومن جمع المجد من طرفي الصحافة والأدب ، ألا وهو عبد الغني العطري ، وقد تربع على عرش صاحبة الجلالة بكل جدارة على مدى سنوات أواسط النصف الأول من القرن العشرين ، ومابعد ….
ومن أسف شديد ، كنت ممن سمع ، أو قرأ ما تيسر عنه ، لكن الصديق الباحث غسان الكلاس ، كان محظوظا ، فقد عايشه عن قرب ، واقتفى آثاره ، فعاد بجهد مثمر صاغه في كتاب ،، عبد الغني العطري ..أديب الصحفيين وصحفي الأدباء ،، الصادر عن دار المقتبس ،دمشق – بيروت ٢٠٢١.
ليس جديدا على أبي حازم ،هذا الشغف في تتبع نتاج المبدعين ، وبذل ما استطاع من جهد بحثي ، ليضعها من جديد وعلى نحو مبوب ، بين يدي القراء أو الباحثين ، لقد سبق وكتب عن عديدين ، من نزار قباني ، إلى كمال فوزي الشرابي ومن جايلهم ، فجهد الكلاس ، بعض من وفاء ، لإبداع ومبدعين ، ولدمشق، عبر المحتفى به عاشقها المبدع كما المؤلف الذي أهدى الكتاب ،،إلى الذين كرسوا الوفاء ومارسوه سلوكا وحياة ، أسرتي وبعض الأصدقاء،،
تحت عنوان ،،عبقرية الصحافة والأدب ،، يمهد الكاتب لمؤلفه فيقول:،،عرفته أديبا متميزا ، وقرأته صحفيا رائدا. وعايشته إنسانا صادقا …غيري النفع والطموح ….،، ..
شق العطري طريقه واسعا، في عالم الصحافة ، وبرفق أدبي محبب يقودنا في منعرجات هذا الطريق ، فما أن أطلق أسبوعية ،،الصباح،، ١٩٤١، ثم ،، الدنيا ،، ١٩٤٥،- ولكل منهما قصة وحكاية زينت فصول الكتاب – ، حتى أفسح المجال لأقلام عدة ،وحفز مواهب ، قبل أن يطلق كتاب الشهر ، لكن عام ١٩٧٠ يمم وجهه شطر الأدب ، ترجمة وإبداعا ، فأصدر كتبه،، دفاع عن الضحك ، همسات قلب ، ثم سلسلة العبقريات،، التي حظيت بتقريظ نزار قباني..
على مدى 256 صفحة من القطع العادي ، تتوالى فصول الكتاب ال١٩ ، متناسقة متكاملة ،على نحو مترابط يشد القارئ للمتابعة ، فلا ينفر من تطويل أو حشو، بل يفيد من معلومات ولغة برع المؤلف بها كما العطري ،سلاسة في التراكيب ، وبلاغة الأسلوب ، محمولة على وضوح المعنى كما المقصد ، من دون عبء ولاملل.
فاتحة الفصول ، ملامح سيرة العطري الذاتية ، واعترافات شامي عتيق ، لتكر السبحة : عبقريته الصحافية ، هوس المهنة ، بين الأدب والصحافة ، تحديات ومواقف ، مؤلفاته، باعه الطويل في القصة والترجمة، رجال ونساء في حياته، أدبه الساخر والضاحك ، العطري مكرما ، شهادات وآراء به من كبار الصحافيين والأدباء ، قبل أن يتوجه بملف الصور الدلالية والتوثيقية …فضلا عن المصادر والمراجع …
رحل العطري مطالع الألفية ،، ولكنه موجود عبر ما نقرأه ، فأريج عبقه يفوح من ثنايا آلاف الصفحات ،،التي سطرها عصارة تجربة فريدة وثمار تميز وإبداع ، لعلها تحظى بمتابعة الناشئة عبرة تجذر لا اقتلاع…
الكتاب : ،،عبد الغني العطري ،أديب الصحفيين وصحفي الأدباء،،
الكاتب : د. غسان الكلاس
الناشر : دار المقتبس ،دمشق وبيروت ٢٠٢١
مراجعة : سعدالله بركات
(سيرياهوم نيوز3-السادس عشر من تموز2022)