«أن تأتي متأخراً خيٌر من ألا تأتي», فبعض العلاجات ولو جاءت متأخرة قد تحل مشكلات وتقضي على المرض الذي كنا نعتقده مزمناً, ولكنه يظهر طبيعياً عارضاً يمكن الإحاطة به وهذا لا يخرج عن الإطار الهامشي الذي كنا نشخّص ونطالب بالعمل الجاد لتجاوز الخلل وهو كثير ومنتشر أفقياً وعمودياً، وما نحن بصدده هو الدعوة لزراعة المساحات الصغيرة بالقمح لتأمين المستلزمات والحاجة, المقدرة بمليون طن للخبز و ٣٦٠ ألف طن كبذور و ٦٠٠ ألف طن للكعك والمعكرونة، هذه الكميات التي نضطر لاستيراد جزء منها ما يكلفنا من عملة صعبة قد نحتاجها لضروريات أخرى، و منذ بدء الحرب المعقدة و التوقع بتكثيف الهجوم الإرهابي الاقتصادي على البلد نادينا بالترويج وتشجيع الزراعات المنزلية المحلية وبطرق مختلفة لتخفيف الأعباء عن الحكومة وتأمين الضروريات وحتى تحقيق الفوائض مادامت تتوفر كل الإمكانات والسبل، ولكن للأسف كانت الاستجابة ضعيفة والتشجيع خجول ليأتي وزير الزراعة وينادي بتشجيع زراعة المساحات الصغيرة واستثمارها بالقمح وهو ما قد يكون علاجاً لصعوبة تأمينه في المناطق غير المسيطر عليها، وكلنا سمع عن حجم الخسارة التي أصابت المحصول في أحد أماكن التخزين في الحسكة نتيجة الهدر والسرقة وسوء التخزين وصعوبة جلبها لأماكن الحاجة وكذلك ضياع ٥٠٠ طن في أحد الموانىء، و كنا نسمع سابقاً بحرق الحقول بانتشار أفقي كبير و بكميات كبيرة و كله من أجل إنجاح التفقير الاقتصادي لفرض أجندات سياسية لا تناسب البلد ولا يوافق عليها المواطنين وبما يقوّض التضحيات والدماء و الصبر والصمود الشعبي، ومثلما توقعنا الإرهاب الاقتصادي أخطر وأصعب من العسكري المواجه من المؤسسة العسكرية و المنضبط لتوفر القوة والإرادة.
وليكون وقع العقوبات والحصار و الترهل والتراخي أكبر وأصعب وهو ما نجده من معاناة أغلب المواطنين في ظل أزمات متكررة نتيجة الخنق الاقتصادي وصعوبة تأمين المواد, ومنها أزمة الانتظار الطويل لتأمين الخبز و فوضى الأسعار وهذا ما يجعلنا نعرّج على ما نقل عن لسان الوزير و لكنه لاحقاً كذّب الموضوع, علماً أنه كذلك قد يكون ذا فائدة إن أمنت أدوات إنجاحه وهو تأمين الخبز في الأرياف عن طريق الخبز الذاتي المنزلي أو عدة منازل كالتنور و الصاج وغيره، وهذا الطرح لاقى تصدياً (فيسبوكياً) ونوعاً من الاستغراب بحجة عدم توفر المواد، و حسب ظني فإن تزعزع الثقة بين المواطن وبعض الجهات المعنية نتيجة المعاناة والظروف ونتيجة تصريحات كانت بعيدة عن الواقع هي أهم أسباب الانزعاجات المتلاحقة التي لن تخف إلا بتخفيف معاناتهم عبر تحسين مستوى المعيشة والعدالة بتأمين المواد والإحاطة بالفساد المعرقل لأي حلول وصانع السوق السوداء لكل المواد.
المهم ؛ (الفورة) القمحية حاجة وضرورة جاءت متأخرة ونحن في أحلك الظروف و بدء العمل لها و ننتظر (فورات) ونيات حسنة و جهوداً مثمرة كثيرة لتجاوز صعوبات الحياة و مواجهة العقوبات والحصار و أدوات الفوضى السعرية المتلاعبة بلقمة عيش المواطن
(سيرياهوم نيوز-تشرين)