علمت “الوطن” من مصادر خاصة أن المصرف التجاري خفض سقف السحب عبر نقاط POS إلى 200 ألف ليرة أسبوعياً بعد أن كان 500 أسبوعياً، وذلك بالتزامن مع زيادة سقف السحب عبر الصرافات الآلية ATM. كما تم تخفيض سقف السحب الشهري عبر صرافات المصرف العقاري إلى 1.2 مليون ليرة شهرياً، أي بمعدل 600 ألف في السحبة ولمرتين فقط خلال الشهر. أي إن السياسة المصرفية تتجه نحو زيادة حبس السيولة.
الخبير الاقتصادي والمصرفي الدكتور إبراهيم نافع قوشجي رأى أن تشدد المصرف المركزي السوري في حبس السيولة يعود لأسباب اقتصادية كامنة تهدف للسيطرة على التضخم. حيث يسعى البنك المركزي لتقليل الكتلة النقدية المتداولة بهدف كبح التضخم الذي تفاقم نتيجة ضعف الإنتاج المحلي وارتفاع الأسعار، إضافة إلى ضعف الاحتياطي النقدي بسبب انخفاض احتياطات العملات الأجنبية، ما يدفع المصارف لتقنين السحب النقدي لتجنب استنزاف السيولة. كما أن الحد من المضاربة على الدولار عبر تقليل السيولة يهدف إلى تقليص الطلب على الدولار في السوق السوداء، وخاصة مع الفجوة الكبيرة بين السعر الرسمي والموازي.
ولفت أستاذ الاقتصاد في حديثه لـ”الوطن” إلى تأثير الإجراءات في حركة السيولة والسوق، من جهة انكماش التداول النقدي، حيث يحد تقنين السحب من قدرة الأفراد على الإنفاق، ما يؤدي إلى تباطؤ في الحركة التجارية، وخاصة في القطاعات غير الرسمية، وزيادة الاعتماد على السوق السوداء. قد يلجأ البعض إلى وسائل غير رسمية للحصول على السيولة، ما يعزز اقتصاد الظل ويضعف الرقابة المالية. ناهيك عن تراجع الثقة بالمصارف في ظل الطوابير أمام الصرافات وتكرار الأعطال التقنية، ما يخلق حالة من الإحباط ويزيد من عزوف المواطنين عن التعامل المصرفي.
وعن إمكانية أن تدفع هذه السياسات نحو المعاملات الإلكترونية، أشار قوشجي إلى أن ذلك ممكن ولكن بشروط. السياسات الحالية قد تدفع نحو الرقمنة، لكن ذلك يتطلب بنية تحتية قوية، وثقة المستخدمين، وتغطية شاملة للخدمات. واستعرض الدكتور التحديات التي تواجه ذلك، وهي ضعف الإنترنت في بعض المناطق، ومحدودية الثقافة المالية الرقمية، وغياب الحوافز الحقيقية لاستخدام التطبيقات الإلكترونية، وعدم تكامل المنظومة بين المصارف والتجار.
وحول إمكانية أن يكون تطبيق شام كاش بديلاً لتحويل رواتب المتقاعدين أسوة بالموظفين، قال: جزئياً، بدأ تطبيق شام كاش يُستخدم لتحويل الرواتب في بعض المؤسسات الحكومية، ويوفر خدمات مثل السحب والإيداع وتحويل الأموال. معتبراً أن لذلك إيجابيات منها تقليل الازدحام أمام الصرافات، وسرعة التحويلات، ودعم التحول الرقمي الحكومي. وأضاف قوشجي: أما السلبيات فهي مشاكل تقنية في التحديثات وفقدان كلمات المرور، محدودية التغطية الجغرافية، وضعف الثقة لدى كبار السن أو غير الملمين بالتقنية.
وبالنسبة لتأثير سياسة حبس السيولة على سعر صرف الليرة السورية، رأى الأستاذ الجامعي أن لها تأثيراً مباشراً وغير مباشر. فتقنين السحب قد يقلل الطلب على الدولار مؤقتاً، لكنه لا يعالج الأسباب الهيكلية لانخفاض الليرة. واستمرار الفجوة بين السعر الرسمي والموازي (حالياً نحو 10,450 ليرة للدولار في دمشق) يعكس ضعف فعالية السياسات النقدية. معتبراً أن التعليمات الجديدة بشأن الحسابات بالدولار تهدف إلى وقف التحايل على سعر الصرف، لكنها قد تزيد من عزوف المستثمرين عن التعامل الرسمي.
اخبار سورية الوطن 2_وكالات _الوطن