آخر الأخبار
الرئيسية » مجتمع » اللطف الزائد لا يصنع السعادة!

اللطف الزائد لا يصنع السعادة!

 

 

رغم أنّ اللطف يُنظر إليه عادةً كميزة إيجابية، إلا أن بحثاً جديداً يشير إلى أن المبالغة فيه قد لا تجعلنا أكثر سعادة، بل ربما تُقلل من شعورنا بالرضا عن الحياة. فوفقاً لمقال نُشر في مجلة Psychology Today استناداً إلى دراسة من جامعة أوميو السويدية (Umeå University)، فإن الأشخاص الذين يتّسمون بدرجة عالية من الدماثة (Agreeableness) قد يواجهون صعوبة في تحقيق المكانة الاجتماعية أو الشعور بالإنجاز الشخصي، رغم أن الجميع يحب وجودهم.

 

حين يصبح اللطف عبئاً!

تطرح أستاذة علم النفس والعلوم العصبية في جامعة ماساتشوستس، سوزان كراوس ويتبورن، سؤالاً جوهرياً: لماذا قد «ينتهي اللطفاء في المؤخرة» كما يقول المثل الشائع؟

 

في هذا السياق، تتناول ويتبورن في مقالٍ نُشر عبر Psychology Today المثل القائل إن «الطيّبين ينهون السباق في المركز الأخير»، متسائلةً عن السبب الذي يجعل الأشخاص اللطفاء أقل حظاً في النجاح أو الرضا عن حياتهم.

 

ففي رأيها، قد يكون الشخص اللطيف محبوباً من الجميع، ولكنه لا يُختار بالضرورة لقيادة الآخرين، لأنّ دافعه الأساسي هو أن يكون محبوباً لا أن يكون مُعجباً به أو مُحترماً، ما قد يؤثر على مكانته أو شعوره بالرضا الذاتي.

 

الدماثة والرضا عن الحياة

في دراستهم المنشورة عام 2021 في Journal of Psychosomatic Research، قام العالمان فيليب فورس كونولي وإنغمار يوهانسون سيفا من جامعة أوميو السويدية بتحليل العلاقة بين «الدماثة» ومستوى الرضا عن الحياة. ووجدا أن الأشخاص الذين يتمتعون بقدر عالٍ من اللطف قد يكونون أكثر اهتماماً بأن يكونوا محبوبين من أن يكونوا محل إعجاب أو احترام.

 

وكما يوضح الباحثان: «يمكن أن نحترم شخصاً لا نحبه (كمنافس بارع)، كما يمكن أن نحب شخصاً لا نحترمه (كصديق ظريف عديم الجدوى)».

 

يشير الباحثان إلى أن المكانة الاجتماعية تتكوّن عادة من عاملين أساسيين، هما: القيمة الأداتية الاجتماعية (التي تُترجم إلى الاحترام أو المكانة)، والقيمة العلائقية (المرتبطة بالشعور بالانتماء أو المحبة).

 

ويفترض الباحثان أن الأشخاص الشديدي اللطف يحققون مستويات عالية من «القبول الاجتماعي»، ولكنهم قد يفتقرون إلى «الاحترام» أو «الإعجاب»، ما يجعلهم أقل رضا عن حياتهم على المدى الطويل، وكأنهم «بساط يُداس عليه».

 

4000 مشارك… ونتائج لافتة

اعتمدت الدراسة على عينة مكوّنة من نحو 4000 بالغ، ووجدت أن الأفراد الذين سجّلوا درجات مرتفعة في الدماثة كانوا عموماً أقلّ رضا عن حياتهم، إلا في حال كانوا يتمتعون أيضاً بدرجة عالية من القبول الاجتماعي والعلاقات الإيجابية.

 

وبالمقابل، أظهرت النتائج أن الأشخاص المنفتحين اجتماعيّاً (Extroverts) يميلون إلى امتلاك مستويات أعلى من القبول والمكانة معاً، وهو ما انعكس إيجاباً على رضاهم العام عن الحياة.

 

وأضاف الباحثان: «إذا كان الشعور العالي بالرضا عن الحياة يعتمد على أن يكون الإنسان محبوباً ومُعجباً به في آن واحد، فإن السمات التي تُعزز هذين البعدين معاً سيكون لها أثر أكبر مقارنة بتلك التي تُحقق أحدهما فقط».

 

بعبارة أخرى، قد يدفع اللطف الزائد ثمنه في شكل موارد نفسية أقل مكرّسة لتغذية الشعور بالرفاه الذاتي، بل إن الإفراط في إرضاء الآخرين قد يفتح الباب للاستغلال، لأن الشخص الذي يضع مصالح غيره دوماً في المقدمة قد لا يجد وقتاً لرعاية مصالحه الخاصة.

 

هل يمكن أن نكون لطفاء «أكثر من اللازم»؟

يرى الباحثون أن أنماط الشخصية الإيجابية تظل ذات قيمة عالية، ولكن من المهم إدراك مخاطر الإفراط في اللطف. فأن تكون لطيفاً لا يعني أن تكون متنازلاً دائماً أو أن تضع نفسك في المرتبة الأخيرة.

 

الوعي بهذه التحديات قد يساعد على تعديل الأولويات لتحقيق توازن صحي بين التعاطف مع الآخرين والاهتمام بالذات.

 

يقول الباحث صامويل هنري من جامعة تارتو في إستونيا إن النتائج تحمل دلالات عملية مهمة، إذ يمكن للأنظمة الصحية مثلاً استخدام اختبارات الشخصية لرصد الأشخاص الذين يُحتمل أن يواجهوا صعوبة في إدارة صحتهم أو التزامهم بالعلاج. «فالشخص الذي لا يرى نفسه منظّماً قد يجد صعوبة في الالتزام بالأدوية، ومن لا يشعر بأنه نشط قد يحتاج إلى دعم إضافي للتحرك وممارسة النشاط البدني»، يوضح هنري.

 

تؤكد الدراسة أن اللطف قيمة إنسانية نبيلة، ولكنها ليست طريقاً مضموناً للسعادة. فالشخص اللطيف الذي يفتقر إلى القدرة على فرض حدوده أو التعبير عن احتياجاته قد يجد نفسه أقل رضا عن الحياة رغم محبة الجميع له.

 

ومع ذلك، فإن الوعي بهذه الديناميكية يمكن أن يكون الخطوة الأولى نحو تحقيق توازنٍ صحي بين الطيبة و«الحزم الواعي» (assertiveness)، أي الحزم الذي يحمي الذات دون إيذاء الآخرين.

 

 

 

 

أخبار سوريا الوطن١-الأخبار

x

‎قد يُعجبك أيضاً

الأمم المتحدة: الجوع يفتك بعشرات الأطفال وكبار السن بالسودان

  أعلن مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية “أوتشا” عن قلقه العميق إزاء ‏تدهور الأوضاع في مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور ‏المحاصَرة، مؤكداً وفاة عشرات ...