آخر الأخبار
الرئيسية » ثقافة وفن » بصمات مبدعة..منى واصف.. مائتا عمل فني وستون عاماً من الإبداع

بصمات مبدعة..منى واصف.. مائتا عمل فني وستون عاماً من الإبداع

 سامر الشغري

رحلة طويلة مع الفن مستمرة منذ 60 عاما وحصيلة 200 عمل في المسرح والتلفزيون والسينما جعلت من النجمة منى واصف صاحبة الرقم القياسي في تاريخ الفن السوري المعاصر ولكن لقب سنديانة الدراما السورية استحقته بأدوار نوعية حفرت في ذاكرة الجمهور طوال عقود ولم تزل.

سيرة حياة الفنانة القديرة واصف ترويها بنفسها مبينة أنها من مواليد مدينة دمشق في التاسع من شباط سنة 1942 واسمها الحقيقي منى واصف جلميران كانت كبرى شقيقاتها الثلاث وكان طموحها أن تصبح أديبة فكانت تكتب وتلقي الخطب في الاحتفالات المدرسية ولكن انفصال والديها جعلها تعيش طفولة غير سعيدة واضطرتها ظروف أسرتها أن تترك الدراسة بعد أن نالت شهادة الدراسة الإعدادية سنة 1956 وتنخرط في سوق العمل.

عملت منى في مهن متقاربة تلائم الفتيات في العادة فاشتغلت في محل لبيع الأزياء النسائية ثم عملت كعارضة أزياء فشاركت في مهرجانات للقطن بحلب وفي عروض أزياء بلبنان ولكن شغفها بالفن جعلها تنتسب لفرقة أمية للرقص الشعبي التي كانت في طور التأسيس حيث وجدت فيها فرصة للترويح عن نفسها.

في تلك الفترة قرأت منى إعلانا في جريدة عن حاجة المسرح العسكري في سورية لفتيات يعملن في الرقص والتمثيل فتقدمت للمسابقة هي وشقيقتها هيفاء ونجحتا معا فظهرت لأول مرة على الخشبة بدور بطولة في عرض حمل عنوان “العطر الأخضر” للمخرج الراحل محمد شاهين الذي أصبح زوجها لاحقا.

ورغم أن منى تصف مشاركتها المسرحية الأولى بالفاشلة لأن الصحافة الفنية وقتها انتقدت أداءها قررت خوض التجربة مجددا لأنها أحبت الخشبة ومواجهة الجمهور فأخذت تقرأ بكثافة وتسعى لتثقيف نفسها لتشارك بدور صغير هذه المرة في مسرحية بعنوان “الساعة 12” وحققت عبره نجاحا لافتا وعرضه التلفزيون العربي السوري.

وبعد سلسلة عروض قدمتها منى مع المسرح العسكري وكانت جميعها أعمالا كوميدية وباللهجة المحكية طمحت لتقديم عروض مختلفة وبالفصحى وذات طابع جاد ورصين كالتي كانت تقدمها فرقة ندوة الفكر والفن للراحل الدكتور رفيق الصبان الذي استدعاه لتؤدي دور البطولة في مسرحية تاجر البندقية لشكسبير.

بعد ذلك عملت منى مع فرقة الفنون الدرامية التي انضوت لاحقا بالمسرح القومي فشاركت بسلسلة عروض عربية وعالمية من “الزير سالم” و”أوديب ملكا” و”موتى بلا قبور” و”طرطوف” و”لكل حقيقته” و”المفوضة” و”جونا والطاووس”.

وتنظر فنانتنا القديرة لرحلتها مع المسرح بكثير من المحبة والوفاء وتؤكد بأنه صنع منها شيئا عملاقا في داخلها فانكبت على دراسته ومطالعة أهم وأشهر نصوصه وقراءة نظرياته فتعمقت بدراسة منهج الروسي ستانيسلافسكي المسرحي وحصلت على منحة من ألمانيا للاطلاع على مسرح بريشت ما جعل عشاق هذا الفن يطلقون عليها لقب سيدة المسرح سنة 1966.

أما رحلة منى مع الدراما فبدأت مع انطلاقة التلفزيون العربي السوري فشاركت بتمثيلية حملت عنوان “ميلاد ظل” سنة 1961 ثم شاركت بمسلسل بعنوان “أسود أبيض” عام 1964 وكان لها حضور كوميدي لافت لم تكرره كثيرا في أعمالها اللاحقة مع مسلسل “حمام الهنا” للثنائي دريد ونهاد سنة 1968.

وجاء عقد السبعينيات ليحمل انطلاقة نوعية في حضور منى في الدراما فأدت أدوار البطولة في أعمال لا تنسى من زقاق المايلة ودليلة والزيبق وساري ولكن أهمهم على الإطلاق أداؤها لشخصية منيرة في أسعد الوراق وصرختها المشهورة التي ختمت بها العمل مع أغنية بيلبقلك شك الألماس.

قدرات منى التمثيلية العالية التي نمتها عبر خشبة المسرح وإتقانها للغة الفصحى جعل منها مقصدا دائما لمخرجي الدراما فظهرت في أكثر من 170 مسلسلا وأدت شخصيات متنوعة من البدوية مثل ساري والتاريخي مثل الخنساء وعز الدين القسام والذئاب والكوميدي مثل وادي المسك والشامية مثل أبو كامل وليالي الصالحية والدرامي مثل الخشخاش وعصي الدمع والهيبة لتبقى عبر كل هذه الأعمال طوال عشرات السنوات اسما يحصد أدوار البطولة أمام ممثلين من مختلف الأعمار والأقطار.

أما في السينما فتذكر منى التي بدأت مشوارها مع الفن السابع منذ عام 1966 أنها لم تدرس حينها هذه الخطوة جيدا ولم تختر أدوارها عن دراسة وبعضها لم يرتق لتجربتها المسرحية ولا سيما أن عددا من أفلامها كان من إنتاج القطاع الخاص لذلك تجد أنها وفقت أكثر في الأفلام التي قدمتها مع المؤسسة العامة للسينما حيث نالت عليها جوائز.

أما عن أدائها لشخصية هند بنت عتبة في فيلم الرسالة مع الراحل الكبير مصطفى العقاد فتؤكد منى أنها تجربة توازي تجربتها الفنية التي خاضتها قبل هذا العمل الملحمي لأن الفيلم الذي أنتج عام 1976 مع فريق عمله وفيه أسماء كبيرة عالميا وعربيا جعلها تتعلم الكثير بأن الفنان لا يصبح نجما ما لم يكن متواضعا ومثقفا وطيبا.

أما على صعيد التكريمات فإن ما قدمته منى منذ الستينيات جعلها جديرة بجوائز وأوسمة عديدة من وسام الاستحقاق السوري من الدرجة الممتازة وجوائز من مهرجانات سينمائية عربية في دمشق والاسكندرية ووهران وجائزة الموريكس دور عن مجمل أعمالها الفنية وغيرها.

منى التي قاربت سنوات عمرها الثمانين ظلت تؤكد لمن حولها وللإعلام أنها لن تغادر دمشق رغم صعوبة الظروف وقساوة الحرب خلال السنوات الأخيرة لأن هذه بلدها ولأن الوطن ليس فندقا وفقا لتعبيرها نتركه عندما نجده لا يحقق آمالنا فظلت رغم حزنها تشيع التفاؤل وتكرر عبارة “بكرا أحلى”.

سيرياهوم نيوز 6 – سانا

x

‎قد يُعجبك أيضاً

وإنّما أولادُنا بيننا.. أكبادُنا تمشي على الأرضِ … في يوم الطفل العالمي.. شعراء تغنوا بالطفولة

  قد تجف أقلام الأدباء وتنضب أبيات الشعراء ولا ينتهي الحديث عن جمال الأطفال وذكريات الطفولة في عمر الإنسان؛ فالطفولة عالم مملوء بالحب والضحك والسعادة، ...