آخر الأخبار
الرئيسية » يومياً ... 100% » أعضاء مجلس الشعب ليسوا بمنأى عن الملاحقة القضائية..ولكن!

أعضاء مجلس الشعب ليسوا بمنأى عن الملاحقة القضائية..ولكن!

 

 

علي عبود

 

ليس صحيحا، ولا دقيقا ماتم تداوله على الكثير من المواقع الألكترونية وصفحات الفيس بأن رئيس مجلس الشعب لم يستجب لطلب وزير العدل برفع الحصانة عن أحد النواب، بل بالغ بعضهم إلى حد الزعم أن رئيس المجلس وضع طلب الوزير في الأدراج!

أولا، ليست المرة الأولى التي تُرفع فيها الحصانة عن عدد من أعضاء مجلس الشعب كي يتاح للقضاء استجوابهم في قضايا مخالفة للقوانين على مدى العقود الماضية، فالنواب، مثل الوزراء، ليسوا بمنأى عن المحاسبة والملاحقة القضائية.

ثانيا: ليس من صلاحيات رئيس مجلس الشعب، كما هو الحال في كل برلمانات العالم قبول أو رفض طلب وزير العدل برفع الحصانة عن نائب لاستجوابه قي دعوى مثارة أمام القضاء، فالمسألة ليست مراسلة بين جهتين، الأولى تطلب، والثانية تستجيب أوترفض!

وكل من يتناول قضايا طلبات رفع الحصانة دون الإستناد إلى هاتين البدهيتين على وسائل التواصل الاجتماعي إما جاهل ويستخف بعقول المواطنين واستثارة غرائزهم، أو يلهث وراء (اللايكات)..الخ.

المسالة باختصار: رفع الحصانة عن عضو في مجلس الشعب تتطلب، مثل جميع البرلمانات في العالم إجراءات نص عليها الدستور، وفصّلها النظام الداخلي للمجلس، ولا يمكن لرئيس مجلس الشعب تجاوزها أو اختصارها.

والمسألة الأكثر أهمية هي التمييز بين حالتين: الأولى ورود طلب رفع الحصانة عن نائب خلال انعقاد دورة عادية أو استثنائية لمجلس الشعب، والثانية ورود الطلب خارج انعقاد الجلسات، وفي الحالتين توجد آليات نص عليها الدستور لمراحل عملية رفع الحصانة أو رفضها.

نعم، يُمكن لرئيس المجلس تأجيل إدراج طلب وزير العدل على جدول أعمال جلسات مجلس الشعب، وفق أولويات مكتب المجلس والمواعيد المحددة للوزراء لمناقشتهم في القضايا العامة، ولكنه ملزم خلال الدورة التشريعية بعرض طلب وزير العدل على مجلس الشعب للبت فيه واتخاذ القرار رفضا أو قبولا.

وفي العرف الدستوري للأنظمة البرلمانية لايجوز ملاحقة النائب قضائيا، باستثناء الجرم المشهود، إلا بإذن من مجلس النواب، وليس بإذن من رئيس المجلس، أيّ على عكس مازعمه الكتبة في الفيس بوك، وبعض المواقع الألكترونية المعارضة!

وهذا مانصت عليه المادة /72/ من الدستور السوري: (يتمتع أعضاء مجلس الشعب بالحصانة طيلة مدة ولاية المجلس، ولا يجوز في غير حالة الجرم المشهود اتخاذ إجراءات جزائية ضد أي عضو منهم إلا بإذن سابق من المجلس، ويتعين في غير دورات الانعقاد أخذ إذن من مكتب المجلس، ويُخطر المجلس عند أول انعقاد له بما اتخذ من إجراءات)

كما نلاحظ.. المادة واضحة جدا لاتحتمل أيّ تفسيرات متناقضة، وبالتالي بما أن مجلس الشعب بدأ دورته العادية الحادية عشرة للدور التشريعي الثالث يوم 21/1/2024 وانهاها يوم 28/3/2024، فإن من يبت بطلب منح الإذن بالملاحقة القضائية بحق النائب فؤاد علداني، هو مجلس الشعب، وليس رئيسه، ووفق إجراءات نص عليها النظام الداخلي لمجلس الشعب.

تبدأ الأجراءات مثل أيّ مشاريع ترد من السلطة التنفيذية، بإحالة طلبات وزارة العدل إلى اللجنة الدستورية والتشريعية لمناقشتها من جهة، وللإستماع إلى رد العضو المعني بالملاحقة القضائية من جهة أخرى، بعدها تنجز اللجنة تقريرها وترفعه أصولا إلى مكتب المجلس، الذي يحدد اليوم المناسب لإدراجه على جدول أعمال إحدى جلسات المجلس.

وإذا كان المجلس ناقش طلب وزارة العدل في الجلسة الأخيرة من دورته العادية فلكي يتيح للنائب علداني حضور كل الجلسات والمشاركة بفعاليات المجلس قبل الموافقة على منح الإذن بملاحقته قضائيا، وهّذا الأمر جائز دستوريا.

الخلاصة: باتت قضية النائب علداني أمام القضاء ليصدر الحكم النهائي حول التهم الموجهة إليه سواء بالإدانة أوالبراءة وفق التبوتيات والوثائق المتاحة ، وهذا يؤكد مجددا أن النواب والوزراء ليسوا بمنأى عن المحاسبة والملاحقة القضائية، وقد سبق وزُج بعدد منهم في السجن لعدة سنوات جراء ارتكاباتهم وانتهاكاتهم للقوانين والأنظمة النافذة، وخاصة مايتعلق منها بقضايا الفساد والإفساد ونهب المال العام..!!

(خاص لموقع اخبار سورية الوطن-سيرياهوم نيوز)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

على ضفاف عشق الوطن …

  بقلم د. حسن أحمد حسن وطن … الله ما أروع اتساق هذه الحروف الثلاثة، وما أعظم الدلالات التي تتضمنها ليعلّقها كل مواطن على صدره ...