الرئيسية » يومياً ... 100% » إدارات رشيقة..!

إدارات رشيقة..!

| هني الحمدان

لعل لسان الكثيرين من المواطنين يتساءل ما مستقبل الاقتصاد؟ وهل ستنتعش الأحوال وتحصل البحبوحة والاعتدال المنشود أم ستبقى «الغصة المعيشية» قائمة؟ ويرجع السبب إلى هذا التساؤل أو ما يجول في خواطرهم من هواجس ومخاوف إلى أن أغلبية الناس تريد الاطمئنان إلى اقتصاد بلدهم، بعد موجات عاصفة من الضيق والمراوحة في المكان.
فالواقع المعيشي لا يحتاج إلى الكثير من الجهد لتبيان مرارته وما يكابده العباد من أعباء ومضايقات عامة، صحيح هناك تحديات وضغوطات، إلا أن رسم السيناريوهات الرسمية والسياسات ضرورة للتخفيف قدر الإمكان من الخروج من نفق مظلم زادت ظلمته قتامة، وغابت أي حلول إسعافية تترجمها الحكومة إلى حيز الوجود.
كلنا يعرف أن السعادة وحياة الإنسان ضمن بيئات معيشية واقتصادية جيدة ومريحة هي هدف أي حكومة ما، يكون ديدنها العمل الصالح والمتابعة وابتداع حلول سريعة ومتكاملة لأي أزمة أو مشكلة ما، حتى في أصعب الأوقات، لا الاستسلام إلى لغة التبرير وتعليق شماعات الظروف والضغوطات الخانقة وبقاء ذلك ردحاً من الزمن، عندما تتفاقم المشكلات وتضيق الصدور، ولم تعد تجد أي إسعافات تقدمها الإدارات العامة نفعاً!
لا يخفى على أحد أن هناك تورماً بمعالجات بعض المسائل التي تصب في خانة تصويب إشكالات تقف في وجه الاقتصاد وحركة الإنتاج وإصلاح مسير عمل الجهات إدارياً وتنموياً، وبات عمرها سنوات، ولم تخرج الإدارات من صياغة سياسة إصلاحية شاملة، بل كل ما يحصل تشخيص بسيط أو تشخيص يركز على القشور من دون الخوض في العمق إزاء صعوبات ثقيلة، وهي تركة تشترك في مسبباتها حكومات متلاحقة وقصور في بعض الإجراءات، وعدم المحاسبة الرادعة تجاه مسببات عرقلت وأساءت لأجواء العمل والإصلاح الإداري برمته.
اليوم استفاقة جديدة.. وإعادة البحث والمناقشة بمسائل تمت مناقشتها مطولاً من سنوات مضت، لكن ماذا تغير؟ هل وصلنا لمعالجات صحيحة أم أين يكمن السر؟ لم يتغير شيء، فقط أشخاص هم الذين تغيروا، على حين المشكلات ذاتها، وكأن الإدارات لا تستطيع الخروج من دائرة المراوحة في المكان، إدارات رشيقة، طرح جديد من جهة صياغته، لكن المضمون تم طرحه سابقاً، بعنوان مختلف، إلا أنه للأسف لم يحظ هذا الطرح بأي تنفيذ، والمخاوف اليوم تزداد في ظل تساؤلات عديدة ومتنوعة، هل سنبقى رهن طرح عناوين لمراحل مقبلة، والأحوال وصلت إلى ما وصلت إليه من التراجع وبطء النمو وعدم الاستطاعة الخروج من عنق الزجاجة كما يقال..!
أي إصلاح إداري نريد، وأي سياسة اقتصادية.. تستهوينا وتتماشى مع ظروفنا والظروف المحيطة للانطلاق إلى الأمام.. ولماذا الإبقاء في حفر تتوسع قاعدتها بؤساً وفساداً وضعف وتائر عمل؟ ألم نملك بعد مقومات تحقيق نجاحات على كل الصعد؟ نعم نملك، ولنا في النجاحات الفردية مثال، لماذا بقينا متقوقعين وراء لافتات لم تعد تنطلي على أحد، فخطواتنا في الإصلاحات الإدارية بطيئة ودون المأمول!
نحتاج إلى ثورة حقيقية لتصويب الأعمال، ثورة في نسف بعض الأنماط السائدة، وتغيير الإدارات التي تكلست ولم تعد تعطي شيئاً سوى الترهل والإفساد، أدوات عمل مرنة وبلاغات مريحة، لا قرارات وقوانين يتم سلقها سريعاً، فقط لتحقيق رغبة وزير ما قد تكون خبرته قاصرة وغير ملم بكل التفاصيل، الإدارات الرشيقة تحتاج إلى من يكتشفها ويصل إليها، لا أن تبقى يد الوساطة عند اختيار الإدارات للمهام والمناصب هي المتبعة!
وأيضاً.. من المهم أن يعمل القطاع العام والخاص والمستثمرون الذين يدعمونه بهدوء وتروّ، وأن يواصلوا عملية تطوير الموارد والثروات من خلال دعمهم للأفكار الجديدة، ووضع رؤوس الأموال في مشاريع مجدية، والحفاظ على الثقة بالشركات الراسخة التي تمتلك إمكانيات جيدة على المدى الطويل. وفي حال قاموا بذلك، أعتقد أن الانتعاش الاقتصادي الذي بدأت القيادة بوضع مقومات له، مثل إصدار قانون الاستثمار الجديد، بدأت مؤشراته تقترب شيئاً فشيئاً، عندها ربما نقول: إن اقتصادنا بدأ وما يصل للإدارات من يستحقها..!

(سيرياهوم نيوز-الوطن٢٤-٦-٢٠٢١)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

بأي آلاء الحق تكذبون؟ …

  بقلم: د. حسن أحمد حسن غريبٌ أمرُ الردَّاحين الذين من كل حدب وصوب يتقاطرون… يتقاسمون ما أُمْلِيَ عليهم من مصطلحات هجينة مشبوهة ومشوهة ما ...