آخر الأخبار
الرئيسية » عربي و دولي » إنشاء”مجلس الأمن القومي”.. حديث الساعة داخل الأردن الذي أثار جدلاً واسعًا.. فهل هو تحديد للأدوار أم انتزاع لها؟

إنشاء”مجلس الأمن القومي”.. حديث الساعة داخل الأردن الذي أثار جدلاً واسعًا.. فهل هو تحديد للأدوار أم انتزاع لها؟

عمان/ ليث الجنيدي
باتت موافقة البرلمان الأردني على إنشاء مجلس أمن قومي حديث الساسة والعامة في المملكة حول دوافع القرار، وجاءت الموافقة في إطار تعديلات دستورية وسط اختلاف الآراء حول دور المجلس المنتظر، بين جهة تعتبره “تحديدا للأدوار” وأخرى تراه انتزاعا لها.
والمجلس يختص بالشؤون العليا المتعلقة بالأمن والدفاع والسياسة الخارجية، وهي مرتكزات أساسية تسعى أي دولة إلى الحفاظ عليها، بعيدا عن التداخل في الأدوار وتنازع السلطات في تحقيقها.
وشهد الأردن العام الماضي أحداثا دخيلة، كادت أن تعصف باستقرار المملكة، والذي حافظت عليه طوال السنوات الماضية، وسط إقليم ملتهب، مليء بالأزمات والأحداث الجسام.
ورغم تجاوز الأردن لتلك الأزمات، فإن مراقبين للمشهد العام، اعتبروا أن إنشاء مجلس الأمن القومي، جاء ليكون الفيصل في تحديد المهام والصلاحيات للسلطات في البلاد، في ظل الحديث عن اختلافات الرأي بين الحكومة وجهات أخرى، خاصة مع دائرة المخابرات العامة.
في المقابل، يرى آخرون أن إنشاء المجلس سيتيح السيطرة المطلقة للسلطة التنفيذية على التشريعية، وسيمحو دور الأخيرة من الاعتراض على أية قرارات مستقبلية، بالاستناد إلى مواد دستورية.
رئيس الوزراء الأردني بشر الخصاونة، نفى في مقابلة أجراها معه أحد المواقع الإخبارية المحلية مؤخرا، وجود أي خلاف مع مدير المخابرات.
وقال الخصاونة: “بحكم طبيعة عملنا، نتداخل يوميا على مستوى اجتماعات وعلى مستوى قرارات، في مفاصل قليلة جدا ربما نختلف في الرأي أحيانا، ولكن لا خلاف بيننا على الإطلاق، وهي علاقة قائمة على الاحترام المتبادل، وعلاقة قائمة بأننا نكمل بعضنا، وعلاقة قائمة بأننا نصبو ونسعى إلى الأفضل فيما يتعلق بمواطننا وبالخدمة العامة”.
ووفق ما هو متعارف عليه في جميع دول العالم، فإن الموضوع الأساسي لنشاط المخابرات هو “تقصي المعلومات المطلوبة؛ لاتخاذ القرارات أو لإنجاز نشاط محدد”.
وانطلاقا من ذلك، كانت رسالة عاهل الأردن، الملك عبد الله الثاني واضحة، عندما كلف مدير الدائرة الحالي اللواء أحمد حسني بقيادة الجهاز في مطلع مايو/ أيار 2019.
وبعدما أثنى على جهاز المخابرات ودوره، قال الملك حينها: “رغم أن مسيرة دائرة المخابرات العامة، فرسان الحق، كانت دوما مسيرة مشرقة ومشرفة، فإنها لم تخلُ – شأنها في ذلك شأن أي مؤسسة او إدارة حكومية أخرى – من بعض التجاوزات لدى قلة قليلة، حادت عن طريق الخدمة المخلصة للوطن وقدمت المصالح الخاصة على الصالح العام، الأمر الذي تطلب حينها التعامل الفوري معه وتصويبه”.
ومخاطبا حسني في رسالته، أضاف الملك: “وقع اختياري عليك في هذه المرحلة، لما عرفته عنك من مقدرة وكفاءة في المواقع التي توليت في دائرة المخابرات العامة على امتداد مسيرة خدمتك الطويلة فيها، لإدارة وقيادة هذا الجهاز العزيز والعريق، وللاستمرار، بتركيز وبوتيرة أسرع، في عملية التجديد والتحديث والتطوير الجارية فيه بهدف الوصول إلى ضمان أعلى درجات المهنية والحرفية للمخابرات العامة”.
وتابع أن المطلوب أيضا هو العمل “على تعزيز قيم النزاهة والعدل، وتحديث الدائرة – في إطار ما هو منوط بها من مسؤوليات كبيرة في قانونها – والعمل على ضمان صون حقوق وكرامة المواطن وحمايتها؛ لأننا نفخر في الأردن دوما، بأننا دولة مؤسسات ودولة قانون، كان وسيبقى الاستمساك فيها بالدستور والقانون، واحترامهما مصدرا أساسيا لاستقرار بلدنا ومنعته”.
معطيات حملت في مضمونها حاجة المملكة الواضحة إلى مؤسسة تتوحد فيها المخرجات في أكثر الملفات أهمية وحساسية، وتكون قرارتها ملزمة للجميع، من دون حدوث أي تعدّ من جهة على أخرى.
** وحدة حكومية مكملة وليس مجلس أمن قومي
ليث نصراوين، أستاذ القانون الدستوري بالجامعة الأردنية (حكومية)، قال للأناضول إن “فكرة مجلس أمن قومي بالأردن كنظيره في الدول العربية الشقيقة والأجنبية الصديقة لم يتم تطبيقها، في التعديلات الدستورية الأخيرة، بالشكل الذي يتناسب مع فكرة مجلس أمن قومي”.
وأضاف: “الأصل في أي مجلس قومي أو أعلى أن يكون برئاسة رئيس الدولة وعضوية كبار الموظفين في السلطة التنفيذية، وأن يتولى هذا المجلس مهمة رسم الخطط والاستراتيجيات والبرامج المتعلقة بالأمن القومي، والمصلحة الوطنية العليا”.
وتابع: “المجلس يرسم هذه الاستراتيجيات والأهداف، وتقوم الحكومة والأجهزة ذات الصلة، بالتقاط هذه الإشارات وتنفيذها، وتتحمل هي المسؤولية عن تنفيذ ما صدر عن المجلس القومي أو الوطني”.
وأشار إلى أن “مجلس الأمن الوطني، كما اقترحته الحكومة، قبل أن يتم تعديل الاسم (القومي)، جاء بصورة مغايرة عن الأصول الدستورية الثابتة في هذه المجالس، من خلال إعطائه صلاحيات تنفيذية وليست استشارية، وهذا ما يستدل عليه من خلال مقترح أو ما جاء فيه بأنه يتم تنظيم شؤونه بنظام خاص، وهذا ما أثار اللغط حول اختصاصات المجلس، وبأنه يصدر قرارات تنفيذية ومدى مسؤولية الملك عنها”.
وزاد نصراوين: “مجلس النواب أجرى تعديلا نسف بالكامل فكرة مجلس الأمن القومي، من خلال اعتبار رئيس الوزراء هو رئيس المجلس، وأن قرارات المجلس بحاجة لمصادقة الملك، فتحول هذا المجلس اليوم إلى وحدة إدارية حكومية”.
واعتبر أن “الصياغة الحكومية للتعديل، وما صدر عن مجلس النواب من تعديلات، سلب المجلس كل الأركان والعناصر التي يجب أن تتوافر في أي مجلس أمني قومي، أسوة ببقية دول العالم”.
وقال: “لا أعتقد أن المجلس سينازع الحكومة في ولايتها العامة، باعتبار أنه دائرة أو وحدة حكومية مكملة لمجلس الوزراء، وبالتالي لن يكون هناك أي تنازع للأدوار في ما يتعلق بالمجلس المنوي استحداثه”.
** غير قادر على منع تغول الأجهزة على بعضها
المحلل السياسي عامر السبايلة، قال للأناضول: “إذا كان السبب خلف إنشاء المجلس هو الرغبة في إيجاد تناغم بين الأجهزة ومنع تغولها على بعضها بعضا، فأعتقد أنه لن يستطيع القيام بذلك؛ لأنه باختصار نموذج مدستر (نسبة للدستور) لمجلس السياسات، الذي يصيغ السياسات في الأردن على مدار السنوات العشرين الماضية”.
وأردف: “هذا المجلس كان يفترض أن يشكل نواة فكرية رافدة في البعد الاستراتيجي لمؤسسات الدولة، لا أن يكون قادة الأجهزة وممثلي الوزارات أنفسهم أعضاء فيه، وبالتالي كان يمكن أن يستثمر خبرات أخرى في مختلف المجالات تساعد صانع القرارات في القضايا الاستراتيجية المهمة”.
ومضى قائلا إن “الطريقة التي تم فيها إقرار هذا المشروع، يمكن أن تؤدي إلى تفريخ مراكز القوى وزيادة حالة تداخل السلطات وإضعاف الحكومات، والتي يفترض أن تخضع عادة للمساءلة والمراقبة”.
ورأى أنه “مع التحول الحاصل في العالم، يجب أن يكون مجلس الأمن القومي خلية استراتيجية لا مؤسسة بيروقراطية”.
** علاج خاطئ لتحدّ موجود
واعتبر موسى بريزات، المفوض السابق لحقوق الإنسان، في حديثه للأناضول، أن “ادعاء تداخل الأدوار نتج عن تدخل السلطة التنفيذية بالسلطتين التشريعية والقضائية، وهيمنتها الكبيرة على الأولى وتأثيرها على الثانية في مناسبات وظروف كثيرة”.
واستبعد بريزات، وهو دبلوماسي سابق، أن تكون الغاية من إنشاء المجلس هو “تضارب الأدوار”، مستندا في ذلك إلى أن القرار السياسي بيد رأس الدولة.
وقال: “أعترف بأن هناك حاجة ومبررات منطقية للتوافق الوطني على الأساسيات، كدور الملكية في النظام السياسي، ودور الدين وموقعه في العمل السياسي، والعلاقة الأردنية الفلسطينية، والترابط المصيري بين البلدين والشعبين، وغيرها من الأساسيات الأخرى”.
واستطرد: “لكن مجلس الأمن القومي علاج خاطئ لتحدّ موجود وليس بسبب خلاف في الأدوار، فالمشكلة هي أن الدستور لم يُبنَ بتوافق وحوار شعبيين، واستمدت بنوده من دساتير عالمية مختلفة، لذا فالحل هو حوار حكومي شعبي، وصولا إلى مواد دستورية بتوافق؛ لمعالجة هذه القضايا، لتتحقق ديموقراطية ناجزة”.
واختتم بريزات بالتأكيد على أن مجلس الأمن القومي بصورته الحالية “سينتزع صلاحيات الحكومات البرلمانية، إن قامت مستقبلا، خاصة في القضايا المهمة”.
وفي السادس من الشهر الجاري، صوت مجلس النواب الأردني (الغرفة الأولى للبرلمان)، بالموافقة على إنشاء “مجلس أمن قومي” يختص بالشؤون العليا المتعلقة بالأمن والدفاع والسياسة الخارجية، وهو الموقف ذاته لمجلس الأعيان (الغرفة الثانية)، الأربعاء، ضمن المراحل الدستورية لإقراره.
ويمثل إقرار المجلس تعديلا للمادة 122 من الدستور، وكانت تتضمن تشكيل مجلس عالٍ مهمته تفسير أحكام الدستور إذا طُلب منه ذلك بقرار من مجلس الوزراء أو بقرار يتخذه أحد مجلسي الأمة (البرلمان بشقيه) بالأكثرية المطلقة ويكون نافذ المفعول بعد نشره في الجريدة الرسمية.
وبموجب التعديل، فإن مجلس الأمن القومي يتألف من رئيس الوزراء ووزراء الدفاع والخارجية والداخلية، إضافة إلى قائد الجيش ومديري المخابرات والأمن العام، وعضوين يعينهما الملك.
ويجتمع المجلس عند الضرورة بدعوة من الملك وبحضوره أو حضور من يفوضه، وتكون قراراته واجبة النفاذ حال تصديق الملك عليها، وتُنظم شؤون المجلس بموجب نظام يصدر لهذه الغاية.

سيرياهوم نيوز 6 – رأي اليوم

x

‎قد يُعجبك أيضاً

جولة تفاوض جديدة اليوم | نتنياهو لواشنطن: نفعل ما نريد

    تصل إلى الدوحة، اليوم، وفود مصرية وأميركية وإسرائيلية، للمشاركة، إلى جانب الفريق القطري، في جولة مفاوضات جديدة حول صفقة تبادل محتملة للأسرى، يبدو ...