آخر الأخبار
الرئيسية » عربي و دولي » استدراج قطر إلى الملعب القبرصي: تركيا تتلقّى الاستفزاز الأميركي

استدراج قطر إلى الملعب القبرصي: تركيا تتلقّى الاستفزاز الأميركي

يستمرّ التوتّر في العلاقات التركية – الأميركية، من دون أن تُسهم في التخفيف من حدّته الخطوات «الودّية» التي بادرت إليها أنقرة تجاه واشنطن وحلفائها في المنطقة. توتُّر تَمثّلت آخر عناوينه في قيام الولايات المتحدة بربْط قطر بنشاط استثماري، في دولة معادية لتركيا هي قبرص، فضلاً عن عدم دعوة الرئيس رجب طيب إردوغان إلى «قمّة الديموقراطية»، في ما أثار سخطاً تركياً في أوساط مؤيّدي إردوغان، الذين عدّوا ذلك فصلاً جديداً من محاولات إضعاف الأخير وتقوية خصومهعلى الرغم من أن زيارة وليّ عهد أبو ظبي، محمد بن زايد، إلى تركيا، قبل فترة وجيزة، أثارت اهتماماً واسعاً، وفتحت صفحة جديدة في العلاقات بين بلدَين كانا إلى عشيّة الزيارة، يتبادلان العداوة المكشوفة، إلّا أن نتائجها في ما يتعلّق بعلاقات تركيا مع دول أخرى، ولاسيما الولايات المتحدة، لا يبدو أنها تركت أثراً إيجابياً. البداية الملفتة كانت مع زيارة الرئيس، رجب طيب إردوغان، إلى قطر الأسبوع الماضي، والتي أفضت إلى توقيع اتفاقيات متعدّدة. ومع أن إشاعات كثيرة سبقت الزيارة، عن إمكانية لقاء إردوغان بوليّ العهد السعودي، محمد بن سلمان، خلالها، إلّا أن ذلك لم يحصل، وهو ما يُعدّ مؤشّراً إلى أن محاولات التقارب بين أنقرة والرياض لم تنضج بعد، وتحتاج إلى تمهيد إضافي. لكن ما فاجأ الأتراك، هو ما أُعلن قبل الزيارة من توقيع اتفاقية تعاوُن للتنقيب عن الطاقة، بين شركتَي «قطر للبترول» و«إيكسون موبايل» الأميركية، في المنطقة رقم خمسة في جنوب قبرص، التابعة للشطر الجنوبي اليوناني من جمهورية قبرص، والذي لا تعترف به تركيا كممثّل وحيد للقبارصة في المحافل الدولية، فضلاً عن اعتبارها تلك المنطقة انتهاكاً لحقوقها في الجُرف القارّي المتوسّطي. ومع أن الاتفاقية ليست الأولى بين الشركتَين؛ إذ سبقتها أخرى مماثلة عام 2017، في المنطقة رقم عشرة، غير أنها تأتي في ظلّ ظروف صعبة بالنسبة إلى تركيا، التي تُحاول كسر حصار دول الطاقة في شرق المتوسّط، كما جاءت من جانب دولة تُعتبر الحليفة الأولى لتركيا في العالم. من هنا، كانت من بين أهداف زيارة إردوغان إلى قطر، وفقاً لوكالات أنباء، محاولة ثنْي الدوحة عن المُضيّ في هذا المشروع. لكن على ما يبدو، فقد سبق السيْف العذْل، حيث لا تبدو قطر في وارد التراجع عن الاتفاقية، التي تعزّز استثماراتها في بلد خارجي أوروبي مثل قبرص، وتمنحها حصّة تبلغ 40 في المئة مقابل 60 في المئة لشركة «إيكسون موبايل».

ولكن أن تكون «إيكسون موبايل» الطرف الآخر في الاتفاقية، فهو ما يُثير علامات استفهام متعدّدة بشأن الدور الأميركي في ربْط قطر بنشاطٍ في دولة معادية لتركيا. وإذا كان أكيداً أن التحالف القطري مع تركيا ليس مشروطاً بعدم الرضوخ لإملاءات أميركية، خصوصاً في ظلّ وجود إحدى أكبر القواعد الأميركية في الشرق الأوسط في إمارة قطر، وهي قاعدة العُديد، فإن الشراكة القطرية مع الشركة الأميركية في قبرص، تُعدّ رسالة أميركية إلى أنقرة مفادها أن علاقات الأخيرة، حتى مع أوثق حلفاء واشنطن، ليست بمثابة شيك على «بياض». خطوات الانفتاح التركية، لم تنعكس إيجاباً أيضاً على نشاط أميركي آخر، وهو «قمّة الديموقراطية» التي انعقدت الأسبوع الماضي بحضور 111 دولة، فيما بدا لافتاً غياب تركيا عن قائمة المَدعوّين إليها، وهو ما جعل وسائل إعلام «حزب العدالة والتنمية» تحمل، بشدّة، على واشنطن، وتَصِف القمّة، وفقاً لعبد الله مراد أوغلو في صحيفة «يني شفق» الموالية لإردوغان، بأنها «ليست أكثر من مسرح سياسي»، وبأنها، بحسب بعض المحلّلين، «مجرّد وسيلة لحرب باردة جديدة ضدّ الصين». وفيما يَلفت مراد أوغلو إلى أن الولايات المتحدة تبيع السلاح لـ«ثلاثة أرباع الأنظمة الديكتاتورية والعسكرية في العالم»، فهو يَعتبر أن «ادّعاء مثل هذه الدولة (الولايات المتحدة) الزعامة من أجل الديموقراطية، هو مجرّد تضليل وخداع». من جهته، يَكتب الخبير الاستراتيجي، برهان الدين دوران، المقرّب جدّاً من إردوغان، أن «اختيار الدول المدعوّة جاء على أساسٍ سياسي»، مشيراً إلى أنه «في وقت تُدعى فيه دولٌ مثل أنغولا والكونغو والفليبين، فإن دولاً مثل تركيا وبنغلادش والمجر تغيب عن القمّة». كما يرى دوران أن «الدول دُعيت بناءً على دورها في خدمة المصالح الأميركية»، معتبراً أن «الولايات المتحدة لا يمكن أبداً أن تكون المحدِّدة للمشروعية الديموقراطية، وهي قدّمت الأهداف الجيوبوليتيكية على القيَم الديموقراطية، وهدفها الأساسي إقامة تحالف بين قوى مختلفة لمواجهة الصين». وفي هذا السياق، يُذكّر الخبير الاستراتيجي بأن «الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، لم يكن يهتمّ بحقوق الإنسان، أمّا الرئيس الحالي، جو بايدن فهو يستخدمها وسيلة للدعاية». ويُضيف أن «الكثيرين نظروا إلى استبعاد تركيا عن القمّة على أنه استبعادٌ لإردوغان، وإضعافٌ له، ومحاولة لتقوية المعارضة ضدّه، كما لشرعنة إبعاد تركيا عن التحالف الغربي». 

من أبرز العلامات المحدِّدة لتطوّر العلاقات التركية – الأميركية، مسألة اعتقال الناشط كافالا


في المقابل، برّرت أوزرا زيا، مساعِدة المسؤول عن الديموقراطية وحقوق الإنسان في وزراة الخارجية الأميركية، عدم دعوة تركيا إلى القمّة بكوْن إردوغان وعد بعد انتخابه، عام 2018، بالإصلاح السياسي والاقتصادي، و«لكنه لم يلتزم بوعده». وأشارت إلى أن «لدى واشنطن قلقاً بالغاً من اعتقال الصحافيّين والتضييق على الحرّيات» في البلاد. 
من جهته، اعتبر أوزغور أونلي حصارجيكلي أوغلو، مدير برنامج تركيا في «صندوق مارشال» الألماني، أن «تركيا يجب أن تكون ضمن قائمة التحالف الديموقراطي». إلّا أنه أضاف أنه «وفقاً للمعايير الموضوعية، فإن تركيا للأسف متخلّفة عنها، بل تشهد تراجعاً». ولفت إلى التبايُن بين سياسات تركيا الخارجية وسياسات الولايات المتحدة، داعياً إلى تكثيف الجهود لإحياء آليات التواصل بين أنقرة وواشنطن.
وإلى جانب هذا الملفّ، لم تَظهر بعد أيّ نتائج للتحوّلات التركية في ما يتعلّق بطلب أنقرة من واشنطن، تسليم رجل الدين فتح الله غولن، المقيم في ولاية بنسلفانيا، والمتّهم بأنّه وراء محاولة الانقلاب الفاشلة، في 15 تموز 2016. والأمر نفسه ينسحب على قضية رجل الأعمال والناشط المعروف، عثمان كافالا، المُعتقل منذ عدّة سنوات في تركيا، والذي وُجّهت إليه تُهم جديدة بعد تبرئته من أخرى سابقة، ليتّخذ القضاء التركي، في 27 تشرين الثاني الماضي، قراراً بإبقائه قيد الاعتقال بعدما كان منتَظراً إطلاق سراحه. كما لا يُغفل استمرار اعتقال الرئيس السابق لـ«حزب الشعوب الديموقراطي» الكردي، صلاح الدين ديميرطاش، على رغم أنه كان رئيساً للحزب ونائباً في البرلمان، بتهمة الترويج لـ«حزب العمّال الكردستاني» والتعاون معه. وبناءً على ما تَقدّم، يبدو أن التوتّر في العلاقات التركية – الأميركية سيظلّ قائماً لأكثر من سبب، حتى انتخابات الرئاسة التركية في حزيران 2023، ليُبنى على الشيء مقتضاه في الكثير من القضايا المشتركة بين البلدَين.
من جهة أخرى، يَظهر أن زيارة محمد بن زايد إلى تركيا لم تثمر بعد نتائج واضحة، في ما يتّصل بقضايا محدّدة. فبعد انقطاعٍ دام حوالى ثلاثة أشهر، عن الظهور العلني بالصوت والصورة – قيل إنه نتيجة لمبادرات حُسن نيّة إماراتية تجاه تركيا -، عاد رجل المافيا التركي، سادات بيكير، المطلوب بمذكّرات توقيف متعدّدة، إلى الظهور التلفزيوني، هذه المرّة، من خلال شريط وثائقي مدّته ساعة، أعدّه فريق «140 جورنوس». وفيما يُقال إن بيكير موجود في دولة الإمارات، فقد روى الشريط أدواراً له في بعض الأحداث.

(سيرياهوم نيوز-الاخبار)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

أبرز تطورات عملية طوفان الأقصى

أبرز تطورات عملية (طوفان الأقصى) التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية في السابع من تشرين الأول الماضي رداً على اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي:   المزيد من الأخبار حول ...