آخر الأخبار
الرئيسية » كتاب الأسبوع » الأساس الأخلاقي للديمقراطية

الأساس الأخلاقي للديمقراطية

| مصعب أيوب

تؤدي الأخلاق دوراً بارزاً في الديمقراطية ولاسيما أنها تشكل الأساس في العمل الديمقراطي وهي تقوم على احترام الحريات الأساسية للأفراد وتحقيق العدالة والمساواة ضمن إطار من التعاطف والتسامح والتشاركية وتشجيع التفاعل الإيجابي، وفي ضوء ذلك صدر حديثاً عن الهيئة العامة السورية للكتاب ضمن مشروع جائزة سامي دروبي للترجمة كتاب يحمل عنوان «الأساس الأخلاقي للديمقراطية» وهو للمؤلف جون هالوويل وترجمه الكاتب والمترجم حامد العبد، ويقع في حوالى 143 صفحة.

التصرف بعقلانية

يستشهد المؤلف بأفكار بعض الفلاسفة والعلماء فيعتبر أنه لا بد من أن نكون واقعيين في التعامل مع المشاكل السياسية من خلال التخلي عن طفوليتنا من أجل أن نتصرف كبالغين بحيث لا بد من التوقف عن المغامرة والتعامل برومانسية ومشاعر جياشة والتركيز على تحقيق الرضا الداخلي والمردود المادي الجيد ويتابع: إن أهم ما يميز الدكتاتوريات الحديثة عن القديمة هو قيام الأولى بواسطة حركات جماهيرية تدعمها قاعدة شعبية كبيرة، مبيناً أن حكم الأغلبية الجامح يؤدي بطبيعة الحال إلى الاستبداد الجماعي فيؤكد أن الديمقراطية إذا لم تعط أغلبية الشعوب ما تريد فإنها بطبيعة الحال لن تختلف عن الفاشية.

نتاج السلطة التشريعية

يتابع كاتبنا القول بأن الديمقراطية إن كانت مجرد اسم ولا تقترب إلى الواقع الموضوعي فعلينا الاستسلام لقدرنا المحتوم، وإن هناك إحساساً يفيد بأن الديمقراطية طموح ويؤثر بشكل كبير في مؤسساتنا السياسية والاجتماعية.

ويبين الكتاب أيضاً أن نتاج السلطة التشريعية ليس لأفضل ما توصل إليه المشرعون بل لأفضل ما توصلت إليه إرادة الأقوى، وبالتالي يكون القانون تعبيراً عن الإرادة ويستمد شرعيته من القوة التي تدعمه.

حل التنازعات

يبين المؤلف أن السلام الداخلي شيء أكثر من توقف الصراع المسلح بل هي نتاج العدالة، فإن بعض التنازلات التي يتم إجراؤها في إطار القيم والمصالح المشتركة يمكن أن تجد حلاً للتنازعات، وبالتالي توفر الشروط اللازمة والأساسية لتحقيق السلام الحقيقي وتختصر الوقت والجهد والمال وحتى الدماء ولكن مثل هذه القيم لا يمكن أن توجد دائماً أو ربما يندر وجودها.

الإطار المؤسسي الديمقراطي

فكرة السيادة الشعبية لها تاريخ قديم ولكن الوسائل المؤسسية التي من خلالها تتحقق هذه الفكرة من أجل التمثيل الأبهى لهذه السيادة لم يتم اكتشافها إلا حديثاً.

الديمقراطية هي أكبر فرصة أتيحت للفرد لتحديد مساره السياسي الخاص ومسؤولياته الكبرى، وبطبيعة الحال فإن هناك بعض المكاسب والمخاطر تسببها المؤسسات الديمقراطية الحديثة ولتحقيق مكاسب أكثر من المخاطر لا بد من التعاطي مع هذه المؤسسات بحذر.

ولأن الديمقراطية تشير إلى أن شرعية أي حكومة تأتي من قبول المحكومين، فإنها وصلت إلى ما وصلت بالإقناع والنقاش، وبطبيعة الحال لا تستطيع أي حكومة أن تؤدي أي وظيفة لا يوافق عليها الشعب، ولضمان قيام الحكومة على موافقة المحكومين فإن السياسة الحكومية يجب أن تكون انعكاساً للمداولات والقرارات الشعبية، ومن أجل هذا الغرض وجدت العديد من المؤسسات.

الديمقراطية والليبرالية

تاريخياً، فإن الليبرالية والديمقراطية مرتبطتان ارتباطاً وثيقاً وقد تطورتا معاً بشكل متزامن ولهما جذور تاريخية حافظت على الديمقراطية كشكل من أشكال الحكم الليبرالي كفلسفة سياسية واجتماعية، ولحميمية هذه العلاقة فقد بات الاسمان متلازمان، ولكن الليبرالية أصبحت اليوم أقوى وبالتالي علينا أن نسأل هل يمكن للديمقراطية أن تنجو بعد زوال الليبرالية باعتبارها الفلسفة السياسية والاجتماعية المهيمنة؟

مفهوم الفردية يؤكد الاستقلال الذاتي للإرادة الفردية وعلى الخير الفطري فينا وبالتالي فإن الليبرالية هي التعبير السياسي عن النظرة الفلسفية الفردية، ومشكلة تأمين الحرية الفردية ليست نظرية فحسب بل عملية أيضاً، فقد كان الفرد سابقاً محاطاً ومقيداً سياسياً واجتماعياً واقتصادياً بسلطة تعسفية، وهذه القيود تعارضت بطبيعة الحال مع الافتراض الليبرالي الأساسي الذي يرنو إلى المساواة في القيمة الأخلاقية الجوهرية للشخصية الإنسانية وبالتأكيد ستشعر بهذه القيود الطبقة الاقتصادية بسرعة وبشدة، وبوساطة الليبرالية واجهت هذه الطبقة الاستبداد السياسي، ومن أجل أن تحقق الطبقة التجارية الحرية الفردية أسهمت في ترسيخ مفهوم الحرية الفكرية وحرية التعبير وعدم التعرض للوقوف التعسفي والسجن.

لا تعترف الليبرالية بأي قيود على الإرادة الفردية باستثناء ما يفرضه الضمير ويمكن اكتشاف ذلك بالعقل الطبيعي، وبطبيعة الحال فإن الضمير هو ما يدفعنا إلى التفكير بموضوعية لمعرفة خبايا القانون وكيفية التعاطي معه، فالضمير بذلك يكون اللبنة الأولى في البنية الليبرالية وهو ما يحدد لنا المنتظم والفوضى.

إن الدولة وجدت لتلبي مطالب الشعب وتجسد إرادتهم وهو ليس بالغريب أو الصعب في نظر الليبرالية لأن تصورها الطبيعي في إرادة الناس لا بد من أن تكون منطلقة من الخير البحت، والإنسان كائن اجتماعي بطبعه بحاجة لأناس آخرين كما هم بحاجة له فهو يولد في المجتمع وذلك يفرض عليه التزامات معينة منبعها علاقاته الطبيعية بحيث تكون علاقته بالمجتمع قريبة لعلاقة الأهل بولدهم وهي أمر واقع.

الأساس الأخلاقي للديمقراطية

يختتم المؤلف كتابه ببعض الأمثلة لعدد من الفلاسفة وعلماء النفس والاجتماع مؤكداً أن الحرية تأتي من الحياة المنضبطة والمنتظمة والموجهة إلى كل ما هو إنساني، فيضرب مثلاً بالطبيب الذي يسعى لإنتاج نظام وتنظيم محددين في جسم الإنسان، وكذلك فإن على رجل الدولة أيضاً أن يهدف لإنتاج الاعتدال والعدالة في نفوس الناس وفي علاقاتهم فيما بينهم، فالسياسة هنا فن عملي بحاجة إلى معرفة بطبيعة البشر، والناس بطبيعة الحال لديهم غايات معينة وعلى السياسة المحنكة خدمتها بأسلوب متقن ومرضٍ، وكما ينطلق الطبيب في عمله من معرفته بقواعد الصحة فإن رجل السياسة عليه أن يعتمد على معرفته بالمبادئ الأخلاقية.

 

 

سيرياهوم نيوز3 – الوطن

x

‎قد يُعجبك أيضاً

همساتي”… مجموعة جديدة للشاعرة ديانا مريم

  محمد خالد الخضر “همساتي” مجموعة شعرية جديدة للشاعرة ديانا مريم تعبر عن انفعال وجداني صادق من خلال الواقع الذي تعيشه والبيئة التي تؤثر بكلماتها ...