آخر الأخبار
الرئيسية » كتاب الأسبوع » الرئيس الأسد.. مسيرة من البطولة والتضحيات.. شهادة وتوثيق … د. نجاح العطار: إن المستقبل مرسوم على أجنحتك وبأمانة الرسالة التي حملت وتحمل

الرئيس الأسد.. مسيرة من البطولة والتضحيات.. شهادة وتوثيق … د. نجاح العطار: إن المستقبل مرسوم على أجنحتك وبأمانة الرسالة التي حملت وتحمل

| إسماعيل مروة

مسيرتان معاً، جنباً إلى جنب، مسيرة العمل والتطوير والتحديث، مسيرة العمل الوطني من أجل سورية الحضارة والإنسان، مسيرة التحدي والوقوف في وجه المؤامرات والتحديات، مسيرة الحفاظ على الهوية العربية السورية على الرغم من كل الصعاب، ترافقت مع مسيرة التوثيق الصادق والأمين، مسيرة المتابعة الحثيثة لكل فاصلة في الميدان الذي تعمل فيه، مسيرة الوفاء لوطن لم تجد أغلى منه، ولم تبحث عن المكان الآخر. مسيرتان مسيرة سورية الحديثة، ومسيرة التوثيق الذي حملته على كتفيها بكل أمانة وإخلاص السيدة الدكتورة نجاح العطار نائب رئيس الجمهورية للشؤون الثقافية، التي رافقت وعاشت ووثقت أدق تفاصيل الحياة الثقافية السورية منذ عام 1970 وإلى اليوم، وها هي تصدر كتاباً توثيقياً جديداً بعنوان (الرئيس الأسد.. مسيرة من البطولة والتضحيات» ليكون جانب سلسلة التوثيق للتاريخ الثقافي والسياسي السوري خلال نصف قرن.

الغاية والمحتوى

رأت الدكتورة العطار، وهي الثابتة على نهجها وخطها العروبي والسوري، أن تضع بين أيدي السوريين عامة نتيجة رحلتها في السلطة التنفيذية، وأن توثق للمرحلة المهمة والخطرة في التاريخ العربي، فقدمت من خلال سلسلة موثقة بالتاريخ والمراسلات والمؤتمرات والمهرجانات والخطب ما يمكن أن يكون منارة يهتدي بها كل السوريين لمعرفة حقيقة ما جرى وما يجري على الأرض السورية، وأخذت على نفسها، رغم ما يرهقها، أن تمشي في توثيقها زمنياً، وتحملت مشاقّ الجمع والأرشفة والتوثيق، فكانت كتبها شاهدة على حرب تشرين، وعلى مظاهر العنف في الثمانينيات من القرن الماضي، وما جرى في لبنان والاجتياح الإسرائيلي والحرب الأهلية، ثم وثقت لدقائق الحرب العراقية الإيرانية، وأثبتت في كل المراحل حكمة سورية وقيادتها لكل أزمة، وتجاوبها مع كل بادرة تسعى لخير السوري والإنسان، ورافقت رحلة النهوض الثقافي والفني في سورية.

وجاء هذا الكتاب التوثيقي ليكمل الرحلة بعد أن حملت مسؤوليتها في موقع نائب رئيس الجمهورية، فدونت فيها مجموعة الرحلات الثقافية والسياسية، وجملة المقالات والدراسات التي قالتها في مناسبات شتى، ليظهر للقارئ شيء من بواطن الأمور التي لم يكن على دراية بها، والتي آثرت د. العطار أن تجلو حقيقتها، فبدأت من الطموح الكبير للقائد البشار، إلى مسيرة المقاومة والصمود، إلى حقائق ما جرى في الحرب الكونية، إلى البحث عن مشروع علمي قومي، إلى مفهوم الحضارات وتكاملها، إلى مسيرته في مواجهة الظلام، إلى الحقائق التاريخية، إلى مجريات مؤتمر العروبة والمستقبل، إلى الهم السوري فلسطين، ولها وقفة مع اللغة العربية ودورها التاريخي، ثم وثقت بعض الرسائل ذات الشأن العام والعروبي مع الرئيس الأسد.

إهداء وعرفان

تقدم الدكتورة العطار كتابها هذا لمرحلة مهمة في تاريخ سورية للسيدة الأولى أسماء الأسد مشفوعاً بالأسباب: الإعجاب، الكفاح الإنساني، دعم الطفولة، دعم المحتاجين، الاهتمام بالشهداء وأسرهم، والمشروعات الرائعة في كل مجال، مساندة القائد في عملية البناء، وهو القائد المتفرد.. وفي هذا الإهداء تجمل السيدة العطار ما أرادته من الخاص إلى العام، وما سجلته عن العام هو في سياق التضحيات والعمل من أجل سورية في أصعب الظروف ما يمثل نموذجاً يحتذى به في المجالين الأسري والمجتمعي لتكامل بين القائد والسيدة الأولى لما فيه خير الوطن والمواطن، وهذا يمثل عرفاناً وإعجاباً برحلة شاقة وصعبة وطويلة من أجل سورية وثوابتها وإنسانها.

الحرب الكونية والقائد

من البداية تخاطب الرئيس الأسد قائلة: «وسيحفظ التاريخ دورك وأمجادك في مقارعة العدوان، ومحاربة الإرهاب، والانتصار على المؤامرات، قائداً فذاً، منذوراً لقيادة فذة، مجنحاً في فرادته، يتخذ قراراته بالتفكير الموصول، والعمل الموصول، والمفاداة الموصولة» وهي بذلك تسجل للتاريخ مواصفات عرفها السوريون، وتقوم بتفصيلها وتبويبها، فنحن أمام قيادة فذة متفردة، والسبب في ذلك التفكير والعمل والمفاداة الموصولة، وذلك كله من أجل الوطن، ما سيجعل التاريخ حافظاً دوره وأمجاده لتميزه وتفرده عن الآخرين..

وتأخذ من قول السيد الرئيس: «الماضي سيصير في ذمة التاريخ، والحاضر في راحة النضال، والمستقبل لأصحاب الحق والقضية، وهم أنتم أيها المناضلون المقاومون المقاتلون من أبناء الأمة» وتتابع الدكتورة العطار معاهدة: ونحن نقول لك أيها القائد البطل إن المستقبل مرسوم على أجنحتك وبأمانة الرسالة التي حملت وتحمل».

الموقف والشعب

أخذت الحرب على سورية كل شكل استطاعته، وتلونت بكل لون، وحاولت النيل من سورية الوطن والموقف والقائد والشعب، ولكنها أخفقت في الوصول إلى أي غاية من غاياتها، وكما ترى الدكتورة العطار في كتابها وكلماتها، فإن الفضل يعود إلى الحكمة والصمود للقائد في مواجهة ما جرى وما يجري ولم ينته، لذلك تشيد بعلمية بما كان من موقف القائد وما يمثله لهذا الشعب الذي يقف وراءه «لقد علا صوتك بالحق وأنت ترسم بمبدئيتك آفاق المستقبل، يسمو على إشكاليات الراهن، وما يحدق بنا، ودعوتنا إلى التسلح بعنفوان الثقة بأنفسنا، وبمجابهة التحدي بتحدٍ أكبر، وباستعلاء ينبع من إيماننا بالوطن وبالشعب والأمة. وبك أيها القائد المتفرد، عازمون على القبض على لحظات القوة في تاريخنا، مؤمنين بأننا غلاباً سوف نحرر أرضنا ونسترد حقوقنا، وغلاباً سوف ننشئ لهذا الوطن وهذه الأمة مكانة تحت الشمس بحجم الشمس، ودفئها وعدالتها.. الصلاة نرفعها من الأرض إلى السماء، كي تسلم لوطنك وشعبك وأمتك، صرحاً من الشموخ، وسياجاً للقوة منه الاعتداد، تذهب جذورهما عميقاً في مهاد التاريخ والراهن، والمجد لك والنصر».

الدكتورة العطار ببلاغتها ومعرفتها وخبرتها تربط الحاضر بالماضي، تدرس الحاضر والحرب وما استلهمته من وقفة الرئيس الأسد، ومن العدّة اللازمة لمواجهة أي مؤامرة وحرب، وبأن صاحب الحق لا بد أن يأخذ حقه غلاباً وقوة.. وكل ذلك مربوط بقيادة حكيمة استحقت من التوجه بالدعاء لتبقى حافظة للتاريخ، مقاومة في الحاضر، راسمة للمستقبل.

من اليوم إلى البدايات

كثيرون هم الذين يقفون عند لحظة محددة لا يغادرونها، تلصق بأذهانهم، فلا يتذكرون لحظة سابقة أو لحظة قادمة، وهذا في الشأن العام والسياسي يعد كارثة، لأن اللحظات المفصلية لا يمكن أن تلغي ما كان، ولا أن توقف النظر فيما سيكون، ولاحظنا أن السيدة الدكتورة العطار فيما سبق تتحدث عن رؤية السيد الرئيس للماضي والحاضر والمستقبل، وهذه الرؤية التي تؤمن بها الدكتورة هي التي جعلتها في كتبها التوثيقية السابقة، وفي هذا الكتاب، تبدأ من الواقع وتحلله لتعود في الفصول المتتابعة إلى البدايات، إذ ليس من العلم والإنصاف أن يبدأ التدوين في الحرب وينتهي بها، لذلك، ومن خلال وجودها في الساحتين الثقافية والسياسية ترسم الدكتورة العطار ملامح المرحلة الحالية، وتتحدث عن ضرورة أن نتوجه بالدعاء إلى السماء، وتخرج من وثائقها ما يؤكد أن الرحلة في سورية كانت متوجهة إلى الحضارة والحوار الحضاري، وذلك قبل أن تبدأ الحرب على سورية «يرى الرئيس الأسد ضرورة تنظيم حوارات ثقافية بناءة تستهدف مدّ جسور التواصل مع العالم… وتتابع: لقد تحدثنا ونتحدث طويلاً، عن حوار الحضارات، وليس هذا خطباً أبداً، لكن سؤالاً يبقى عالقاً في الذهن عن العلاقة بين الحضارات، هل هي فعلاً علاقة حوار أم أنها علاقة تكامل، تأخذ فيها كل حضارة من سابقاتها، تتمثل ثم تبتدع تأليفاً جديداً، يقدم إضافته، تماماً كما فعلت الحضارة العربية، حين حملت، عبر الأندلس كنوز المعرفة إلى أوروبا» فسورية كما كانت وعشنا، وتنقلها المؤلفة كانت تمشي خطوات حثيثة نحو الحوار الحضاري والتكامل الحضاري ولهذا ختمت كلمتها التي وجهتها: «أيها المكافحون من أجل نهضة حضارية، ينتفي فيها العدوان والغدر، والتسلط، والاستلاب، والنهب، واحتلال الأراضي، واغتصاب حقوق الغير بالقوة، معاً سنكافح، فعلاً وممارسة، لمجابهة كافة التحديات، من أجل عالم أكثر تضامناً وعدالة..» وكأن المؤلفة من موقعها وموقفها تستشرف ما يحضّره العالم، وتحدثت عن العدوان والغدر والتسلط والاستلاب والنهب والاحتلال، وضرورة الكفاح! فهل يفترض بنا عندما تقع هذه اللحظات أن نتخلى عما دعونا إليه؟ من المؤكد أن ما حدث من موقف سورية وشعبها وقيادتها ينسجم تماماً مع ما دعت إليه وقت الهدوء والرخاء.

الإنصاف والتاريخ

الدكتورة العطار من النادرين قولاً وفعلاً، فهي التي عاشت ورصدت واحتفظت بالوثائق فليس بمقدورها أن تغض الطرف، وها هي تقدم رؤيتها ومشاهداتها إلى الأجيال الجديدة والقادمة، وبعض هذه المشاهدات عشناها ونعمنا بها، لكن جيلاً جديداً نشأ ولم يشهدها، ولا يحتفظ بشيء منها، ومن هنا تأتي أهمية توثيق هذه المراحل، ليعرف القارئ، خاصة ابن الجيل الجديد بأن ما حدث لسورية لم يحدث بسبب ما تتداوله وسائل الإعلام، وإنما حصل عقاباً لسورية ونهضتها الحضارية، واستقلالية رأيها وقرارها، ورؤيتها العروبية والفكرية، والطريقة النهضوية التي كانت تتسم بها سورية، وأزعم أن هذه الرؤية، غير الإنشائية، من أهم ضرورات الكتب التوثيقية «ولقد كان جلياً، ومنذ بداية عهده في الرئاسة، أنه ينطلق من رؤية واضحة في ذهنه، مدروسة بعمق ووعي، دقيقة في التناول والأداء، جريئة في المجابهة، صارمة ومرنة في الحوار في آن، ومنذ البداية أيضاً، شكل كلامه، وثيقة نضالية سياسية رصينة، بعيدة عن المنطق الأملس، والموقف المراوغ.. لقد ألفيناه رجل دولة يمتلك مزايا قيادية بالغة الأهمية، منها الثقافة السياسية الواسعة، الواعية، والمتابعة، والرؤية الوطنية والقومية الشاملة والمبدئية الواثقة المناضلة، والذكاء المتوقد، والطموح الكبير على مستوى الوطن، من أجل الارتقاء به، إلى أبعد الحدود الممكنة، وتوفير حاجات هذا الارتقاء».

هذا الكلام لم يكتب اليوم وإني كنت في حينه وكأني بالدكتورة العطار تضع الواقع السوري، وسمات السيد الرئيس أمام الجميع والتي تتمثل بـ:

1- الرؤية الواضحة والمدروسة فيما يخص الوطن والآخر.

2- الإيمان بالحوار والمواجهة الجريئة.

3- المباشرة أو الابتعاد عن المداورة والمراوغة.

4- الرغبة في الارتقاء والعمل من أجله وتوفير احتياجاته.

في رأي القارئ والمتابع والمواطن ألا تكفي هذه القضايا ليقف العالم في مواجهة سورية، والكيد لها والتآمر عليها، فالذي يرى الواقع السوري اليوم، والذي فرضته الحرب الكونية يجب أن يعود بذاكرته إن كان واعياً وأن يقرأ مثل هذه الدراسات التوثيقية الثقة ليعلم أي سورية كانت قادمة إلى العالم بتحرر من الديون نهائياً، ومتحررة من الأمية نهائياً، حرة في كل قراراتها، قبلة للعالم في كل جانب، ناهضة للحضارة الرقمية والتكنولوجية وساعية للرفاه لمواطنيها وإنسانها، لأن الخط المتسارع للنهضة السورية الذي بدأ مطلع القرن كان مذهلاً، خاصة عند إعلان الديون والأمية والتحرر منهما، والبحث عن التشاركية السياسية أو آفاق التعاون العربي الذي بدأ به الرئيس الأسد وما يزال مؤمناً به، وعلى الرغم من كل ما حدث على المستوى العربي من مواقف أهرقت الدم السوري، ودمرت الكثير في سورية، إلا أن رؤيته العروبية ما تزال قادرة وقوية من خلال الحوار والبحث عن المشروع القومي المتجذر في فكر سيادته، والذي يبحث عنه ويغذيه، وإن كان الأمل بغاية الضعف، إلا أن سيادته يعمل لذلك، ويبقى لديه الهدف الاستراتيجي الأكبر.

وهذا الفكر العروبي هو ما جعل المشاركين في مؤتمر العروبة والمستقبل 2010، وهو واحد من أهم المؤتمرات الفكرية والقومية وقبل أن تشن الحرب على سورية يخاطبون سيادته:

«سيادة الرئيس بشار الأسد، يسعد جميع الذين شاركوا في مؤتمر العروبة والمستقبل أن يبرقوا لسيادتكم شاكرين رعايتكم الكريمة للمؤتمر. إن دوركم العميق في صناعة عروبة المستقبل نابع من موقعكم العالي في حماية هذه العروبة، والنضال في سبيلها، والعمل على تقدمها وتطورها، ليس من أجل القطر العربي السوري فحسب، وإنما من أجل كافة الأقطار العربية التي عليها أن تسعى سعيكم الكبير في قيادة القطر إلى الأمة ، من أجل دولة عربية قائمة على عروبة الحقوق والعدالة والحريات».

وأخيراً…

جاء هذا الكتاب (الرئيس الأسد مسيرة من البطولة والتضحيات) شهادة معاصرة ومعايشة ووثيقة لسنوات كانت سورية فيها تنهض كالمارد باتجاه العلم والحضارة والمستقبل والحريات والعروبة والعالم بكل تجلياته… ثم ما لبثت رياح العالم أن غيرت التوجه لتبدأ الحرب عليها، ومن ثم لتكون حروب أخرى في مناطق أخرى من العالم… والذي يعنينا أن هذه الوثيقة التي أصدرتها الدكتورة العطار تمثل شهادة لما هو آت، خاصة لمن لم يعايش العقد الأول من القرن العشرين ونهوض سورية.

 

سيرياهوم نيوز3 – الوطن

x

‎قد يُعجبك أيضاً

“فلسطين قضية وطنية”.. كتاب يصون ذاكرة المغاربة في دعم فلسطين

“دار الملتقى” في المغرب تصدر كتاب “فلسطين.. قضية وطنية”، الذي يوثّق كتابات ومواقف أعلام مغربية من فلسطين والقضية الفلسطينية.   صدر حديثاً عن “دار الملتقى” ...