آخر الأخبار
الرئيسية » مجتمع » السودان | الوجوه المظلمة للحرب: فوق القتل والجوع… عنف جنسي

السودان | الوجوه المظلمة للحرب: فوق القتل والجوع… عنف جنسي

| بشير النور

الخرطوم | لم تَسلَم نساء السودان من تداعيات الحرب المستمرّة في البلاد منذ الـ15 من نيسان الماضي، والتي تجلّى أقساها في تعرّضهن لحالات اغتصاب واعتداء جنسي، أثارت موجة تنديد على المستويَين المحلّي والدولي. ووثّقت «وحدة مكافحة العنف ضدّ المرأة والطفل» الحكومية، في أحدث تقاريرها، 87 حالة اغتصاب في العاصمة الخرطوم، وفي ولايات دارفور غرب البلاد، متّهمةً عناصر من قوات «الدعم السريع» بارتكابها جميعها. وسجّلت الوحدة، التي تُعدّ أكثر الجهات اهتماماً بتوثيق حالات الاغتصاب ومتابعة أوضاع الناجيات، تزايُد حالات العنف الجنسي داخل المنازل، معتبرةً أن «التهجّم على النساء والفتيات الآمنات نسبيّاً في بيوتهن، يمثّل تمادياً في الجريمة بقصد الإذلال والقهر». وأوضحت أن غالبية هذه الجرائم المروّعة، تستهدف القاصرات اللواتي تتراوح أعمارهن بين 12 و17 عاماً، عادّةً حالات استخدام العنف الجنسي «سلاحاً ضدّ النساء»، ومطالِبةً «الدعم السريع»، بـ«ضبْط منتسبيها ومنْع وقوع المزيد من هذه الجرائم». وفي الإطار نفسه، طالبت الأمم المتحدة، على لسان الممثّلة الخاصة للأمين العام المعنيّة بالعنف الجنسي، باميلا باتن، في خلال اتصالها بالقائد الثاني لقوات «الدعم»، عبد الرحيم دقلو، بإصدار قوّاته تعهّداً رسميّاً في شكل بيان من جانب واحد يدين العنف الجنسي المرتبط بالنزاع، ويعلن الالتزام بتدابير فعّالة لمنع هذه الانتهاكات، ومعالجة ما وقع منها بخطّة محدّدة زمنيّاً، فضلاً عن إصدار تعليمات قيادية تنذر بعدم التسامح مطلقاً مع العنف الجنسي كجزء من التمسّك بالانضباط العسكري. من جهته، ذكر مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، أن مكتبه تلقّى تقارير عن أعمال عنف جنسي ضدّ ما لا يقلّ عن 53 امرأة وفتاة منذ بدء الصراع الحالي، مبيّناً أن نحو 20 امرأة اغتُصبن في هجوم واحد.

ويقول عثمان البصري، عضو «محامي الطوارئ»، وهي هيئة طوعية تُقدّم الدعم القانوني للضحايا، إن «جرائم الاغتصاب والعنف الجنسي أصبحت تُصنَّف ضمن جرائم الحرب والجرائم ضدّ الإنسانية التي يعاقب عليها القانون الدولي الإنساني واتفاقات روما الأربع والبروتوكولان الملحقان بها، ويعاقب عليها القانون الجنائي السوداني لعام 1991». ويشير البصري، في حديث إلى «الأخبار»، إلى مواصلة الهيئة مساعيها لتقديم المساعدة والتبرّع والدعم للضحايا، وذلك بالرصد والتوثيق والتواصل مع منظّمة حقوق الإنسان التابعة للمنظّمة الدولية ومؤسّسات المجتمع الدولي لدعم الضحايا قانونيّاً. ويعزو اتّساع نطاق الجرائم في حقّ السودانيات، إلى دخول أطراف مسانِدة لقوات «الدعم السريع»، قادمة من إقليم دارفور ولها تاريخ طويل مع هذه الجرائم، على خطّ النزاع، إلى جانب وجود بعض القوات «غير المنضبطة» المسانِدة للجيش. ويلفت أيضاً إلى أن هجرة أغلب السكان من المدن المتأثّرة بالمعارك، جعلت الأعداد البسيطة من المدنيين الموجودين فيها عرضة للانتهاكات، مُذكراً بأن «السودان تاريخيّاً شهد الكثير من حالات الإفلات من العقاب القانوني لمثل تلك الانتهاكات، ممّا ساعد في زيادتها».

ظهر «سلاح الاغتصاب» أثناء الاحتجاجات التي اندلعت في 19 كانون الأول 2018، ضدّ نظام البشير

كذلك، تقوم جمعيات تطوعية أخرى بتوثيق الانتهاكات ومساعدة الضحايا، مِن مِثل مبادرة «لا لقهر النساء» التي تُقدّم الدعم والحماية للضحايا الناجيات، وتوثّق حالات العنف الجنسي والاختفاء القسري، إلى جانب التواصل مع أُسر المفقودات. وتشير تهاني عباس، العضو في المبادرة، إلى أن نساء السودان «يشعرن بالخوف من جرّاء تزايد حالات العنف بمختلف أشكاله ضدّهن مع تواصل الحرب»، مضيفةً، في تصريح إلى «الأخبار»، أن «السودانيات يطالبن بإلحاح شديد ويتمسّكن بمبدأ عدم إفلات أيّ مجرم منتهِك من العقاب». وكانت قوات «الدعم السريع»، المتّهَمة بالمسؤولية عن جرائم الاغتصاب والاعتداءات الجنسية، أعلنت، في أكثر من مناسبة، رفْضها أيّ تجاوزات أو تعدٍّ في حقّ المدنيين، مبديةً استعدادها للتعاون في التحقيق في الجرائم المسجّلة ضدّ النساء، والتعاون الكامل مع الأمم المتحدة للتحقيق في شأن أيّ مزاعم انتهاك لحقوق الإنسان.

وعرف السودان، عبر تاريخه، الكثير من حالات الاغتصاب والعنف الجنسي ضدّ النساء، في الحروب كافة التي وقعت على أراضيه. وتؤكد منظمة «هيومن رايتس ووتش»، في تقارير سابقة، أن «الاغتصاب استُخدم كسلاح في حرب دارفور ونزاعات أخرى»، مشيرة إلى «تورّط قوات سودانية في ارتكاب عمليات اغتصاب وأشكال أخرى من العنف الجنسي ضدّ أعداد كبيرة من النساء خلال هجمات متعدّدة في مختلف المواقع والأوقات في خلال الحرب». وترى المنظّمة أن انتشار العنف الجنسي يعكس «تمييزاً واسعاً ضدّ النساء والفتيات في مختلف أنحاء السودان»، لافتةً إلى «استهداف قوات الأمن، النساء في حملات القمع ضدّ المحتجين والاعتقالات السياسية». لكن نظام الرئيس السابق، عمر البشير، ظلّ ينفي أيّ اتهامات بارتكاب جرائم اغتصاب بواسطة الجيش أو «الدعم السريع»، ويصنّف أيّ اتهامات من هذا القبيل بأنها «مسيّسة»، ويَعتبر أن «الغرض منها تشويه صورة السودان».
أيضاً، ظهر «سلاح الاغتصاب» في أثناء الاحتجاجات التي اندلعت في 19 كانون الأول 2018، ضدّ نظام البشير، حيث جرى توثيق عمليات عنف جنسي بحقّ النساء، إثر مشاركتهن في الحركة الاحتجاجية، وهو ما بلغ ذروته خلال فضّ قوات «الدعم السريع» اعتصام «القيادة العّامة» في حزيران 2019، حين أحصت التقارير تعرُّض ما يزيد عن 70 امرأة للاغتصاب. وتكرّر الأمر نفسه في كانون الأول 2021، في خلال مشاركة النساء في المسيرات الرافضة لانقلاب قائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، حيث سُجّل وقوع نحو 13 حالة اغتصاب.

 

 

سيبرياهوم نيوز3 – الأخبار

x

‎قد يُعجبك أيضاً

«السمنة».. بين العادات غير الصحية والعوامل الوراثية

تعد السمنة إحدى أكبر مشكلات العصر الصحية، وأكثر مشكلات التغذية شيوعاً، ما جعلها الشغل الشاغل للأطباء، كونها ذات علاقة بكثير من الأمراض كارتفاع ضغط الدم ...