آخر الأخبار
الرئيسية » عربي و دولي » الضفة تُواصل غليانها: استنفار أميركي – إسرائيلي لإنقاذ سلطة رام الله

الضفة تُواصل غليانها: استنفار أميركي – إسرائيلي لإنقاذ سلطة رام الله

| أحمد العبد

رام الله | تُسابق إسرائيل الزمن في سعيها لاحتواء المقاومة المتصاعدة في الضفة الغربية المحتلّة، وإرهاصات الانتفاضة التي تتشكّل بمظاهرها الشعبية والعسكرية، متدحرِجةً بشكل متسارع. وتعتمد تل أبيب في ذلك على استراتيجيّتَين: أولاهما سياسة «جزّ العشب» التي يتّبعها جيش الاحتلال في مدن الضفة وقراها ومخيّماتها؛ وثانيتهما محاولة تقوية السلطة الفلسطينية وتقديم إغراءات وتسهيلات اقتصادية لها. وإذا كان العدو يعتمد تكتيك «العصا والجزرة»، في كلّ مرّة يريد فيها قمع حالة مقاومة في أيّ مدينة أو قرية في الضفة، باستخدام أدوات القمع والترهيب من هدمِ منازل وقتلٍ واعتقالات، ومحاولة تأليب الحاضنة الشعبية ضدّ المقاومة عبر محاصرة الحيّز الجغرافي الذي تعمل فيه وفرض عقوبات اقتصادية عليه، فإن التجربة أثبتت فشل ذلك التكتيك. وتُصعّد إسرائيل، اليوم، من عدوانها في مدن الضفة، في محاولة لترميم صورة جيشها أمام مستوطِنيه، بعد سلسلة العمليات الفدائية الناجحة أخيراً، والتي كان أحدثها فجر أمس قرب مدخل البيرة الشمالي، حين هاجم الفتى هيثم مبارك، جندياً من جيش العدو بمطرقة كبيرة، بينما خاض المقاومون في جنين اشتباكاً مسلّحاً عنيفاً مع قوّات الاحتلال التي اقتحمت حيَّ الهدف لاعتقال أقارب منفِّذي عملية غور الأردن، بالتوازي مع آخر مماثل شهدته المنطقة الشرقية من مدينة نابلس بالتزامن مع اقتحام المستوطنين لقبر يوسف.

تعيش إسرائيل ضغوطاً أمنية متسارعة في الضفة منذ معركة «سيف القدس» وعملية «نفق الحرية»

وتعيش إسرائيل ضغوطاً أمنية متسارعة في الضفة منذ معركة «سيف القدس» وعملية «نفق الحرية»، وما رافقهما من تنامي حالة المقاومة، وتنفيذ عمليات فدائية جريئة في الخضيرة وتل أبيب وبني براك والخضيرة، ما دفع العديد من قادة الاحتلال إلى التهديد بين حين وآخر بشنّ عملية «سورِ واقٍ» ثانية في شمال الضفة، خاصة في ظلّ اعتراف إسرائيلي بأن هذه المنطقة باتت مُلكاً للمقاومة، نظراً لضعف حضور السلطة وقوّتها فيها. ومن هنا، بات العدو يخشى بشكل جدّي اندلاع انتفاضة مسلّحة في الضفة، خاصة مع فشل عملية «كاسر الأمواج» التي أطلقها جيشه في آذار الماضي لاقتلاع المقاومة. وفي هذا الإطار، يعتقد محلّل صحيفة «يديعوت أحرونوت»، آفي يسسخاروف، أن إسرائيل أمام «حالة جديدة» لا تُشبه الانتفاضتَين السابقتَين اللتين اندلعتا في عامَي 1987 و2000، مُعلِّلاً ذلك بـ«وجود جيوب لمسلّحين فلسطينيين خاصة في نابلس وجنين (شمال الضفة)، يشتبكون كلّ ليلة تقريباً مع الجيش الإسرائيلي أو يطلقون النار على أهداف إسرائيلية»، بينما خلص تقرير إسرائيلي صدر عن «معهد أبحاث الأمن القومي» في جامعة تل أبيب الأربعاء، إلى أن نمط الممارسات الإسرائيلية الحالية ضدّ تصاعد العمليات التي ينفّذها فلسطينيون في الضفة يشكّل «أرضاً خصبة لتعاظُم روح المقاومة الفلسطينية»، وأن إدارة إسرائيل للصراع وفق مفهوم «قصّ العشب» يوشك على استنفاد نفسه، «وحتى أنه قد يؤدي إلى انفجار عنف واسع، يشكّل التحدّي الاستراتيجي الحقيقي الماثل أمام إسرائيل». وخلافاً للسياسة التي تُحاول الحكومة الإسرائيلية اتّباعها، رأى مُعِدّو التقرير أن «الضائقة الاقتصادية لوحدها ليست عاملاً يفسّر هذه الظاهرة، وإنما الحديث يدور عن وعي نضالي يتّسع، ويتغذّى من ارتفاع مستوى الاحتكاك العنيف مع قوّات الجيش الإسرائيلي، ومن شعور بالنجاح، ومن الفراغ السلطوي للسلطة الفلسطينية». أمّا الشقّ الآخر من «المعضلة الاستراتيجية»، بحسب التقرير، فهو عملية عسكرية واسعة، على غرار حملة «السور الواقي» لاجتياح الضفة في عام 2002، من أجل «تحطيم البنية التحتية للإرهاب الآخذ بالتطوّر».

ويعزو المسؤولون السياسيون والأمنيّون في حكومة الاحتلال، تنامي المقاومة في الضفة إلى جملة أسباب من بينها ضعف السلطة الفلسطينية التي فقدت قوّتها وسيطرتها على الأرض. وعلى ضوء ذلك، جاء اجتماع لابيد مع المستويات الأمنية والعسكرية أمس لإجراء تقييم أمني لِما يجري في الأراضي المحتلّة من ناحية، ودراسة تقديم تسهيلات للسلطة لتقويتها من ناحية أخرى. وتُراوح المعونات التي تفكّر حكومة الاحتلال في تقديمها لرام الله لمساعدتها على «إعادة الاستقرار»، بين «زيادة عدد تصاريح العمل للفلسطينيين» في الداخل المحتلّ، و«ضخّ مساعدات اقتصادية للسلطة من مصادر مختلفة»، وربّما إدخال تسهيلات على تنقّلات الفلسطينيين. وتحظى هذه الاقتراحات بدعم من رئيس جهاز «الشاباك»، رونين بار، الذي حذر في لقاء مع مساعِدة وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط، باربرا ليف، التي زارت إسرائيل الأسبوع الماضي، من أن «فترة الانتخابات في إسرائيل حسّاسة للغاية وتجعل من الصعب اتّخاذ قرارات في هذا الشأن»، بحسب ما نقله موقع «واللا» العبري. ودفع التوتّر الأمني في الضفة، الإدارة الأميركية إلى التحرّك في محاولة لتهدئة الأوضاع، من خلال مبعوثتها ليف، التي التقت مع كبار المسؤولين الأمنيين، مؤكدة لهم أن «الوضع على الأرض في الضفة أسوأ ممّا يبدو»، بينما قدّم منسّق حكومة الاحتلال في الضفة، غسان عليان، صورة قاتمة للوضع، لافتاً إلى أن الإجراءات المدنية والاقتصادية الإضافية التي يمكن اتّخاذها لـ«تحقيق الاستقرار»، تخضع لسلطة المستوى السياسي. وأعربت المبعوثة الأميركية، لمستشار الأمن القومي في مكتب رئيس وزراء العدو، عن مخاوفها من انهيار السلطة، مشدّدةً على أن «الكُرة في ملعب إسرائيل»، داعية الأخيرة إلى «اتّخاذ خطوات عاجلة لمساعدة الفلسطينيين».
وفي المحصّلة، فإن ما يجري على الأرض، وفي كواليس اللقاءات والتحرّكات الديبلوماسية الأميركية والإسرائيلية، يشير إلى التواطؤ بين الجانبَين على استراتيجية التعامل مع القضية الفلسطينية، لناحية اقتصارها على مجموعة تسهيلات اقتصادية ومالية، والكفّ عن تفعيل أيّ مسار أو خطّة سياسية، لا تزال السلطة تستميت في محاولة الدفْع في اتّجاهه، من دون أن تلْقى أيّ آذان صاغية، حتى بعد خروج الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، من البيت الأبيض.
سيرياهوم نيوز3 – الأخبار
x

‎قد يُعجبك أيضاً

إعلام إسرائيلي: هجوم إيران تذكير صارخ بفقدان الردع الاستراتيجي لـ”تل أبيب” وواشنطن

صحيفة “إسرائيل هيوم”، تتحدث عن فقدان الردع الاستراتيجي لإسرائيل والولايات المتحدة بعد الهجوم الإيراني، وتشير إلى إيران تسعى إلى خلق واقع جديد في الشرق الأوسط. ...