آخر الأخبار
الرئيسية » يومياً ... 100% » المكدوس “ببلاش”!!

المكدوس “ببلاش”!!

*علي عبود
يعطينا المكدوس- الذي بقي حتى وقت قريب يتصدر مؤونة الشتاء لملايين الأسر السورية- مثالا على أهمية الإكتفاء الذاتي من جهة وتدهور القدرة الشرائية للدخل من جهة أخرى!
نعم .. بضعة آلاف من الأسر انفقت عشرات الآلاف لتصنيع مؤونتها من المكدوس كما كانت تفعلها في سنوات سابقة ، في حين اضطرت عشرات الآلاف من الأسر لتصنيع القليل من مؤونتها مقارنة بالأعوام السابقة ، واضطر الكثير منها لاستبدال الجوز بالفستق السوداني “العبيد” لأنه الأرخص بين المكسرات!
وبالمقابل فإن آلاف الأسر السورية في الكثير من الريف تقوم منذ سنوات بتصنيع المكدوس “ببلاش” دون أن يكلفها قرشا واحدا!
هذه الأسر تقوم بتصنيع المكدوس بكميات تكفيها وتكفي أولادها وأقاربها القاطنين في المدن فلديها أشجار الجوز والزيتون والكميات الوافرة من الباذنجان والفليفلة المنتجة من أراضيها المجاورة لمنازلها!
وإذا كان الكثير من الأسر الريفية تخلت في سنوات الرخاء عن إنتاج مايكفيها من غذاء وبخاصة الرغيف فقد عاد معظمها إلى استثمار الأرض لتكتفي ذاتيا ، وإلى التنور أو أشباهه من الأفران الصغيرة!
ولو إن وزارة الزراعة شجعت على غرس أشجار الجوز في معظم المحافظات لكنا من مصدري هذه المادة ولما سمعنا أصواتا اليوم تطالب بالسماح باستيرادها، ولبقيت أسعارها في متناول سكان الحضر!
أكثر من ذلك..نسأل : لماذا لايقوم سكان الحضر بزراعة حدائقهم وأسطح منازلهم بالخضار بما فيها الباذنجان والفليفلة وأشجار الزيتون بما يلبي الجزء الأكبر من احتياجاتهم إن لم يكن 100 % ؟
وبدلا من زراعة الحدائق المنزلية ، وما أكثرها في الضواحي السكنية الجديدة، بأشجار غير مثمرة كالسرو لماذا لاتُزرع بالخضروات وبأشجار الزيتون والصنوبر البلدي والمشمش والكرز ..الخ!
لقد سبق واطلعت على تجربة اليابان بتحويل أسطح الأبنية إلى حدائق جميلة بهدف تنقية الهواء أي رفع مستويات الأوكسجين لتعديل المناخ واستجلاب الأمطار .. فما الذي يمنع من زرع أسطح منازلنا بالخضروات ، والحدائق الأرضية بالأشجار المثمرة وبالخضروات أيضا إلى جانب الأزهار والورود والياسمين ؟
نعم .. ليس لدى غالبية سكان الحضر أي إلمام بهكذا زراعات ،ولكن يمكن لوزارتي الزراعة والإدارة المحلية التنسيق مع لجان الأبنية وتزويدهم مجانا بالغراس والشتول مع الإرشادات الكافية لزراعة الحدائق والأسطح بالأشجار المثمرة والخضروات!
وبدلا من ري أشجار وغراس غير منتجة يمكن ري أشجار وشتول مثمرة تتيح لسكان الأبنية الحصول على باذنجان وفليفلة مجانا بالإضافة إلى المنتجات الأخرى كالبندورة والخيار والبقدونس والبصل والنعنع وجميعها تستنزف جزءا كبيرا من دخل الأسرة !
وخلافا لاستغراب البعض أن يصل سعر كيلو الجوز البلدي إلى 25 ألف ليرة .. فإن سعر الجوز فعليا انخفض ولم يرتفع فهذا المبلغ يعادل القدرة الشرائية لمبلغ 375 ليرة سورية فقط في عام 2010 !!
المشكلة ليس بأسعار الزيت والجوز والباذنجان والفليفلة والغاز ،أي مستلزمات تصنيع المكدوس ،وإنما في الدخل ، فجميع السلع ارتفعت أسعارها وفق ارتفاع أسعار الصرف ، أي وفق تراجع القدرة الشرائية لليرة ،ووحده الراتب أوالأجر تراجع !
ولم تقم الحكومات المتعاقبة حتى الآن بتعديل دخل الأسرة مع تعديلات سعر الصرف المتلاحقة ، وبالتالي فراتب الـ 10000 في عام 2010 كان يعادل 212 دولار في حين راتب الـ100000 ليرة حاليا بالكاد يعادل 40 دولارا بالسعر الرسمي ، وأقل بكثير من سعر الدولار الأسود الذي يُسعّر به التجار السلع والخدمات!!
ولو حافظت الحكومات المتعاقبة على القدرة الشرائية للعاملين بأجر لوجب أن يرتفع راتب الـ 10000 ليرة في عام2010 دون أي ترفيعات أوزيادات لاحقة إلى أكثر من530000 ليرة اليوم ، ودائما حسب تسعيرة المصرف المركزي لا السعر الأسود!
ترى لوكانت الأسرة والتي لديها إثنان فقط يعملان بأجر ، وفيما لوكانت الحكومات المتعاقبة لم تشفط دخلها .. هل كانت ستشكو من عجزها عن تأمين احتياجاتها بما فيها مونة الشتاء بكميات أكثر من كافية ، وبخاصة المكدوس التي لن تتجاوز تكلفته في هذه الحالة أكثر من 10 % من دخلها الشهري .. أي مكدوس ببلاش كما كان الحال على مر العقود الماضية قبل تدهور سعر صرف الليرة ؟


(سيرياهوم نيوز26-9-2021)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

لقد طفح الكيل..لا بل بلغ السيلُ الزبى!!!!

    عبد اللطيف شعبان   مجريات السرقات المتتابعة لكابلات الشبكة الكهربائية والهاتفية منذ أعوام وفي العديد من المحافظات، مثار تساؤلات عجيبة غريبة تؤدي للاستنتاج ...