آخر الأخبار
الرئيسية » يومياً ... 100% » المنطق التبريري لوزير الحماية

المنطق التبريري لوزير الحماية

*علي عبود
بالمختصر المفيد: يبدو تصريح وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك مستفزا جدا بقوله: “رغم رفع البنزين مازال سعره أقل من نصف تكلفته ،ولا بد من عكس ذلك على المواطن قليل الدخل”!!
لن نسال الوزير كيف سينعكس رفع البنزين إيجابا ، لكننا نستغرب تجاهله للحقيقة “الفاقعة” وهي : لايزال دخل المواطن ينخفض يوما بعد يوم ولايشكل حاليا ،حتى بعد زيادة الرواتب الأخيرة ، سوى 10 % من تكلفة المعيشة دون السكن!
وبما أن وزير حماية المستهلك يبرر بالمنطق أن البنزين لايزال يباع بنصف تكلفته ‘ فإن هذا المنطق يبرر لنا المطالبة برفع الأجور في القطاعين العام والخاص إلى المستوى الذي يساوي أيضا نصف تكلفة معيشة ملايين الأسر السورية لتكون نسبة التكلفة عادلة ومتكافئة بين طرفي المعادلة : الأجور والأسعار!!
ومن الملفت أن يقول الوزير بأن “الهوة بين الرواتب والاسعار تشكل هما يوميا للحكومة وهناك عمل على كافة الاصعدة لزيادة دخل المواطن” .. ترى هل رفع أسعار المحروقات والسلع المدعومة مرة تلو المرة يزيد أم يُخفّض دخل المواطن؟
إن الزيادة الجديدة للرواتب شفطتها مسبقا رفع الحكومة لمنتجاتها وخدماتها في الأشهر الستةالماضية!
ونتفق تماما مع الوزير بأن وزارة التجارة الداخلية ليست مسؤولة عن الرواتب بل مسؤولة عن تأمين المواد وتوفيرها ، لكننا سنستمر بسؤال الوزير مرارا وتكرارا : هل المواد المعروضة في صالات السورية للتجارة حتى لو كانت بنصف سعر مثيلاتها في السوق هي بمتناول ملايين الأسرة “المهدودة” الدخل؟
نعم .. لاوزارة التجارة ولا أي وزارة منفردة مسؤولة عن الرواتب ، لكن من مسؤولية وزير الحماية أن يطرح على الحكومة في اجتماعات مجلس الوزراء مقترحا بتقديم سلة غذائية متكاملة للأسر التي تعاني من الفقر المدقع وتعيش على “حسنات” الجمعيات الخيرية و”المحسنين”!!
والأهم ان يقنع وزير حماية المستهلك الحكومة ببيع منتجات القطاع العام لملايين الأسر السورية محدودة الدخل بما يُناسب دخلها ،وليس بسعر تكلفتها، أي ان ينتقل الوزير من المنطق التبريري إلى المنطق الواقعي الذي لايخفى على أحد وهو: بيع المواطن السلع الأساسية بما يناسب أجره ، ومايخالف هذا المنطق هراء بهراء!!
وبصراحة شديدة .. لقد أرعب وزير الحماية ملايين المواطنين بقوله : “لم يتم طرح رفع سعر المازوت حاليا” ، وهذا يعني أن اللجنة الإقتصادية ناقشت القرار وأجلته إلى أمد قريب جدا!
وكلنا نتذكر أن الوزير سبق وأكد منذ أشهر أن رفع سعر المازوت غير مطروح ،لكنه نفسه وقّع بعد يومين على قرار رفع سعر الليتر إلى 500 ليرة .. فهل سيتكرر سيناريو رفع المازوت قريبا؟
أما أغرب منطق تبريري لوزير الحماية فهو قوله:” قرار رفع البنزين مدروس ومحدد للبنزين المدعوم الذي لن يؤثر على أسعار المواد الغذائية ،ولن يؤثر على ذوي الدخل المحدود كونهم لايستقلون تكاسي .. فهل هذا المنطق واقعي أم تبريري؟
ربما لايعرف الوزير إن وسائل نقل المواد من المستودعات ومن مراكز أسواق الهال وتوزيعها إلى الأسواق تعمل على البنزين ، وهذا يعني انها سترفع أجور النقل التي سيتحملها المستهلك لا التاجر ولا البائع!
ومعظم التجار أكدوا “أن قرار رفع أسعار البنزين سيكون له انعكاس واضح على المدى المنظور، لأن ارتفاع أجور النقل يدخل في كافة أعمال التوزيع والتجارة”!!
أما بالنسبة لجزم وزير حماية المستهلك بأن ذوي الدخل المحدود لايستقلون تكاسي فيعكس تجربته فهو حتما لم ولن يستخدم مثل سائر المسؤولين التكاسي ،ونترك الجواب لهذا المنطق التبريري “لمن كان بها خبيرا”!
عضو المكتب التنفيذي لقطاع النقل والمواصلات في محافظة دمشق مازن دباس رد على وزير حماية المستهلك سريعا : أن 90 بالمئة من المواطنين غير الميسورين يضطرون في كثير من الأحيان لركوب التكاسي للوصول إلى مكان عملهم، وذلك بسبب الضغط الحاصل في عدد من الخطوط على السرافيس والباصات!
كما أن سيارات مكاتب التكاسي الخاصة في المناطق والضواحي التي لاتوجد بها تكاسي صفراء ولا سرافيس ولا باصات ..تعمل جميعها على البنزين “المدعوم”!!
نستنتج من كل ذلك إن وزير حماية المستهلك لم يكن موفقا في منطقه المبرر لرفع سعر البنزين ، فعلى عكس كل تبريراته فإن الزيادة الأخيرة للبنزين مثل زيادات المازوت والغاز والكهرباء “شفطت” ، وستبقى “تشفط” الجزء الأكبر من دخل ملايين الأسر السورية حتى بعد الزيادة الأخيرة على الرواتب والأجور!
وبعيدا عن المنطق التبريري والتسويفي .. لا حل لهذه الدوامة التي تغرق فيها ملايين الأسر السورية سوى بتنفيذ مقترحنا الذي نكرره منذ سنوات : ارفعوا الدعم نهائيا وامنحوا العاملين في القطاعين العام والخاص الحد الأدنى الدستوري من الأجر الذي يكفي لتأمين الحد الأدنى للمعيشة والسكن !!


(سيرياهوم نيوز19-12-2021)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

على ضفاف عشق الوطن …

  بقلم د. حسن أحمد حسن وطن … الله ما أروع اتساق هذه الحروف الثلاثة، وما أعظم الدلالات التي تتضمنها ليعلّقها كل مواطن على صدره ...