آخر الأخبار
الرئيسية » كتاب وآراء » الناس بين المال و الحزب و الطائفة..

الناس بين المال و الحزب و الطائفة..

| طارق الأحمد

 

لا شك أن ما  كتبه أو نسب إلى السيد رامي مخلوف مؤخراً، ليس من النوع الذي يكفي تجاهله و عدم إعطائه اهمية كافية، حيث كان ذلك هو رد الفعل الأنسب في معظم الحالات السابقة لكي لا يتشعب الحديث و يبقى في إطار تفسيرات الناس للشخصية المتحولة.

لكن و مع تكثيف الأزمات الوطنية الحالية، بين ما هو طبيعي، أي زلازل بفعل حركة الطبيعة العادية التي تصيب الكون كله، و بين زلازل أخرى تمثلت في حرب و حصار غربي و عربي على سوريا يترنح أمام إمكانية كسره او محاولة تحويله لكي لا يتحول إلى مكسب للوطن.

و منه ما جرى مؤخرا بل مجددا و اساساً و هو  دور العدو الإسرائيلي المحوري و المسبب لكل الشرور و الذي ضرب مؤخرا قلب العاصمة دمشق، واضعاً نفسه و عدوانيته لاعباً مؤثراً في نوعية التحول الذي تقبل سورية عليه الآن ….

فهل  نقبل على  فك عزلة و كسر حصار و تسجيل هدف انتصار، أم رسم معادلات احتواء جديدة / ولو على عجل / لكي لا تتحول النتائج في مصلحة سوريا كاسرة للقيد منتزعة اعتراف من حاربوها، بحتمية عودة نهضتها و عمرانها و تواصلها مع محيطها، كونها كانت و لا بد أن تعود حاجة اقليمية و جيوسياسية للاستقرار العالمي، و بأن حرب الاثني عشر عاماَ التي خيضت ضدها، قد أسست كما نعيش كل يوم، تدهوراً امنياً في كل المحيط من أوكرانيا إلى أرمينيا و اليمن و العراق و باقي بؤر التوتر..

حيث تشكل قوة سورية، و بوجه إسرائيل، و هنا بيت القصيد، نقطة التوازن الأهم في عدم قلب المنطقة، واحةً أمريكية غربية صرفة، و كل كلام عن تسويات معها، سواء بالتحليل او التنجيم و قراءة الكف و حساب الكواكب، ما هي إلا هرطقة و مراهقة سياسية لا يليق لمجتمع يريد أن يعيش ببلد متحضر يبني المدن ذات المشافي و الجامعات و المسارح و دور الأوبرا، أن يتعاطى معها….

و بالتالي فإن اعتبار الناس الذين هم مادة المجتمع، حطباَ او وقوداَ لمشاريع التبعية ، تارة باسم المال المهيمن بعد تشكيل الامبراطوريات المالية المتوسعة و تكديس الثروة في بلد فقير خارج من نهج دعا إلى الاشتراكية لمدة ستين عاماً و نمذج الناس على وصل حبها في الليل و النهار، ثم محاولة الاستيلاء على جزء من تنظيم الحزب السوري القومي الاجتماعي بإعادة فتح باب الانشقاق فيه، ثم و بعد أن تمت تسوية قضية الحزب وفق منطق مصلحة الدولة و القانون، أن يتم الدخول إلى الرأي العام بمنطق جديد مغاير للغة الحزب الذي يعتبر الإسلام هو دين الله لكل الناس فمنهم من آمن بالإنجيل و منهم من آمن بالقرآن و منهم من آمن بالحكمة، و ليس مخاطبة عواطف او غرائز فئة ما من فئات المجتمع، حيث لا يعتبره القوميون الاجتماعيون إلا مجتمعاً واحداً و من مبادئهم الأساسية التي تعاقدوا مع زعيمهم أنطون سعادة عليها هو إزالة الحواجز (المصطنعة عبر التاريخ) بين المذاهب و الطوائف و ليس تكريسها او العمل لاستخدامها.

 

الناس و الفقراء:

هم الناس، كانوا دومآ مادة المشروع و الضالة هي الهدف!

لا يحتاج السوريون اليوم منجمين، ولا واعدين بسلل الغذاء المجانية و لا بيوت الايواء المسبقة الصنع..

السوريون هم مالكوا الأرض المليئة بالثروات، بدءاً من وصلها للقارات الثلاث آسيا و افريقيا و أوروبا، حيث كانت دولهم عبر العصور عواصم او أجزاء من امبراطوريات عبرتها على مدى التاريخ، و بالتالي فثروتهم الجيوسياسية بوصل طريق الحرير من شنغهاي إلى أوروبا لا تقدر بثمن..

و يكفي اليوم إجبار المحيط السياسي الذي حارب سورية بفتح طريق #بيروت_دمشق_بغداد_عمان لتلج سورية إلى مسار التعافي الاقتصادي بل النهضوي..

و كما ثروات الطبيعة مع اهميتها ، فإن الأهم و هو حرفية ذلك الإنسان السوري الذي لا يحتاج سوى إلى الاستقرار لبناء أعظم المدن و إعادة ما تهدم أجمل مما سبق، و ها هو ذا قد بنى او ساهم بقوة في بناء معظم المدنيات من حوله من دول الخليج إلى أوروبا و افريقيا، و لا يحتاج هنا سوى إعادة الناس إلى وطنهم مغتربين و غيرهم ليعودوا مساهمين فعالين لبناء المدن و القرى اجمل و أحدث مما كانت، و ليس اموال الخليج او غيرها كأثمان سياسية لتسويات مع من لا يشكل و لن يمكن أن يشكل دولة مدنية عصرية كما يدعي و لو دعمه العالم كله….

فلو حُضر لأهلنا في فلسطين عربات تجرها الخيول فرداً فرداً ، لنقله و تهجيره، فلن يتبدل حال هذا الكيان ليمكن التعايش معه كما يزعم او يوحي أي كان، لأنه و ببساطة شديدة، الكيان الذي يبنى على العنصرية لا يمكن أن يبني دولة مدنية..

و أما الفقراء مجدداً، و هم الأغنياء جدآ و يعيشون في أجمل بقاع الأرض جبالها و ماؤها و هواؤها و علومها و آدابها و تراثها، فسوف يبقون مادة للفكر و حفظة للشعر و مولدي الأدب و الرواية و شعلة الأحزاب التقدمية، اي العصرية المتطلعة للريادة في العالم، و هم الصابرون مهما طالت هذه السنوات الصعبة و مهما توازت ثواني الزلازل مع شهور الحرب في خطرها، فسيبقى الشعب السوري مؤمناً بالعلم لا بالخوارق و بالعقل لا بالنقل.

(سيرياهوم نيوز ٣-الكاتب)

 

x

‎قد يُعجبك أيضاً

أنا والقمة والاعتذار عن وعد بلفور ..!

    د.جورج جبور   اخبرت صوت العرب في مقابلة هاتفية قبل لحظات ان الاعتذار عن الكلمات المؤسسة ل” اسرائيل”. وهي وعد بلفور امر يسبق ...