ad

الاستثمار في نادي كرة قدم ليس بالمشروع المربح عادةً. وبمعنى آخر، يمكن توظيف تلك المبالغ الضخمة في مشاريع أخرى تدرّ عائدات بدرجة أضمن. «عُرفٌ» أكّده تقرير لشركة «Deloitte» المتخصّصة في الاستشارات المالية، أوضح أن الأرباح التشغيلية لـ10 من أصل 20 نادياً في الدوري الإنكليزي الممتاز وصلت إلى 4% فقط من مجمل الإيرادات، لكن بعد إضافة التكاليف الصافية لانتقالات وأجور اللاعبين، اتّضح أن هذه الأندية تخسر.

وفي حين يسعى العديد من الملّاك إلى بيع أسهمهم في الأندية الأوروبية تجنباً لتفاقم الخسائر، يتهافت الملّاك الأميركيون تحديداً على شراء تلك الأسهم طمعاً بالدخول في دائرة ضخمة من العلاقات السياسية، الاجتماعية، والتجارية… وما يمكن تحصيله من صفقات بثّ تلفزيوني وعقود رعاية… من هنا، يتّضح اختلاف نماذج مشاريع أندية كرة القدم باختلاف ملّاكها، حيث يرتبط مصير الفريق «غالباً» بالنوايا الدفينة لحاملي غالبية الأسهم. وبالنسبة إلى الأميركيين: «Business is Business». «تفشّى» التهافت الأميركي على شراء الأندية في أكبر الدوريات الأوروبية خلال السنوات الماضية، ويعود آخر استثمار ضخم إلى شراء «كونسورتيوم» أميركي نادي تشيلسي الإنكليزي مقابل 4.25 مليارات يورو، بقيادة الملياردير تود بولي. لحظة مفصلية جعلت تشيلسي حديث الوسط الرياضي في أكثر من مناسبة.

فور إتمام الصفقة، دعا بولي رؤساء أندية «بريميرليغ» إلى عشاء طرح خلاله خططاً لزيادة أرباح النقل التلفزيوني، لافتاً إلى أن العائدات «الحالية» أقل مما تجنيه الرياضات الأميركية رغم انخفاض معدل شعبية هذه الأخيرة مقارنةً بالدوري الإنكليزي الممتاز على الصعيد العالمي. اقتراحٌ أسال حبر الصحافة في إنكلترا، واصفةً المالك الأميركي بـ «المتطفّل»و«الطامع».

استمر الجدل بعدها من خلال إنفاق «البلوز» أكثر من مليار يورو خلال ثلاث نوافذ انتقالات، قبل إتمام الاستحواذ على فريق آر سي ستراسبورغ الفرنسي لإنشاء نموذج تعدّد أندية يهدف إلى تمويل صفقات تشيلسي على المدى البعيد.

هنا، تصاعدت الصرخات من جهات كروية مختلفة مطالبة بضرورة التدقيق في حسابات النادي، غير أن الملّاك لم يأبهوا واستمروا في سياستهم معوّلين على خبرتهم في قطاع التمويل. وبالفعل، يبدو أن الأرقام «المهولة» ظاهرياً، غير مهدّدة لاستدامة تشيلسي من منظورٍ مالي، تبعاً للخطوات المدروسة التي قام بها المالكون الأميركيون.
صحيح أن تشيلسي استثمر ببذخ لشراء لاعبين شباب، غير أنهم يتوافقون مع رؤية النادي للمستقبل. مقابل ذلك، حصد الفريق مبالغ طائلة من خلال بيع اللاعبين «القدامى». وبلغة الأرقام، صرف تشيلسي في سوق الانتقالات الصيفي الأخير 462.10 مليون يورو تبعاً لموقع «Transfermarkt» المختص بالأرقام والإحصاءات، مقابل بيعه لاعبين بقيمة 267.00 مليون يورو ليصبح صافي الإنفاق 195.1 مليون يورو. يبقى الرقم ضخماً في الظاهر، غير أن المشروع طويل الأمد بما يحمله من خفض في فاتورة الأجور وعدم الحاجة إلى تدعيمات مستقبلية كثيرة، كما استغلال بعض الثغرات في صيغة العقود الطويلة التي تسهّل إطفاء الخسائر في دفاتر النادي المحاسبية، كل ذلك يجعل الرقم مقبولاً وغير مهدّد لقواعد اللعب المالي النظيف مستقبلاً. ونظراً إلى أن الملّاك الجدد يأتون من خلفية تمويلية، فإنهم يعرفون خبايا الاستثمارات جيداً. يظهر ذلك من خلال إجراء ممثلي تشيلسي مفاوضات واجتماعات مع مستثمرين مختلفين لإيجاد أموال إضافية تطوّر النادي أكثر، وتروّيهم جيداً قبل التوقيع مع عقود رعاية القمصان، كما الاقتراب من تحصيل عقد استثمار بقيمة 500 مليون دولار مع شركة «آريس مانجمنت» الأميركية لبناء ملعب جديد أو إعادة تشييد الملعب الحالي ستامفورد بريدج، وفقاً لشبكة «ESPN».

أرباح 10 من أصل 20 نادياً في الدوري الإنكليزي الممتاز وصلت إلى 4% فقط من مجمل الإيرادات

في هذا الإطار، قال المؤسس المشارك لشركة «كليرليك» التي تمتلك أسهماً في النادي، خوسيه فيليسيانو، في مؤتمر «IPEM» للأسهم الخاصة في باريس: «لقد اشترينا أصلاً مرغوباً للغاية من قبل العديد من المشترين المحتملين الآخرين. أعتقد أن ما نحاول القيام به هو خفض الرواتب ونفقات التشغيل لتشيلسي بشكل أساسي بما يزيد على 100 مليون دولار سنوياً».
في المحصّلة، يسير تشيلسي على الطريق الصحيح من الناحية المالية. هي مرحلة انتقالية تحتاج إلى مزيد من الوقت، ولا يمكن التعويل على النتائج السلبية الحاصلة أخيراً. تبقى المخاطر واردة في حال الفشل في اعتلاء منصات التتويج على المدى البعيد أو الغياب المستمر عن المشاركات الأوروبية، كما عدم نجاح بعض اللاعبين وصعوبة التخلص منهم تبعاً لعقودهم الطويلة الأمد. الفريق مطالب ببلوغ أحد المراكز الأوروبية على أقل تقدير هذا الموسم، والمنافسة على الألقاب بدءاً من الموسم المقبل.