آخر الأخبار
الرئيسية » مجتمع » “الهجرة”.. الرهانُ القاتل “الحرب الأخرى”

“الهجرة”.. الرهانُ القاتل “الحرب الأخرى”

د. مازن سليم خضور
عندما طرحنا المشكلات والظواهر الاجتماعية والأخلاقية والاقتصادية التي تهدد بنية “المجتمع السوري” ضمن سلسلة الحرب الأخرى، فإننا نطرح مجموعة من النظريات العلمية التي تفسر هذه الظواهر وفق دراسات أكاديمية ميدانية، منها ما يرتكز على دراسة الأسباب الذاتية النفسية، ومنها ما يرتكز على أخرى اجتماعية اقتصادية تعتمد على دراسة البيئة والواقع بالإضافة إلى الأسباب، وصولاً للصورة التكاملية ما يوصلنا الى مجموعة من المشكلات المركبة.
كنا في “الثورة أون لاين” طرحنا سلسلة منها، خاصة تلك التي أخذت شكلاً أكثر تطرفاً في زمن الحرب ” المخدرات – التسول – العنف – القتل و السلب – الهجرة”.
لكن موضوع اليوم هو مشكلة مركبة وهو موضوع المهجّرين السوريين و العنف الذي يتعرضون له في الدول المجاورة، في هذا الجزء نركز فقط على المعاناة في الدول المهاجرة “لبنان والأردن والعراق وتركيا” على أن تتم دراسة مشكلات المهاجرين في بقية الدول في دراسات لاحقة ولاسيما مشكلة العنف وعدم الانسجام وحالة الاغتراب.
مع بداية الحرب السورية قرر الكثير من المواطنين السوريين الهجرة لأسباب كثيرة تحدثنا عن تفاصيلها سابقا ضمن سلسلة الحرب الأخرى “الهجرة” درب الرحيل الأقدم – 28 تشرين1/أكتوبر 2020″.
الهدف الأول للهجرة كان البحث عن الأمن والأمان وأصبح الهم الأساسي عند الشاب السوري البحث عن “الأمن والأمان” و هو ما غاب عن المجتمع السوري منذ العام “2011” جراء الحرب الدائرة في مختلف أنحاء البلاد وأصبحت رائحة الدماء صورة متلازمة في الشارع السوري دفعته للبحث عن نقيضها في أماكن تخلو من الدماء والدمار والجثث والقتل والخراب وانتشار عصابات الخطف والسرقة والاغتصاب، حيث وصل حينها السلب والنهب إلى مستويات غير مسبوقة لم تشهدها البلاد، إضافة إلى عمليات الخطف لقاء فدية مالية و جرائم اغتصاب الفتيات والنساء وقطع الرؤوس والإعدامات الميدانية وأحيانا القتل الجماعي .
فالمواطن السوري الذي اعتاد الأمان قبل بداية الحرب في “٢٠١١” وصُنفت بلده من أوائل الدول الآمنة قبل ذلك، لم يعدّ يشعر بذلك فالإرهاب وفوضى السلاح سبب لانتشار الموت، ومهمة الشخص البحث عن مكان يجد فيه الأمن والسلامة بعيداً عن العنف المفرط فالهجرة مرتبطة بالخوف والهلع وعدم الأمان نتيجة الحرب والأخطر أن المستشعر لهذا الشعور لا يرى نهاية لهذه الأزمة التي تعصف في البلاد وبالتالي إن الأثر الأمني والسياسي والاجتماعي والمادي سوف يبقى على ملامح السوريين لسنين طويلة وخاصة الشرائح الاجتماعية الهشة والفئات المستضعفة، بالإضافة إلى انتشار العنف ضد بعض الجماعات. وفي تقرير نشرته لجنة الأمم المتحدة للتحقيق المعنية بسورية بعنوان “جاؤوا ليدمروا ،جرائم- داعش ضد الأيزيديين” نشر في العام “2016” على الموقع الرسمي “ohchr.org” قالت : “إن ما يسمى بالدولة الاسلامية في العراق والشام (داعش) ارتكب الإبادة الجماعية ضد الأيزيديين وتؤكد اللجنة كذلك أن ممارسات (داعش) ضد الأيزيديين تصل لمستوى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية”.
مشكلات كثيرة عانى منها المهاجرون بعضها لأسباب سياسية والبعض الآخر لأسباب اقتصادية واجتماعية، فبلاد الجوار ليس بوضع اقتصادي جيد بالأصل ويعانون من ظروف اقتصادية سيئة لكن البعض استغل المساعدات المقدمة من قبل المنظمات الدولية ولم تمنح كما يجب للسوريين. وفي دراسة في العام (2013) بعنوان ” امتداد الصراع في سورية” والتي كانت دراسة مسْحية جرت في عدد من دول الجوار للجمهورية العربية السورية وتحدد الدراسة العوامل الرئيسية التي تساهم في انتشار العنف وبالتالي “الحرب” وتطرقت الدراسة إلى اللاجئين السوريين في دول الجوار والأسباب التي دفعتهم للهجرة وأوضاعهم في كلّ بلد على حدة ، بينت الدراسة أوضاع اللاجئين السوريين في تركيا والدعم التركي سواء للاجئين والجماعات المسلحة وتحدثت عن العلاقات الأثنية والعرقية بين السوريين والأتراك في المناطق الحدودية، وفي لبنان بينت الدراسة أوضاع اللاجئين وأماكن انتشارهم والخلافات بين اللاجئين واللبنانيين بسبب المنافسة في الأعمال والأجور والخلافات الطائفية، وفي العراق ونظرا لهشاشة الأوضاع الأمنية وتشابه الأوضاع مع سورية ودخول ما يسمى “تنظيم الدولة في العراق والشام” حاولت الجهات المعنية في العراق منع اللاجئين السوريين من الدخول ما اضطرهم لدخول الصحراء وتشكيل مخيمات لهم هناك ولكن بسبب الاندماج وحالات القربى والمد العشائري والقبلي تمكنت أعداد كبيرة من اللاجئين السوريين من الاندماج في المجتمع العراقي ،أما في الأردن الذي يعاني أصلا من شح المياه وضعف البنى التحتية والخدمات والعدد الكبير من اللاجئين فكانت أوضاع اللاجئين جدا صعبة لاسيما في المخيمات التي أنشئت لهم على الحدود.
عانى المهاجرون السوريون من حالات العنف ضدهم ومن ممتلكاتهم، البعض تعرض للضرب ومنهم من خسر حياته نتيجة للعنصرية وغيرها وعلى سبيل المثال

لا الحصر….
تناقلت تحقيقات إعلامية مواضيع توثق ما يتعرض له عدد كبير من السوريين ومنها عناوين لبعض مما تم نشره:
– العنصرية مستمرة.. لبناني يعترض على طريق لاجئ سوري يحمل سلة مساعدات.
– سوري يتعرض للطعن بعد جدال في أحد شوارع “أضنة” التركية.
– الأمن التركي يعتدي بالضرب على لاجئ سوري يرعى ماشيته.
– طعن سوري على طابور الفرن في تركيا.
– “رجما بالحجارة” … مقتل لاجئ سوري في لبنان.
العنف حصل أيضا عن طريق استغلال السوريين لاسيما القاصرات والأطفال ومنها:
– شبان لبنانيون يعتدون جنسيا على طفل سوري وبشكل متكرر.
– اعتقال تركي أقدم على اختطاف طفلة سورية والاعتداء عليها في إسطنبول.
– “بيع” اللاجئات السوريات للزواج في الأردن”
وفي تقرير يعد الأول من نوعه، أشارت منظمة الأمم المتحدة للطفولة اليونيسف، إلى أن معدل الزواج المبكر قد ارتفع بين اللاجئات السوريات اللاتي يقطن بالأردن من ثمانية عشر بالمائة من مجموع الزيجات عام 2012، إلى خمسة وعشرين بالمائة في عام 2013، كما تظهر الأرقام الحديثة ارتفاع هذا المعدل في الربع الأول من عام 2014.
مشكلات عدة عانى منها السوريون في بلدان الجوار تم طرح أسبابها وكما العادة نطرح مجموعة من المقترحات التي قد تساعد لحل هذه المشكلة والتعويل الكبير على المؤتمر الذي سيعقد في دمشق لبحث هذا الموضوع.
كذلك هناك مجموعة من المقترحات التي قدمتها سابقا ونذكر ببعض منها:
1. تناول مشكلات الشباب السوري بعمق والابتعاد عن العمومية ومجاورة الأسباب والتحدث عن المشكلات الحقيقية التي يعاني منها الشباب السوري والغوص في غمار هذه المشكلات والحديث بجرأة عنها والسعي نحو الحل.
2. تشريع قوانين تسمح بعودة الشباب المهاجر بطرق غير شرعية أثناء فترة الأزمة وحل مشكلاتهم العالقة بهذا الخصوص واطلاع الشباب المصر على الهجرة على فرص الهجرة المشروعة وتعريفه على حقوقه والقوانين في حال تمت الهجرة حتى لا يكونوا رهن ابتزازات تجار البشر.
3. تحديد مدة الخدمة الاحتياطية ومنح الشباب المسرح من أداء الخدمة ميزات تساعده في تجاوز المشكلات التي تواجهه (تأمين فرص عمل – قروض – دعم مشاريع صغيرة ومتوسطة …).
4. وضع بدل نقدي للشباب الأكاديمي وبالأخص أصحاب الشهادات العليا أو منحهم تشريعات خاصة أثناء أداء الخدمة الإلزامية ومتابعة تنفيذ هذه التشريعات لاسيما أصحاب درجة الدكتوراه للاستفادة من خبراتهم والحفاظ عليهم لمنعهم من الهجرة.
5. تفعيل المشاركة السياسية والفكرية للشباب السوري وبالتالي تشجيع الحياة السياسية للشباب ضمن الأحزاب والمنتديات.
6. تفعيل مشروع السكن الشبابي الذي يمنح الشباب السوري فرصة لاقتناء منزل في ظل الغلاء الفاحش وارتفاع أسعار العقارات والإيجارات وتأمين فرص عمل للشباب السوري.
7. فرض رقابة على المؤسسات الدينية والفكرية التي تدعو للتطرف الديني أو القومي ومنع قبول أي حزب على أساس عرقي أو مناطقي أو ديني وتشجيع ونشر ثقافة الحوار.
8. تشجيع المصالحات بين أفراد الشعب السوري والعمل على إعادة الأمن والأمان إلى المدن والبلدات السورية فالأزمات والحروب تحتاج قرارات استثنائية.
9. العمل على تحقيق مبدأ المساواة والعدل في توظيف الشباب من جهة وفي ترقيتهم الوظيفية بحيث لا يشعر الشاب بالغبن نتيجة ذلك وبالتالي يكون التوظيف والترفيع حسب الشهادات والكفاءات وليس من خلال الولاءات والرشاوى.
10. سن تشريعات تفرض عقوبات قاسية بحق تجار البشر والعمل على احترام حقوق الإنسان.
11. تشجيع توقيع اتفاقيات التبادل العلمي مع عدد كبير من الجامعات المتقدمة من أجل توفير الدراسة لاختصاصات غير متوفرة والتأهيل الأكاديمي العالي وبالتالي ضمان أن تكون هجرة مؤقتة من أجل التحصيل العلمي ومن ثم العودة والاستفادة من هذه الخبرات.
12. مساهمة الشباب في مشاريع إعادة الإعمار للمناطق المتضررة من الحرب.
كل ذلك في حال تحقق بالسرعة القصوى قد يكون بوابة العودة الأوسع المفتوحة أمام كل من غادر البلاد للعودة إليها وتشجع الشباب على البقاء من خلال تأمين فرص العمل في المنازل وغيرها.

(سيرياهوم نيوز-الثورة)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

بزنس جديد بميزات جاذبة للاستثمار.. الريفيون يحتفون بموسم النباتات العطرية والطبية

من خيرات وأعشاب الأرض تستمر النساء الريفيات بمشاريعهن، وهنّ اللواتي آمنّ بما تنتجه الأرض، حيث ينتظرن بفارغ الصبر أزهار وأعشاب الربيع فيجمعونها بكل حب وعناية، ...