الرئيسية » ثقافة وفن » رسالة إلى جندي أمريكي: دنيانـــا خصبـــة جميلـــة فلمـــاذا تدمرهـــا؟

رسالة إلى جندي أمريكي: دنيانـــا خصبـــة جميلـــة فلمـــاذا تدمرهـــا؟

أمريكا لا تصدر الحضارة والقيم إنما القتل والموت والدمار ..امريكا ليست هذه التي نعرف كما يقول أحدهم.
فيها الناس الطيبون وفيها الصناعة والتجارة والعلم لكن ثمة إدارات متوحشة هي التي تزج بالشعب الأميركي إلى الموت، إدارتها هي التي وجهت نزعتها العدوانية في كل مكان من فيتنام إلى كوريا إلى الشرق الأوسط. من الكتب النادرة والجميلة كتاب حمل عنوان: خطاب إلى جندي أمريكي..صدر منذ أكثر من ستين عاماً ونيف..أعده النائب السوداني حينها حسن الطاهر زروق وفيه جمع الكثير مما كتبه مبدعون عالميون عن الموت الأمريكي المجاني منه نختار مقطعا من رسالة موجهة إلى جندي أمريكي قتل في الأعمال العسكرية دون أن يسأل أحد ما عنه تقول الرسالة:(أيها النفر كينيث شادريك…… إنني أشعر بعميق الأسى من أجلك ولعل جنرالك ماك أرثر لا يعرف ماذا يعني موت جندي في معركة فأنت بالنسبة له عبارة عن دبوس في خريطة ولكنني أعرف ماذا يحدث عندما يموت في الحرب شاب في العشرين من عمره، فعندما مات النفر شادريك من وست فرجينيا في سن العشرين ماتت معه أشياء عظيمة كثيرة.
فقد مات كتاب….. وماتت معه أغنية وربما اختراع جديد في العلوم وبهذا ترك العالم بعده أكثر شقاء وفقراً لفقده، وربما كان فقده بالنسبة للجنرال ماك ارثر أقل من قيمة دبوس أما بالنسبة للناس ذوي القلوب الطيبة فقد كان المصاب كبيراً، واليوم في كل مكان فيه قلب رقيق فإن ذلك القلب يخفق الما لموت شادريك الفاجع لايمانه المكين بأنه ما كان يجب ابدا ان يموت لان دنيانا هذه على الرغم من أن السلم فوقها مازال مزعزعاً يحدق به الخطر فانها مكان كبير وجميل جداً، ويمكننا جميعاً أن نعيش في سعادة هنا ففي دنيانا سهول خصيبة واسعة غنية بالقمح والشوفان والذرية والقطن وبها تلال كبيرة متماوجة ومناطق جبلية تضج فيها الحياة الطبيعية والمعادن الخام والأخشاب وأنهار عظيمة وبحيرات تكمن فيها قوى كهربائية_يمكننا جميعاً أن نعيش هنا في سعادة وفي نعيم متزايد ولكن ماذا ترى إذا ما تطلعنا إلى ما وراء دنيانا الصغيرة هذه؟….. أننا نرى ملايين العوالم تسبح في الفضاء وهي كثيرة جداً حتى أن كل رجل منا لو وجد شجاعة يستطيع أن يملك نجمة لنفسه فهنا مظهر طبيعي في اتساته الهائل وإمكانيته العظيمة يستثير كل قوى الإنسان وشجاعته وإقدامه، فإذا استطاع بعض الناس فقط أن يتخلصوا من جهلهم العميق وينفضوه عنهم وينظروا حولهم في الفضاء بدلاً من أن يقاتلوا في سبيل هضبة حقيرة في كوريا وإذا أمكن للذين ينفقون ملايين الدولارات الان في تحضير القنابل الهيدروجينية ان يحولوا هذه المقادير الهائل لمشروع علمي مفيد.. فإن هذا العالم سوف يصبح حينئذ بالتأكيد مكاناً أصلح كثيراً، وأصح كي يعاش فيه.
وحين أكتب لك هذه السطور فإنني أنظر برهة حولي فمن وراء النافذة التي أجلس عندها يتجلى أمامي منظر جميل فأوراق أشجار النخيل التي تشبه المراوح بحفيفها اللطيف فوق أعمدة التلغراف الهيفاء تنتشر فوق السهول التي يغطيها نبات السرخس ومن وراء السهول تلال اند هيري المستديرة وتلال فيهار الصغيرة الجميلة وكلها تغيب وتتلاشى في ضباب جو الصيف الموسمي وفي مكان ما على تلك الربوات ترقد أنت ميتاً قد بردت أطرافك وغمرك السكون في وحدة موحشة أنني أفكر فيك وفي مئات غيرك في سن العشرين من وست فيرجينيا وكانس واوهيو وتكساس وسنسيناتي، وأفكر في انفار مثل شادريك لم يبلغوا العشرين أولئك الذين في التاسعة عشر والثامنة عشر والسابعة عشر والسادسة عشر، وأفكر في نفر في السادسة….. هو ابني فهل يرسلونه أيضاً ليحارب لهم عندما يكبر ويصبح في سنك؟؟؟؟؟…. كلا…. كلا….. لا يجب أن يحدث هذا ثانيا….. ولهذا السبب عندما أنظر من النافذة وأرى جثتك ملقاة وحيدة على تلك الهضبة العالية فإنني أحلف قسماً مقدساً، (السلام يجب أن يتحقق هنا والأن)(السلام في عصرنا)(والسلام في كل العصور) لو كنت رئيساً…بدوره وليم بلوم وهو سياسي أمريكي يكتب (الدولة الشريرة) وفي الكتاب يقول يتمنى أن يكون رئيساً للولايات المتحدة فلو: لو كنت رئيساً للولايات المتحدة لأوقفت في بضعة أيام الهجمات الإرهابية ضد الولايات المتحدة نهائياً، وذلك أولاً بتقديم اعتذاري لكل الأرامل والأيتام والأشخاص الذين عذبوا والذين سقطوا في حالة من البؤس وللملايين من ضحايا الأمبريالية الأمريكية الآخرين، وثانياً: بإعلاني في أقاصي الأرض أن التدخلات الأمريكية في العالم انتهت نهائياً، وإعلاني إسرائيل بأنها لم تعد الولاية الحادية والخمسين، وإنما هي من الآن فصاعداً بلد أجنبي وهو أمر من الغريب قوله، ثم بتخفيض الميزانية العسكرية بنسبة 90%هذا ما كنت لأفعله في الأيام الثلاثة الأولى، وفي اليوم الرابع كنت سأقتل.)
بقي أن نشير إلى أن بلوم كان موظفاً سابقا في الخارجية الأمريكية وهو أدرى كيف تستغل الولايات المتحدة شعارات الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان لتمارس أعمالا إجرامية وتتصرف بطريقة هي الأكثر وحشية في التاريخ، أمريكا المتوحشة بسياستها حان لها أن تكون مع العالم لا عليه، لقد كتب الكثيرون عن جنونها وفي الجعبة أكثر.. إنه عصر التوحش ورأس المال الذي لا يرى إلا المزيد من القتل.. ولكن هل تنفع هذه الرسائل؟.

سيرياهوم نيوز 2_الثورة
x

‎قد يُعجبك أيضاً

التقاط قضايا المجتمع وتظهيرها

إسماعيل مروة     استطاع الأدب السوري في مرحلة أولى أن يلتقط القضايا المجتمعية، وأن يصور الأمراض الاجتماعية، بغض النظر عن الانتماء المجتمعي الطبقي أو ...