آخر الأخبار
الرئيسية » مجتمع » زلزالٌ كبير سيضرب مُدنكم واقترب من أبواب حاراتكم.. لماذا سيطرت تنبّؤات “الزلزال المُدمّر” القادم على العُقول وبات وقوعه هو الأرجح وكيف تبنّى الإعلام العربي ترويج “الهلع والرعب”؟.. “رأي اليوم” ترصد مشهد “التريند الزلزالي” وتُقدّم قراءات ومُقارنات بسيطة بالخُصوص!

زلزالٌ كبير سيضرب مُدنكم واقترب من أبواب حاراتكم.. لماذا سيطرت تنبّؤات “الزلزال المُدمّر” القادم على العُقول وبات وقوعه هو الأرجح وكيف تبنّى الإعلام العربي ترويج “الهلع والرعب”؟.. “رأي اليوم” ترصد مشهد “التريند الزلزالي” وتُقدّم قراءات ومُقارنات بسيطة بالخُصوص!

زلزال إسطنبول الكبير، زلزال دمشق وبيروت وعمّان الكبير، زلزال الخليج الكبير، وغيرها من التنبّؤات الزلزاليّة التحذيريّة التي غزت وسائل الإعلام العربيّة، بعد زلزال تركيا وسورية الكارثي، ومنصّات التواصل الاجتماعي ليست ببعيدةٍ هي الأخرى عن دعم ونشر تلك التنبّؤات المُخيفة، والتي لاقت بطبيعة الحال رواجاً كبيرًا، وصل إلى درجة تحديد مكان وزمان الزلزال باسم الشّارع والحي، والمنطقة، والمدينة، ما أثار هلعاً غير مسبوق، مع تناقل صور الكارثة وما حدث مع مُدُن تركيا العشر المنكوبة، وسورية.

أم أحمد، وأم سامي، وأم أسامة، إلى جانب أبو علي، وغيرهم في الحارات المُجاورة لهم، تداولوا على عجل رسائل على تطبيقات التراسل الفوريّة، وهي من نمط الرسائل التحذيريّة بالصّوت بأن عليهم مُغادرة منازلهم سريعاً، فالزلزال بحسب التحذير أصبح على أبواب حاراتهم، ويجب حمل كُل ما هو خفيف، إضافةً إلى جوازات السّفر، وبعض الأموال، والتحرّك إلى أماكن أقل ارتفاعاً، وأكثر أماناً، فالزلزال المُدمّر بات على الأبواب.

حالة الهلع هذه التي تُعبّر عنها هذه الرسالة التحذيريّة المُتناقلة، نموذج من حالة عامّة رصدتها “رأي اليوم”، وهي تصول وتجول على برامج التراسل الفوريّة بين أبناء دول بلاد الشام، وبعض دول الخليج، وهي حالة هلع طبيعيّة رسّختها وسائل إعلام عربيّة ركبت “التريند الزلزالي”، وباتت تستضيف جميع علماء الفلك، والمُتنبّئين، الذين صادف الحظ معهم في تنبؤ زلزال تركيا وسورية، رغم أنهم أخطأؤا في تنبؤ زلازل سابقة، والكثير منهم كانوا مطمورين، وسعوا خلف الشّهرة، بإثارة تنبّؤات وقوع زلازل كبيرة، لا يتّفق المنطق والعلم في توقّعها.

تحوّل مثلاً فرانك هوغربيتس، وهو وفق التعريف عن نفسه “مُهندس كواكب”، هذا الرجل كان مطمورًا قبل أن يُحالفه الحظ بعد تغريدة نشرها تنبّأت بوقوع زلزال تركيا وسورية بقوّة 7.5، هذا التنبّؤ الصّحيح جاء بمحض الصّدفة، أوّلاً لأن المذكور الذي سارع الإعلام العربي لاستضافته ليس كونه خبيرًا، بقدر تحوّله إلى نجم التريند الزلزالي ويخدم تزايد عدد المُشاهدات، وثانياً لأن تنبؤ هذا الرجل ليس مبنيّاً على علم الزلازل، بل على حركة الكواكب غير المنطقي، وثالثاً لأنه تنبّأ بزلازل مُدمّرة من قبل ديسمبر 2018، وفبراير 2019، والعام 2020، وكلّها تنبّؤات تبيّن عدم صحّتها لعدم وقوع زلازل.

الثابت في كُل هذا بأن وسائل الإعلام العربيّة أو بعضها، نجحت في خلق حالة الهلع والرعب بين الناس، فشُعوب الأردن، ولبنان، وسورية، ومصر، والعراق، وفلسطين، وتركيا، بات شُغلهم الشّاغل، معرفة إن كان سيُصيب بلادهم زلزالاً على شاكلة زلزال تركيا وسورية، وبالشدّة المُدمّرة فوق 7 درجات، وما إذا كانت منازلهم ستصمد أمام هذا الزلزال الذي يُفتَرض قُدومه.

في العام 2019 مثلاً كانت إسطنبول، وخبراء الزلازل فيها على تخوّفٍ من أن يضرب زلزال مُدمّر المدينة، وغالبيّة البناء القديم في إسطنبول لا يُراعي كودات الصّمود أمام الزلازل، وأساساً المدينة منطقة زلزاليّة معروفة، ولكن ورغم تلك التنبّؤات والمخاوف ضرب إسطنبول هزّات محسوسة ولكن لم تُسبّب إصابات، وفي حين كانت الأنظار والمخاوف تتّجه نحو إسطنبول، ضرب زلزال مُدمّر مُدُن تركيّة أُخرى العام الحالي 2023، فكانت كارثة زلزال غازي عنتاب، وكهرمان مرعش الماثلة أمام الأعين الآن، الغاية من هذا المثال هُنا، تفنيد القُدرة على التنبّؤ الدّقيق بمكان وزمان الزلازل.

مثال آخر نطرحه هُنا، وبعد البحث، وجدنا دراسة منشورة العام 2014 في الأردن، تُحذّر من وقوع زلزال مُدمّر في الأردن، ويضرب العاصمة عمّان، ويُخلّف أكثر من 10 آلاف قتيل، نحن اليوم في العام 2023، ولم تشهد العاصمة الأردنيّة زلزالاً كالذي جرى التحذير منه العام 2014، وقس على تلك الدراسة، جميع التحذيرات التي أصدرها البعض بوقوع زلزال مُدمّر يضرب الأردن، ولبنان، وسورية، وفلسطين بعد زلزال تركيا، ويعتمد في تحذيره هذا، بأن زلزال تركيا قد حرّك الصّدع الأردني والعربي، ولكن يلفت جيولوجيون ابتعدوا عن لغة التهويل، وإثارة الهلع، بأن تركيا وقع فيها العديد من الزلازل السّابقة، ولم يتأثّر الأردن، فلماذا يُحرّك هذا الزلزال تحديدًا الصّدع الأردني، الفارق في الحالة الحاليّة، وما قبلها وفق مراقبين، وجود إعلام عزف على موجة تريند الزلزال، وطبّل من خلفه منصات التواصل الاجتماعي، والرابح الأكبر بين كل هذا، الباحثون عن الشهرة إعلاميّاً، وجمع الإعجابات، على حساب البسطاء الذين صدّقوا أتفه الشائعات، والهلعين الخائفين من الزلازل الذين اكتفوا بأخذ آراء الخُبراء أصحاب فرضيّة بأن الزلزال قادم، بدون دراسات طويلة، ومُعمّقة تخدم العلم والمنطق.

التدليل على حالة الهلع في تقريرنا المُبسّط هذا، لا يعني الجزم بأن المنطقة قد لا تكون على موعدٍ مع زلزالٍ مُدمّر، ولكن في المُقابل يجب التأكيد على أن جميع الخبراء والجيولوجيين في العالم، لا يستطيعون معرفة زمان ومكان الزلزال القادم، ويقتصر دورهم على تحديد المناطق النّشطة زلزاليّاً، وفي أقصى درجات التقدّم في العلم، يمكن رصد الزلزال قبل ثوان، وتحذير السكان قبل وقوعه، كما جرى في المكسيك، أو اليابان المعروفة بأنها منطقة زلازل تاريخيّة مُدمرّة، ونجحت سُلطاتها في التعامل مع زلازل مُدمّرة صمد معها البشر والحجر.

خبراؤنا أو بعضهم يلفت مُتابعون لمُجريات زلزال تركيا، وسورية، والذي يدخل يومه السابع منذ وقوعه، ذهبوا إلى حالة التهويل وإثارة الهلع من زلزال قادم، بدون تقديم أي حلول للقادم، فالأجدى بدل الظهور على الشاشات والتخويف، وفي حال تأكّدهم من فرضيّات مقدم زلزالهم، العمل مع الجهات المُختصّة، وإدارة الأزمات في وضع برامج للتعامل مع فرضيّات تنبؤ وقوع الزلالزل، بدلاً من الاستمرار في ترديد إسطوانة الزلازل لا تقتل، البنايات تقتل، ودائماً الوقاية قبل وقوع الكارثة، خيرٌ من قنطار علاج، فهل الأبنية في دولنا العربيّة قادرة على الصّمود كما في “كوكب اليابان”، وإذا كانت الإجابة بالنفي، ماذا في جُعبة الحكومات العربيّة التي تغرق مُدنها فقط من شدّة الأمطار، للتعامل مع زلزال مُدمّر، تساؤلاتٌ مطروحة.

خُلاصة الأمر، الزلازل علمها عند الله، ولا أحد يستطيع الجزم بوقوعها من عدمه، والفرضيّات المبنيّة على وقوع زلازل كُل مئة عام يشوبها عدم الصحّة وفقاً للحقائق التاريخيّة، ومن الأفضل سماع أصوات أهل العلم، والمنطق، ولعلّ إثارة الهلع الذي رافق العالم في جائحة كورونا، يُراد له أن يتكرّر في كارثة الزلزال الحاليّة!

سيرياهوم نيوز 4_راي اليوم

x

‎قد يُعجبك أيضاً

مصر تخنق مواطنيها: ممنوع التضامن مع فلسطين

  القاهرة | رغم دعوة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي المواطنين إلى التظاهر، مع بداية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، في خطوة استهدف عبرها إظهار ...