آخر الأخبار
الرئيسية » حول العالم » فرنسا تأخذ مقعد «الكومبارس»: تحشيد متهافت… للحرب على المقاومة

فرنسا تأخذ مقعد «الكومبارس»: تحشيد متهافت… للحرب على المقاومة

خضر خروبي

 

على وقْع تفاقم الأوضاع الإنسانية في غزة، وفي موازاة تصاعد الحديث عن عملية برّية مرتقبة لجيش الاحتلال، جاءت زيارة الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، للأراضي المحتلّة، مكمّلة للحملة الغربية التي بدأها نظيره الأميركي، جو بايدن، والساعية لتقديم كل «فروض الدعم» لإسرائيل. ففور وصوله إلى تل أبيب، في إطار زيارة رسمية التقى خلالها رئيس دولة الاحتلال إسحاق هرتسوغ، ورئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، لم يتردّد الزائر الفرنسي في أداء تلك «الفروض»، وهو القادم على «صهوة» خيبات تراجع الدور الدولي لباريس، والذي راوحت مؤشراته ما بين تلاشي تأثير بلدان الاتحاد الأوروبي، بخاصّة فرنسا، في مسار ما يُعرف بـ»عملية السلام»، ونهاية حقبة «تفرّدها» بإدارة تفاعلاتها الإقليمية، بعيداً من التأثير الأمير

«مبادرة ماكرون» للإسرائيليين: يدٌ مطلقة ضدّ «حماس»… ولا تقربوا المنطق

في ضوء حديثه المتكرّر عن أهميّة التوصّل إلى هدنة إنسانية في غزة، كان من المنتظَر أن يشكّل تدارُك الوضع الإنساني المشار إليه، إضافةً إلى التداول في ملفّ الأسرى والمحتجزين لدى الفصائل الفلسطينية، محور محادثات ماكرون مع نتنياهو، غير أن الرئيس الفرنسي خرج بمقترح توسيع نطاق عمل «التحالف الدولي لمحاربة تنظيم داعش»، ليشمل حركة «حماس». وعلى رغم ذلك، وقبيل ساعات من لقائه رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، أعطى ماكرون إشارات «اعتراضية» خجولة تجاه السياسة الإسرائيلية، مشدّداً على أن «القتال (ضدّ المقاومة الفلسطينية) يجب أن يكون بلا رحمة، ولكن ليس بلا قواعد»، مع تأكيده أمام الإسرائيليين على ضرورة إعادة إحياء المسار التفاوضي مع رام الله. وفي حين انطلق معلّقون فرنسيون من تلك المواقف للقول إن ماكرون نجح في بلورة «موقف متوازن»، استشفّ آخرون خلاف ذلك، ولا سيما مع تجنّب الجانب الفرنسي دعوة تل أبيب إلى وقف إطلاق النار، وإبداء قناعته بمقاربة الأخيرة التي تساوي بين «حماس» و»داعش»

 

وتستنكر الباحثة والأكاديمية المتخصّصة في شؤون الشرق الأوسط، مونيكا ماركس، «تسطيح» المفاهيم والتعريفات المتعلّقة بأدوار القوى الفاعلة في المنطقة، معتبرة أن تشبيه «حماس» بـ»داعش»، والذي يتمّ تعميمه من قِبَل قادة إسرائيل، يُعدّ «تكتيكاً فعّالاً لتصوير الحركة، وجميع سكّان غزة، على أنهم كائنات مفتقدة إلى الإنسانية، وشريرة بشكل لا يمكن كبحه، ما يجعلهم أهدافاً مشروعة للانتقام الوحشي». وتشير إلى أنه لطالما احتلّ البعد الديني والعقائدي «الإسلاموي» في شخصيّة «حماس»، مرتبة دنيا في تعريفها لذاتها بوصفها «حركة تحمل لواء التحرّر الوطني الفلسطيني». ومن جهته، يلفت المؤرّخ الإسرائيلي المتخصص في تاريخ الحركات الإسلامية في جامعة حيفا، إسحاق وايزمان، إلى أن «هناك توجهاً على الدوام للقول إن حماس لطالما كانت أشبه بداعش»، مضيفاً أن هذه المزاعم «ليست صحيحة بالضرورة، بالنظر إلى أن نشأة الحركة جاءت كنتيجة لواقع معيّن

على أن «العلامة الفارقة» في سلسلة المواقف التي أطلقها ماكرون من إسرائيل، تبقى متمثّلة في دعوته إلى إضافة «حماس» إلى أهداف «التحالف الدولي»، في ما استدعى انتقاد محلّلين غربيين للخطوة بوصفها «دعوة إلى الحرب والمزيد من التصعيد ضدّ الفلسطينيين»، بينما أدرجها آخرون ضمن خانة «التعويض على إسرائيل» عن الضغوط الغربية المتزايدة عليها، من قِبَل الأميركيين والأوروبيين، لعدم توسعة نطاق الحرب إلى خارج غزة، وهو ما أشارت إليه صحيفة «واشنطن بوست» حين أكدت أن «قادة الغرب يعدمون السبل لمحاولة منْع الحرب الدائرة بين إسرائيل وحماس، من أن تُطلق شرارة صراع إقليمي أوسع

تناغم أميركي – فرنس

وفي ظلّ عدم اتّضاح تفاصيل ما ينشده ماكرون ممّا طرحه، وخصوصاً حديثه عن استعداد فرنسا لـ»قتال حماس»، فإنّ ما يمكن تأكيده، حتى الآن، هو أن الهدف شديد الصلة بتدويل جهود محاربة «حماس» عبر تحالف يضمّ دولاً عدّة، ولا سيما عربية، ممّن تتشارك مع تل أبيب هاجس «القلق» من الحركة، وذلك بغرض تأمين حشد عسكري واستخباري، وربّما تمويلي متعدّد الجنسيات داعم لحربها لتصفية الحركة، في موازاة توفير غطاء سياسية ذي طابع إقليمي ودولي لأيّ عمل إسرائيلي في غزة، تقول إسرائيل إنه سيمتدّ على مدى أشهر طويلة. وعلى رغم وجود تحفّظات غربية، أميركية على وجه الخصوص، حيال فكرة توسعة الحرب، لأسباب عدّة، منها التشكيك في قدرة الجيش الإسرائيلي على القضاء على الحركة، ومنها ما يتّصل بالقلق الأميركي من ردود فعل حلفاء «حماس» الإقليميين، غير أن تقاطُع ما أشاعه الإعلام الأميركي، خلال الأيام القليلة الماضية، عن نصيحة واشنطن حلفاءها الإسرائيليين بالتأنّي في دراسة خياراتهم العسكرية، مع ما يمكن وصفه بـ»مبادرة ماكرون»، يشيران إلى عدم ممانعة الإدارة الأميركية قراراً إسرائيلياً بدخول غزة برّياً، وذلك ضمن شروط تكفل لإسرائيل ترميم «هيبة الردع» لديها، من جهة، وتراعي في الوقت نفسه حدّاً أدنى من «المعايير العسكرية» المدرجة من جانب واشنطن، من جهة ثانية. بهذا المعنى، يشير مراقبون إلى وجود ما هو أشبه بتوزيع أدوار بين تل أبيب وواشنطن، معتبرين أن قرار الهجوم البرّي على غزة سيبقى رهن إرادة إسرائيل، وهو قرار قد اتُّخذ، وفق تقديرهم، فيما سيبقى الجزم بموعد البدء في تنفيذه في أيدي الولايات المتحدة، التي تحرص على التأكد من الجهوزية العسكرية للجيش الإسرائيلي، على المستويَين التسليحي والتكتيكي، في المقام الأول، إضافة إلى الحرص على اتّخاذ تدابير وقائية من جانب قواتها في الشرق الأوسط، تحسُّباً لتعرّضها لهجمات انتقامية من قِبَل قوى «محور المقاومة»، في المقام الثاني، وذلك بالتزامن مع مساع لتوفير أكبر غطاء سياسي ممكن لمحاربة «حماس»، ليس اقتراح ماكرون ببعيد منها

أعطى ماكرون إشارات «اعتراضية» خجولة تجاه السياسة الإسرائيلية، مشدّداً على أن «القتال يجب أن يكون بلا رحمة، ولكن ليس بلا قواعد

 

وفي موازاة إعلان الرئيس الفرنسي، أكّد منسق الاتصالات الإستراتيجية في مجلس الأمن القومي الأميركي، جون كيربي، أن الرئيس جو بايدن وحلفاءه الأوربيين يناقشون موضوع إضافة «حماس» إلى قائمة أهداف «التحالف»، من بين مواضيع أخرى. وترافق ذلك، مع ما كُشف عن نيّة مساعد وزيرة الخزانة الأميركية، والي أدييمو، التوجّه إلى أوروبا ابتداءً من يوم غدٍ الجمعة، بهدف التباحث مع حلفاء أميركا، وشركائها الدوليين، في ما يمكنهم القيام به بشكل منسّق بهدف تجفيف مصادر تمويل الحركة، بحسب ما أفادت به وكالة الصحافة الفرنسية. ونقلت الوكالة عن أدييمو قوله إن «الإستراتيجية التي استُخدمت لمواجهة تنظيم الدولة الإسلامية والجماعات الإرهابية الأخرى، هي الإستراتيجية التي يجب أن نستخدمها»، ودعوته إلى وجوب فرض عقوبات اقتصادية إضافية، واستخدام «بعض الأدوات» الأخرى ضدّ «حماس

وبحسب مراقبين غربيين، فإن ما صدر عن المسؤولين الأميركيين، عقب تصريحات ماكرون، يوحي بتناغم بين واشنطن وباريس يتقاطع عند الرغبة في معاقبة «حماس»، ويستبطن في الوقت نفسه، إعطاء زخم جديد على طريق إحياء مبادرات أميركية في ما يخصّ إعادة ترتيب التحالفات في المنطقة، كالتطبيع السعودي – الإسرائيلي الذي تلقّى ضربة قاصمة جرّاء العدوان على غزة، على أن يترافق مع تقديم حوافز لشركاء إقليميين آخرين، في طليعتهم مصر، والأردن، تحت عنوان تحالف دولي وإقليمي واسع لمكافحة «حماس»، يقترح الرئيس الفرنسي أن يكون صيغة موسّعة عن «التحالف الدولي لمحاربة داعش»، علماً أنّ الأخير يضمّ السعودية، ولا يضمّ إسرائيل

في السياق نفسه، تدور أسئلة حول الدول المرشّحة للانضمام إلى «المبادرة الفرنسية»، وسط تقديرات بأن لا تحظى تلك المبادرة بتأييد الشركاء الإقليميين للغرب، كالأردن ومصر، إذ تخشى الدولتان من مخطّط لتهجير الفلسطينيين إلى أراضيهما، وقطر، التي تخشى تبعات توجّه مشابه على آفاق دورها في الوساطة بين الغرب و»حماس»، فضلاً عن السعودية التي تتحسّب خطواتها بدقّة بعد تراجعها قبل فترة وجيزة عن فكرة «التطبيع». ومع أن بعض الحكومات العربية قد لا تمانع ضمناً دخول «حلف عسكري» ذي طابع دولي لمواجهة المقاومة الفلسطينية، إلّا أن تفاقم الغضب الشعبي العربي ضدّ إسرائيل، بسبب المجازر المتواصلة في غزة، لا يترك هامشاً واسعاً أمام تلك الحكومات للإعراب عن موافقتها، أقلّه راهناً، على شراكة علنية من هذا النوع

وفي المحصّلة، تبدو مواقف الدول الإقليمية المعنية بالمساعي الأميركية – الفرنسية الراهنة متعلّقة بعاملَيْن أساسيَّيْن، هما: مستوى حفاظ المقاومة الفلسطينية على حضورها في الميدان ضدّ الآلة العسكرية الإسرائيلية، ومدى ضمان عدم توسّع الحرب مكانياً؛ إذ في حال تدخل طهران وحلفائها لمؤازرة «حماس»، فلا يمكن الجزم بأن مواقف بعض الأنظمة العربية الرافضة راهناً للمخطّطات الأميركية الرامية إلى «إدماج» كيان الاحتلال في نسيج المنطقة، على وقْع المذابح بحق الفلسطينيين،ستبقى على حالها.

 

سيرياهوم نيوز1-الاخبار اللبنانية

x

‎قد يُعجبك أيضاً

‏بايدن: قنابلنا اُستخدمت لقتل مدنيين في غزة.. و”إسرائيل” لم تتجاوز الخط الأحمر بعد

الرئيس الأميركي، جو بايدن، يؤكّد استخدام “إسرائيل”، في قتل مدنيين فلسطينيين في قطاع غزة، قنابل أميركية الصنع قدّمتها الولايات المتحدة، مُتحدثاً عن “عدم تجاوز إسرائيل ...