الرئيسية » مجتمع » قصص حواء لابد أن تستيقظ … طيف يوسف في أعمالها القصصية تغوص في المرأة والحرب

قصص حواء لابد أن تستيقظ … طيف يوسف في أعمالها القصصية تغوص في المرأة والحرب

سارة سلامة

الثلاثاء, 14-12-2021

تستمد الكاتبة السورية طيف أحمد يوسف من مخيلتها الأحاسيس، تدنو عاطفتها من القارئ، هذه قصص حوا لا بد أن تستنبط ما يدور في أعماقها، لتطرح مجموعتين لقصص قصيرة بفارق زمني 8 سنوات بين المجموعتين.. وتطلق العنان في «دقائق قبل الإعدام» التي صدرت عام 2008 إلى الخيال وتطرح الواقع بطريقة حكائية تجذب القارئ في أحداثها المتلاحقة بدءاً من العنوان الذي يحمل الكثير من التشويق والإثارة اختارت نقطة بدايتها في قصص متنوعة تحت هذا العنوان منها: «الدب الأبيض الكبير، دقائق قبل الإعدام، ظل امرأة، عند حافة الفراغ»، في حين طرحت في عام 2016 مجموعتها الثانية التي اختارت لها عنوان «سهرة في الغرفة 200»، بإهداء خطته إلى وطنها قائلة: «أيا طائر الفينيق.. انهض.. هذه المرة تحت الماء»، يبدو أن الأزمة والحرب لا بد أن ترخي بظلالها على إحساس الكاتب بقدر ما تفطر قلبه سينطلق مجدداً للكتابة ويعطي أقوى ما عنده هكذا هي الحالة عند العزف على مشاعر الروح المتعلقة بتراب وأرض بلدها، ومن القصص المطروحة في الكتاب: «ما بين الزهرة والصخرة، عند المغيب، موعد من الماضي، نهاية النفق»..

سابق نفسه

تحاول موضحة في رواية «الدب الكبير الأبيض» بناء خطوات كبيرة وأسس مهمة حول اللهاث وراء أحلامنا التي نجذبها بطاقاتنا منذ الطفولة، رغم مصاعب الحياة لا بد أن نتمسك بكل تفصيلة صغيرة ونحاول متعمدين الوصول لأهدافنا وعن دور الأم السند والقوة تقول: «وصلت سيارة النقل العام إلى مشارف السوق، أمسكت ليلى يد ولدها ونزلت به إلى الرصيف، ماما من هنا الطريق أنا أتذكره.. قال سامح نعم نعم أعرف، عد إلى هنا أمسك بيدي إياك أن تفلت مرة أخرى.. مشت ليلى متثاقلة في حين سامح سابق نفسه يريد أن يقفز ليلحق بحلمه الكبير، أخيراً سيكون له ويسكن معه في غرفته، كان يجب أن تشتريه له أمه في العيد الماضي ولكن لا بأس مرت الأيام مسرعة، وها هو الآن في السوق ليشتريه، كم هو سعيد الآن.. حتى هو لا يعرف، لم يكن سامح يملك الكثير من الألعاب، بل لم يكن يملك إلا لعبتين قديمتين، لأن أمه لا تستطيع شراءها، لكنها ادخرت ثمن هذا الدب ووعدته به وأمه لا تكذب عليه أبداً، فحين وعدته بشال أحمر صنعته له بنفسها وأشياء أخرى لا يستطيع تعدادها لضيق وقته الآن».

داهمني صوتك

وفي رواية «بعمق الصمت» تبين دور المصادفة التي ممكن تجمعنا بأشخاص مروا بحياتنا وأصبحوا فعليا بعالم آخر، إلا أن هناك شيئاً ما يحدث داخل أروقتنا هناك الكثير من التفاصيل التي احتفظنا بها، وما زالت تستطيع أن تحرك مشاعرنا رغم التزام الصمت وتقول: «كنت أفسح المجال لسيارة أمام أحد الفنادق، في هذه المدينة حيث كنت متوجهاً إلى لقاء عمل أتيت لأجله.. عندما داهمني صوتك: شكراً لكم، لم تقولي أكثر التفت إليك.. التقت نظراتنا بدهشة تكفي دهراً بأكمله وتوقفنا.. سيدتي أرجوك تفضلي.. وانتظرت فالدهشة غيبتنا معاً هذه المرة.. عيناك الهادئتان ها هما أمامي.. صوتك يرن في أذني وفي وعيي مرة أخرى.. هل أنا أحلم؟ هل نحن نحلم؟
لم تتغيري.. صحيح أن شعرك أصبح أقصر وتغيرت قصته، وصحيح أنك تبرجت قليلاً وأن تجاعيد ناعمة قد رسمت وجهك أخيراً.. لكنني عرفتك فوراً ليس الصوت وحسب بل العيون والنظرات التي لا يمكنها أن تشيخ، هذه أنت.. هل هذه أنت حقاً؟
وبعد هذا الزمن الطويل، الطويل أتيت، ودون موعد ودون إرادة ودون مقاومة، وجهاً لوجه أمام حبنا وقفنا وقفة بعذابه وحزنه وخيباته وقفت، وأمام حبنا وقفت وقفة استذكار قسرية ونظرة شوق دافق أخذ يسري في عروقنا- نحن الاثنان- كأنما دورة دموية واحدة تسري في جسدينا معاً».

دون اكتراث

وفي كتاب سهرة في الغرفة 200، تبدأ في رواية «أسوار حصينة» بشعار أولي بدأت به قائلة: «لو لم تكن ذليلاً ما استطاع أحد إذلالك» تجسد روتين الحياة وما قد نصل إليه بفضل فقد الاحترام وانعدام المسؤولية تجاه بعضنا بعضاً وتقول: «جلست السيدة إلى مائدة الطعام وتصفحت الجريدة اليومية، وهمت بتناول وجبتها وهي بكامل أناقتها وقد بدت عليها السرعة، بعد قليل أقبل زوجها ولم يحيها وجلس دون اكتراث منها، ثم أقبلت الخادمة بالحليب والخبز وأكملت نواقص- الترويقة-».
أين الصحيفة؟
هنا.. وألقت بها إليه.
التقط الصحيفة قبل أن تصيبه، لكنه لم يقل شيئاً.
بدأ بتقليب صفحاتها وأخذ يعلق هنا ويضحك هناك، ويستغرب بعض الأشياء التي لا يستغربها أحد، وكأنه يريد فقط أن يثير غضب أو نفور زوجته التي تابعت بهدوء تناول طعامها، وفجأة وبعد أن قلب الصفحة أعادها ثانية بحركة قلقة، وبدا عليه الارتباك..
ماذا هناك؟ لماذا امتقع لونك..
لا شيء.. امتقع لوني! ما هذا الكلام!
قرأت عن حبيبة القلب لقد ماتت أليس كذلك؟ أم ظننت أني لم أكن أعرف؟».
هذه اللمحة أضأنا من خلالها على طبيعة القصة القصيرة عند الكاتبة طيف يوسف، عسى أن تكون من خياراتنا عند القراءة، طيف تفتح نافذتها اليوم أمام القصة القصيرة وكم نحن بحاجة إلى المبدعين في هذا المجال لمسيرة مكللة بالنجاح وبانتظار القادم من القصص.

(سيرياهوم نيوز-الوطن)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

انضمام جرحى جدد لمشروع جريح الوطن

    أعلن مشروع جريح الوطن انضمام دفعة جديدة من جرحى القوات الرديفة إلى المشروع من شريحتي العجز الجزئي وتحت التام.   وأوضح المشروع في ...