آخر الأخبار
الرئيسية » كتاب الأسبوع » كتاب”الطوطم و التابو”لفرويد

كتاب”الطوطم و التابو”لفرويد

يتألف كتاب ( الطوطم و التابو ) من أربع مقالات نشرت بعنوان ( بعض المطابقات في نفسية المتوحشين و العصابيين في مجلة ( إيماغو) المقالتان الأولى و الثانية ( التهيب من سفاح القربى ، و التابو وازدواجية العواطف ) في عام 1912 ، و المقالتان الثالثة و الرابعة ( الأرواحية و السحر و طغيان الأفكار ، و المودة الطفولية للطوطمية ) في عام 1913 .

 

 

و في نفس العام (1913) صدرت المقالات الأربع مجموعة في كتاب بعنوان ( الطوطم و التابو ) في فيينا . ترجم الكتاب إلى عدة لغات في الفترة من 1918 – 1939 .

 

 

يقول فرويد في ( حياتي و التحليل النفسي ) حول هذا الكتاب : ’’ و إني لأعلق اهمية كبرى على مشاركاتي في سيكولوجيا الدين ، تلك التي استهلت عام 1907 بعقد تشابه ملحوظ بين عصاب الأفعال القهرية و بين الطقوس و الشعائر الدينية .

 

و قبل أن أفهم الصلات العميقة ، وصفت عصاب القهر بأنه دين خاص مشوه ، و الدين بأنه عصاب قهري عام . ثم أدت بي ملاحظات يونغ الصريحة عام 1912 في المشابهات القوية بين منتجات العصابيين النفسية و بين منتجات الشعوب البداية إلى توجيه انتباهي إلى ذلك الموضوع ، فبينت في أربع رسائل ، جمعت في كتاب بعنوان ( الطوطم و التابو ) ، أن الفزع من الاتصال بالمحارم أبرز لدى الأجناس البدائية منه لدى المتمدنية و أنه أدى إلى اتخاذ إجراءات خاصة للوقاية منه .

ويقول هايل شرف الدين

تعدّ المراحل الثلاث الأرواحية والدينية والعلمية المحطات الأهم التي مرَّ بها العقل البشري.

المرحلتان الأرواحية والدينية تميّزتا بطغيان الأفكار الذاتية على حساب الواقعية.

فالأرواحيّ يخترع تفسيراً لظاهرة ما، ويغدو هذا التفسير مسلمة لديه، وإمكانية التثبّت من صحته وموضوعيته أمر ثانوي بالنسبة إليه. واللافت هنا أنه، وبنهاية كل حقبة وهيمنة حقبة أخرى، لا تختفي الحقبة السابقة بل تظل تمارس حظورها لكن بشكل أقل من السابق. وهذا أمر يُعلِّله الأرواحيون (مع كثير من الرمزية) بأن الحقبة الظافرة الجديدة تجرُّ إلى جانبها الحقبة المهزومة بهدف إذلالها!

لقد تحدّث سيغموند فرويد في كتابه “الطوطم والتابو” (ترجمة: بوعلي ياسين) عن هذا التداخل في المراحل الثلاث وهذا التشبيك العضوي في جميعها بقوله: “لو جمع المرء ترجمة التحليل النفسي للطوطم مع واقعة الوليمة الطوطمية والفرضية الداروينية حول الثلّة الأولية للمجتمع البشري فسينجم عن ذلك وحده إمكانية فهم أعمق، ستلوح منه فرضية قد تبدو خيالية، لكنها مفيدة لتحقيق وحدة غير متوقَّعة بين مجموعات من الظواهر ما تزال منعزلة عن بعضها”. ولا يقتصر رأي فرويد هذا فقط في موضوع الطوطمية، بل يتعدَّاه إلى جميع القضايا الأخرى المشتركة من حيث الخضوع للتفسير.

يقدِّم فرويد، من خلال الكتاب المذكور، عدَّة مقارنات جادة ما بين سلوك المتوحشين وسلوك مرضى “الإكراه العصابي”.

فالإنسان الأرواحي (الميثولوجي) والإنسان العصابي النفسي كلاهما يعيش حالةً من هيمنة الأفكار الذاتية ومحاولة سحبها وفرضها على الواقع. وقد استخلص من هذه المقارنات الكثير من الوسائل العلاجية للمرضى.

فعلى سبيل المثال لدينا هذا القانون العلاجي النفسي القائل بأن الخوف اللامنطقي وغير المبرَّر من شيء على المستوى الشعوري الواعي يكون سببه الرغبة فيه لاشعورياً، بمعنى أننا نخشى من الأشياء التي نرغبها بشدَّة في أعماقنا!

فالتابو (الشيء المحرّم) يتمثّل هنا بالخوف اللامنطقي من الإقدام على الفعل غير المتوقَّع شعورياً. والخوف هو أبرز صور الكبت الجنسي للرغبات، وبالتالي لولا اشتهاء هذا الفعل بقوَّة ورغبة شديدتين لما جاءت النواهي والمحرَّمات بهذه الضخامة.

وعلى صعيد متصل، رأى فرويد بأن مخافة “سفاح القربى” لدى البدائيين هو الذي أدَّى بالنتيجة إلى فكرة “الأباعدية” المُدخلة على المؤسسة الطوطمية.

يقول فريزر في هذا الصدد: “إنَّ مؤسستَي الطوطمية والتزاوج الخارجي متمايزتان في الأصل والطبيعة، على الرغم من أنهما تقاطعتا صدفةً واندمجتا في قبائل عديدة”.

ويستخلص في معرض آخر: “كانت الحاجة الجنسية، والتي هي بالأساس لا توحّد الرجال بل تقسّمهم. ولمَّا اتَّحد الأخوة لقهر الطوطم كان كل واحد منهم غريماً للآخر عند النساء! حيث أراد كلّ منهم أن يمتلكهن جميعاً، مثل الطوطم. وفي صراع الجميع ضدَّ

الجميع كان المجتمع الجديد الناشئ سيُقوَّض. فتخلّوا جميعاً في الوقت ذاته عن النساء اللواتي اشتهوهن واللواتي من أجلهن في المقام الأول تخلّصوا من الطوطم”.

نستنتج من هذا كلِّه بأن الرغبات الثلاث الأقوى التي ساورت المتوحّشين الأوائل أدَّت بالضرورة إلى تشكيل مجموعة “تابوات” ساعدت في ما بعد، ومع تعاقب السلالات البشرية، إلى ترسيخ قواعد الحضارة الحديثة.

فجريمة قتل الطوطم نتج عنها ما سُمِّيَ لاحقاً بـ”الطاعة المستدركة” أي الشعور الذي انتاب الأخوة بعد التخلُّص من طوطمهم وقيامهم بحظر كل ما كان ينهى عنه في حضوره وعدم التمتّع بثمار جريمة القتل، وبالمحصلة ولادة شعور “تأنيب الضمير” عند الإنسان.

والرغبة الثانية الوحشية بسفاح القربى (الزواج من نساء الطوطم) أدَّت إلى نشوء مؤسَّسات الزواج الخارجي.

أما الرغبة الثالثة وهي التمثيل بالموتى والعبث بجثثهم وما نتج عنها من مخاوف لدى البدائي من إمكانية “انتقام الروح الخاصة بالمقتول”، فقد أدَّت مع مرور الزمن إلى ابتكار طقوس احترام الموتى وإقامة الجنائز لهم.

ولا ننسى أن نشير هاهنا بأنَّ فونت قد اعتبر بأن مخافة “الأرواح الشريرة” لدى المتوحّشين هو أساس “العقيدة الطوطمية”

(سيرياهوم نيوز ٣-مواقع ٢٢-٨-٢٠٢٢)ك

x

‎قد يُعجبك أيضاً

من اسطنبول إلى حيفا..

إسماعيل مروة   تعدّ مرحلة بناء الدولة العربية المستقلة من نهايات القرن التاسع عشر إلى منتصف القرن العشرين من أهم الحقب وأغناها، وأكثرها جدلاً، إذ ...