آخر الأخبار
الرئيسية » عربي و دولي » لماذا تريد إسرائيل توريط مصر بأزمة رفح؟ وهل هناك فعليًا تنسيق سري بين “تل أبيب” والقاهرة؟ وما هي الأوراق التي تملكها مصر لمنع الاجتياح؟.. سيناريوهات خطيرة وتحذيرات من كوارث وعلاقات مصر وإسرائيل ستتلقى الضرب الأقوى

لماذا تريد إسرائيل توريط مصر بأزمة رفح؟ وهل هناك فعليًا تنسيق سري بين “تل أبيب” والقاهرة؟ وما هي الأوراق التي تملكها مصر لمنع الاجتياح؟.. سيناريوهات خطيرة وتحذيرات من كوارث وعلاقات مصر وإسرائيل ستتلقى الضرب الأقوى

تحاول إسرائيل منذ عدة أسابيع “توريط” مصر بأزمة مدينة رفح أقصى جنوبي قطاع غزة، وربطها بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، بمخطط الاجتياح الكبير الذي يُجهزه جيش الاحتلال لآخر مكان يتوجد فيه عشرات آلاف النازحين الفلسطينيين الذين هربوا من الموت والقصف.

ورغم نفي القاهرة القاطع، لوجود أي تواصل أو تنسيق سري أو علني مع “تل أبيب” لهذا الملف الذي تحاول الأخيرة تغليفه ببعض الشرعية من خلال جر قدم مصر وتصوريها كأنها لها يد بما سيجري في رفح خلال الأيام المقبلة، ألا أن المسؤولين المصريين كانوا حاسمين في ردهم حتى هذه اللحظة.

ويبدو أن التحذيرات الأمريكية والدولية والأممية والعربية، من تنفيذ إسرائيل لخطوة الاجتياح البري لمدينة رفح وما سيترتب عليه من نتائج كارثية خطيرة، لا تكترث لها “تل أبيب” كثيرًا، كون ورقة رفح قد تكون الأخيرة التي تملكها “تل أبيب” للضغط على حركة “حماس” للتنازل عن الشروط “الصارمة” التي تضعها على طاولة المفاوضات حو اتفاق تبادل الأسرى والتهدئة بغزة، الذي يبدو لا يزال بعيد المنال.

ولعل آخر المحاولات الإسرائيلية التي تخدم مخطط “توريط مصر”، ما أكده وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس الجمعة في ميونيخ بأن “تل أبيب ستنسق مع القاهرة قبل العملية العسكرية في رفح”.

و خلال مؤتمر الأمن في ميونيخ المنعقد في جنوب ألمانيا، قال يسرائيل كاتس: “مصر حليفتنا.. لدينا اتفاق سلام مع مصر وسنعمل بطريقة لا تضر بالمصالح المصرية”، مضيفًا العملية العسكرية ستتم “بعد التنسيق مع مصر”، موضحا أن إسرائيل “ستبلغ” الرئيس الأميركي جو بايدن بالهجوم العسكري.

–     مخطط التوريط

ووفق صحيفة “وول ستريت جورنال” ومنظمة غير حكومية مصرية، فإن القاهرة تجهز مخيما مسورا في شبه جزيرة سيناء تحسبا لاحتمال استقبال لاجئين فلسطينيين من قطاع غزة الذين قد يفرون من الحرب في حال وقوع هجوم إسرائيلي على رفح، الواقعة على الحدود الفلسطينية.

وذكرت “وول ستريت جورنال” أن هذا المخيم يأتي ضمن “خطط طوارئ” لاستقبال هؤلاء اللاجئين بعد إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن هجوم عسكري وشيك على رفح، ويمكن أن يأوي “أكثر من 100 ألف شخص”.

محافظ شمال سيناء محمد شوشة، نفى بشكل عاجل قيام مصر بتجهيز “منطقة عازلة في سيناء” لاستقبال اللاجئين، مؤكدا أن الأشغال الجارية هدفها “حصر المنازل المهدمة خلال الحرب على الإرهاب لتقديم تعويضات مناسبة لأصحاب هذه البيوت”.

وفي بيان شديد اللهجة أعلن ضياء رشوان رئيس الهيئة العامة للاستعلامات (حكومية) نفي القاهرة القاطع لما تداولته وسائل الإعلام، في شأن قيام مصر بالإعداد لتشييد وحدات لإيواء الأشقاء الفلسطينيين في المنطقة المحاذية للحدود المصرية مع قطاع غزة، وذلك في حالة تهجيرهم قسرياً بفعل العدوان الإسرائيلي الدامي عليهم في القطاع.

وبحسب بيان الهيئة العامة للاستعلامات أكد رشوان أن “موقف مصر الحاسم منذ بدء العدوان هو الذي أعلنه رئيس الجمهورية وكل جهات الدولة المصرية عشرات المرات، ويقضي بالرفض التام، والذي لا رجعة فيه، لأي تهجير قسري أو طوعي للأشقاء الفلسطينيين من قطاع غزة إلى خارجه، وخصوصاً للأراضي المصرية، لما في ذلك من تصفية مؤكدة للقضية الفلسطينية، وتهديد مباشر للسيادة والأمن القومي المصريين، وهو ما أوضحت كل التصريحات والبيانات المصرية أنه خط أحمر، وأن لدى القاهرة من الوسائل ما يمكنها من التعامل معه بصورة فورية وفعالة”، على حد وصفه.

وتابع رشوان أن مصر بموقفها المعلن والصريح هذا، “لا يمكن أن تتخذ على أراضيها أي إجراءات أو تحركات تتعارض معه، وتعطي انطباعاً، يروج له البعض تزويراً، بأنها تشارك في جريمة التهجير التي تدعو إليها بعض الأطراف الإسرائيلية، فهي جريمة حرب فادحة يدينها القانون الدولي الإنساني، ولا يمكن لمصر أن تكون طرفاً فيها، بل على العكس تماماً، حيث ستتخذ كل ما يجب عمله من أجل وقفها ومنع من يسعون إلى ارتكابها من تنفيذه”.

وقد أعرب القادة الفلسطينيون والأمم المتحدة والعديد من الدول عن قلقهم إزاء العواقب الكارثية على السكان لمثل هذا الهجوم ودانوا إنشاء جيل جديد من اللاجئين بدون أي أمل في العودة.

وقالت الولايات المتحدة عبر الرئيس الأمريكي جو بايدن، مرارا أيضا إنها ستعارض أي تهجير للفلسطينيين من غزةـ وأنه طلب من نتنياهو شخصيًا إيقاف هذا المخطط أو وضع “خطة قابلة للتنفيذ” تجنب ارتكاب مجازر واستهداف مدنيين، لكن إسرائيل تقفل أذنيها ولا تزال تهدد وتتوعد باجتياح رفح بحجة ملاحقة حركة “حماس”.

وهنا يرى مراقبون، أن إسرائيل فعليًا من خلال هذه التصريحات “الخبيثة” تريد أن تُظهر للعالم بأن القاهرة شريك في مخطط الاجتياح المرتقب لمدينة رفح وما سيجري من مجازر وكوارث بحق الفلسطينيين، نظرًا لأن الموقف الإسرائيلي يملك “مصداقية” أكثر عند الطرف الأوروبي والأمريكي من نظيره المصري، رغم نفي القاهرة مرارًا وتكرارًا علاقتها أو موافقتها أو حتى إجراء أي مشاورات سرية وعلنية مع “تل أبيب” حول مخطط الاجتياح، في ظل التحذيرات المتكررة منها بأن الاجتياح سيخلق أزمة كبيرة وقد يُجبر الفلسطينيين على اجتياز الحدود نحو سيناء وهو بالنسبة لها “اعتداء على الامن القومي المصري”.

وذكر المراقبون، أن مصر تملك العديد من الأوراق السياسية والأمنية وحتى الاقتصادية، التي يمكن أن تستخدمها لإجبار إسرائيل على التراجع عن فكرة اجتياح رفح، معتبرين تلك الأوراق بأنها “قوية في حال أسحنت القاهرة توظيفها واستغلالها بما يخدم مصلحة الشعبين المصري والفلسطيني.

–     أوراق مصر

ونقلت وسائل إعلام غربية عن مسؤولين مصريين -لم تسمهم- تهديدات بتعليق العمل باتفاقية “كامب ديفيد” للسلام، حال تنفيذ جيش الاحتلال الإسرائيلي عملية عسكرية في مدينة رفح الفلسطينية، المحاذية للحدود المصرية، وهي المرة الأولى التي يتم فيها التهديد بتعليق الاتفاقية الموقعة منذ عام 1978.

ويرى مراقبون أن خيارات القاهرة السياسية محدودة أمام الإصرار الإسرائيلي على اقتحام رفح، فاتفاقية السلام الموقعة بين الطرفين تحظر على أحد الأطراف التحرك في مناطق حدودية دون موافقة الطرف الآخر، كما أنها بالمقابل تُعطي إسرائيل نفس الحق عند تحريك مصر لقواتها في المناطق الحدودية في سيناء.

وذكر مساعد وزير الخارجية المصري السابق والسفير السابق هاني خلاف، أن “مصر لديها أوراق عديدة لمنع إسرائيل من القيام بعملية عسكرية في رفح، أهمها:

  –  إمكانية سحب السفير المصري من تل أبيب، وإعلان توقف مصر عن جهود الوساطة لإبرام صفقة تبادل الأسرى بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية.

 –   تجميد عدد من الاتفاقيات فيما يتعلق بالتعاون الاقتصادي.

 –   توجيه رسالة للمجتمع الدولي بأن إسرائيل خالفت اتفاقية السلام مع مصر، وأن القاهرة في حل منها.

كما حدد الخبير في شؤون الصراع العربي الإسرائيلي محمد سيف الدولة خطوات يجب أن تقوم بها مصر لمنع الاحتلال من القيام بعملية برية في رفح، وفي مقدمتها تجميد العمل بالمادة الرابعة من اتفاقية السلام، والدفع بأعداد كبيرة من القوات والعتاد والأسلحة بالقرب من الحدود في سيناء، لمواجهة المخطط الإسرائيلي للتهجير القسري، والذي يعد الهدف الأهم للعملية البرية في رفح.

كما أشار إلى إمكانية التوقف عن المشاركة في حصار غزة، وإلغاء اتفاقية فيلادلفيا التي تعطي لإسرائيل حق النقض على كل ما يخص معبر رفح، وفتح المعبر لإدخال المساعدات الإنسانية رغما عنها وبدون انتظار إذنها، فضلا عن ضرورة وقف التنسيق الأمني مع إسرائيل، مع إغلاق السفارات وسحب وطرد السفراء.

وأضاف سيف الدولة “مطلوب الإسراع في إعادة أهالي رفح والشيخ زويد، الذين تم ترحيلهم من مدنهم في السنوات الماضية من أجل إقامة منطقة حدودية عازلة، باعتبارهم حائط صد ضد أي انتهاكات إسرائيلية متوقعة، مع إعادة فتح الأنفاق وحفر المزيد منها لإمداد الفلسطينيين بحاجاتهم الحياتية الأساسية، في مواجهة حرب التجويع والتعطيش على الصعيدين الاقتصادي والبشري”، وفق “الجزيرة”.

وتحت القصف الجوي والتهديد بالاجتياح البري لمدينة رفح الفلسطينية، يتباطأ دخول قوافل الإغاثة والمساعدات الإنسانية المتجهة من الحدود المصرية إلى قطاع غزة، وتمكنت الأجهزة الأمنية في قطاع غزة، مساء أمس الجمعة، من السيطرة على محاولة بعض المواطنين الوصول إلى معبر رفح البري على الحدود مع مصر.

وقالت مصادر محلية، إنّ عدداً من المواطنين الفلسطينيين دخلوا إلى حرم معبر رفح البري في محاولة منهم للوصول إلى قافلة مساعدات. وأضافت أنه وقعت مناوشات بين أمن المعبر والمواطنين الفلسطينيين الذين هم في غالبيتهم من النازحين في منطقة المعبر، فيما تخلل المناوشات إحراق غرف الأمن على مدخل المعبر.

وأجبرت إسرائيل، التي قتلت عشرات الآلاف من الفلسطينيين في حربها المدمرة على قطاع غزة، نحو مليون و300 ألف فلسطيني في شمال القطاع ووسطه على النزوح إلى مدينة رفح المحاذية لمصر.

وتعلن إسرائيل حاليا عزمها اجتياح رفح بالمنطقة الجنوبية المكتظة بالنازحين، بعد أن أخرجت سكان الشمال بالقوة ووجهتهم إلى الجنوب بزعم أنه “منطقة آمنة”.

ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، تشن إسرائيل حربا مدمرة على قطاع غزة خلفت عشرات الآلاف من الضحايا المدنيين معظمهم أطفال ونساء، فضلا عن كارثة إنسانية غير مسبوقة ودمار هائل بالبنية التحتية، الأمر الذي أدى إلى مثول تل أبيب أمام محكمة العدل الدولية بتهمة “الإبادة الجماعية”.

وزير حرب الاحتلال الإسرائيلي يوآف غالانت، “إن إسرائيل ليس لديها أي نية لإرسال الفلسطينيين إلى مصر كجزء من عملية إخلاء مدينة رفح”، وذكر غالانت للصحفيين: “أن حكومة نتنياهو تحترم وتقدر اتفاقية السلام مع مصر، والتي تشكل حجر زاوية للاستقرار في المنطقة، كما أن مصر تمثل شريكا مهما”.

وأضاف: “إننا نخطط بدقة للعمليات المستقبلية في رفح، وهي معقل مهم لحماس”.

ولم يقدم غالانت أي تفاصيل حول عملية الإخلاء المحتملة، لكنه قال “إننا نخطط بدقة للعمليات المستقبلية في رفح، وهي معقل مهم لـ(حماس)”.

وتقول إسرائيل إنها ستشن هجوماً للسيطرة على “آخر معقل” لحركة “حماس” في رفح التي لجأ إليها أكثر من مليون فلسطيني هرباً من الهجوم الإسرائيلي المدمر على غزة، وأمر مكتب نتنياهو الجيش بوضع خطة لإخلاء رفح، لكن لم يتم الكشف عن أي خطة بعد، وقال في مقابلة مع شبكة “أي بي سي نيوز” إن النازحين الفلسطينيين “بإمكانهم الذهاب إلى المناطق الواقعة إلى الشمال من رفح التي طهرها الجيش”.

وذكرت إسرائيل أن الجيش يعد خطة لإجلاء المدنيين من رفح إلى مناطق أخرى من القطاع، لكن منسق المساعدات في الأمم المتحدة مارتن غريفيث قال إن فكرة انتقال الناس في غزة إلى مكان آمن محض “وهم”، وحذر من احتمال تدفق الفلسطينيين إلى مصر إذا شنت إسرائيل عملية عسكرية في رفح. ووصف هذا السيناريو بأنه “نوع من أنواع الكوابيس لمصر”.

ويبقى التساؤل المطروح هنا.. في حال نفذت إسرائيل هجومها على رفح.. كيف سيكون رد مصر؟ ومتى ستستخدم الأوراق التي بيدها؟ وهل ستكون ضاغطة أم هناك أسرار ومفاجآت للمقاومة ستقلب كل شيء؟

 

 

 

سيرياهوم نيوز 2_راي اليوم

x

‎قد يُعجبك أيضاً

أميركا «تروّض» السعودية: نحمي النظام… ونبني المعارضة

حسين إبراهيم     قد يكون تزامن الكلام الأميركي والسعودي عن شبه اكتمال الاتفاقات الأمنية بين واشنطن والرياض، مع انعقاد مؤتمر للمعارضة السعودية في العاصمة ...