مدينة قرطبة التاريخية

سعاد خليل

هذه المدينة التي مرت بمراحل من التاريخ من الرومان والمسلمين الي عصر الولاة والعصر الامويون وملوك الطوائف والمرابطين الي عصر الموحدين الي العودة الي اسبانيا

الكثير كتب عن هذه المدينة من خلال الدراسات التاريخية والبحوث الخاصة بها ، ولكن في هذا المقال سأتناولها بشكل مغاير بأسلوب من زارها و مكث فيها وتعرف علي أهلها الذين ما تزال بعض العادات والطباع العربية مؤثرة فيهم .

قرطبة كما هي معرفة مدينة إسبانية، وتعتبر ثالث أكبر مدن الاقليم من حيث المساحة وعدد السكان. توجد على أرضها آثار من أهم عصور التاريخ، كانت عاصمة الحكم في الأندلس في العصر الإسلامي ومركز أوروبا الثقافي وحاليا تعتبر واحدة من أهم المدن السياحية في إسبانيا

قرطبة ، المدينة الأندلسية الوحيدة ،  منذ عام 1994  أعلنت بان تكون مدينة التراث العالمي ،  فهي تحتفظ بواحد من أكبر المراكز التاريخية في إسبانيا. وهذا دليل ملموس على أهميتها كعاصمة رومانية. محكمة الخلفاء، ومهد الثقافات الثلاثة المسيحية واليهودية والإسلامية .

منذ عام 726 إلى عام 1031في العصر الأموي ، كانت  قرطبة هي عاصمة لإقليم الأندلس   .رغم ان عدد سكان هذه المدينة لا يتجاوز 350.000 الف نسمة  الا انها مدينة هادئة  مازالت تحتفظ بالطابع  الإسلامي القديم في المدينة القديمة عند زياراتها تجد البيوت التي مر عليها مئات السنين تحتفظ بشكلها وطابعها القديم إضافة الي رائحة الورود والياسمين التي تنبعث  في هذه الازقة ،  يشعر المرء بروح العصور الإسلامية مازالت موجودة .

كاتدرائية ميزويتا التي تحتضنها شبكة من الشوارع الضيقة. بالقرب من الساحات والمباني من فترات مختلفة. لا تزال تحتل اليوم قلب المدينة الإسلامية القديمة

الأندلس هو الاسم الذي أطلق به المسلمون على شبه الجزيرة الأيبيرية خلال العصور الوسطى.

 الفضاء الجغرافي والثقافي والسياسي الإسباني فترة تحت القوة الإسلامية. تم تزويده ببنية تحتية متطورة (جسر. إنارة. قناة وصرف صحي) جزء من امتداد قرطبة المسلم كان محصوراً في سور من أصل روماني ، المدينة المنورة. التي يبلغ طول محيطها حوالي أربعة كيلومترات ولها سبع بوابات.

من أهم المباني الموجودة بالمدينة المنورة على المستوى المحلي ومستوى الولاية:

الأموي الكزار. الجامع الكبير ، بنوس ، العديد من المساحات التجارية مثل القلعة.

 الأسواق الهندية ، بالإضافة إلى التعداد السكاني المستمر في  المدينة ، والذي خلق  توسعًا عمرانيًا مهمًا خارج الأسوار ، حيث امتدت عشرون ضاحية ، لكل منها مسجد وحمام واحد على الأقل.

في الغرب تسعة وفي المنطقة الشرقية سبعة. إلى الشمال كانت ضاحية الرصافة ، وحي اليهود ، وضاحية مسيحية تسمى ربد الطرازين حيث كانت تقطن القوى العاملة (للتطريز) أو المصنع الملكي للأقمشة المطرزة.

على الجانب الآخر من النهر كانت واحدة من أقدم الضواحي ولها سوابق واضحة منذ العصر الروماني ، شاكوندا. من حيث يمكن رؤية المونيا المختلفة أو المزارع الترفيهية التي تملكها الأرستقراطية العربية على ضفاف الوادي الكبير.

منذ عام 936 انتقلت التبعيات الإدارية والقصر إلى مدينة الزهراء ، وهي مدينة الخلفاء الأمويين الواقعة على أطراف قرطبة إلى أن نقل رئيس الوزراء المنزور الديوان إلى مدينة الزاهرة ، وهي مدينة جديدة دمرت كليًا بالحروب التي أنهت الخلافة.

الوضع التقليدي للمقابر خارج الأسوار. حيث كان المسلمون  يستخدمون  هذه المناطق كأماكن دفن للسكان..

بعد انتهاء الحرب الأهلية التي اندلعت في الأندلس بين عامي (1009-1031) مع إحراق وتدمير معظم مدينة الخليفة> مدينة الزهراء وأدينا الزهراء وقرطبة ، وهذا  أدى إلى الحفاظ فقط على مدينة العاصمة وجزء من Ajerquía الذي شهدت تحسنًا ملحوظًا خلال القرنين التاليين.

من اجمل الأماكن التي لا يمكن نسيانها قصر الكازار او قصر قرطبة ، احدى اجمل معالم السياحة في قرطبة ، وهو قصر من بقايا آثار الرومان والقوط الغربيين ، المبنى كان جزءاً مهماً من قصر الخلافة القديمة ، هذا القصر يضم 12 حديقة  كل واحدة مختلفة عن الأخرى.

وعند زياراته من الداخل تجد كل التفاصيل القديمة مازالت باقية من اثاث ومعدات ومكتبة كبيرة وكل ما كانت تستعمله الماركيزة  من حمامها الي غرفة نومها الي المطبخ وأدوات الطبخ .

وفي هذا القصر نجد الرسامين بألوانهم ومعداتهم الزيتية والقماش يرسمون ويجدون فيه راحتهم النفسية

يقول خوانجو غارسيا لوبيز “وهو فنان تشكيلي : يقوم برسم لوحته لنشرها في احدي الصحف :

منزل أندلسي في مدينة قرطبة. “إنها بيئة معيشية تدعوك للعيش ، إنها متعة الحواس واللقاء مع أنفسنا من خلال مسيرة عبر تاريخنا.”

يوم حار من هذا الاثنين 26 يونيو ، أمشي بحزم. إنها العاشرة صباحًا ، تصل درجة حرارة الشمس إلى 34 درجة ، وداخل فناء يتم تسقيته مؤخرًا حيث أضع الحامل جنبًا إلى جنب مع النقالة والقماش. أقوم بإعداد الجرار المصنوعة من الأكريليك ، وأختار الفرش والملاعق.

في لحظة اخترت اللون الأسود لتمييز الخط الدائري على القماش ، مبتدئًا ، الإيقاع بصوت الموسيقى الأندلسية المنتشرة في جميع أنحاء المنزل وحيث يمر الوقت ببطء مثل القطرات التي تسقط على القماش ، مصدر هذه اللوحة .

بعد فترة من وصول كاروميلا بالكاميرا الخاصة بها ، أواصل الرسم على القماش ، تتدفق الألوان. أنا هادئ برفقة أوركسترا البيئة الموسيقية تخليدا لذكرى أمي وأبي ، علما بأننا نحن الثلاثة متحدون في المكان والزمان.

ويضيف الرسام : خوان خوسيه غارسيا لوبيز

الحياة عبارة عن دائرة وخط متصل. تمر الدقائق ، وتظهر الألوان ، وتتعلق وتستسلم لمناظر المساحات الخضراء في هذا البيت الأندلسي.

ترافقني المياه بزهورها الصفراء السبعة في اتحاد مثالي مع الكون … في جولة الغرف ، Karumilla I ، نراقب ثقافة البحر الأبيض المتوسط في كل قطعة ، قطعة فنية ، نبات ، زهرة ، جوهر ، كتاب ، فستان … مكان الصابر والكيمياء ، أصوات النفوس.

تظهر كاروميلا وتختبئ وتختفي وهي تؤدي وظيفتها ، وهي تعد تقريرها ، لمجلة The Designer Magazine. أراها من خلال نظارتي مع كاميرتها التي تركز على تفاصيل هذا المكان المخفي داخل مدينتنا التراثية العالمية في قرطبة ، الواقعة في رقم 12 شارع جوديوس بجوار La Casa de la Alquimia حيث يندمج الاثنان معًا. تمثيلية مبدأها هو شجرة الحياة المتشابكة في جدرانها الحجرية حيث توجد الحديقة العمودية في كل ركن من أركان الثقافة الأندلسية في قرطبة.

اليوم هو يوم الطريق ، واندمج في بعد عدة ضربات للفرشاة نسيت اللوحة القماشية في الفناء حتى تمتلئ بالجواهر ، وعدت أنا وكاروميلا إلى الكون ، نراقب أن الوقت يتلاشى ، مدركين عابرة العالم. انتهت الجلسة التصويرية والتصويرية في بيت الخيمياء ، بستان حقيقي للعلوم والطبيعة والحياة نفسها. تم دمج هذا القماش بألوانه وملمسه في داخل المنزل مع العلم أنه وصل إلى منزله. شكراً لجميع الأشخاص الذين حضروا إلينا في هذا اليوم السحري المليء بالنجوم والقريب في قلب قرطبة.

“متحف الكيمياء هو استمرار لمشروع استعادة وحفظ الذاكرة الأندلسية الذي بدأته سلمى الفاروقي في قرطبة قبل 30 عامًا. الخيمياء هي “حكمة متسامية تفضل اكتشاف الأصل الإلهي للإنسان ، واستعادة صحته الجسدية والعقلية والعاطفية” ، وهي تستند إلى “البحث الإلهي للإنسان الذي يقرأ الواحد والجميع”.

تم تخصيص المساحة لشخصية يابر أبو عمر (1953-2009) ، عالم فقه اللغة ومعلم سباجيري ، قام في نهاية الثمانينيات من القرن العشرين بإعادة تكوين المعرفة السباغيري للأندلس في غرناطة وإنشاء المدرسة الأندلسية في سباجيريسم. “

كان هذا حوار مع هذا الرسام الذي اتخذ من الدار (القصر ) الاندلسية مقرا للرسم والتشكيل. من خلال زيارتي لهذا المعلم التاريخي .

نعود الي بقية  لوصف .

جامع قرطبة الذي يعتبر من المساجد المشهورة جداً، والذي يتميز ببنائه الجميل الذي يمثل العهد الإسلامي في الاندلس وهو أشهر مساجد اسبانيا ومن اكبر المساجد في اوروبا، وقد استبدلت

حاليًّا  هذه البقعة الدينية رسميًّا باسمها الكنسي كاتدرائية سيدة الانتقال، بعد أن حوّلها الإسبان إلى كاتدرائية مسيحية، أما قديمًا فكانت تسمّى بجامع الحضرة أي جامع الخليفة، ولقد تمَّ بناؤه بين عامَي 786 و988. هذا المسجد يعتبر متميزا ومتفردا في شكله الخاص من الفن المعماري فكل الإضافات والتعديلات وأعمال الزينة كانت تسير في اتجاه واحد وعلى وتيرة واحدة، بحيث يتّسق مع شكله الأساسي.

كما يتميز الجامع بأعمدته الرخامية التي أُقيمت فوقها أقواس تحمل الجدران التي تتكئ عليها الأسقف، وتزيد في الوقت نفسه من ارتفاع السقف، وجميع أعمدة المسجد قوطية أو رومانية، استغلها بناة المسجد من الكنائس الخربة، وأعادوا استخدامها في المسجد الجامع. كما يقول احد الباحثين .

يعتبر هذا المسجد معلمة في جميع أنحاء الغرب الإسلامي وواحدة من روائع المآثر في العالم. فهو محاطا ب 800 عمود من الرخام والمرمر  والجرانيت و 400 قوس ذات لونين على شكل حدوة حصان.

هذا المسجد بناه عبد الرحمن الداخل، ولكنه كما ذكرت تحول الي كنيسة ، وفي المساء يتحول الي مكان للاحتفاء به من خلال عرض شريط وثائقي  يوضح تاريخ بناءه وكل من مر به وأضاف اليه ، وبعد انتهاء العرض تبدأ الرحلة داخل المسجد بعد العاشرة ليلا علي الاضواء المنخفضة واصوات الموسيقي ، والمرشدة تشرح وتبين كل تفاصيل هذا المسجد الذي يسع الي 40000 أربعون الف مصلي . وكيف تحول الي كنيسة واضيفت اليه الطقوس والقطع الخاصة بالكنائس. ولكن للأسف عند الدخول شعرت بان المكان فقد هويته بالكامل فلم اشعر انه مسجد او كنيسة ، بل معمار كبير كأحد اكبر المتاحف  بنقوشه وزخرفته وقدرة الانسان علي تصميمه بكل هذه الجمالية .

و من اجمل الأماكن الصيفية بالمساء الجسر الروماني الذي يعتبر من الأساسيات السياحية في قرطبة ، وهو جسر تاريخي بناه الروم في القرن الاول ما قبل التاريخ ، يتميز بموقعه الجميل وآثاره التي ما تزال موجودة .

ربما تكون هذه المعلومات قد كتبت او نشرت في السابق ولكني كما ذكرت اتناولها بشكل ملموس من خلال هذه الزيارة .

 وفي البيت الاندلسي ، وهو احد اجمل الاماكن للزيارة ، فهو تحفة فنية شاهدة على الحضارة الإسلامية في هذه المدينة ، ويعود تاريخ بناء هذا المنزل التاريخي الى القرن 12 ، ولا يزال يحافظ على شكله القديم التاريخي.

ومن الاثار الإسلامية التي حرصت علي زيارتها جامع قرطبة. الذي ذكرته ووصفته ولم اعط حقه في الوصف لما فيه من زخارف ومن أعمدة وفضاءات.

 الحمامات العربية. أسوار المدينة وبواباتها. مدينة الزهراء الذي شيدها عبد الرحمن الناصر. حي اليهود. الناعورة الواقعة في جوار الجسر الروماني. قلعة كالاهورا الواقعة في الجهة الجنوبية للوادي الكبير.بالاضافة الي الأماكن الاثرية الرومانية .

أيضا عروض الفروسية: وفيها المشاهدة والاستمتاع في الإسطبلات الملكية بقرطبة بعروض سحرية بطلها خيول إسبانية أصيلة، والتي تضم كذلك عروض ترويض الخيول والموسيقى ورقص الفلامنكو.

ما يلفت الانتباه ان الكتابة باللغة العربية لا زالت موجودة علي الحوائط والابواب بمعني ان الهوية الإسلامية لا زلت موجودة ولم تتغير فالأحياء القديمة حيث كان يسكن المسلمون لا زالت هويتهم موجودة ، ومما يثير الاستغراب ان هناك بعض المفردات العربية لا تزال تستعمل في سياق الكلام

 باختصار شديد هذه المقالة ليست مقالة عن التاريخ لهذه المدينة بل هي وصف لزائر انبهر بجمالها وتفاصيلها الإسلامية التي لا تزال تحتفظ بها ، رغم مرور الزمن وتشييد المدينة الحديثة لقرطبة الا ان الاتجاه الاخر يأخذنا الي الحي اليهودي ومنه ننطلق الي الاحياء القديمة والمواقع المذكورة .

 أدرجت منظمة “اليونسكو” أهم معالمها الأثرية في قائمة التراث العالمي.

 

 

سيرياهوم نيوز 4_راي اليوم